الحرب فى السودان:مؤشرات وسيناريوهات الصراع المسلح فى السودان

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم

المؤشرات:
الاسباب المباشره وغير المباشره:
السبب المباشر لتفجر الصراع العسكرى المسلح فى السودان ، هو الخلاف حول قضيه دمج قوات الدعم السريع ( وهى مليشيات شبه نظاميه، شبه قبليه، ذات تركيبه اجتماعيه' اساسيه' : مشتركه عابره للحدود السودانيه) فى الجيش السودانى، وهو خلاف قديم مؤجل منذ تأسيسها ، وظل يتفاقم حتى لحظه تفجره ، وذلك ان مجرد وجودها - وغيرها من مليشيات مماثله - يتعارض مع قاعده وحده المؤسسه العسكريه فى الدوله ، والتى هى من بدهيات وجود الدوله - اى دوله - ناهيك عن الدوله الحديثه .

غير ان التحليل العميق لهذا الصراع المسلح يكشف عن وجود اسباب غير مباشره له ، هى بمثابه مؤشرات متعدده المستويات عليه .

اولا: على المستوى المحلى" الوطنى- السودانى” : (مؤشر على تفاقم الصراع بين النخب السياسيه السودانيه على السلطه):
فهو مؤشر - على هذا المستوى - على مرحله جديده من مراحل تفاقم الصراع " الاستقطاب" بين النخب السياسيه السودانيه ( سواء كانت مدنيه او عسكريه ) ، والذى يستهدف - فى واقع الامر - الوصول الى السلطه؛ او الاحتفاظ بها ؛ او الانفراد بها… بعيدا عن الاراده الشعبيه السودانيه ، واهدافها فى الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده… رغم ان هذه النخب السياسيه تتخذ هذه الاهداف شعارات نظريه لها ، اتكالا على عقليه القطيع التى تميز انصارها والمدافعين عنها ، ولأنها مجرد شلل تسعى لتحقيق مصالحها الخاصه ، ومعزوله عن الجماهير السودانيه . فهو ليس صراع بين قوى مدنيه تناضل فى سبيل الديموقراطيه ، واخرى عسكريه تؤسس لانظمه حكم ديكاتوريه. فكل النخب المدنيه " الاحزاب" السودانيه من اقصى اليسار الى اقصى اليمين اخترقت - او حاولت اختراق- المؤسسه العسكريه السودانيه، بغرض استخدامها فى صراعها ضد غيرها من نخب مدنيه " احزاب"، وبهدف وصولها للسلطة او احتفاظها بها، وهى بذلك فتحت الباب امام النخب العسكريه للتدخل فى الحياه السياسيه. وكل الانظمه الديكتاتوريه السودانيه انتمى اليها او دافع عنها مدنيين وعسكريين،كما عارضها مدنيين وعسكريين. وكل الثورات السودانيه كانت هبات شعبيه عفويه "تلقائيه " ضد الدكتاتوريه ( سواء كانت عسكريه" حكم العسكر" ، او مدنيه "حكم الحزب الواحد ")، وليس ضد مؤسسات الدوله - التى هى دولته - سواء كانت مدنيه او عسكريه " كالجيش". فهذه النخب المدنيه لم تقود هذه الثورات، بل قفزت لاحقا الى واجههتها ،ووجهتها آلى ما يحقق مصالحها الحزبيه الضيقه، فكانت احد اهم اسباب فشلها فى تحقيق اهدافها واهمها الديموقراطيه، وبالتالى كانت من أسباب ظاهره الانقلابات العسكريه.
كما ان هذا الصراع المسلح الحالى ليس صراع عسكرى بحت، لان النخب المدنيه" الاحزاب" كانت ولا تزال طرف فيه - بصوره ظاهره او خفيه ، مباشره او غير مباشره - وساهمت فى تفاقمه وتفجره . وقد تقلبت فى مواقفها من تاييد او معارضه لاحد اطرافه، طبقا لما تمليه مصالحها الحزبيه الخاصه، وبدون اى مراعاه للمصلحة الوطنيه العليا،فانتقلت من مواقف الى مواقف نقيضه . فالقوى السياسيه التى اسست قوات الدعم السريع وصورتها كحامى للوطن والدين، وبررت انتهاكاتها سابقا، اكتشفت انها عدو للوطن والدين. والقوى التى عارضت تاسيسها ،وادانت انتهاكاتها، ودعت الى حلها سابقا، انتقلت الى موقف التأييد المباشر ( مثلا بتصويرها كحامى للديموقراطيه وحارس للثوره الشعبيه ضد النظام السابق وانصاره- مع كون هذا النظام هو الذى انشاءها لحمايته، وهى الوظيفه التى قامت بها لفتره طويله - )، او التاييد غير المباشر ( مثلا بالمساواه بينها " وهى مليشيا غير نظاميه عابره للحدود الوطنيه "، وبين الجيش " و هو احد مؤسسات الدوله الوطنيه ، و لا وجود لها بدونه - وذلك بحجه انه مخترق من أنصار النظام السابق، فى حين ان حل هذه الإشكالية- الثانويه- يكون بتطهيره ، وليس بالاضعافه او تفكيكه - . او بادعاء الحياد بينهما فى صراع يهدد وجود الدوله ذاتها . او بعدم ادانه- او تبرير - انتهاكاتها ضد الشعب السودانى ، الموثقه من قبل المؤسسات الدوليه المعنيه الموثوقه عالميا. او بالقول ان الجيش بع خلل بنيوى غير قابل للإصلاح وهذا ما يلزم منه الدعوه الى تفكيكه. او بالدعوة الى حل الجيش واعاده تكوينه ....).
ثانيا: المستوى الاقليمى :
١. المستوى "القومى - العربى ”:
ا/ مؤشر على تردى النظام الرسمى العربى من التجزئه الشعوبيه الى التفتيت القبلى:
كما انه مؤشر - على هذا المستوى - على مرحله جديده من مراحل تردى النظام السياسي”الرسمى” العربي ، من التجزئة “الشعوبية”( اتفاقيه ” سيكس بيكو” 1916 ) ، الى التفتيت ” القبلى- الطائفي”: (مشروع الشرق الاوسط الجديد: الامبريالى/ الصهيونى)، إلى درجه تزيد من احتمال انزلاقه نحو الفوضى، والتي بدأت بالفعل في بعض أجزائه التي تتصف بضعف الروابط الوطنية والقومية ، لشيوع الطائفية أو القبلية أو العشائرية فيها. فهو خطوه تجاه تنفيذ مخطط تقسيم الدوله الوطنيه السودانيه الى دويلات قبليه ، سبقتها خطوات سابقه" دعم انفصال جنوب السودان"، وستليها خطوات اخرى- متى ما توفرت الفرصه لذلك -

ب/ مؤشر على التعطيل الارتدادي للاراده الشعبية للامه على المستوى الرسمي:
وقد تزامنت مرحله التطبيق الفعلى لهذا المشروع مع ما يمكن ان نطلق عليه اسم مرحله التعطيل الارتدادي للاراده الشعبية للامه العربيه على المستوى الرسمي، والتى تمتد - زمنيا – من سبعينات القرن الماضى الى واقعنا المعاصر، والتى تتميز- سياسيا - بالمحاولات المستمره للارتداد عن سياسات مرحله التحرر القومى من الاستعمار ، والتى كان ابرز زعمائها جمال عبد الناصر ، والتى نجحت فى تحقيق خطوات فى اتجاه أهداف الاراده الشعبية للامه فى الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده ' رغم ما شابها من سلبيات ' . اى المحاولات المستمره للانتقال بالنظام السياسى الرسمى العربى من مناهضه الاستعمار “القديم والجديد والاستيطاني”، إلى التبعية للسياسات الامبرياليه للولايات المتحده فى المنطقه، ومن تاييد القضيه الفلسطينيه والصراع مع الكيان الصهيونى، الى التنصل من المسؤليات القوميه والدينيه والانسانيه تجاهها، والانحياز الى الكيان الصهيونى والتطبيع معه ، ومن محاوله أقامه تنميه مستقلة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى محاولات تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى،“ تحت شعارات كالانفتاح؛ الاصلاح؛التحرير الاقتصادي، الخصخصه، رفع او ترشيد الدعم....” .

ج/ التطبيع مع الكيان الصهيونى وفتح الباب امام تعميقه الخلاف الداخلى :
رغم المناهضه الشعبيه السودانيه- التلقائيه- للتطبيع مع الكيان الصهيونى، وتعاطف اغلب الشعب السودانى مع حقوق الشعب الفلسطينى ونصرته للقضيه الفلسطينيه عبر تاريخه، فان النخب السياسيه السودانيه ” المدنيه والعسكريه ” ايدت التطبيع مع الكيان الصهيونى – علنا او سرا – بهدف الحصول على دعم خارجى ' غربى' لها "( فانتقال النظام الرسمى العربى لخانه التبعيه والتطبيع جعل النخب فى كل الدول العربيه - وليس السودان وحده- لا تخجل من العماله" عصر العماله المعلنه") .وهى بذلك فتحت الباب على مصرعيه أمام التعميق الصهيوني للخلافات الداخليه ،بهدف ضمان بقاء شعوب الامه العربية المسلمه” - ومنها الشعب السودانى- في حاله انقسام داخلى وصراع وبالتالى ضعف ، يحول دون مواجهتها للكيان الصهيونى .

٢. المستوى" الاسلامى: الدينى - الحضارى ":(مؤشر على فتنه التفرق والاختلاف ):
كما ان هذا الصراع مؤشر- على هذا المستوى - ضمن مؤشرات كثيره - على مرحله جديده من مراحل الانتهاء ” الفعلي ” للاستخلاف العام الأول للامه، وشيوع فتنه التفرق والاختلاف فى الامه الاسلاميه رغم تحذير الاسلام للمسلمين منها .

٣. المستوى الافريقى( مشاكل الحدود المفتوحه ومحاولات تغيير التركيبه السكانيه):
كما ان هذا الصراع مؤشر على المستوى الاقليمى: الافريقى- القارى “،على تفاقم مشكله الحدود المفتوحه- فضلا عن تعدد دول الجوار السودانى- وهى مشكله تعانى منها الدول الافريقيه، نتيجه لاسباب سياسيه و تاريخيه واجتماعيه متعدده، وقد افرزت هذه المشكله محاولات متواليه عبر التاريخ، لتغيير التركيبه الديموغرافيه “السكانيه” السودانيه،تساندها احلام سياسيه لجماعات قبليه ذات أصول عرقيه مختلطه- رغم الادعاء 'القبلى' بالنقاء العرقى- ،وبنيه اجتماعيه تسود فيها مخلفات الطور القبلى" من تجول وعدم استقرار فى ارض خاصه ، وصراع قبلى مستمر مع الغير..."، باقامه دويلات قبليه عابره للحدود الوطنيه ، على انقاض الدوله الوطنيه "فى السودان وغيره " ، فهى محاولات تسعى لتفكيك المؤسسه العسكريه السودانيه والنيل من وحدتها، لأنها العمود الفقرى للدوله الوطنيه السودانيه. وهذا ما يفسر العداء لدوله الاستقلال السودانيه بالحديث عن دوله ١٩٥٦ - عام الاستقلال من الاستعمار - والتى بذلت أجيال عديده تضحيات فى سبيل تحققها-وكانها حدث تاريخى سلبى.

ثالثا: المستوى الدولى:( تفاقم التنافس الدولى على نهب ثروات السودان ” النظام العالمى الراسمالى احادى القطب”):
كما ان تفجر هذا الصراع المسلح مؤشر – على هذا المستوى– على تفاقم التنافس "تحديد حدود وجود "، وليس الصراع " الغاء وجود " بين القوى العالميه - والقوى والنظم الاقليميه المتحالفه معها او التابعه لها- على مزيد من النفوذ السياسى” سياسيا ” ، ونهب ثروات السودان الطبيعيه والاقتصاديه -اقتصاديا -( فالسودان سلعه غذاء العالم بموارده الطبيعيه الهائله طما هو معلوم). ويشمل ذلك السيطره على ثروته المائيه ممثله فى نهر النيل، فحرب المياه هى الحرب القادمه حسب كثير من المحللين ، لان العالم سيعانى من شح المياه.كما ان السيطره على النيل هو مخطط صهيونى قديم ماثل فى شعار " من الفرات الى النيل" ، وفى علم الكيان الصهيونى " نجمه داؤد بين خطين ازرقين يرمزان لهما "، وبدأ تنفيذ هذا المخطط بدعم انفصال الجنوب" المنبع الجنوبى" ودعم حكومه إثيوبيا فى مشاريعها المائيه غير المتفق عليها مع دول المصب " المنبع الشرقى "، ثم التهجير القسرى لسكان الخرطوم- ومناطق اخرى- اكبر عمليه نزوح فى التاريخ اكثر من تسعه مليون نازح واثنين مليون لاجئ مسجلين رسميا حتى الان -، وتوطين جماعات قبليه عابره للحدود مكانهم خلال الحرب" التحكم فى النيلين الأزرق والابيض"، ولاحقا التحكم فى المصب " مصر"( فاذا كانت مصر هى قلب الامه العربيه فان النيل" الذى يجرى اغلبه فى السودان" هو الشريان الذى يضخ الدم فيه ) - وهذا ما يفسر حمله العداء للإنسان النيلى المستمره منذ سنين ، لانه مرتبط بالنيل وبالتالي الأكثر وعيا باى تغيير فيه - . فهم - اى هذه القوى والنظم - حلفاء - موضوعيا- فى انتهاك السياده الوطنيه للدوله السودانيه، وفرض التبعيه الاقتصاديه على الاقتصاد السودانى، وهو يتنافس يتم فى اطار نظام عالمي يتميز – سياسيا - بانه أحادي القطب - بعد انهيار النظام العالمى ثنائى الاقطاب" نسبيا" بعد سقوط الكتله الشرقيه بقياده الاتحاد السوفيتى سابقا . كما يتميز هذا النظام العالمى - اقتصاديا- بمحاولاته المستمره لفرض النظام الاقتصادى الراسمالى، فى كل انحاء العالم ، بطرق مختلفة ، منها محاولة إخضاع النشاط الاقتصادى لدول العالم لسياسات مؤسساته العالمية "كصندوق النقد الدولى و البنك الدولى و منظمة التجارة العالمية..."
السيناريوهات:

* سيناريوهات تكرس لاسباب الصراع ، التى هى مؤشرات متعدده المستويات عليه، والتى اشرنا اليها اعلاه ، وبالتالى تكرس لاستمراره.وذلك بصرف النظر عن النوايا الذاتيه او الشعارات النظريه. فرغم ان استمرار الحرب والصراع المسلح يضر بأغلب الشعب السودانى، الا ان هناك أشخاص ومؤسسات وقوى وحتى نظم "محليه واقليميه ودوليه " لها مصلحه قى استمرارها.

* سيناريوهات تؤسس للحيلوله دون استمرار اسباب الصراع.وبالتالى الحيلوله دون استمراره.وتقوم على التزام الاراده الشعبيه - التى لها دور فاعل في هذه السيناريوهات - بسياسات متعدده على المستويات المتعدده المشار اليها سابقا :
اولا : المستوى الوطنى:
. الانتقال من الاستقطاب الى التوافق والاصلاح: العمل المشترك على وقف الامتداد التلقائي لواقع الاستقطاب”الصراع” السياسى الاقتصادى الاجتماعى ، والانتقال إلى التوافق ' اى المشاركة السياسيه ، الاقتصاديه، الاجتماعيه… '، وتاسيس مبادرات شعبيه سودانيه للتوافق والاصلاح.

.الالتزام بالديموقراطيه التوافقية: بالتوافق على صيغة للحكم تجمع بين حكم الاغلبيه، وإقرار دور فاعل لكافة مكونات المجتمع : الاجتماعية “ومن ضمنها المراْه والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة…”، والدينية ” الأقليات الدينية”، والعرقية ” الأقليات العرقية ”، والتقليدية ” كالقبائل والطوائف والطرق الصوفية… ” ، والوظيفية “من ضمنها الجيش”… وحفظ حقوق هذه المكونات على المستوى الدستوري.

. دور وطنى وديمقراطى للجيش السودانى: تجاوز موقفى القبول المطلق ” الاطلاق ”، او الرفض المطلق” الالغاء” لدور الجيش فى الحياه السياسيه، الى موقف يؤدى الى تفعيل دور وطنى ديمقراطى للجيش ، من خلال الالتزام بالديموقراطيه التوافقيه
.
.الالتزام بقوميه ووحده الجيش:الالتزام بموقف من الجيش والمؤسسات العسكريه والامنيه، يقوم على التاكيد على كونها مؤسسات قوميه “وطنيه” تمثل كل مكونات الشعب،وابعاد الخلافات والتجاذبات السياسيه والاجتماعيه " القبليه والطائفيه .."عنها.والتاكيد على وحدتها.

.العمل المشترك وباسلوب واقعى –عملى – تدريجى على دمج كل التشكيلات العسكريه في الجيش. واخراج كل التشكيلات العسكريه التى لا تكون جزء منه من المدن.

ثانيا : المستوى الاقليمى:
١. المستوى القومى:
. انتقال الاراده الشعبيه للامه من التفعيل التلقائى الى القصدى:
تفعيل الاراده الشعبيه للامه على المستوى الشعبى : ان تعطيل الاراده الشعبية للامه على المستوى الرسمي ، قد فتح المجال أمام تفعيلها على مستوى آخر هو مستواها الشعبي . وكانت المرحله الأولى لهذا التفعيل هي مرحله التفعيل التلقائي لها ، والتي أخذت شكل رد فعل عاطفي- تلقائي/ مؤقت ضد مظاهر تردى النظام السياسي الرسمى العربي، ومشاريع محاوله إلغاء الاراده الشعبية العربية” كمشروع الشرق الاوسط الجديد : الامبريالى/ الصهيونى” . وقد جاءت الموجات الكميه لثوره الشباب العربى- فى مساراتها الاصليه " الجماهيريه/ السلميه ", قبل أن يحرفها اعدائها الى مسارات أخرى "عنيفه او فوضويه او تابعه..."- كامتداد لهذه المرحله (وتشمل موجتيها الأولى والثانيه، التى عملت القوى والنظم ذات المصالح المتعارضة مع أهداف الاراده الشعبية للامه ، على إجهاضها باساليب عديده اهمها الاسقاط العنيف 'فى الأولى' ، او الهبوط الناعم ' فى الثانيه') .
.فشل مشروع الشرق الاوسط الجديد: الامبريالى / الصهيونى: رغم ان هذا المشروع نجح فى تعطيل الاراده الشعبيه للامه ” على المستوى الرسمى ” ، الا انه فشل فى الغائها، ففتح المجال امام تفعيلها "على المستوى الشعبى". ورغم نجاحه في الارتداد بالنظام الرسمى العربي إلى مزيد من التفتيت القبلي والطائفي ، واضعاف الروابط الوطنيه والقوميه ، الا انه فشل فى الغاء هذه الروابط ، فظلت الوحده الوطنيه والقوميه متحققه على المستوى الشعبى . كما ان هذا الارتداد افرز عدد من الظواهر ، التي تجاوز تأثيرها السلبي النظام الرسمى العربي، إلى القوى والنظم التى تقف ورائه ومنها :ا/ ظاهره الإرهاب : فالتنظيمات الارهابيه التى تنسب نفسها للاسلام - والاسلام من الارهاب برئ - والتى ساهمت هذه القوى والنظم فى إنشائها ، لتحقيق اهدافها فى المنطقة فى التفتيت الطائفى ، خرجت عن سيطرتها لاحقا، وضربتها فى العمق . مما اضطرتها الى محاربتها عسكريا وايديولوجيا…ب/ تدفق اللاجئين على الغرب: وهو ما انهك اقتصاد الدول الغربيه ..ج/ الفوضى التي نتجت من تردى النظام الرسمى العربى، أضعفت قدره هذه القوى والنظم، فى التحكم فى النظام الرسمى العربى، فى العديد من اجزائه .
.التوافق والاصلاح على المستوى القومى: إن تردى النظام السياسي العربي نحو مزيد من التجزئة “التفتيت “، مع ما يلزم من ذلك من زيادة احتمالات انزلاقه نحو الفوضى،يقتضى عدم السكوت عن هذا التردي ، أو محاوله إيقافه باستخدام العنف ضد النظام السياسي العربي ، بل العمل على إيقاف هذا التردي بأساليب سلميه، وذلك بضغط الاراده الشعبية للامه التكوين ” الامه العربيه المسلمه بشعوبها المتعدده” على النظام السياسي الرسمى العربي بأجزائه المتعددة – بأساليب سلميه – بهدف دفعه نحو التوافق “المشاركة” ، والإصلاح، من خلال انشاء وتفعيل مبادرات شعبيه للتوافق والاصلاح على المستوى العربي ” القومى”- بالتنسيق بين المبادرات الشعبيه للتوافق والاصلاح على المستوى الوطنى-
.ضروره ارتقاء الاراده الشعبيه للامه الى مرحله التفعيل ألقصدي : وكل هذا يقتضى ارتقاء الاراده الشعبيه للامه من مرحله التفعيل التلقائى ، الى مرحله التفعيل التلقائى ،التى مضمونها الفعل العقلاني- المستمر – المنظم / المؤسساتي- السلمي،وهى المرحله التى تضمن انتقال ثوره الشباب العربى من موجاتها الكميه الى موجاتها الكيفيه ، اللازمه لتحقيق اهدافها.

٢. المستوى الاسلامى( تفعيل اراده الامه والسعى لتحقيق الاستخلاف): ان تفعيل الاراده الشعبيه لامه التكوين( الامه العربيه المسلمه) " على المستوى الشعبى " ، هو مؤشر - ضمن مؤشرات عديده - على بدايه مرحله الاستخلاف العام الثانى لامه التكليف(الامه الاسلاميه باممها وشعوبها المتعدده ومنها الامه العربيه) ، باعتبار ان الاراده الشعبيه لامه التكليف ، هى مجموع الارادات الشعبيه لامم التكوين المكونه لها- غير ان التحقق الفعلى لهذه المرحله مشروط – بارتقائها من مرحله التفعيل التلقائى الى مرحله التفعيل القصدى ،والذى اشرنا اليها اعلاه.

٣. المستوى الافريقى: العمل على حل مشكله الحدود المفتوحه وتعدد دول الجوار، بضبط الحدود،وبالتنسيق مع هذه الدول .

ثالثا: المستوى الدولى:
* التأكيد على استقلالية القرار الوطنى والقومى ، والسعي المشترك للتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية.
*التضامن بين شعوب العالم فى مواجهة السياسات الامبرياليه العالميه- التى هى تجسيد سياسي للنظام العالمى احادى القطب،والعمل على تاسيس نظام عالمى متعدد الاقطاب.
*العمل على نقل الاقتصاد الوطني من علاقة التبعية الاقتصادية-التى هى افراز النظام العالمي احادى القطب على المستوى الاقتصادى – من خلال فك ارتباطه بالنظام الرأسمالي العالمي ومؤسساته، إلى علاقة التعاون الاقتصادي من خلال اقامة علاقة تبادل اقتصادي بين دول العالم، قائم على أساس المصالح المتبادلة.
* تفعيل مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني،ومقاطعه المنتجات والبضائع الامريكيه ، للارتباط الوثيق بين الصهيونية والامبريالية الامريكيه.
* تجاوز الانقسام والتفرق الطائفى والقبلى ، و تحقيق كل الخطوات الممكنة تجاه الوحده " الوطنيه والقوميه والدينيه".
* تحقيق حد أدنى من التوافق فى مجال العلاقات الدوليه بين الدول العربيه والإسلامية، والعمل المشترك على إنشاء تكتلات اقتصاديه وسياسيه عربيه وإسلامية وقاريه وعالمثالثيه.

……………………………
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبرى محمد خليل:
.مجموعه فى الفيسبوك بعنوان( إستخلاف: تيار فكرى لتحقيق إستخلاف الأمة الثانى مجموعه من د. صبرى م خليل )
. صفحه د. صبرى محمد خليل فى الفيسبوك ( د. صبرى محمد خليل sabri khalil khairi).
.القناه الرسميه للدكتور صبرى محمد خليل فى اليوتيوب.
.الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com

sabri.m.khalil@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: على هذا المستوى النظام السیاسی الشعب السودانى الصراع المسلح هذا الصراع فى السودان کما ان هذا العمل على مؤشر على التى هى من خلال

إقرأ أيضاً:

مخاطر التقسيم في السودان – مآلات الصراع بين الجيش والدعم السريع

بعد مرور عام وأشهر على اندلاع حرب 15 أبريل في السودان، يبدو أن البلاد تقف أمام مفترق طرق حاسم يهدد وحدتها وسلامها الداخلي، مما يطرح تساؤلات حول سيناريوهات التقسيم كأحد الاحتمالات المتزايدة في ظل هذا الصراع. فالصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ليس مجرد مواجهة عسكرية تقليدية؛ بل هو صراع داخلي ضمن بنية نظام سياسي وعسكري متشعب الأطراف والمصالح. إذ يتمركز الصراع حول مركز قيادة المؤسسة العسكرية التي تحتكر القرار الوطني وتسيطر على السلطة والثروة، مما يميز هذه الحرب عن الحروب السابقة، ويجعلها بالغة الخطورة على استقرار السودان ووحدته.
خلفية الصراع: النظام العسكري وتعدد الرؤوس
تعود جذور الأزمة الحالية إلى التداخل بين الجيش والدعم السريع تحت مظلة واحدة، ولكنهما يُمثلان قوتين متنافستين يملك كل منهما رؤيته ومصالحه الخاصة. وقد جاء انفجار الصراع نتيجة لتعاظم نفوذ الدعم السريع ورغبته في حصة أكبر من السلطة والثروة، وهو ما أدى إلى اصطدامه بمصالح الجيش ومراكز القوى الإسلامية التي دعمت تأسيس الجيش والدعم السريع على حد سواء منذ التسعينيات، لضمان بقاء النظام القديم وتجنب المعارضة.
وبعد إزاحة نظام البشير في 2019 عبر ثورة ديسمبر الشعبية، بدا أن القوى الإسلامية ستفقد السيطرة، إلا أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 أعاد الإسلاميين إلى المشهد، ومن ثم شهد السودان الحرب الأخيرة التي كانت بمثابة الانفجار غير المتوقع داخل النظام العسكري نفسه، حيث انقلبت معايير القوة وبدأ كل طرف في محاولة التفوق على الآخر. ومع استمرار التنافس بين البرهان وحميدتي، بدأت مخاوف التقسيم تلوح في الأفق.
التقسيم كخيار قسري: الموقف الدولي والإقليمي
قدمت مراكز الأبحاث الدولية الرائدة قراءات متعددة حول هذا السيناريو، مشيرة إلى مخاطر تقسيم السودان إلى دويلات نفوذ، قد يسيطر على كل منها "لوردات الحرب" إذا استمرت الحرب على وضعها الحالي. مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، على سبيل المثال، ترى أن تعمق الخلاف بين الجيش والدعم السريع، وتوسع دائرة العنف دون وجود حل سياسي شامل، يجعل من التقسيم خيارًا قد يفرضه الوضع القسري على السودان. وأشارت تقارير المجموعة إلى أن استمرار الصراع دون حل توافقي يضمن تماسك الدولة وإشراك الأطراف المدنية في الحكم، يهدد بتدهور الأوضاع نحو التقسيم.
أما معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فقد أبرز أن قوة الدعم السريع المستمرة رغم ضربات الجيش تشير إلى أن الوضع قد يتحول إلى دويلات نفوذ بحكم الأمر الواقع، خاصةً إذا استمر دعم الحركات المسلحة لبعض الأطراف الإقليمية والدولية. وذكر المعهد أن هذا السيناريو يلقى دعمًا من بعض القوى الخارجية التي ترى في استمرار الصراع وعدم استقرار السودان فرصة لتمرير أجنداتها الإقليمية.
على الصعيد الإفريقي، معهد الدراسات الأمنية الإفريقية سلط الضوء على المخاطر التي قد تطال دول الجوار كتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، مؤكدًا أن تقسيم السودان يهدد تماسك المنطقة بأكملها، ويفتح الباب على مصراعيه أمام قوى أجنبية للتدخل. ووفقًا للمعهد، فإن هذا السيناريو قد يفاقم الأزمات الإنسانية ويؤدي إلى اضطرابات إقليمية طويلة الأمد في المنطقة.
عوامل تعزز مخاوف التقسيم
أبرزت التقارير أن مخاطر التقسيم تتزايد في ظل العنف المتبادل والخطاب التحشيدي والتحريض المتصاعد، حيث توظف القوى الإسلامية هذا الخطاب لبث الكراهية بين السودانيين أنفسهم وتحقيق أهدافها السياسية، دون اكتراث بسلامة الوطن أو مصلحة الشعب. فالقوى السياسية الإسلامية التي تقف خلف الحرب تستفيد من تفاقم الأوضاع، إذ تراهن على أن انقسام السودان إلى مناطق متصارعة سيجعل من السهل عليها فرض سيطرتها على المناطق التي يتواجد فيها نفوذها الشعبي. ويشكل خطاب الكراهية هذا عاملاً مؤثراً يسهم في تعميق الهوة بين الأطراف المتنازعة.
وعلى الرغم من ضعف هذا الطرح حتى الآن، يظل خيار التقسيم مطروحًا خصوصًا مع بروز مناطق نفوذ شبه منفصلة على أرض الواقع، ومع عجز الأطراف المحلية عن فرض سيطرة شاملة.

نهاية مفتوحة - هل يمكن تجنب السيناريو الأسوأ؟
ورغم وجود هذا السيناريو المظلم، فإن بعض العوامل ما زالت تخلق أملًا في إمكانية تجنبه. فحميدتي، قائد قوات الدعم السريع، ما زال يعلن عن تمسكه بوحدة السودان، وإن كان ذلك الموقف قد يتغير وفق المتغيرات السياسية والعسكرية على الأرض. كما أن دول الجوار لا ترغب في رؤية السودان مقسماً، لما في ذلك من تهديد مباشر لاستقرارها الداخلي، خاصةً تلك الدول التي لديها صراعات إقليمية مثل تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان، والتي قد تجد نفسها في مواجهة تداعيات هذا التقسيم.
إجمالاً، يظل مستقبل السودان مرتبطًا بمدى قدرة الأطراف المتنازعة على إيجاد مخرج سياسي يضمن وحدة السودان وسلامته. ففي حال استمرار الصراع دون رؤية واضحة للحل، سيبقى سيناريو التقسيم أحد الاحتمالات التي قد تصبح واقعًا مفروضًا. ولعل الضغط الدولي والإقليمي نحو الحل السلمي، إلى جانب الجهود الشعبية الرافضة للتقسيم، قد تشكل وسائل للضغط على أطراف النزاع للعودة إلى طاولة الحوار وإيجاد صيغة تضمن حماية السودان من التقسيم.

*يمكن الاستناد إلى تقارير وتحليلات مراكز أبحاث بارزة تتابع الشأن السوداني والصراعات الإقليمية. على سبيل المثال-

تحليل مجموعة الأزمات الدولية (International Crisis Group): تتناول المجموعة بعمق الوضع في السودان، حيث أشارت في تقاريرها الأخيرة إلى أن صراع الجيش والدعم السريع له جذور تمتد إلى الخلاف على موارد الدولة والنفوذ السياسي، مما يزيد من خطر التقسيم. وقد حذرت المجموعة من أن الصراع الداخلي بين الجيش والدعم السريع يشكل تهديدًا لوحدة السودان على المدى الطويل، خصوصًا إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يضمن تماسك الدولة وإشراك الأطراف المدنية بشكل جدي.

تحليل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى (The Washington Institute for Near East Policy): يرى المعهد أن تعاظم نفوذ قوات الدعم السريع قد يُسرّع من انقسام السودان إلى مناطق نفوذ محلية أو ما يشبه الدويلات تحت سيطرة أمراء الحرب. وأوضح المعهد أن استمرار الحرب دون حلول يُضعف الجيش ويُفقده السيطرة، ما يدفع بعض القوى العسكرية والمليشيات للسيطرة على مناطق معينة، ويؤدي إلى توسيع دائرة الانقسامات الجهوية في ظل الفوضى السائدة.

معهد الدراسات الأمنية الإفريقية (Institute for Security Studies): يشير هذا المعهد إلى أن الصراع بين البرهان وحميدتي يمثل خطرًا على السلام الاجتماعي في السودان، وأن استمرار الاستقطاب الحاد بين القوى العسكرية يرفع احتمالية تجزئة السودان فعليًا إلى مناطق متنافسة. كما يحذّر المعهد من عواقب هذا السيناريو، كونه قد يحوّل السودان إلى بؤرة صراع إقليمي، خاصة مع تداخل المصالح الأجنبية والتجاذبات الجهوية.

الاستناد إلى هذه التحليلات يجعل من سيناريو التقسيم أكثر مصداقية، حيث يتفق الخبراء على أن استمرار الحرب والتعبئة العنيفة يدفع بالبلاد نحو التفكك.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • بحث لـ «4» جامعات أمريكية يقدر عدد القتلى في الحرب السودانية
  • حرب السودان.. بحث أجرته 4 جامعات أميركية يكشف مأساة 130 ألف ضحية
  • حرب السودان.. بحث يكشف مأساة 130 ألف ضحية
  • روسيا وأمريكا ولعبة النفوذ في السودان في ظل الصراع المسلح!
  • العدل والمساواة السودانية وتجمع تحرير السودان ترفضان تقسيم البلاد وإثارة الكراهية
  • أستاذ علاقات دولية: لا توجد مؤشرات لوقف الحرب على غزة ولبنان
  • أستاذ علاقات دولية: لا توجد مؤشرات حاليا بوقف الحرب على غزة ولبنان
  • أمانة العاصمة المقدسة تطلق نظام إدارة المشاريع (PMIS) لتعزيز الكفاءة
  • ارتفاع عدد النازحين في السودان إلى أكثر من 14 مليون شخص بسبب النزاع المسلح
  • مخاطر التقسيم في السودان – مآلات الصراع بين الجيش والدعم السريع