11 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجه العراق، تعيش الحكومة معضلة معقدة تتعلق بإدارة القوى العاملة في القطاع العام، فمع استمرار التقاعد المبكر وغياب التعيينات الجديدة في ميزانية العامين الحالي والمقبل، تظهر مخاوف متزايدة من نقص حاد في الملاكات الوظيفية داخل الوزارات والدوائر الحكومية.

وهذا النقص قد يهدد كفاءة العمل الحكومي ويضع البلاد أمام تحديات جديدة.

ويُقدّر عدد الموظفين الحكوميين في العراق بنحو 4 ملايين موظف، في حين يبلغ عدد المتقاعدين حوالي  3.7 مليون متقاعد. ويشكل هؤلاء الموظفون والمتقاعدون جزءًا كبيرًا من السكان يعتمدون بشكل مباشر على الرواتب والمعاشات التقاعدية.

ووفقًا لتقديرات الميزانية، تستحوذ الرواتب والمعاشات على ما يقرب من 70% من إجمالي الإنفاق الحكومي، مما يضع ضغطًا هائلًا على المالية العامة.

وقال عضو اللجنة المالية جمال كوجر إن “التعديل السابق على قانون التقاعد الذي حدد السن بـ61 عاماً، كان يهدف إلى خلق 300 ألف فرصة عمل جديدة، ولكن مع غياب التعيينات الجديدة في موازنة العامين الحالي والمقبل فإن بقاء سن التقاعد الحالية قد يؤدي إلى نقص في الملاكات، فضلاً عن إيقاف الحذف والاستحداث كون هذا الوضع يثير تساؤلات بشأن كيفية سد الشواغر التي ستنشأ بسبب تقاعد الموظفين دون تعيين بدائل لهم”.

من جهة، يخفف التقاعد المبكر الضغط على الموازنة العامة للدولة، حيث يساعد في تقليل عدد الموظفين النشطين الذين يتقاضون رواتب شهرية، مما يؤدي إلى توفير جزء من الإنفاق العام. ومع غياب التعيينات الجديدة، قد يكون هذا النهج وسيلة للتقليل من حجم الإنفاق الحكومي المتضخم.

لكن من جهة أخرى، فإن استمرار هذا النهج دون اتخاذ إجراءات تصحيحية يمكن أن يؤدي إلى نقص كبير في الملاكات داخل الوزارات والدوائر الحكومية. وبدون توظيف جيل جديد من الموظفين، قد تواجه الحكومة صعوبات في تقديم الخدمات الأساسية بفعالية وكفاءة، ما يهدد بتراجع الأداء الحكومي في مجالات حيوية.

حسين عبد الله، موظف حكومي في وزارة الصحة، يقول: “في السنوات الأخيرة، لاحظنا تراجعًا في عدد الموظفين، خاصة في المراكز الصحية بالمناطق النائية. كثير من زملائنا أحيلوا على التقاعد، ولم يتم تعيين بدلاء لهم. هذا يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية المقدمة”.

من جانبه، أبدى محمود علي،موظف، قلقه من استمرار هذا الوضع قائلاً: “غياب التعيينات الجديدة في ظل استمرار التقاعد المبكر يضعنا أمام مشكلة خطيرة. نحن بحاجة إلى مراجعة سياسات التوظيف والتقاعد، حيث أن إيقاف التعيينات قد يؤدي إلى انهيار في بعض القطاعات إذا لم يتم التعامل مع هذه القضية بحذر”.

وعلى الرغم من أن التقاعد المبكر يعد وسيلة فعالة لتخفيف الضغط على الميزانية، إلا أنه يجب أن يترافق مع سياسات أخرى تضمن استمرار كفاءة العمل الحكومي. غياب التعيينات الجديدة قد يوفر أموالًا على المدى القصير، لكنه يهدد بترك الوزارات والدوائر الحكومية دون كوادر كافية لإدارة الأعمال.

ويقول كوجر أن رواتب المتقاعدين مدرجة بالفعل في الموازنة، وبالتالي فإن إبقاء الموظفين في العمل لفترة أطول لن يخلق أي عبء إضافي على الميزانية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: التقاعد المبکر یؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

سوق العمل الأميركي يعيد تشكيل معادلة التضخم

الاقتصاد نيوز — متابعة

يُعد سوق العمل الأميركي من أبرز المحركات الاقتصادية التي تلعب دورًا حاسمًا في توجيه معدلات التضخم. فعندما يشهد الاقتصاد الأميركي توظيفًا قويًا وانخفاضًا في معدلات البطالة، تزداد الضغوط على الأجور نتيجة الطلب المرتفع على العمالة، مما يعزز القوة الشرائية ويؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي.

ويمكن أن يدفع هذا النشاط الاقتصادي المتزايد التضخم نحو الارتفاع، خاصة عندما تكون الأسواق مُشبَعة بالفعل. في المقابل، فإن ضعف سوق العمل يُمكن أن يخفف من هذه الضغوط، مما يساعد على كبح التضخم.

وتعد العلاقة بين سوق العمل والتضخم محورًا رئيسيًا في قرارات السياسة النقدية، حيث يعتمد الاحتياطي الفيدرالي عليها لضبط أسعار الفائدة بما يضمن استقرار الأسعار ودعم النمو الاقتصادي.

وأظهر بحث صادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو أن ضيق سوق العمل الأميركي لا يزال يضيف إلى الضغوط التضخمية، وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه في عامي 2022 و2023، بحسب ما نقلته "رويترز".

كتب خبيرا الاقتصاد في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ريجيس بارنيشون وآدم هيل شابيرو: "أدى انخفاض الطلب الزائد على العمالة إلى تراجع التضخم بنحو ثلاثة أرباع نقطة مئوية على مدار العامين الماضيين. ومع ذلك، استمر الطلب المرتفع في المساهمة بنسبة 0.3 إلى 0.4 نقطة مئوية في التضخم حتى سبتمبر /أيلول 2024".

تساعد النتائج، التي تستند إلى تحليل العلاقة بين التضخم وقوة سوق العمل التي يتم قياسها من خلال نسبة الوظائف الشاغرة إلى الباحثين عن عمل، صانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي على تحديد وتيرة ومدى خفض تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل.

بدأ البنك المركزي الأميركي في خفض سعر الفائدة في سبتمبر/أيلول استجابة لتباطؤ التضخم وتراخي سوق العمل. وبعد خفض سعر الفائدة للمرة الثانية في وقت سابق من هذا الشهر، أصبح السعر الآن في نطاق 4.50%-4.75%.

ويعتقد صانعو السياسة النقدية في الفيدرالي أن هذا المستوى كافٍ للسيطرة على التضخم، لكن هناك خلافًا داخليًا واسعًا حول مدى تقييد هذا المعدل، وبالتالي حول توقيت وحجم التخفيضات المستقبلية المحتملة.

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي تابع عن كثب الانخفاض الحاد في نسبة الوظائف الشاغرة إلى الباحثين عن عمل، إنه يعتقد أن الطلب على العمالة أصبح الآن في توازن تقريبي مع العرض وأن سوق العمل لم يعد مصدرًا لضغوط تضخمية كبيرة.

وتشير أبحاث بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو إلى أن سوق العمل لا يزال مصدرًا للتضخم، والذي قدر باول أنه بلغ 2.3% في أكتوبر/تشرين الأول وفقًا للمقياس المستهدف من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، و2.8% وفقًا لمقياس يستبعد الغذاء والطاقة الذي يستخدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس الضغوط التضخمية الأساسية.

وتُجدر الإشارة إلى أن الفيدرالي يستهدف معدل تضخم يبلغ 2%.

مقالات مشابهة

  • «أسوشيتد برس»: ترامب يحقق أرقامًا قياسية فى وتيرة التعيينات لكن هذا لا يعنى أن عملية الانتقال تسير بسلاسة
  • الصحفيين العرب يدين تعليق وإيقاف نشاط النقابات المهنية في اليمن
  • مدبولي يوجه بانتقال الموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة للوادي الجديد
  • مدبولي يوجه بسرعة انتقال الموظفين إلى العاصمة الإدارية الجديدة بالوادي الجديد
  • سوق العمل الأميركي يعيد تشكيل معادلة التضخم
  • تعرف على بنود العقيدة النووية الروسية الجديدة.. حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق
  • حزب الله خرب أبيب ووقف على التل
  • مجلس الوزراء يوافق على قطع نسبة 1% من رواتب الموظفين لدعم غزة ولبنان
  • أزمة الجوع تتفاقم بدولة الجنوب مع استمرار تدفق الفارين من الحرب في السودان
  • التعليم النيابية تكشف أبرز التعديلات على قانون معادلة الشهادات