القضية التي اوحت للدكتور عبد الله على إبراهيم بقصة الأصابع*
ترجمة: عبد المنعم عجب الفَيا

المحكمة الأعلى
حامد النور.......... مدعي
ضد
أعمال الألمنيوم الحديثة........ مدعي عليهم

موجز وقائع الدعوى :
المدعي عامل بمصنع أعمال الألمنيوم الحديثة بالمنطقة الصناعية بالخرطوم. وبينما كان المدعي يقوم بأداء عمله اليومي بأحد ماكينات المصنع قبضت الماكينة يده اليمين ونتج عن ذلك فقدانه الأصابع الوسطى الثلاثة ونصف الإصبع الصغير.

أقام المدعي هذه القضية أمام المحكمة الأعلى بالخرطوم فقضت له بمبلغ إجمالي قدره ٦٥٠ جنيها تعويضا خاصا وعاما.

ملخص أسباب الحكم:
١. يقع على المدعى عليهم واجب قانوني تجاه المدعي بتوفير معدات عمل صالحة وأمنه واتباع نظام عمل منضبط ورقابة دقيقة وفعالة.
٢. يقع على المدعى عليهم واجب تدريب العامل المدعي تدريبا كافيا قبل السماح له بالعمل بالماكنة موضوع الحادث.
٣. علم العامل المدعي بخطورة العمل بالماكنة لا يرقى إلى قبوله بالتعرض لخطر الإصابة ولا يعفي المدعي عليهم من المسؤولية القانونية عن الإصابة إذ يقع عليهم واجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة للتقليل من احتمالات الخطر.

المحامون :
أحمد سليمان / عن المدعي
أحمد جمعة / عن المدعى عليهم

الحكم:
١٧ مارس ١٩٦٠
القاضي/ توفيق قطران*:
المدعى عليهم يملكون مصنعا لصناعة الأواني المنزلية من الألمنيوم بالمنطقة الصناعية بالخرطوم. والمدعي احد العمال بالمصنع المذكور. في يوم ٢٥ نوفمبر ١٩٥٧ بينما كان المدعي يؤدي عمله بأحد ماكينات المصنع قبضت الماكينة يده اليمنى وادي ذلك إلى فقدان الأصابع الوسطى الثلاثة ونصف الأصبع الأصغر.
في تاريخ الحادث كان أجر المدعي مبلغ ٥٠ قرشا في اليوم. وقد بلغت المدة التي قضاها في العمل بهذه الماكينة مدة ستة أشهر لكنها كانت متقطعة غير متواصلة فقد تخللتها فترات انقطاع عن العمل بسبب عدم توفر المواد الخام. وقد وقع الحادث خلال يومين او ثلاثة من استئناف العمل بعد إحدى هذه الانقطاعات، وذلك في الوردية أو النوبة الثانية والتي تبدأ من الساعة الثالثة والنصف ظهرا وحتى الساعة الحادية عشر والنصف ليلا.
أقام العامل دعوى ضد المدعي عليهم أصحاب المصنع، وأسس دعواه على إهمال وتقصير المدعى عليهم في توفير نظام آمن لضمان سلامة العاملين بالمصنع. وفي ردهم على الدعوى أنكر المدعى عليهم المسؤولية عن الحادث بكل بساطة. ويظهر أن دفاع المدعى عليهم يستند إلى أن أي احتياطات يمكن اتخاذها مثل لبس القفازات أو الأغطية غير مجدية مع مثل هذا النوع من الماكينات وأن إدارة المصنع قد قامت بتدريب العامل المدعي على تشغيل الماكينة حتى اكتسب المهارة الكافية واللازمة لتشغيلها.، وبذلك يكون قد أخذ علما تاما انه اذا ما حدث له حادث يجب عليه أن يتحمل المسؤولية وحده كونه يعلم بخطر وقوع الإصابة، ولذا يتوجب عليه أن يظل دائما في حالة يقظة وحذر وان يلتزم بالارشادات الصادرة إليه.
قامت هذه المحكمة بزيارة المصنع للوقوف على طبيعة العمل وذلك في صحبة كل من العامل المدعي ومدير المصنع ومحامي الطرفين. وقد وجدت المحكمة أن مبنى المصنع جراج طويل مثلث الشكل يبلغ طوله حوالي ستة أمتار وعرضه حوالي عشرين مترا وفي المنتصف توجد أربعة ماكينات كبيرة مصطفة في خط واحد وتحيط بهذه الماكنات صناديق أو حاويات معبأة بشرايح الألمنيوم ومواد اخرى تدخل في انتاج الأواني المصنعة. وهناك اعداد غفيرة من العمال وهم يروحون ويجيون منهمكين في أداء عمل من الأعمال. كانت كل الماكنات تعمل في وقت واحد مصدرة ضجيجا عاليا وقد أخذت المحكمة انطباعا بأن المصنع مغتظا بالعمال إلى درجة تفوق سعته.وللاقتراب من الماكنة موضوع الحادث لملاحظة طريقة عملها ومراقبة العامل وهو يؤدى عمله بالماكنة، كان علينا ان نسير في صف واحد وراء بعضنا البعضsingle file walk وذلك من شدة الازدحام والاغتظاظ. وكان يلزمك أن تصرخ لكي تسمع من يتحدث إليك من شدة الضوضاء الصادرة عن الماكنات.
كان العامل الذي يقوم بالعمل في الماكينة يجلس قبالة الماكنة بينما قابض القالب plateholder يصعد ويهبط على إطار فولاذي كل ست ثواني. وتبلغ سرعة طاقة السحب الكلية عشرة ضربات في الدقيقة. وفي هذه الثواني الست علي العامل أن يقوم بالآتي : أن يسحب فورا بيده اليسرى بمجرد صعود قابض القالب إلى أعلى، شريحة الألمنيوم بالحجم المعين من صندوق أو حاوية موضوعة إلى يساره ودفعها داخل الإطار الفولاذي فيسقط القالب من أعلى مرة أخرى على الإطار ليصوغ قطعة الألمنيوم في شكل الإناء المطلوب صنعه كان يكون حلة أو طنجرة (قدر معدني) أو يكون (طوة) مقلاة جمع مقالي. وعندما يبدأ القالب في الصعود مرة أخرى إلى أعلى على العامل أن يسحب بيده اليمنى الإناء المصاغ ويضعه في صندوق أو حاوية إلى جنبه اليمين. وتستمر هذه العملية لمدة ثامن ساعات متواصلة لا تتخللها سوى ساعة واحدة فقط لتناول وجبة الفطور في الوردية الصباحية. واما في الوردية أو النوبة المسائية فلا توجد فترة استراحة. هذا وقد ضبطت هذه المكانة اتوماتيكيا ليكون عدد ضربات القالب في صعوده وهبوطه عشرة ضربات في الدقيقة. وهذا يعني أن في كل ضربة للقالب تكون يدا العامل معرضتين للخطر مرتين: مرة يده اليسرى حين يقوم بوضع قطعة الألمنيوم في الإطار الفولاذي، ومرة يده اليمنى حين يقوم برفع الإناء المصاغ ووضعه في الصندوق. بمعنى أن كلا من يدي العامل اليسرى واليمين معرضتي للخطر عشرين مرة في الدقيقة الواحد، والف ومائتي مرة في الساعة. أي أنه في خلال الثمان ساعات يضع العامل يده في منطقة الخطر كما اسميناها، تسعة آلاف وستمائة مرة. ان كسر من الثانية يفصل بين السلامة والخطر بحيث إذا تأخر العامل لمدة ثانية أو ثانيتين من جملة ٢٨٨٠٠ ثانية وهي مدة صعود قابض القالب وهبوطه على الإطار الفولاذي فإنه قد يفقد يده أو حياته بالأحرى.
ويحاجج محامي المدعي عليهم أن هذا النوع القديم من الماكينات لا يجدي معه لبس قفازات اليد أو وضع سياج. فهي ليست مثل الماكينات الحديثة المزودة بمكابس كهربائية بحيث لا يحتاج العامل ان يدخل يده في منطقة سقوط القالب على الإطار. وهذا يعني أن هذه الماكينة خطرة بطبيعتها وان هذا الخطر متاصل فيها inherent danger من هنا استطيع ان أتفهم قول المدعى عليهم أن اتخاذ أي احتياطات لتفادي هذا الخطر غير مجدية. ومع ذلك اعتقد ان هناك ما يمكن عمله للتخفيف من درجة احتمالات هذا الخطر كان تزود الماكينة بكابح أو دواسة تعمل بالرجل كتلك التي شاهدتها في المصنع بإحدى الماكنات بحيث يمكن للعامل إذا احس بالخطر أو التعب أو شعر بصداع على سبيل المثال، أن يوقف الماكينة في الوقت المناسب. صحيح أن الماكينة موضوع الحادث مزودة بكابح يعمل باليد على الجانب اليمين للعامل غير أنه لا فائدة من وجود هذا الكابح ما دام كل من يدي العامل مشغولة طول الوقت اما بإدخال قطع الألمنيوم في الإطار أو بازاحة الإناء المصاغ من الإطار. الفولاذي
وأما القانون الواجب التطبيق على موضوع هذه الدعوى فهو في تقديري واضح وضوحا لا لبس فيه. ذلك أن رب العمل ملزم بحسب قواعد القانون العام commn law باتخاذ العناية والحذر اللازمين لضمان سلامة العاملين وذلك بتوفير الاتي :
(ا) طاقم كفو من العمال المهرة المدربين. (ب) توفير معدات العمل الصالحة والسليمة والامنة وملحقاتها. (ج) توفير نظام عمل منضبط ورقابة دقيقة وفعالة لتطبيق هذا النظام. ( انظر : قضية :
Wilson& Clyde Coal Co., Ltd v. English 1938, A. C. P. 57)
وهذا الواجب الملقى على عاتق رب العمل أو المخدم، مع انه غير مطلق الا ان أهميته تزداد في القيام بالأعمال ذات الطبيعة الخطرة. وأرى أن المدعى عليهم في هذه الدعوى قد قصروا في الالتزام بالواجبات المذكورة كونهم لم يزود ا الماكينة موضوع الحادث بكابح أو دواسة تعمل بالرجل ولأنهم لم يمنحوا العامل المدعي فترة كافية من التدريب على الماكنة بعد فترة الانقطاع عن العمل. إضافة إلى أنهم لم يوفروا نظام رقابة كاف وفعال للعمل في المصنع. لذا لا مجال للمدعي عليهم التملص من المسؤولية بالقول إن العامل قد تلقى التدريب الكافي وأنه صار ماهرا في تشغيل المكانة بحيث انه اصبح مدركا للخطر ولذا ينبغي عليه أن يحتطاط لنفسه وان يظل يقظا طول الوقت.
وكان القاضي لورد هيرشيل قد عبر عن وجهة النظر القانونية هذه في قضية:
Smith (1891A.C p. 325. v. Barker
بالقول: "إذا التزم شخص بأداء عمل يعد خطرا بحكم طبيعته، ومع أخذ الاحتياطات اللازمة والمعقولة ما أمكن لك، للتقليل من نسبة الخطر، فهو بلا شك قد اختار طواعية تعريض نفسه لخطر الإصابة المحايث لهذا العمل وإذا وقع له ضرر فإنه لا يجوز أن يشكو من وقوع هذا الضرر". ولكن "إذا زاد من خطورة هذا العمل الذي أدى إلى حدوث الضرر إهمال وتقصير رب العمل، فهل يمنع العامل من المطالبة بالتعويض بسبب إهمال وتقصير رب العمل أو المخدم والإخلال بواجبه تجاه العامل؟ أنني لا أستطيع أن أوافق على فكرة تطبيق مبدأ volenti non fit injuria " الرضا بالفعل المسبب للضرر يعفي الفاعل من المسؤولية" في هذه الحالة ولا أوافق على أنه يحق لرب العمل إثارة هذا المبدأ في دفاعه لحماية نفسه من المسؤولية عن الخطأ ". فمنذ صدور الحكم في السابقة القضائية : Smith v. Barker فقد تقرر في مئات القضايا أن العلم بوجود الخطر ليس مثل الموافقة على الخطر. ومن ذلك قول اللورد سكوت في قضية:
Bowater v. Bowley Regis B. C. 1944 K. B. 476
" إن حرية الاختيار لا تستلزم العلم التام بالظروف التي تمارس فيها هذه الحرية وحسب، بل تلزم أيضا غياب الاحساس بالاذعان للضرر بحيث لا يحس بشيء يؤثر على حرية اختياره".
لذلك أرى أنه يجب ألا يسمح في هذه القضية للمخدم القول إنه مقر أن العمل في الماكنة موضوع الدعوى خطر في حد ذاته ولكنه قام بتدريب العامل وانه يجب على العامل الاحتياط واليقظة، فإذا تعرض للإصابة فلا يلومن الا نفسه". إن على المحكمة أن تأخذ في الحسبان كل الظروف التي يعمل في ظلها العامل. ولذا فإنني غير مستعد بقبول الرأي القائل بإن وقوع الحادث يكفي في ذاته لالقاء اللوم والتقصير على العامل المدعي. ذلك أنني لا أرى أي تقصير من جانب العامل بل على العكس من ذلك، أرى أن التقصير والإهمال يقع على عاتق رب العمل كونه سمح للعامل أن يعمل في هذا النوع من الماكينات الخطرة لمدة ثمان ساعات متواصلة. ألم يكن في الإمكان تقسيم ساعات العمل إلى إلى أربع ساعات أو حتى الي ساعتين؟ إن غفلة ثانية واحدة من العامل خلال ثمان ساعات من العمل المتواصل في هذه الظروف لا يرقى إلى الإهمال والتقصير. وهنا لا أملك أكثر من ترديد ما قاله لورد رايت في قضية:
Caswell v. Powell Duffryn Associations Colliers, Ltd. 1940, A. C. P. 152
"والأهم من كل ذلك هو تبني معيار للتقصير والإهمال نابع من وقائع القضية نفسها، وذلك بالأخذ في الحسبان الظروف الفعلية التي يشتغل في ظلها العامل سواء كان يعمل في مصنع أو منجم أو نحوه، مثل العمل لساعات طويلة وما يصاحب ذلك من ارهاق وتعب، ومن تراخي في أداء العمل ينتج عادة من تكرار عملية واحدة على نحو متوالي متواصل، ومن ضجيج وازعاج صادر عن العمال الآخرين، ومن انهماك العامل فيما يؤديه من عمل إلى درجة نسيان الانتباه لسلامته".
وبمعزل عن مسؤولية المدعى عليهم بموجب مبادئ القانون العام law Common فهم مسؤولون أيضا في رأي عن الإخلال بالواجب الذي يفرضه عليهم القانون التشريعي. فقد أخل المدعى عليهم بثلاث مواد على أقل تقدير من مواد (نظم ولوائح عمل المصانع والورش).
فقد نصت المادة ٣٣ الفقرة (٢) من هذه النظم على أنه: "يجب أن تكون كل ماكنة مزودة بوسيلة فعالة وجاهزة على الدوام وفي متناول العامل لإيقاف وتشيغل الماكينة في أي لحظة".
وفي هذه القضية نجد أن الكابح اليدوي الذي زودت به الماكينة موضوع الحادث ليس بمقدور العامل استعماله لايقاف الماكينة في حالة الطواري للأسباب المذكورة آنفا.
كذلك نصت المادة ٣٧ من لوائح عمل المصانع والورش على أنه: "يجب أن تترك مساحة حول المكنة كافية وخالية وغير مشغولة بأي عائق لضمان السلامة".
وفي هذه الدعوى نجد أن المساحة المحيطة بالماكينة غير كافية.
وأما المادة ٤٤ من اللوائح المذكورة فتنص على أنه "إذا طلب من أي شخص ليس لديه خبرة تشغيل اي ماكنة أو جير أو آلة أو اي شيئ آخر من شأنه التسبب في أذى أو ضرر بدني لهذا الشخص أو لأي شخص آخر أو إذا طلب منه أن يؤدي عملا من شأنه إلحاق الأذى بالبدن أو الصحة، فإنه يجب أن يحاط هذا الشخص علما على نحو كاف بالأخطار المحتمل أن تنشا من أداء هذا العمل وبالاحتياطات الواجب مراعاتها، وإلى أن ينال هذا الشخص التدريب الكافي ويكتسب الخبرة اللازمة، فلا يجوز أن يطلب منه العمل إلا تحت مراقبة فعالة وكافية".
لقد بترت من جراء هذا الحادث أربعة أصابع من أصابع يد العامل المدعي، وهو فتى لا يزال في العشرين من العمر. وكان أجره يوم الحادث ٥٠ قرشا في اليوم اي حوالي ١٥ جنيه في الشهر. صحيح انه كان يعمل على أساس الأجر اليومي ولكني اعتقد انه نظرا للسياسة الراهنة التي تنتهجها الدولة في تشجيع الصناعات المحلية، كانت الفرص أمامه مفتوحة للحصول على عمل ثابت والترقي فيه. ولكن للأسف لم تكشف عريضة الدعوى عن إي ضرر خاص عانى منه العامل بسبب الحادث وكان ينبغي أن تشتمل عريضة الدعوى على بعض الأضرار الخاصة مثل ما فات العامل من كسب خلال الفترة التي ظلت فيها يد العامل في الجبس.
أن المدعي عامل ماهر يملك صنعة بلا شك ومع أنه سيظل قادرا على أداء بعض الأعمال فإنه ليس في استطاعته القيام بأي عمل يتطلب مهارة باستعمال يديه بعد الآن. ولا أعتقد أن في مقدوره أن يكسب بعد الآن أكثر من ٢٠ إلى ٢٥ قرشا في اليوم بالعمل خفيرا أو ما شابه ذلك من الأعمال الخفيفة.
لقد احالني محامي المدعى عليهم إلى قانون (التعويض عن إصابات العمال). لكن الثابت أن المحاكم قد قررت في قضايا عديدة حتى قبل صدور الحكم في قضية :(بسطاوي سليمان موسى ضد محمد نور خيري، ١٩٥٣) إن معدل التعويض الذي قرره قانون التعويض عن إصابات العمال مجرد مرشد للمحاكم في تحديد النسبة المئوية للعجز الناجم عن الإصابة، ولكنه لا يحد من سلطة المحاكم في القضاء بالتعويض الذي تراه عادلا ومعقولا.
هناك قواعد ومعايير مختلفة تطبق عند تقدير التعويض عن إصابات العمال إلى الحد الذي نجد فيها أن معيار التعويض الذي تطبقه المحاكم المدنية في تقدير التعويض عن الضرر في قضايا المسؤوليه التقصيرية يتعارض مع نصوص قانون تعويض إصابات العمال نفسه. وذلك لأن المادة ٢٦ من القانون المذكور قد حفظت للعامل الحق في مقاضاة رب العمل عن الإهمال والتقصير أمام المحاكم المدنية. فلو كانت نية المشرع من هذا القانون هي أن يضع حدا للتعويض عن الإصابة فلماذا حفظ للعامل الحق في المطالبة بالتعويض أمام المحاكم العادية؟
ومع الأخذ في الحسبان كل الظروف وأحوال المدعي وعلى وجه الخصوص حقيقة أنه قد فقد للابد اي امل له في الكسب أكثر من ٢٠ إلى ٢٥ قرشا، وبالنظر إلى عمره وما كابده من الآلام إلى حين التئام جروح الأصابع، فإنني اقدر التعويض الكلي الذي يستحقه بمبلغ ٦٥٠ جنيها سودانيا مع الرسوم واتعاب المحاماة.

ملحوظة المحرر:
شطبت محكمة الإستئناف العليا الاستئناف الذي تقدم به المدعى عليهم ضد هذا الحكم ايجازيا. وكتب قرار شطب الاستئناف القاضي بابكر عوض الله.

هوامش المترجم :
١. كان الدكتور عبد الله على ابراهيم قد كتب ونشر قصة اسمها الأصابع سنة ١٩٥٧ وهو لا يزال طالبا بالمدرسة الثانوية. "تبدأ القصة بنبأ يترامي في الورشة أن اسطي عطية أصابعه انقطعت بفعل سكين ماكنة، فيسرع زملاؤه ليكونوا حوله، وتمرغت أصابعه في الدم. وكان من الشهود الراوي اسطي عبد الحي. فقد راح عبد الحي يستعرض في ذهنه مقدار التعويض الذي سيناله عطية بمقتضى قانون تعويضات إصابات العمل. وكان خلال تضريباته يستعرض في ذهنه ضيقه المالي. فالايجار عليه ما يزال، ولم يعد يملك جلابية مرقة للخروج من البيت وحاجيات البيت لم تستكمل" انظر: مقدمة مجموعة الأصابع التي كتبها المؤلف. ونحن لا نستطيع الجزم بأن كاتب القصة كان على علم بتفاصيل القضية، وإنما هي مجرد فرضية استندنا فيها على أن القصة كتبت ونشرت في ذات العام الذي وقعت فيه أحداث القضية، وهو العام ١٩٥٧
٢. القاضي توفيق قطران فلسطيني الجنسية وهو من قلة قليلة من القضاة بقية في خدمة حكومة السودان بعد قرار سودنة الوظائف انفاذا لاتفاقية تقرير المصير لسنة ١٩٥٣
٣. ترجمناها من مجلة الأحكام القضائية السودانية لسنة ١٩٦٠ ص ١٢٩ حيث كانت الأحكام القضائية تصدر آنذاك بالإنجليزية.

abusara21@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: إصابات العمال التعویض الذی من المسؤولیة المدعى علیهم التعویض عن فی قضیة على أنه على أن فی هذه

إقرأ أيضاً:

ما هو تاريخ الاحتلال في خطف الأطفال وإجراء التجارب عليهم؟

انتهز رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي حملة التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في قطاع غزة، من أجل تحسين صورة "إسرائيل" أمام العالم، وسط استمرار حرب الإبادة واستشهاد أكثر من 17 ألف طفل، وبلاغات عن حالات اختفاء واختطاف عديدة.

وقال نتنياهو "لقد مكّنا الآن من تطعيم أعداد كبيرة من سكان غزة ضد شلل الأطفال، نريد تطعيم 90 بالمئة من سكان غزة، ونحن نخوض حربا عادلة بأدوات عادلة وما من جيش فعل ما فعلناه واتخذ الاحتياطات التي تتخذها إسرائيل لتقليل عدد القتلى رغم المخاطر الكبيرة".

وبسبب الحرب الحالية استشهد أكثر من 40 ألف فلسطيني وأصيب نحو 100 ألف، وتم التبليغ عن فقدان آلاف الأطفال، في حين جرى رصد تواجد بعضهم مع جنود الاحتلال، وذلك بعد اعتراف جندي إسرائيلي قُتل لاحقا في خانيونس؛ لصديقه بأنه خطف رضيعة فلسطينية في قطاع غزة.


وأثار منشور آخر للجندي في جيش الاحتلال ضمن كتيبة 432 للواء غيفعاتي، يدعى إيدو زاهار، على منصة إنستغرام جدلا واسعا، حيث ظهرت في الصورة طفلة فلسطينية دون وجود أي فرد من أسرتها، ثم تم حذف المنشور بعد ساعات، وتحوّل الحساب إلى خاص.

Where is 8 Yo Girl Doha Talat, last taken by the IDF near the Rafah crossing late July.

My latest story below

On August 30, we uncovered an Instagram post by Ido Zahar, a soldier from Israel's 432nd Tzabar Battalion. One of his pictures, featured a photo of himself with a young… pic.twitter.com/526o4rLwr7 — Younis Tirawi | يونس (@ytirawi) August 31, 2024
ووفقا لتقرير صادر عن منظمة "أنقذوا الأطفال" بعنوان "الأطفال المفقودون في غزة"، أكد وجود ما يقدر بنحو 21 ألف طفل في غزة قد فُقدوا نتيجة العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك حالات اختطاف واحتجاز قسري.

Donde está Doha Talat, la niña que los soldados l$raelitas arrancaron de los brazos de su abuelo y ahora está desaparecida. La detuvieron por terr@rista? La tienen como rehén? La viol@ron? Venderan sus órg@nos? Todo es posible con estos bárb@ros. https://t.co/mr6nbGf5UL — D FEBO (@D_FEBO) September 1, 2024
وللاحتلال الإسرائيلي تاريخ حافل في قتل الأطفال وخطفهم واستغلالهم وحتى إجراء التجارب الطبية عليهم، رغم محولات نتنياهو الحالية إظهار "إسرائيل" على أنها تعاونت وخصصت "أماكن آمنة" من أجل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة.

وانتهى خطر فيروس شلل الأطفال منذ ستينيات القرن الماضي بعد تطوير لقاح فموي غير مكلف وسهل الإدارة ويُنتج مناعة ممتازة في الأمعاء، إلا أن الظروف الكارثية التي حلت بقطاع غزة بسبب الحرب أعادت خطره داخل البقعة الجغرافية الصغيرة والمعدومة من قطاع الصحة والرعاية الأولية.

أطفال اليمن
في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2016، وبعد ضغوطات مورست على حكومة الاحتلال من طرف الشارع والإعلام، أفرج الأرشيف الإسرائيلي عن 3500 ملف تحوي 210 آلاف وثيقة تتعلق بقضية اختفاء أطفال اليمن في "إسرائيل" الذين ما تزال عائلاتهم تجهل مصيرهم حتى الآن، رغم انقضاء أكثر من نصف قرن على وصولهم إلى الأراضي المحتلة. 

وتضمنت هذه الوثائق تراشق الاتهامات وتهرب من المسؤولية بين عدد من المسؤولين الحكوميين، والكشف عن ملامح عملية اختطاف ممنهجة للأطفال القادمين من اليمن لصالح اليهود الذين لم يرزقوا بالأبناء، بحسب موقع "واينت".

وبإشراف الأطباء والشؤون الاجتماعية، تم تفرقة الأطفال اليمنيين عن أمهاتهم بزعم حاجتهم للعلاج، ثم عرضوا على عائلات يهودية وأمريكية للتبني.

واستخدم بعض هؤلاء الأطفال كعينات للتجارب الدوائية باعتبار أطفال اليمن "أقل قدرا" من أطفال الأشكناز ((يهود الغرب وأوروبا)، بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم".

צפיתי בכתבה של יגאל מוסקו על היעלמותה של היימנוט, והזדעזעתי. אם כל הסיפור היה מבהיל קודם הוא מבהיל ומפחיד יותר לאחר הכתבה - ילדה נעלמת כלא הייתה קיימת מעולם! אף אחד לא רואה אותה יוצאת מהבניין, אין עקבות והעדויות של האנשים שראו אותה אחרונים לפני היעלמותה היו שהיא בתוך בניין מרכז… pic.twitter.com/Wl0NYdzNZt — ????????יפה טבג'ה - yaffa tebeje (@TebejeYaffa) March 18, 2024

والمفارقة، أن الأهلي الذين سلموا بفقدان أو وفاة أبنائهم، تلقى بعضهم في فترة الستينيات أوامر تجنيد لأطفالهم المفقودين، وهو ما أعاد فتح الملف والكشف عن هذه الجرائم من قبيل "المصادفة".

وتوصل أكاديميون لحقيقة اختطاف 850 طفلا توفي منهم 733، بينما لن يعرف مصير 56، وكشفت تحقيقات تورط رجل دين يهودي بعمليات الاختطاف، بحسب الصحيفة.

ومن ضمن هذه الوثائق جرى الكشف عن قصة "يوسف إبراهيم"، وهو مهاجر من اليمن وصل عام 1949، وطلب من رئيس الحكومة حينها دافيد بن غوريون مساعدته في العثور على زوجته وابنه المفقودين. 

وصل إبراهيم إلى البلاد مع زوجته واسمها "كتسيعا"، وابنته وواسمها "مازال" وابنه "طوف" الذي كان يبلغ من العمر أسبوعا واخدا فقط.


وبعد وصولهم نُقلوا مباشرة إلى مخيم المهاجرين، وهناك تم فحصهم ثم أدخلوا للمشفى لتلقي الرعاية الطبية، وبعد مرور أسبوع من الزمن شُفي الأب وغادر المشفى، إلا أنه لم يعثر على أثر لزوجته وأبنائه، وبع د ذلك تمكن من الوصول إلى ابنته، لكنه لم يستطع العثور على زوجته وابنه.

وفي تبرير "ضياع" الأطفال المدنيين المرضى، جرى في كثير من الأحيان إرجاع ذلك إلى حقيقة صعوبة الأسماء المركبة لليمنيين وصعوبة قراءتها أو تفسيرها من قبل العاملين في المجال الصحي، كما أن "د.م يهيل"، وهو مدير قسم المشافي في وزارة الصحة، الذي اتهم عادة يهود اليمن باستخدام "ستّة أسماء متواصلة لا يستطيع أحدٌ سواهم تفسيرها" بالتسبب في ضياع الأطفال. 

وادعى "يهيل" أن العلاج الجيّد الذي تلقاه الأطفال اليمنيون تسبّب في عدم تعرف الأهالي على أطفالهم عندما حضروا لاسترجاعهم، فملامح الأطفال لم تعد كما كانت قبل تلقيهم للعلاج، إلا أنه كشف أن "الأشكناز البيض يدّعون موت الأطفال اليمنيين، ولكنهم كانوا يسرقونهم لأنّه ليس لديهم أطفال".

تجارب طبية
كشف ذات الوثائق أن مشفى "إيتانيم" الإسرائيليّ للطّبّ النفسي قام باستقبال أطفال رضّع وتشخيصهم طبيا بأنهم مصابون بأمراض نفسية، وبالتالي أبقاهم ضمن مرحلة العلاج لسنوات أجرى خلالها تجارب عليهم.

وتم ذلك خلال فترة الخمسينيات، وهي فترة الاختفاء المفاجئ لأكثر من ألف طفل يمني وبلقاني من مخيمات القادمين الجدد من اليهود.

وتظهر الوثائق بطاقة مريض فيها معلومات حول طفلة تبلغ من العمر عاما واحدا وصلت مدة مكوثها في المشفى إلى 1128 يوما دون أي تفاصيل عن سبب مكوثها، كما تم نقلها عدة مرات من مشفى لآخر دون توضيح السبب أيضا.

ولم يظهر السجل الطبي توقيعا من أهلها بالرغم من أن البطاقة توضح أن الطفلة هي من "معفيرات زرنوقة"، وهي منطقة تجمع لليهود بعد النكبة، وتقع حاليا بجانب مدينة الرملة.

ועוד משהו בעניין ילדי תימן. רבים שואלים כיצד נעלמו כל כך הרבה תינוקות בלי שנותר להם זכר. לי יש שאלה אחרת: אם עשרות התינוקות האבודים ממחנה ראש העין נחטפו ולא מתו, מאיפה הגיעו לקברן צדוק חתוכה עשרות תינוקות שנקברו בלא תיעוד מספיק?https://t.co/ngvaCtzK8H pic.twitter.com/6Kjyp6mlnG — הלל גרשוני Hillel Gershuni (@gershuni) December 21, 2019
وفي بطاقة أخرى، كتب بخطّ اليد: "مولود يمنيّ بلا عمر ولا عنوان مُحدّد.. صرّح بمكوثه بالمستشفى 9 أيام فقط"، بينما شطبت معلومات 35 يوما آخر من مدة إقامته العلاجية، وبعد ذلك نُقل إلى مشفى هداسا "القدس".

كما جرى نقل رضيعة تبلغ من العمر 7 أشهر فقط من مشفى "أساف هاروفيه" لمؤسّسة الأمراض النّفسيّة والعقليّة في “إيتانيم”، ومكثت فيه مدّة 778 يوما. 


وخلال 1948، تواجد 35 ألف يمني في فلسطين، شكلوا 7 بالمئة من اليهود الإسرائيليين و40 بالمئة من اليمنيين اليهود حول العالم، بينما أصبح عددهم حاليا 260 ألف أي ما يعادل 3.4 بالمئة من يهود "إسرائيل"، بحسب صحيفة "هآرتس".

ومنذ أحداث النكبة حتى عام 1952، وصلت الهجرة اليمنية الثالثة إلى الأراضي المحتلة، حيث وضع اليمنيّون في معسكرات خيام دون إمدادات طبية، رغم إصابة 5000 منهم بالملاريا، خلال تلك الفتره حدثت عمليات الاختفاء والاختطاف.

مقالات مشابهة

  • إجازة المولد النبوي.. ماذا يحدث في حال تشغيل العامل هذا اليوم؟
  • ميارة: القضية الفلسطينية ومصير القدس الشريف كانت وستبقى قضية جميع المغاربة
  • محمد عساف يغني “سلام لغزة” ويحرّك الأحاسيس تجاه القضية الفلسطينية
  • جبران يؤكد جاهزية العمالة المصرية المدربة التي يحتاجها سوق العمل في الإمارات
  • إسلام إبراهيم يخطف الأنظار ببوستر أحدث أعماله الدرامية الجديدة
  • كيفية التأمين الصحي والاجتماعي للعمالة غير المنتظمة: دليل شامل
  • الدبيبة يبحث مع المدعي العسكري سير عمل الادعاء والمحاكم العسكرية
  • ما هو تاريخ الاحتلال في خطف الأطفال وإجراء التجارب عليهم؟
  • توم بيريللو المبعوث الأميركي للسودان يذكر بقصة زرزور
  • أكس تتوقف عن العمل وآلاف المستخدمين تعذر عليهم الدخول