الحرب فى السودان:مؤشرات وسيناريوهات الصراع المسلح فى السودان
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
الحرب فى السودان:مؤشرات وسيناريوهات الصراع المسلح فى السودان
د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
المؤشرات:
الاسباب المباشره وغير المباشره:
السبب المباشر لتفجر الصراع العسكرى المسلح فى السودان ، هو الخلاف حول قضيه دمج قوات الدعم السريع ( وهى مليشيات شبه نظاميه، شبه قبليه، ذات تركيبه اجتماعيه' اساسيه' : مشتركه عابره للحدود السودانيه) فى الجيش السودانى، وهو خلاف قديم مؤجل منذ تأسيسها ، وظل يتفاقم حتى لحظه تفجره ، وذلك ان مجرد وجودها - وغيرها من مليشيات مماثله - يتعارض مع قاعده وحده المؤسسه العسكريه فى الدوله ، والتى هى من بدهيات وجود الدوله - اى دوله - ناهيك عن الدوله الحديثه .
اولا: على المستوى المحلى" الوطنى- السودانى” : (مؤشر على تفاقم الصراع بين النخب السياسيه السودانيه على السلطه):
فهو مؤشر - على هذا المستوى - على مرحله جديده من مراحل تفاقم الصراع " الاستقطاب" بين النخب السياسيه السودانيه ( سواء كانت مدنيه او عسكريه ) ، والذى يستهدف - فى واقع الامر - الوصول الى السلطه؛ او الاحتفاظ بها ؛ او الانفراد بها… بعيدا عن الاراده الشعبيه السودانيه ، واهدافها فى الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده… رغم ان هذه النخب السياسيه تتخذ هذه الاهداف شعارات نظريه لها ، اتكالا على عقليه القطيع التى تميز انصارها والمدافعين عنها ، ولأنها مجرد شلل تسعى لتحقيق مصالحها الخاصه ، ومعزوله عن الجماهير السودانيه . فهو ليس صراع بين قوى مدنيه تناضل فى سبيل الديموقراطيه ، واخرى عسكريه تؤسس لانظمه حكم ديكاتوريه. فكل النخب المدنيه " الاحزاب" السودانيه من اقصى اليسار الى اقصى اليمين اخترقت - او حاولت اختراق- المؤسسه العسكريه السودانيه، بغرض استخدامها فى صراعها ضد غيرها من نخب مدنيه " احزاب"، وبهدف وصولها للسلطة او احتفاظها بها، وهى بذلك فتحت الباب امام النخب العسكريه للتدخل فى الحياه السياسيه. وكل الانظمه الديكتاتوريه السودانيه انتمى اليها او دافع عنها مدنيين وعسكريين،كما عارضها مدنيين وعسكريين. وكل الثورات السودانيه كانت هبات شعبيه عفويه "تلقائيه " ضد الدكتاتوريه ( سواء كانت عسكريه" حكم العسكر" ، او مدنيه "حكم الحزب الواحد ")، وليس ضد مؤسسات الدوله - التى هى دولته - سواء كانت مدنيه او عسكريه " كالجيش". فهذه النخب المدنيه لم تقود هذه الثورات، بل قفزت لاحقا الى واجههتها ،ووجهتها آلى ما يحقق مصالحها الحزبيه الضيقه، فكانت احد اهم اسباب فشلها فى تحقيق اهدافها واهمها الديموقراطيه، وبالتالى كانت من أسباب ظاهره الانقلابات العسكريه.
كما ان هذا الصراع المسلح الحالى ليس صراع عسكرى بحت، لان النخب المدنيه" الاحزاب" كانت ولا تزال طرف فيه - بصوره ظاهره او خفيه ، مباشره او غير مباشره - وساهمت فى تفاقمه وتفجره . وقد تقلبت فى مواقفها من تاييد او معارضه لاحد اطرافه، طبقا لما تمليه مصالحها الحزبيه الخاصه، وبدون اى مراعاه للمصلحة الوطنيه العليا،فانتقلت من مواقف الى مواقف نقيضه . فالقوى السياسيه التى اسست قوات الدعم السريع وصورتها كحامى للوطن والدين، وبررت انتهاكاتها سابقا، اكتشفت انها عدو للوطن والدين. والقوى التى عارضت تاسيسها ،وادانت انتهاكاتها، ودعت الى حلها سابقا، انتقلت الى موقف التأييد المباشر ( مثلا بتصويرها كحامى للديموقراطيه وحارس للثوره الشعبيه ضد النظام السابق وانصاره- مع كون هذا النظام هو الذى انشاءها لحمايته، وهى الوظيفه التى قامت بها لفتره طويله - )، او التاييد غير المباشر ( مثلا بالمساواه بينها " وهى مليشيا غير نظاميه عابره للحدود الوطنيه "، وبين الجيش " و هو احد مؤسسات الدوله الوطنيه ، و لا وجود لها بدونه - وذلك بحجه انه مخترق من أنصار النظام السابق، فى حين ان حل هذه الإشكالية- الثانويه- يكون بتطهيره ، وليس بالاضعافه او تفكيكه - . او بادعاء الحياد بينهما فى صراع يهدد وجود الدوله ذاتها . او بعدم ادانه- او تبرير - انتهاكاتها ضد الشعب السودانى ، الموثقه من قبل المؤسسات الدوليه المعنيه الموثوقه عالميا. او بالقول ان الجيش بع خلل بنيوى غير قابل للإصلاح وهذا ما يلزم منه الدعوه الى تفكيكه. او بالدعوة الى حل الجيش واعاده تكوينه ....).
ثانيا: المستوى الاقليمى :
١. المستوى "القومى - العربى ”:
ا/ مؤشر على تردى النظام الرسمى العربى من التجزئه الشعوبيه الى التفتيت القبلى:
كما انه مؤشر - على هذا المستوى - على مرحله جديده من مراحل تردى النظام السياسي”الرسمى” العربي ، من التجزئة “الشعوبية”( اتفاقيه ” سيكس بيكو” 1916 ) ، الى التفتيت ” القبلى- الطائفي”: (مشروع الشرق الاوسط الجديد: الامبريالى/ الصهيونى)، إلى درجه تزيد من احتمال انزلاقه نحو الفوضى، والتي بدأت بالفعل في بعض أجزائه التي تتصف بضعف الروابط الوطنية والقومية ، لشيوع الطائفية أو القبلية أو العشائرية فيها. فهو خطوه تجاه تنفيذ مخطط تقسيم الدوله الوطنيه السودانيه الى دويلات قبليه ، سبقتها خطوات سابقه" دعم انفصال جنوب السودان"، وستليها خطوات اخرى- متى ما توفرت الفرصه لذلك -
ب/ مؤشر على التعطيل الارتدادي للاراده الشعبية للامه على المستوى الرسمي:
وقد تزامنت مرحله التطبيق الفعلى لهذا المشروع مع ما يمكن ان نطلق عليه اسم مرحله التعطيل الارتدادي للاراده الشعبية للامه العربيه على المستوى الرسمي، والتى تمتد - زمنيا – من سبعينات القرن الماضى الى واقعنا المعاصر، والتى تتميز- سياسيا - بالمحاولات المستمره للارتداد عن سياسات مرحله التحرر القومى من الاستعمار ، والتى كان ابرز زعمائها جمال عبد الناصر ، والتى نجحت فى تحقيق خطوات فى اتجاه أهداف الاراده الشعبية للامه فى الحريه والعداله الاجتماعيه والوحده ' رغم ما شابها من سلبيات ' . اى المحاولات المستمره للانتقال بالنظام السياسى الرسمى العربى من مناهضه الاستعمار “القديم والجديد والاستيطاني”، إلى التبعية للسياسات الامبرياليه للولايات المتحده فى المنطقه، ومن تاييد القضيه الفلسطينيه والصراع مع الكيان الصهيونى، الى التنصل من المسؤليات القوميه والدينيه والانسانيه تجاهها، والانحياز الى الكيان الصهيونى والتطبيع معه ، ومن محاوله أقامه تنميه مستقلة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إلى محاولات تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى،“ تحت شعارات كالانفتاح؛ الاصلاح؛التحرير الاقتصادي، الخصخصه، رفع او ترشيد الدعم....” .
ج/ التطبيع مع الكيان الصهيونى وفتح الباب امام تعميقه الخلاف الداخلى :
رغم المناهضه الشعبيه السودانيه- التلقائيه- للتطبيع مع الكيان الصهيونى، وتعاطف اغلب الشعب السودانى مع حقوق الشعب الفلسطينى ونصرته للقضيه الفلسطينيه عبر تاريخه، فان النخب السياسيه السودانيه ” المدنيه والعسكريه ” ايدت التطبيع مع الكيان الصهيونى – علنا او سرا – بهدف الحصول على دعم خارجى ' غربى' لها "( فانتقال النظام الرسمى العربى لخانه التبعيه والتطبيع جعل النخب فى كل الدول العربيه - وليس السودان وحده- لا تخجل من العماله" عصر العماله المعلنه") .وهى بذلك فتحت الباب على مصرعيه أمام التعميق الصهيوني للخلافات الداخليه ،بهدف ضمان بقاء شعوب الامه العربية المسلمه” - ومنها الشعب السودانى- في حاله انقسام داخلى وصراع وبالتالى ضعف ، يحول دون مواجهتها للكيان الصهيونى .
٢. المستوى" الاسلامى: الدينى - الحضارى ":(مؤشر على فتنه التفرق والاختلاف ):
كما ان هذا الصراع مؤشر- على هذا المستوى - ضمن مؤشرات كثيره - على مرحله جديده من مراحل الانتهاء ” الفعلي ” للاستخلاف العام الأول للامه، وشيوع فتنه التفرق والاختلاف فى الامه الاسلاميه رغم تحذير الاسلام للمسلمين منها .
٣. المستوى الافريقى( مشاكل الحدود المفتوحه ومحاولات تغيير التركيبه السكانيه):
كما ان هذا الصراع مؤشر على المستوى الاقليمى: الافريقى- القارى “،على تفاقم مشكله الحدود المفتوحه- فضلا عن تعدد دول الجوار السودانى- وهى مشكله تعانى منها الدول الافريقيه، نتيجه لاسباب سياسيه و تاريخيه واجتماعيه متعدده، وقد افرزت هذه المشكله محاولات متواليه عبر التاريخ، لتغيير التركيبه الديموغرافيه “السكانيه” السودانيه،تساندها احلام سياسيه لجماعات قبليه ذات أصول عرقيه مختلطه- رغم الادعاء 'القبلى' بالنقاء العرقى- ،وبنيه اجتماعيه تسود فيها مخلفات الطور القبلى" من تجول وعدم استقرار فى ارض خاصه ، وصراع قبلى مستمر مع الغير..."، باقامه دويلات قبليه عابره للحدود الوطنيه ، على انقاض الدوله الوطنيه "فى السودان وغيره " ، فهى محاولات تسعى لتفكيك المؤسسه العسكريه السودانيه والنيل من وحدتها، لأنها العمود الفقرى للدوله الوطنيه السودانيه. وهذا ما يفسر العداء لدوله الاستقلال السودانيه بالحديث عن دوله ١٩٥٦ - عام الاستقلال من الاستعمار - والتى بذلت أجيال عديده تضحيات فى سبيل تحققها-وكانها حدث تاريخى سلبى.
ثالثا: المستوى الدولى:( تفاقم التنافس الدولى على نهب ثروات السودان ” النظام العالمى الراسمالى احادى القطب”):
كما ان تفجر هذا الصراع المسلح مؤشر – على هذا المستوى– على تفاقم التنافس "تحديد حدود وجود "، وليس الصراع " الغاء وجود " بين القوى العالميه - والقوى والنظم الاقليميه المتحالفه معها او التابعه لها- على مزيد من النفوذ السياسى” سياسيا ” ، ونهب ثروات السودان الطبيعيه والاقتصاديه -اقتصاديا -( فالسودان سلعه غذاء العالم بموارده الطبيعيه الهائله طما هو معلوم). ويشمل ذلك السيطره على ثروته المائيه ممثله فى نهر النيل، فحرب المياه هى الحرب القادمه حسب كثير من المحللين ، لان العالم سيعانى من شح المياه.كما ان السيطره على النيل هو مخطط صهيونى قديم ماثل فى شعار " من الفرات الى النيل" ، وفى علم الكيان الصهيونى " نجمه داؤد بين خطين ازرقين يرمزان لهما "، وبدأ تنفيذ هذا المخطط بدعم انفصال الجنوب" المنبع الجنوبى" ودعم حكومه إثيوبيا فى مشاريعها المائيه غير المتفق عليها مع دول المصب " المنبع الشرقى "، ثم التهجير القسرى لسكان الخرطوم- ومناطق اخرى- اكبر عمليه نزوح فى التاريخ اكثر من تسعه مليون نازح واثنين مليون لاجئ مسجلين رسميا حتى الان -، وتوطين جماعات قبليه عابره للحدود مكانهم خلال الحرب" التحكم فى النيلين الأزرق والابيض"، ولاحقا التحكم فى المصب " مصر"( فاذا كانت مصر هى قلب الامه العربيه فان النيل" الذى يجرى اغلبه فى السودان" هو الشريان الذى يضخ الدم فيه ) - وهذا ما يفسر حمله العداء للإنسان النيلى المستمره منذ سنين ، لانه مرتبط بالنيل وبالتالي الأكثر وعيا باى تغيير فيه - . فهم - اى هذه القوى والنظم - حلفاء - موضوعيا- فى انتهاك السياده الوطنيه للدوله السودانيه، وفرض التبعيه الاقتصاديه على الاقتصاد السودانى، وهو يتنافس يتم فى اطار نظام عالمي يتميز – سياسيا - بانه أحادي القطب - بعد انهيار النظام العالمى ثنائى الاقطاب" نسبيا" بعد سقوط الكتله الشرقيه بقياده الاتحاد السوفيتى سابقا . كما يتميز هذا النظام العالمى - اقتصاديا- بمحاولاته المستمره لفرض النظام الاقتصادى الراسمالى، فى كل انحاء العالم ، بطرق مختلفة ، منها محاولة إخضاع النشاط الاقتصادى لدول العالم لسياسات مؤسساته العالمية "كصندوق النقد الدولى و البنك الدولى و منظمة التجارة العالمية..."
السيناريوهات:
* سيناريوهات تكرس لاسباب الصراع ، التى هى مؤشرات متعدده المستويات عليه، والتى اشرنا اليها اعلاه ، وبالتالى تكرس لاستمراره.وذلك بصرف النظر عن النوايا الذاتيه او الشعارات النظريه. فرغم ان استمرار الحرب والصراع المسلح يضر بأغلب الشعب السودانى، الا ان هناك أشخاص ومؤسسات وقوى وحتى نظم "محليه واقليميه ودوليه " لها مصلحه قى استمرارها.
* سيناريوهات تؤسس للحيلوله دون استمرار اسباب الصراع.وبالتالى الحيلوله دون استمراره.وتقوم على التزام الاراده الشعبيه - التى لها دور فاعل في هذه السيناريوهات - بسياسات متعدده على المستويات المتعدده المشار اليها سابقا :
اولا : المستوى الوطنى:
. الانتقال من الاستقطاب الى التوافق والاصلاح: العمل المشترك على وقف الامتداد التلقائي لواقع الاستقطاب”الصراع” السياسى الاقتصادى الاجتماعى ، والانتقال إلى التوافق ' اى المشاركة السياسيه ، الاقتصاديه، الاجتماعيه… '، وتاسيس مبادرات شعبيه سودانيه للتوافق والاصلاح.
.الالتزام بالديموقراطيه التوافقية: بالتوافق على صيغة للحكم تجمع بين حكم الاغلبيه، وإقرار دور فاعل لكافة مكونات المجتمع : الاجتماعية “ومن ضمنها المراْه والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة…”، والدينية ” الأقليات الدينية”، والعرقية ” الأقليات العرقية ”، والتقليدية ” كالقبائل والطوائف والطرق الصوفية… ” ، والوظيفية “من ضمنها الجيش”… وحفظ حقوق هذه المكونات على المستوى الدستوري.
. دور وطنى وديمقراطى للجيش السودانى: تجاوز موقفى القبول المطلق ” الاطلاق ”، او الرفض المطلق” الالغاء” لدور الجيش فى الحياه السياسيه، الى موقف يؤدى الى تفعيل دور وطنى ديمقراطى للجيش ، من خلال الالتزام بالديموقراطيه التوافقيه
.
.الالتزام بقوميه ووحده الجيش:الالتزام بموقف من الجيش والمؤسسات العسكريه والامنيه، يقوم على التاكيد على كونها مؤسسات قوميه “وطنيه” تمثل كل مكونات الشعب،وابعاد الخلافات والتجاذبات السياسيه والاجتماعيه " القبليه والطائفيه .."عنها.والتاكيد على وحدتها.
.العمل المشترك وباسلوب واقعى –عملى – تدريجى على دمج كل التشكيلات العسكريه في الجيش. واخراج كل التشكيلات العسكريه التى لا تكون جزء منه من المدن.
ثانيا : المستوى الاقليمى:
١. المستوى القومى:
. انتقال الاراده الشعبيه للامه من التفعيل التلقائى الى القصدى:
تفعيل الاراده الشعبيه للامه على المستوى الشعبى : ان تعطيل الاراده الشعبية للامه على المستوى الرسمي ، قد فتح المجال أمام تفعيلها على مستوى آخر هو مستواها الشعبي . وكانت المرحله الأولى لهذا التفعيل هي مرحله التفعيل التلقائي لها ، والتي أخذت شكل رد فعل عاطفي- تلقائي/ مؤقت ضد مظاهر تردى النظام السياسي الرسمى العربي، ومشاريع محاوله إلغاء الاراده الشعبية العربية” كمشروع الشرق الاوسط الجديد : الامبريالى/ الصهيونى” . وقد جاءت الموجات الكميه لثوره الشباب العربى- فى مساراتها الاصليه " الجماهيريه/ السلميه ", قبل أن يحرفها اعدائها الى مسارات أخرى "عنيفه او فوضويه او تابعه..."- كامتداد لهذه المرحله (وتشمل موجتيها الأولى والثانيه، التى عملت القوى والنظم ذات المصالح المتعارضة مع أهداف الاراده الشعبية للامه ، على إجهاضها باساليب عديده اهمها الاسقاط العنيف 'فى الأولى' ، او الهبوط الناعم ' فى الثانيه') .
.فشل مشروع الشرق الاوسط الجديد: الامبريالى / الصهيونى: رغم ان هذا المشروع نجح فى تعطيل الاراده الشعبيه للامه ” على المستوى الرسمى ” ، الا انه فشل فى الغائها، ففتح المجال امام تفعيلها "على المستوى الشعبى". ورغم نجاحه في الارتداد بالنظام الرسمى العربي إلى مزيد من التفتيت القبلي والطائفي ، واضعاف الروابط الوطنيه والقوميه ، الا انه فشل فى الغاء هذه الروابط ، فظلت الوحده الوطنيه والقوميه متحققه على المستوى الشعبى . كما ان هذا الارتداد افرز عدد من الظواهر ، التي تجاوز تأثيرها السلبي النظام الرسمى العربي، إلى القوى والنظم التى تقف ورائه ومنها :ا/ ظاهره الإرهاب : فالتنظيمات الارهابيه التى تنسب نفسها للاسلام - والاسلام من الارهاب برئ - والتى ساهمت هذه القوى والنظم فى إنشائها ، لتحقيق اهدافها فى المنطقة فى التفتيت الطائفى ، خرجت عن سيطرتها لاحقا، وضربتها فى العمق . مما اضطرتها الى محاربتها عسكريا وايديولوجيا…ب/ تدفق اللاجئين على الغرب: وهو ما انهك اقتصاد الدول الغربيه ..ج/ الفوضى التي نتجت من تردى النظام الرسمى العربى، أضعفت قدره هذه القوى والنظم، فى التحكم فى النظام الرسمى العربى، فى العديد من اجزائه .
.التوافق والاصلاح على المستوى القومى: إن تردى النظام السياسي العربي نحو مزيد من التجزئة “التفتيت “، مع ما يلزم من ذلك من زيادة احتمالات انزلاقه نحو الفوضى،يقتضى عدم السكوت عن هذا التردي ، أو محاوله إيقافه باستخدام العنف ضد النظام السياسي العربي ، بل العمل على إيقاف هذا التردي بأساليب سلميه، وذلك بضغط الاراده الشعبية للامه التكوين ” الامه العربيه المسلمه بشعوبها المتعدده” على النظام السياسي الرسمى العربي بأجزائه المتعددة – بأساليب سلميه – بهدف دفعه نحو التوافق “المشاركة” ، والإصلاح، من خلال انشاء وتفعيل مبادرات شعبيه للتوافق والاصلاح على المستوى العربي ” القومى”- بالتنسيق بين المبادرات الشعبيه للتوافق والاصلاح على المستوى الوطنى-
.ضروره ارتقاء الاراده الشعبيه للامه الى مرحله التفعيل ألقصدي : وكل هذا يقتضى ارتقاء الاراده الشعبيه للامه من مرحله التفعيل التلقائى ، الى مرحله التفعيل التلقائى ،التى مضمونها الفعل العقلاني- المستمر – المنظم / المؤسساتي- السلمي،وهى المرحله التى تضمن انتقال ثوره الشباب العربى من موجاتها الكميه الى موجاتها الكيفيه ، اللازمه لتحقيق اهدافها.
٢. المستوى الاسلامى( تفعيل اراده الامه والسعى لتحقيق الاستخلاف): ان تفعيل الاراده الشعبيه لامه التكوين( الامه العربيه المسلمه) " على المستوى الشعبى " ، هو مؤشر - ضمن مؤشرات عديده - على بدايه مرحله الاستخلاف العام الثانى لامه التكليف(الامه الاسلاميه باممها وشعوبها المتعدده ومنها الامه العربيه) ، باعتبار ان الاراده الشعبيه لامه التكليف ، هى مجموع الارادات الشعبيه لامم التكوين المكونه لها- غير ان التحقق الفعلى لهذه المرحله مشروط – بارتقائها من مرحله التفعيل التلقائى الى مرحله التفعيل القصدى ،والذى اشرنا اليها اعلاه.
٣. المستوى الافريقى: العمل على حل مشكله الحدود المفتوحه وتعدد دول الجوار، بضبط الحدود،وبالتنسيق مع هذه الدول .
ثالثا: المستوى الدولى:
* التأكيد على استقلالية القرار الوطنى والقومى ، والسعي المشترك للتحرر من التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية.
*التضامن بين شعوب العالم فى مواجهة السياسات الامبرياليه العالميه- التى هى تجسيد سياسي للنظام العالمى احادى القطب،والعمل على تاسيس نظام عالمى متعدد الاقطاب.
*العمل على نقل الاقتصاد الوطني من علاقة التبعية الاقتصادية-التى هى افراز النظام العالمي احادى القطب على المستوى الاقتصادى – من خلال فك ارتباطه بالنظام الرأسمالي العالمي ومؤسساته، إلى علاقة التعاون الاقتصادي من خلال اقامة علاقة تبادل اقتصادي بين دول العالم، قائم على أساس المصالح المتبادلة.
* تفعيل مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني،ومقاطعه المنتجات والبضائع الامريكيه ، للارتباط الوثيق بين الصهيونية والامبريالية الامريكيه.
* تجاوز الانقسام والتفرق الطائفى والقبلى ، و تحقيق كل الخطوات الممكنة تجاه الوحده " الوطنيه والقوميه والدينيه".
* تحقيق حد أدنى من التوافق فى مجال العلاقات الدوليه بين الدول العربيه والإسلامية، والعمل المشترك على إنشاء تكتلات اقتصاديه وسياسيه عربيه وإسلامية وقاريه وعالمثالثيه.
……………………………
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبرى محمد خليل:
.مجموعه فى الفيسبوك بعنوان( إستخلاف: تيار فكرى لتحقيق إستخلاف الأمة الثانى مجموعه من د. صبرى م خليل )
. صفحه د. صبرى محمد خليل فى الفيسبوك ( د. صبرى محمد خليل sabri khalil khairi).
.القناه الرسميه للدكتور صبرى محمد خليل فى اليوتيوب.
.الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
sabri.m.khalil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: على هذا المستوى النظام السیاسی الشعب السودانى الصراع المسلح هذا الصراع فى السودان کما ان هذا العمل على مؤشر على التى هى من خلال
إقرأ أيضاً:
الحرب ومستقبل السياسة في السودان
هذه الحرب ليست مزحة. ولن تكون الحياة بعدها في السودان كما كانت قبلها. ولن تكون السياسة كما كانت. والسبب واضح. فقد خسر كل الشعب السوداني تقريباً كل شيء أو الكثير من الممتلكات والثروة والصحة والمنزل والسلامة الجسدية والصحة الإنجابية.
ولذلك فمن المرجح أن يكون لموقف الأحزاب السياسية والجماعات المنظمة من الحرب عواقب وخيمة بمجرد أن تضع أوزارها. فالناس الذين خسروا وعانوا كثيراً سوف يميلون إلى مكافأة المجموعة التي يرون أنها دافعت عن مصالحهم وانحازت إليهم ضد جلاديهم وايضا قد يميلون إلي محاسبة الجماعات التي يرون أنها خذلتهم في لحظة حوجتهم الأكبر.
وبشكل عام، اختارت الأحزاب والجماعات السياسية والأفراد المؤثرون أحد ثلاثة مواقف أدناه.
المجموعة الأولى دعمت الجنجويد إما صراحة أو خلف ستار من الحياد المراوغ الذي لم يعد أحد يصدقه. وكانت هذه المجموعة تعتقد أن الجنجويد يمكن استخدامهم لمعاقبة الإخوان وإحلال الحكم الديمقراطي المدني.
وتتكون المجموعة الثانية من أولئك الذين دعموا الجيش. هذه المجموعة تتكون من الإسلاميين ولكنها تضم أيضا عشرات، ربما ملايين من الناس العاديين، الذين ليسوا إسلاميين ولكنهم يؤيدون الجيش لأنه العمود الأخير للدولة السودانية، ولأنه مهما كانت عيوب الجيش فإن البديل ليس غزوا أجنبيا علي رماح ميليشيا إقطاعية مملوكة لعائلة ضيقة.
المجموعة الثالثة اختارت الحياد الصريح أو العملي الفعال ووصفت الصراع بأنه حرب بين جنرالين يسعيان إلى السلطة أو بين طرفين سيئين بنفس القدر. كثير منهم مارسوا حيادهم وراء خطابات نبيلة عن بدائل شعبية, قاعدية وسلمية لا وجود ولا تاثير لها على ما يحدث في ميدان الحرب الآن كما لم يكن لها تاثير في ود النورة ولا الجنينة ولا السريحة.
أنا أشاطر الإيمان بهذه التوجهات الشعبية القاعدية الآن، إن وجدت، و يوم تتوقف الحرب وفي الأمد البعيد، ولكن هل هي موجودة الآن؟ هل لديها إستجابة للاحتياجات العاجلة للناس الذين يواجهون القتل والاغتصاب والفقر الآن؟
لو كنت أستطيع أن أصدق عيني، لا وساويسي الأيديلوجية النبيلة، سأرى الناس يفرون من قراهم عندما يقترب الجنجويد، ويعودون إلى ديارهم عندما يحررها الجيش. ولا أرى أي تاثيرا يعتد به لتنظيمات قاعدية سلمية علي خروج الشعب من دياره أو عودته إليها أو سلامة حياته وماله وبدنه. وهذه حقائق موضوعية لا أملك ما يكفي من العمي الأيديلوجى لأنكرها.
ليس من المهم أن نتفق علي تفاصيل التوصيف أعلاه، ولكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل هي أن هناك ثلاثة معسكرات في هذه الحرب: معسكر مؤيد للجيش/الدولة، ومعسكر مؤيد للجنجويد، والمحايدين الذين يحافظون على مسافة واحدة من طرفي الصراع. هذه حقيقة.
أتوقع أنه بعد انتهاء الحرب، واعتمادًا على من سينتصر بشكل حاسم أو بدرجة أقوي، فإن الشعب السوداني سوف يكافئ بطريقة ما المجموعة التي يرى أنها انحازت إليه خلال أسوأ لحظاته في تاريخه. وسوف يعاقب بطريقة ما من يرى أنهم خانوه. نأمل أن تكون العقوبة سلمية وسياسية وأخلاقية فقط بغض النظر عن قرار الشعب في سؤال من كان معه ومن خذله.
من نافلة القول أن حكم الشعب لن يقف علي الأجسام والأحزاب إذ أن الراي العام للشعب سيعيد تحديث موقفه من أيديوجيات وطروحات بما فيها خطاب الديمقراطية والمدنية وحقوق الإنسان والليبرالية واليسارية والإسلام والحداثة بشقيها العضوي والاستتباعى.
لا أعرف ما هي المجموعة التي سيكافئها الشعب السوداني ولا أعرف أي المجموعات سيعاقبها. الأمر متروك للشعب السوداني وأنا لا أتحدث باسمه ولا أدعي أنني أعرف ما يدور في أذهانه الآن لأنني لا أعيش وسطه ولا توجد وسائل إعلام أو وكالات استطلاع موثوقة لتسهيل قياس الوزن النسبي لتنويعات الرأي المتباين.
ولكني شخصيا بعد نهاية الحرب ساجد نفسي إما في كوم المعاقبين من الشعب لو قرر إن مثل موقفي خذله. أما لو قرر الشعب غير ذلك وأعتقني فسأجد نفسي أعمل كحجاز يدافع بلا هوادة عن سلامة أفراد وجماعات اعتبروا موقفنا من الحرب كوزنة أو غفلة أو دولجة أو ضعفا في ألحس الثوري.
ويا ود مضوي تجيبو قوي.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب