هل سيرّد حزب الله قبل عيد السيدة؟
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
في الوقت الذي تسعى فيه كل من الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر إلى ترجمة مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن كحّل مقبول لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ عشرة أشهر ونيف على أرض الواقع من خلال الزام إسرائيل بوقف فوري لإطلاق النار يبدأ تنفيذه لحظة إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، ومعهم عدد من الأميركيين، لدى حركة "حماس"، نرى أن "حزب الله" مصرّ على الردّ المشبع درسًا على اغتيال الحاج فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت حتى بعد أن يدخل اتفاق وقف النار في غزة حيز التنفيذ.
ويرّجح البعض أن يستبق "الحزب" الخامس عشر من الجاري ويوجّه ضربته، التي يُعتقد أنها ستكون موجعة بالقدر ذاته الذي أحدثته عملية اغتيال من اعتبرته "المقاومة الإسلامية" من بين أهم قادتها الاستراتيجيين والميدانيين، تخطيطًا وتنفيذًا، وذلك حتى لا تلام "حارة حريك" بأنها هي التي تحركّش بـ "وكر الدبابير" في تل أبيب، التي ستأخذ حتمًا هذه "الحركشة" كذريعة، وإن لم تكن في حاجة إليها لتبرير اعتداءاتها، لكي تبعد قدر الإمكان خطر "المقاومة الإسلامية" عن حدودها الشمالية. ولا تستبعد أوساط قريبة من "حارة حريك" أن تردّ إسرائيل على الردّ الانتقامي لـ "حزب الله" بما من شأنه التأسيس لمرحلة جديدة من الحرب، وإن بطرق مختلفة عمّا كانت عليه في غزة، خصوصًا أن تل أبيب ستعتبر أن أمن المستوطنين في الشمال سيبقى مهدّدًا ما دامت "المقاومة الإسلامية" ترابض في مواقعها المتقدمة على طول الحدود المتاخمة لمستوطناتها الشمالية، وما دام شبح تكرار عملية 7 تشرين الأول بنسخة لبنانية هذه المرّة يقلق راحة القيادتين السياسية والعسكرية، إذ أن إمكانية اختراق الحدود الشمالية من أكثر من جهة جنوبية لبنانية من قِبل رجال "المقاومة" تبقى واردة بالنسبة إلى الإسرائيليين وأكثر سهولة من اختراق الجدار الأمني لغلاف قطاع غزة. فمع اعلان "حزب الله" عن استعداده للتعامل مع أي تصعيد من قِبل الإسرائيليين "بما يتلاءم مع أي ردة فعل" تترتب على رده على اغتيال شكر، قد تُدخل المنطقة في مرحلة جديدة من الحروب الاستتباعية، إلاّ إذا تمكّنت كل من واشنطن والقاهرة والدوحة من ممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل للجمها من جهة، وعلى إيران من جهة أخرى لكي تمارس "مونتها" على "حزب الله" لكي يكتفي بردّ رمزي قد لا يستوجب ردًّا إسرائيليًا بالحجم الذي يُخشى أن يكون مقدمة لحرب شاملة وواسعة، والتي قد لا تقتصر مفاعيلها على لبنان، بل قد تتعداه من حيث توازن الاستقرار على كافة دول المنطقة، وهذا ما يُقلق الأميركيين قبل غيرهم.
وبموازاة التهديدات المتصاعدة بالرد والرّد المضاد إلى ما لا نهاية سُجل تحرك أميركي تمثّل بتكثيف قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي مايكل كوريلا، زياراته لتل أبيب، التي وصل إليها في ثاني زيارة له خلال أسبوع، مع ما تعنيه هذه الزيارات بالمفهوم العسكري من إمكانات قيام تنسيق دائم ومستمر بين القيادتين العسكريتين الأميركية والإسرائيلية، إلا أن ذلك لا يتناقض، كما تراه مصادر ديبلوماسية غربية، مع مساعي التهدئة التي تقوم بها واشنطن بالنسبة إلى الوضع المأسوي في غزة. في المقابل، فإن مقربين من "حزب الله" يؤكدون أن ظروف أي تسوية بالنسبة إلى الوضع الجنوبي لن تكون مؤاتية قبل الردّ الحتمي على "تمادي العدو في جرائمه ومحاولته كسر الخطوط الحمر". ويتابعون: أمّا إذا كان الساعون إلى التهدئة جدّيين في التوصل إلى أي تسوية ممكنة تحفظ حق الشعب اللبناني بالدفاع عن نفسه فإن لا كلام مع "الحزب" قبل الردّ. وقد يصبح هذا الكلام ممكنًا بعد ذلك ووفق ما ستكون عليه ردّة فعل تل أبيب على العمليات الانتقامية، التي ستقوم بها "المقاومة الإسلامية". وفي ظل تلك التهديدات والاستعدادات، تمضي إسرائيل في توسعة الرقعة الجغرافية للاستهدافات داخل العمق اللبناني، وهي ضمّت بلدات جديدة إلى بنك أهدافها، مقابل استخدام "حزب الله" صواريخه الثقيلة ذات الفعالية التدميرية الهائلة. وهذا الأمر إن دلّ على شيء فعلى أن الطرفين لم يصلا بعد إلى مرحلة قبولهما بأي تسوية ممكنة على غرار ما يمكن التوصّل إليه في شأن "القطاع".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المقاومة الإسلامیة حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
تل أبيب تشن حربًا على المنظمات الإنسانية فى فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعتبر منظمات الإغاثة فى فلسطين من الأعمدة الأساسية التى تقدم الدعم والمساعدات الإنسانية فى ظل الظروف الصعبة التى يعانى منها الشعب الفلسطينى نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، الذى بدأ حربا ضد هذه المنظمات خلال طوفان الأقصى، ورغم وقف إطلاق النار فى غزة إلا أن التضييق على هذه المنظمات لازالت مستمرة.
من أبرز هذه المنظمات هى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، التى تأسست لتقديم الدعم للاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على مغادرة ديارهم بعد عام ١٩٤٨.
كما توجد العديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية التى تقدم المساعدات، مثل جمعية الهلال الأحمر الفلسطينى ومؤسسة بيت أطفال الصمود، وغيرها.
تواجه هذه المنظمات تحديات كبيرة فى عملها، بما فى ذلك القيود المفروضة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، التى تحد من حرية الحركة والإمدادات، فضلًا عن نقص الموارد والتعرض للهجمات فى بعض الأحيان.
بالرغم من هذه الصعوبات، تظل منظمات الإغاثة الفلسطينية محورية فى تقديم الخدمات الأساسية لسكان المناطق المتضررة، سواء كانت هذه الخدمات تتعلق بالاحتياجات الإنسانية الطارئة أو المشاريع التنموية المستدامة.
ونشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية تقرير عن حظر إسرائيل لمنظمتين غير حكوميتين تعملان فى الشمال بسبب علاقاتهما بحماس وبمنظمة محظورة منذ عام ٢٠١٥.
وفقًا لبيان صادر عن جهاز الشاباك «وكالة الأمن الإسرائيلية» ووزارة الدفاع فى حكومة الاحتلال، وبعد نشاط طويل الأمد، تم حظر "لجان إفشاء السلام" التابعة للجناح الشمالى المحظور للحركة الإسلامية، وأُغلقت مكاتبها يوم الثلاثاء.
وأضاف البيان الرسمى أن وزير الدفاع الإسرائيلى السابق يوآف جالانت، وقع على أمر بحظر «لجان إفشاء السلام» «بعد تقديم معلومات استخباراتية موثوقة وواضحة حول أنشطتها».
تم تصنيف الجناح الشمالى للحركة الإسلامية كجمعية غير قانونية فى عام ٢٠١٥ بسبب علاقاته الاقتصادية والأيديولوجية مع حماس، بالإضافة إلى أنشطته التحريضية فى القدس وعلى جبل الهيكل.
أما نظيره، الجناح الجنوبي، فيُعتبر أكثر اعتدالًا وبراغماتية، حيث يشارك حتى فى السياسة الإسرائيلية من خلال حزب «القائمة العربية الموحدة» «راعام».
واتهم البيان رائد صلاح الذى اعتُقل عدة مرات بتهمة التحريض على العنف بأنه بنى صورته العامة على مر السنين كـ«مدافع عن الأقصى والقدس» ضد ما وُصف بالاستيلاء اليهودي، «بينما كان يحرض ويؤجج المشاعر مستخدمًا تعبيرات جهادية، مما ترجم إلى أعمال عنف واضطرابات على الأرض».
تم تأسيس لجان «إفشاء السلام» من قبل رائد صلاح فى عام ٢٠١٧، بعد عامين فقط من حظر جمعيته السابقة.
وتزعم اسرائيل فى بيان لها "أنه على الرغم من أن الهدف المعلن لهذه اللجان هو التعامل مع قضية العنف فى المجتمع العربى بإسرائيل، إلا أنها فى الواقع أُنشئت كغطاء لاستمرار أنشطة الجناح الشمالى «للترويج لأجندة حماس المناهضة لإسرائيل».
كجزء من أنشطتها، قام ناشطو اللجان، بقيادة رائد صلاح، بزيارة المؤسسات التعليمية فى المجتمع العربى بهدف نشر تعاليم الجناح الشمالى المحظور.
وصف البيان اللجان بأنها «نظام كامل يعتمد على البنية التحتية السابقة للجناح الشمالي»، ويهدف إلى خلق صلة بين المجتمع العربى وأيديولوجيته من أجل الحفاظ على مكانة رائد صلاح وأفكاره وتعزيزها.
بالإضافة إلى ذلك، تم إغلاق جمعية أخرى تُدعى «مؤسسة السلم الاجتماعى للإصلاح والتحكيم»، التى وُجد أنها تموّل اللجنة، كما تم تجميد حساباتها البنكية.
الدكتور ناثانئيل أفنيري، المتخصص فى الخطب الدينية والاتجاهات المجتمعية والمشاعر العامة داخل المجتمع العربى فى إسرائيل، أوضح أن حظر هذه المنظمات غير الحكومية يُعد استمرارًا مباشرًا للحملة ضد الجناح الشمالى للحركة الإسلامية، الذى تم حظره فى إسرائيل عام ٢٠١٥ بسبب صلاته بحركة حماس والحركة العالمية لجماعة الإخوان المسلمين.
قال أفنيري: «تم حظر هذه المنظمات غير الحكومية بناءً على أدلة تثبت علاقتها بالجناح الشمالي، الذى تم حظره فى عام ٢٠١٥، بما فى ذلك على المستويين التنظيمى والقيادي».
وأضاف: «هذه الخطوة لها تداعيات اقتصادية وقانونية، لكنها فى الحقيقة مجرد لعبة القط والفأر، ومن المحتمل أن يتم إنشاء منظمة جديدة باسم مختلف لمواصلة أنشطتهم من هناك».
وأوضح أفنيرى أن الحظر استهدف المنظمات وليس قياداتها، الذين يُعتبرون رموزًا محلية مثل رائد صلاح، مما يفسر كيف لا يزال بإمكانهم العمل بحرية نسبية.
وختم بقوله: «قد يشهد المستقبل المزيد من عمليات الحظر المماثلة، لكن الأدوات المتاحة لذلك محدودة».
فى سياق متصل؛ صرح سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، بأن «الأونروا» أمامها مهلة حتى ٣٠ يناير الجارى لمغادرة القدس.
وفى رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أكد السفير الإسرائيلى دانى دانون أن الأونروا مطالَبة بإنهاء عملياتها فى القدس وإخلاء جميع المبانى التى تستخدمها فى المدينة بحلول الموعد المحدد.
تأتى هذه الرسالة بعد أن صادق البرلمان الإسرائيلى فى أكتوبر الماضى على قانون يحظر أنشطة (الأونروا) فى إسرائيل، بما فى ذلك القدس الشرقية التى احتلتها إسرائيل منذ عام ١٩٦٧.
تزعم إسرائيل أن بعض موظفى الأونروا شاركوا فى هجمات ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، وهى مزاعم لم تُثبَت صحتها.
واعتبر دانى دانون أن هذه التطورات تأتى نتيجة «رفض الوكالة التعامل مع المخاوف الجدية والمشروعة التى طرحتها إسرائيل بشأن الوضع»، مدّعيًا أن الأونروا قد خرقت «التزامها الأساسى بالنزاهة والحياد بشكل لا يمكن إصلاحه».