أثارت التحركات العسكرية التي قامت بها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر قبل أيام، مخاوف من عودة الاقتتال الداخلي مجددا، على وقع استمرار الانقسام السياسي بين الشرق والغرب.

وتنبع تخوفات الليبيين، خصوصا في الغرب، من تكرار هجوم قوات حفتر الذي جرى في نيسان/ أبريل 2019 على العاصمة طرابلس بهدف السيطرة عليها، بمساعدة قوى دولية مساندة لحفتر، إلا أنه باء بالفشل.



وتعيش ليبيا أزمة سياسية تتمثل في وجود حكومتين؛ الأولى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهي تدير كامل الغرب الليبي بدعم من مجلس الدولة وتحظى باعتراف دولي وأممي، والثانية كلفها مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب.

تحركات مريبة
وصدرت أوامر لقوات حفتر بالانتشار في مدن جنوب غرب البلاد بدعوى تعزيز "الرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة"، قابلتها تحشيدات من قوات في غرب البلاد تابعة لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها أمميا، وسط مخاوف أممية ودولية من عودة البلاد نحو مربع العنف المسلح.

سيناريو الحرب المتوقعة بدأ من شرق البلاد، الثلاثاء الماضي، عندما أعلنت رئاسة أركان القوات البرية بقوات حفتر، في بيان عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، عن "انتقال وحدات عسكرية إلى مختلف مدن ومناطق جنوب غرب البلاد" بتوجيهات من قائدها حفتر.

ووفق البيان، فإن هذا الخطوة تأتي "في إطار خطة شاملة لتأمين الحدود الجنوبية للوطن، وتعزيز الأمن القومي للبلد واستقراره في هذه المناطق الحيوية، عبر تكثيف الدوريات الصحراوية والرقابة على الشريط الحدودي مع الدول المجاورة".


تحشيدات بغرب البلاد
تلك التحركات، أثارت قلق القيادات العسكرية في غرب البلاد. لذلك أصدر معاون رئيس الأركان العامة للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية صلاح النمروش، في اليوم التالي، تعليماته لوحدات الجيش بـ"رفع درجة الاستعداد لصد أي هجوم محتمل".

إجراء النمروش، جاء وفق ما نقله إعلام محلي عن مصدر برئاسة الأركان في العاصمة طرابلس "ردا على تحركات قوات حفتر باتجاه بلدة الشويرف (نحو 450 كلم جنوبي طرابلس)".

ولاحقا، دعا الجهاز الوطني للقوى المساندة التابعة لحكومة الوحدة "كل منتسبي الوحدات القتالية إلى الالتحاق بوحداتهم على وجه السرعة، ورفع درجة الاستعداد القصوى للتصدي لأي تهديدات"، وفق بيان عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك".

الإجراء ذاته أعلنته كل من قوة العمليات المشتركة، ووحدة العمليات الخاصة، في قوة مكافحة الإرهاب، التابعتين لحكومة الوحدة الوطنية، عبر بيانات رسمية على "فيسبوك" الأربعاء.

مخاوف محلية
وفيما لم يعلق الجناح السياسي لقوات حفتر المتمثل في مجلس النواب المنعقد بمدينة بنغازي على ما يجرى من تحركات عسكرية، فقد علق الجناح السياسي المضاد لحفتر المتمثل في "المجلس الأعلى للدولة".

وقال المجلس، عبر بيان صدر الخميس: "تابعنا بقلق بالغ التحركات العسكرية خلال اليومين الماضيين في منطقة الجنوب الغربي من قبل قوات حفتر، في مسعى فاضح وواضح لزيادة النفوذ والسيطرة على مناطق استراتيجية مهمة مع دول الجوار".

وأكد رفضه "بشدة" لهذه التحركات، التي وصفها بـ"غير الشرعية"؛ كونها "تجري خارج نطاق الأطر الرسمية والشرعية ممثلة في القائد الأعلى للجيش الليبي (المجلس الرئاسي) والجهات العسكرية المختصة".

وحذر "الأعلى للدولة" من أن "التحركات المشبوهة لقوات الشرق بقيادة حفتر نحو مناطق جنوب غرب البلاد قد ينتج عنها العودة إلى الصراع المسلح الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار، ومساعي توحيد المؤسسة العسكرية، ويقود إلى انهيار العملية السياسية" برمتها.

ودعا المجلس الأعلى للدولة، إلى الاستعداد العسكري لصد تحركات قوات حفتر، قائلا إنه يدعو "المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية بصفته وزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة للجيش (محمد الحداد)، إلى رفع حالة التأهب والاستعداد للتصدي لأي خطر محتمل ناتج عن تحركات قوات حفتر".

وطالب "البعثة الأممية في ليبيا والمجتمع الدولي بموقف واضح تجاه هذه التحركات غير المبررة وغير المشروعة وإدانتها بشكل واضح وصريح".


مخاوف أممية ودولية
وفي ما يبدو استجابة لناقوس الخطر الذي دقه "المجلس الأعلى للدولة"، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا بيانا، الجمعة، قالت فيه إنها "تتابع بقلق التحركات الأخيرة للقوات في مختلف أنحاء ليبيا، خاصة بالمناطق الجنوبية والغربية".

وحثت البعثة "جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي أعمال استفزازية من شأنها إخراج الأوضاع عن السيطرة وتعريض الاستقرار الهش في ليبيا وسلامة المواطنين للخطر".

ودعت إلى "مواصلة التواصل والتنسيق" بين قوات حفتر وحكومة الوحدة الوطنية.

في الاتجاه ذاته، أعربت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، الجمعة، عن مخاوفها المشتركة نيابة عن المجتمع الدولي بشأن التحركات العسكرية التي تشهدها مناطق جنوب غربي ليبيا.

وفي بيان مشترك نشرته السفارة الأمريكية لدى ليبيا عبر منصة "أكس"، حذرت سفارات تلك الدول من أن "هذه التحركات العسكرية في ظل الجمود المستمر في العملية السياسية تعرض الوضع لخطر التصعيد والمواجهة العنيفة، وقد تهدد اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020".

طمأنة وتوضيح
وردا على كل تلك المخاوف الدولية والأممية والمحلية، قال المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، إن قواتهم "لا تنوي التحرك نحو أي أهداف داخلية في ليبيا".

وفي بيان نشره عبر صفحته على "فيسبوك" الجمعة، أضاف المسماري أن "القوات التي تحركت باتجاه الجنوب الغربي جاءت ضمن خطة لتعزيز تواجد القوات المسلحة في القواعد والأماكن التي تتواجد فيها؛ بهدف التصدي ومنع العمليات غير المشروعة التي يمكن أن تتم عبر الحدود في ظل التوترات التي تشهدها بعض دول الجوار".

وأوضح أن "التحركات في دول الجوار وخاصة في مالي والنيجر استدعت إرسال تعزيزات إلى المناطق العسكرية التي تتواجد فيها قوات الجيش لضبط الحدود".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية حفتر مخاوف الاقتتال ليبيا الدبيبة ليبيا حفتر مخاوف الاقتتال الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التحرکات العسکریة الوحدة الوطنیة لحکومة الوحدة الأعلى للدولة غرب البلاد قوات حفتر جنوب غرب

إقرأ أيضاً:

الحكومة السودانية ينتقد كينيا لتوفير منصة لقوات الدعم السريع لإعلان حكومة منها  

 

 

الخرطوم - اتهمت الحكومة السودانية كينيا بانتهاك سيادة السودان من خلال استضافة حدث يُرتقب أن تعلن خلاله قوات الدعم السريع حكومة موازية الجمعة.

,أفادت مصادر في قوات الدعم السريع وكالة فرانس برس أن هذه القوات التي تخوض الحرب مع الجيش السوداني منذ نحو عامين، تستعد لإعلان حكومة في الأراضي الخاضعة لسيطرتها من نيروبي.

أدانت وزارة الخارجية في الحكومة السودانية المتحالفة مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان كينيا لسماحها باستضافة الحدث. وفي بيان صدر مساء الثلاثاء، قالت الوزارة إن "هذا يعني تشجيع تقسيم الدول الإفريقية وانتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها، في خرق لميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الأفريقي والقواعد التي استقر عليها النظام الدولي المعاصر".

منذ نيسان/أبريل 2023، تسببت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع بمقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليون شخص، وبأكبر أزمة إنسانية في العالم.

وفيما يسيطر الجيش على شرق وشمال السودان، تسيطر قوات الدعم السريع على كل منطقة دارفور تقريبا ومساحات من الجنوب.

في الأسابيع الأخيرة، قاد الجيش هجوما في وسط السودان واستعاد المدن الرئيسية وكل العاصمة الخرطوم تقريبا.

ويأتي قرار قوات الدعم السريع بالتوقيع على ميثاق مع الفصائل السياسية الموالية لها وإعلان حكومة في الأراضي التي تسيطر عليها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تعزيز قبضتها على دارفور مما يؤدي فعليا إلى تقسيم السودان.

ويُتهم الجيش وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب. ووُجهت لقوات الدعم السريع بشكل خاص اتهامات بتنفيذ إعدامات جماعية على أساس عرقي وبجرائم العنف الجنسي وانتهاك حقوق الإنسان في مناطق سيطرتها.

في كانون الثاني/يناير، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، ثم برهان لاحقا بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

وقالت وزارة الخارجية السودانية متوجهة إلى كينيا إن "احتضان قيادات المليشيا والسماح لها بممارسة النشاط السياسي والدعائي العلني، في وقت لا تزال فيه المليشيا ترتكب جرائم الإبادة الجماعية والمجازر ضد المدنيين على أساس إثني ومهاجمة معسكرات النازحين من الحرب والاغتصاب، هو تشجيع لاستمرار كل هذه الفظائع ومشاركة فيها".

وأفاد صحافيون من وكالة فرانس برس أن الحدث الذي كان مقررا الثلاثاء في مركز كينياتا الدولي للمؤتمرات في نيروبي، تأجل إلى الجمعة.

وقال مصدران مشاركان في تنظيم الحدث لفرانس برس إن دقلو الذي ظل بعيدا عن الأنظار معظم فترة الحرب، وصل إلى كينيا ومن المتوقع أن يحضر الإعلان يوم الجمعة.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • شهر على عودة الرئيس ترامب.. الأيام الثلاثون التي هزت العلاقات بين ضفّتي الأطلسي
  • تصعيد دموي في السودان: أكثر من 200 قتيل في هجوم لقوات الدعم السريع خلال ثلاثة أيام
  • مناورة عسكرية لقوات التعبئة العامة في السدة بمحافظة إب
  • روسيا تعلن استعادة 800 كيلومتر مربع من أوكرانيا وتقصفها بالمسيرات
  • مصر وإسبانيا ترحبان بجهود اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 نحو توحيد ليبيا وانسحاب المرتزقة
  • الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
  • سيناتور كيني ينتقد  اجتماعات اعلان حكومة قوات الدعم  السريع
  • نشاط عسكري روسي متزايد في ليبيا والسودان بعد سقوط الأسد في سوريا
  • الحكومة السودانية ينتقد كينيا لتوفير منصة لقوات الدعم السريع لإعلان حكومة منها  
  • جامعة الوادي الجديد تشارك فى الندوة التوعوية التثقيفية لقوات الدفاع الشعبي