أطفال فصلتهم حرب غزة عن عائلاتهم.. البحث لا يزال جاريا
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
صباح الثلاثاء، وقف عبد الله في أحد الشوارع المغبرة في شمالي قطاع غزة وسط المباني المهدّمة والركام بعد أن تلقى مكالمة هاتفية انتظرها طوال تسعة شهور.
قال الرجل وهو يمسح دموعه: "يونيسف كلموني وقالوا إنهم سيرسلونهم إلي، يا رب"، وفق فيديو شاركته المنظمة الأممية مع شبكة "سي إن إن".
افترق عبد الله، الذي لم تكشف اليونيسف عن اسمه الأخير لحمايته وأفراد عائلته، عن أسرته منذ تسعة أشهر "كل يوم فيها دام تسع سنين"، وفق قوله.
ففي الأيام العشرة الأولى للحرب هربت زوجة عبد الله الحامل برفقة ثلاثة من أطفالهما إلى جنوبي القطاع، ولكن بعدها بشهرين قتلت المرأة برفقة والدتها وأحد أبنائه.
"انتظرتهم بفارغ الصبر. كل يوم اشتقت لاحتضانهم ورؤية أمهم وأخيهم، لكنها كانت مشيئة الله".
يظهر عبدالله بالفيديو بعدها حاملا ابنه الأصغر، الطفل الرضيع الذي ولد لاحقا، وهي كانت المرة الأولى التي يلتقيه بها.
وقال وهو يقبل الرضيع ذو الستة أشهر: "حبيبي هذه أول مرة أتمكن فيها من رؤيتك"، وفق تقرير سي إن إن.
يعتبر عبدالله واحد من العديد من الفلسطينيين الذين تعمل "اليونيسف" على برنامج ليتمكنوا من لقاء أحبائهم، وساهمت بمساعدة سبعة أطفال من أربع عائلات مختلفة في العثور على آبائهم يوم الثلاثاء وحده.
وكان البرنامج قد انطلق في مارس الماضي، ويركز على تتبع أقارب الأطفال الذين خلفتهم الحرب وحدهم، والذين تيتّموا أو انفصلوا عن عائلاتهم داخل القطاع، حيث يقع ثقل الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس بشكل أكبر على كاهل الأصغر سنا، وفق "سي إن إن".
فمن بين أكثر من 39600 شخص قتلوا بالغارات الإسرائيلية منذ أن شنت عملياتها على غزة في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر، كان هناك أكثر من 16000 طفل، وفقا لأحدث الأرقام التي أصدرتها وزارة الصحة في غزة في 7 أغسطس.
ويتقدم أفراد الأسرة لتقديم الرعاية حيثما أمكنهم على الرغم من النزوح المتكر، إذ تم لم شمل أحد الأطفال المشاركين في مهمة اليونيسف يوم الثلاثاء مع جدته، التي ستعتني به الآن بعد مقتل والدته ووالده وإخوته.
لكن عمال الإغاثة قالوا لشبكة "سي إن إن" إن عددا متزايدا من الأطفال، الذين قُتل آباؤهم أو انفصلوا عنهم، يعيشون بلا دعم. ويشكل الأطفال دون سن 18 عاما ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة، وفقا لأرقام التعداد السكاني الفلسطيني.
عائلات ممزقةوتتسبب أوامر الإخلاء المتكررة التي تفرضها إسرائيل والنزوح القسري للسكان الناتج عنها في ارتفاع حاد في تقارير إساءة معاملة الأطفال، حيث تتفكك الأسر وتنهار شبكات الدعم، وفقا لليز ألكوك، رئيسة الحماية في "منظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين" (Medical Aid for Palestinians)، وهي منظمة إغاثة مقرها المملكة المتحدة.
وقالت ألكوك للشبكة الأميركية إن الصراعات والحروب معروفة بتفاقم قضايا حماية الطفل. وأضافت: "هذا ليس أمرا فريدا في غزة". ومع ذلك، فإن ما يجعل غزة مختلفة هو النزوح المتكرر للسكان بسبب القصف الإسرائيلي المكثف وأوامر الإخلاء المتكررة، على حد تعبيرها.
وذكرت أن "هناك زيادة كبيرة في التقارير (عن استغلال الأطفال) أثناء وبعد أوامر الإخلاء"، مضيفة أن هذا هو الوقت الذي غالبا ما ينفصل فيه الأطفال عن عائلاتهم ويتعرضون للمخاطر.
ووثقت الزيارات الميدانية لمخيمات النازحين في غزة، بقيادة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في يونيو، "عددا كبيرا" من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم.
وفي أحد المخيمات، أثار أعضاء المجتمع المحلي مخاوف بشأن زيادة "مقلقة" في استغلال الأطفال وإساءة معاملتهم، فضلا عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وفقًا لتقرير نُشر على الإنترنت. كما أفادت مواقع أخرى في مختلف أنحاء القطاع بوقوع حوادث عمالة أطفال و"مخاوف متزايدة" بشأن استغلالهم.
ووفقا لليونيسيف، لا يُعرف على وجه التحديد عدد الأطفال غير المصحوبين بأولياء أمورهم أو المنفصلين عن ذويهم في غزة. ولكن باستخدام تحليل الصراعات العالمية الأخرى، تقدر المنظمة أن هذا العدد يبلغ نحو 19 ألف طفل.
ومع ذلك، لا يأخذ هذا الرقم في الاعتبار أن غزة بها عدد كبير من الأطفال، بحسب "سي إن إن"، كما أن هذا الرقم لا يأخذ في عين الاعتبار النسبة الكبيرة من أفراد الأسرة الممتدة في غزة الذين يتدخلون ويعتنون بالعديد من الأطفال الذين قُتل آباؤهم وأمهاتهم. واليونيسيف غير قادرة على التحقق من الأرقام الدقيقة بسبب عدم القدرة على الوصول إلى غزة.
"أمر شائع"وتقول جيسيكا ديكسون، المشرفة على تنسيق جهود حماية الأطفال في غزة والضفة الغربية لصالح اليونيسف إن "الوكالات المعنية بحماية الأطفال تواجه مصاعب جمّة للم شمل الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين بعائلاتهم".
وتضيف للشبكة في آخر يوم من زيارة امتدت أسبوعين للقطاع "العديد من الأطفال يتركون دون رعاية أبوية".
وتشير إلى "أنه أمر شائع للعائلات أن تنفصل. فلدى المرور من نقاط التفتيش، من الشمال للجنوب وعبر وادي غزة، هناك العديد من الأشخاص يتم اعتقالهم، وهذا يعد سببا آخر لانفصال العائلات".
وتقول الدكتورة تانيا حاج حسن، المتخصصة بالرعاية المركزة للأطفال ضمن منظمة "أطباء بلا حدود" العديد من الأطفال فقدوا عائلاتهم بأكملها جراء الغارات الإسرائيلية، وذكرت في حديثها سابقا مع "سي إن إن" بعد انقضاء ثلاثة أسابيع على النزاع أن الأطباء في غزة أصبح لديهم مصطلح جديد وهو "WCNSF" أي "طفل مصاب، دون عائلة ناجية" (wounded child, no surviving family).
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: من الأطفال العدید من سی إن إن فی غزة
إقرأ أيضاً:
اليونيسف: أكثر من 200 طفل قتلوا و1100 أصيبوا في لبنان بسبب الصراع
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، اليوم، أن الصراع المستمر بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي أسفر عن مقتل أكثر من 200 طفل وإصابة 1100 آخرين في لبنان، وأكدت المنظمة أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر من العنف الدائر في المنطقة.
وفي بيان رسمي، أوضحت اليونيسف أن القصف المكثف والهجمات المتبادلة ألحقت أضرارًا كبيرة بالمناطق السكنية والبنية التحتية، مما جعل الأطفال عرضة للخطر المباشر جراء النزاع، وأضافت المنظمة أن "الوضع الإنساني في لبنان يتفاقم بشكل مأساوي، حيث يعاني الأطفال من الإصابات الجسدية، إلى جانب الصدمات النفسية الناتجة عن مشاهد العنف".
كما شددت اليونيسف على أن الخدمات الصحية باتت غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الجرحى، بمن فيهم الأطفال، نتيجة النقص الحاد في الموارد والمعدات الطبية، وأكدت أن المدارس والمرافق التعليمية تضررت بشكل كبير، مما حرم آلاف الأطفال من حقهم في التعليم.
وناشدت المنظمة الدولية جميع الأطراف الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وحماية الأطفال والمناطق المدنية، كما دعت إلى توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
مدير مستشفى كمال عدوان: خطر الموت يهدد المرضى شمال غزة بسبب المجاعة ونقص الأدوية
حذر الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، من تفاقم الوضع الإنساني والصحي في المنطقة، حيث بدأت حالات سوء التغذية بالوصول إلى المستشفى، معظمهم من الأطفال وكبار السن، نتيجة المجاعة المتفشية.
وأوضح أبو صفية، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عربية، أن حياة المرضى، خصوصًا كبار السن، باتت مهددة بسبب نفاد الأدوية الأساسية التي يحتاجونها، في ظل الحصار المستمر وغياب المساعدات الطبية الكافية، وأضاف أن المستشفى يعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية، ما يؤدي إلى وفاة مصابين يوميًا نتيجة عدم توفر العلاج أو الطاقم الطبي اللازم لتقديم الرعاية.
وأشار إلى أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، حيث يعانون من مضاعفات صحية خطيرة جراء سوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية، وناشد الجهات الدولية والمؤسسات الإنسانية التحرك العاجل لإنقاذ الأرواح وتقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي في شمال غزة.
الوضع الصحي في غزة يعاني تدهورًا كبيرًا في ظل استمرار الحصار وغياب الإمدادات الطبية، ما يجعل المستشفيات غير قادرة على تلبية احتياجات السكان، ويؤكد مراقبون أن الأزمة الإنسانية شمال غزة تحتاج إلى تدخل دولي عاجل لتجنب مزيد من الكوارث.