كل الكلام ينفع كلام عنه.. حكاية تروى فى كل الأوقات بنفس الشغف ومبررات النجاح ونتائجها الحتمية حتى وإن اختلف الرواة.. حكاية صنعتها تفاصيل صغيرة أدت إلى صورة أكبر لمشروع موسيقى فنى هو الأهم خلال الأربعين عاماً الماضية.

ملك الحفلات اللايف فى مصر والعالم العربى بلا منازع أو منافس أو حتى طامع فى اللقب بنى طمعه -المشروع- على تغير الزمن أو اختلاف الأذواق أو حتى الرهان على أجيال جديدة ربما تغيرت ذائقتها الموسيقية؛ فهو يتعامل مع جمهوره كموج البحر كلما هاجمته موجة عاتية من الجمهور بأعمارها الصغيرة تعامل معها بذكاء واستطاع ترويضها لخدمة أغراضه المشروعة بالبقاء على القمة متفرداً لأجيال متعاقبة.

وبذلك يخلق لنفسه موجة جديدة من الجمهور كل فترة زمنية فى رحلة مستمرة للبحث عن التفرد. عمرو دياب هو هو.. لم يتغير ولن يبرح مكانة كتبها لنفسه فى كتاب تاريخ الموسيقى والغناء المصرى والعربى كالأعلى نجومية والأكبر شهرة والأكثر طلباً فى دنيا الغناء والحفلات العربية لأكثر من ثلاثين عاماً احتل فيها القمة.

يعنى إيه عمرو دياب فى العلمين؟.. من يعرف تاريخ عمرو دياب مع حفلات الصيف يعلم جيداً أنه ملك حفلات الساحل الشمالى الأهم منذ التسعينات عندما بدأ رحلته مع حفلات الصيف هناك بالحفل السنوى على شواطئ العجمى؛ الحفل الذى كان يعد الأهم والأعلى حضوراً جماهيرياً بين المتنافسين فى هذا الوقت؛ جمهوره تعلق بوجوده فى حفل صيفى ضخم انتقل من العجمى إلى شواطئ مارينا والمسرح الرومانى متوغلاً بعدها إلى أبعد نقاط الساحل الشمالى.

وظل طوال الثلاثين عاماً الماضية محافظاً على عادته فى لقاء الجمهور فى حفل سنوى واحد يشهد تطورات ملحوظة عاماً بعد الآخر؛ فهو يعى جيداً أن تعلق الجمهور بحفله الصيفى أو حفلاته بشكل عام لن يأتى مع تكاسل أو عدم تجديد أو تسلل أى شعور بالملل مما يقدمه لهم؛ وله فى ذلك أساليب كثيرة وفنون يتقنها من تقديم وجبة غنائية متكاملة العناصر للربط ما بين الأغنيات حديثة الظهور وهى الأعمال التى يطرحها فى نفس عام الحفل؛ أو الأغنيات القديمة التى يحفظها جمهوره عن ظهر قلب حتى وإن مر على طرحها أربعون عاماً؛ وذلك عن طريق «ميدلى» يجمع فيه عدداً كبيراً من أغنياته القديمة وهى بالمناسبة الفقرة الأهم فى تداولها من قبل جمهور عمرو دياب على كافة وسائل التواصل الاجتماعى بعد حفلاته لما لها من خصوصية متفردة فى حياة جيل كامل عايش وتعايش مع تلك الأغنيات وقت صدورها.

وفى ذلك يلعب عمرو دياب لعبة الزمن والجمهور مع الحاضرين؛ فيسعى لإعطاء كل من حضر مراده مع اختلاف الفئات العمرية؛ فهو الفنان الوحيد فى العالم العربى الذى تجد فى حفلاته ثلاثة أجيال مختلفة «الحفيد والأب والجد» فهو القادر كما ذكرت منذ قليل على تجديد فئة جمهوره ليصل إلى العمر الأصغر «الحفيد» مع الاحتفاظ دائماً بفئة المؤسسين لنجوميته «الأب والجد» وعدم إهمالها سواء فى حفلاته أو أغنياته الجديدة ذات الطابع الكلاسيكى التى يفضلها جمهور الكبار.

وكذلك قدرته على الغناء «لايف» لأكثر من ساعتين، محدثاً بذلك تفاعلاً مع الجمهور بشكل ربما لا يقدمه غيره من المطربين وهو سر تميزه على المسرح. كل ذلك جعل من حفل عمرو دياب فى مهرجان العلمين الجديدة؛ المهرجان الذى يثبت يوماً بعد الآخر أحقيته بأن يكون الأهم والأكبر والأكثر تميزاً بين كافة المهرجانات الترفيهية التي تقام فى منطقتنا العربية بما يبذل فيه من جهد وأفكار متجددة؛ كل ذلك جعله حفلاً بصيغة لقاء الكبار.

عمرو دياب ومهرجان العلمين الجديدة؛ كل منهما له أهدافه بالبقاء على القمة؛ كل منهما يمتلك مقوماته ومواهبه وإمكانياته التى تؤهله للفوز فى أى منافسة أو سباق على القمة.. ليخرج الحفل فى أفضل أشكاله التنظيمية من قبل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية صاحبة ومنظمة المهرجان؛ بدءاً من مرحلة حجز التذاكر التى نفدت سريعاً؛ مروراً بتجهيزات عالمية للمسرح من إضاءة ومعدات صوت وعوامل إبهار أصبحنا جميعاً على يقين بوجودها بعد كم الحفلات الناجحة التى أقامها المهرجان منذ بدايته.. مع تفرد فى الظهور لعمرو دياب على المسرح ليغنى بكل أريحية أمام جمهور كامل العدد فى مكان يعلم جيداً مدى أهميته التاريخية والحالية لبلده مصر؛ وهو ما أهل الحفل ليكون واحداً من أهم حفلات العام على الإطلاق فى مصر والوطن العربى بشكل عام.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عمرو دياب العلمين عمرو دیاب

إقرأ أيضاً:

وليد عونى: ندعم القضية الفلسطينية بسلاح الفن

مصر رائدة المسرح بالوطن العربى.. وما زالت الأفكار رجعية تجاه الرقص الحديث

 

حفر المخرج ومصمم الرقص اللبنانى وليد عونى، اسمًا بارزًا على الساحة الدولية، فهو أحد أهم رواد الفن فى العالم العربى، ورائد لفن الرقص الحديث، استطاع بموهبته أن يجوب البلدان ويحصد العديد من الأوسمة والجوائز العالمية من فرنسا وبلجيكا ولبنان وغيرها، إذ نال وسام الشرف برتبة فارس من الحكومة اللبنانية، ووسام الأدب والفن برتبة فارس من الحكومة الفرنسية، ووضع بصمته فى مصر بتأسيس فرقة الرقص المسرحى الحديث المصرى التابعة لدار الأوبرا المصرية عام 1993، تتبع دار الأوبرا المصرية، حيث قدمت أول عروضها «تناقضات»، ليبدأ بعد ذلك رحلة انطلاقته فى مصر ليضع بصماته الخاصة.

أبهر وليد عونى، الجمهور فى افتتاح مهرجان المسرح التجريبى فى دورته الـ31، من خلال تقديمه لعرض «صدى جدار الصمت» الذى تدعم به القضية الفلسطينية، كما تم تكريمه خلال المهرجان. 

«الوفد» التقت المخرج وليد عونى، الذى تحدث معنا عن مسيرته، والعرض المسرحى وتكريمه بالمهرجان.

- مع وجود فكرة الإبادة والاحتلال الإسرائيلى لفلسطين، كانت الفكرة واضحة، والأهم بالنسبة لى هو خروج عرض دون أن تكون هناك ملابسات سياسية، وأن يكون الموضوع غير مباشر، ولذلك ذهبت لقراءة مسرحية تجريبية رمزية لخروج عرض غير مباشر، وأهم الأدوات التى عملت بها هى كيفية اختيار الموسيقى، لكونها الإلهام الأول والأخير بالنسبة للأفكار والرؤى أو المشهدية والموسيقى هى التى تحركنى فى الأول، وأول اثنين قدموا أغانى فلسطين هما أم كلثوم التى غنت أصبح الآن عندى بندقية وراجعين بقوة السلاح، وفيروز التى غنت أكثر من ثلاث عشرة أغنية.

وكذلك كتبت الأفكار والمشاهد  فى البداية، لكنى لم أقرر أى مشهد قبل الآخر وهو ما يقال عنه القراءة المسرحية وهى التحضيرات التى أقوم بها، وكذلك ربط الفقرات ببعضها بعض، وهو ما يعطينى الانسيابية الحركية.

- هناك صعوبات بكل تأكيد خاصة فى طريقة تناول العرض بصورة مباشرة، بحكم أن هناك أرضًا محتلة وهناك عدوًا، كان يجب الانتباه للموضوعات السياسية، لذلك عندما طلبوا منى تقديم عرض عن فلسطين شعرت بالخوف لأنه إحساس متناقض لتقديم عرض وفى الوقت نفسه يكون هناك أطفال تقتل ونساء تغتصب ورجال تنزح من بيوتها، ولكن هذا الذى أستطيع تقديمه أن أذهب إلى الرمزية، فلا أستطيع أن أتدخل تدخلًا سياسيًا مثلًا، لذلك أعمل على تقديم ذلك من خلال لوحات فنية، وهذا دفعنى للحديث بصورة أكبر عن الضمير الإنسانى.

- هناك الكثير من العروض التى قدمت من أجل دعم القضية الفلسطينية، ولكن ليس بشكل كاف ونحتاج المزيد من العروض لدعم القضية بطرق جيدة وغير مبتذلة، والفن رسالة إبداع، والفنان يجب أن يعلم أين يعيش ولماذا يعيش وما الرسالة التى يقدمها، وكيفية تقديم الإبداع، مضيفا أنه لديه رسالة يريد تقديمها لدعم القضية الفلسطينية، من خلال عرض «صدى جدار الصمت» هو العرض السادس عن القضية الفلسطينية، الذى أقدمه، وكان أول عمل أقدمه هو عرض يحمل اسم (الرقم التاسع)، وكان يتخلله مجازر صبرا وشاتيلا ومشاهد النزوح والتهجير، وبعد أن وصل إلى مصر بعد مرور ٥٠ سنة على النكبة قدمت عرض (أغنية الحيتان)، حيث أرى أن الفنان له كلمته الحرة والقوية أكثر من أى قلم أو أى مقال أو شىء آخر، وخصوصًا أننا نعيش فى زمن السوشيال ميديا وأصبحنا نعيش كل الأحداث مباشرة فى أى وقت وفى كل مكان وتنقل لنا الأحداث من قلب الوقائع بحقيقتها دون أى تزييف، وعروضنا الداعمة لدولة فلسطين، تواجه بالتعتيم فى الخارج.

- يجب أن تتم إقامة فعاليات من قبل المؤسسات الكبرى مثل الجامعة العربية، وتقديم عروض تتحدث عن قضيتنا.

- التكريم من المهرجان التجريبى التابع لوزارة الثقافة، هو فخر وتتويج لمسيرة تصل إلى 32 عامًا فى مصر قدمت خلالها العديد من العروض، وقدمت قبل ذلك سبعة افتتاحيات للمهرجان التجريبى، وحصلت على ثلاث جوائز من المهرجان التجريبى، وهو فخر كبير لى.

- مصر تظل رائدة المسرح فى الوطن العربى، والمجتمع يتغير، ولا نستطيع أن نقول المسرح العربى فى طريقه للانحدار أو فى طريقة للتقدم، لأن كل مرحلة لها متطلباتها، وهناك دول عربية انحدر دور المسرح بها نتيجة للحروب التى تعيشها مثل، لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن، وهناك منهجية لمحو هويتنا عبر الانشغال بالحرب التى تقضى على الثقافة العربية، ويأتى من بعدها بلاد الخليج فى التطوير المسرحى.

- دور المهرجانات مهم جدًا لدعم الحياة المسرحية، مثل المهرجان القومى والمهرجان التجريبى ومهرجان السينما ومهرجان أولادنا، الذى قدموا حراكًا قويًا، ولكن يجب ألا ينتهى دور المهرجانات بختامها، ويجب أن يكون له تابعيات حتى ينجح فى الدورات القادمة.

- كنت أتمنى أن يكون أقوى من ذلك، إذا كان الرقص المعاصر أو الرقص المسرحى حديث، وفرقة الرقص المصرى الحديث، معروفة فى الدول العربية والأجنبية أكثر من مصر، وعندما أذهب لسلطنة عمان أو باريس أو ألمانيا، يبهر الجمهور بالرقص المصرى الحديث، ونحن بمصر لم نأخذ الفرصة لكى نكون بحجم شهرتنا فى الخارج.

- نتيجة خوفهم من المواطنين لعدم فهم فلسفة الرقص الحديث، وهذا خطأ لكوننا نحن من نقوم بتطوير الثقافة، والرقص الحديث هو من يجعل الجمهور يبحث ويفكر أكثر، وكذلك فكر الرفض ضد الرقص ما زالت موجودة، والكثير من الجمهور يختار رقص البالية أكثر من الرقص المصرى الحديث، رغم أن رقص الباليه هو رقص أجنبى.

- كل العروض التى اقدمها لها جدليات، لكى تنال أعجاب كل الطبقات، وهناك أوقات، وبنيت فلسفتى حينما اقتربت من «بينا باوش» فترة من الفترات ودخلت ورشًا فنية معها، وكنت أميل إلى وجهة نظرها فى الرقص أكثر حتى من موريس بيجار؛ على سبيل المثال فى عرض «خيال المآتة» كانت مدته ثلاث ساعات؛ كنا نعمل مع الجمهور يبدأ العرض ساعة من التحدث والشغل مع الجمهور؛ ثم يتغير أسلوبى فى العروض المتتالية «فيروز هل ذرفت عيونك دمعة»؛ «رائحة الثلج»؛ «قاسم أمين»؛ لا يمكن أن تجدين حركة فى قلب العروض متكررة مع حركة بعرض آخر؛ وبالتالى أحاول دائمًا شرح كيف يذهب المصمم إلى المشهد والرؤية والمعنى حول العرض؛ فى شادى عبدالسلام لن تجديه, ستجدين روحه لا أحب أن يكون لدى أسلوب معين، بينما أسعى لتقديم رؤية مختلفة, لذلك كتب فى توصياته أو فى الخطاب الذى سيلقيه يوم الاحتفال ضرورة العمل على العاطفة, لأن العاطفة غائبة فى معظم العروض, هم لا يشعرون بما يقدمونه.

- نحن لا نقدم دراما ولا يجب أن نقدم دراما؛ لأن الدراما أقرب للمسرح؛ خيوطنا ألا نتحدث, أخلق محتوى بالحركة أن نتكلم بلا كلام؛ نحن نصنع مشاهد مسرحية بالحركة الراقصة من الممكن أن يضاف لعرض الرقص مطرب أوبرا لكن ليس حوارًا مسرحيًا دراميًا.

- أتمنى أن يصبح الشباب محررين الفكر ونهتم بالإرث الثقافى والهوية الثقافية الشرقية المصرية ونذهب بعيدا بأفكارنا الفنية ولكن نتمسك بالهوية، وأرى أن العالم بالفعل أصبح صغيرًا جدًا والتطلع للأفكار الخارجية أصبح سهلًا ويساعد على الحصول على أفكار جديدة ومتطورة، فأتمنى التحديث وليس طمس الهوية، والفنان الحقيقى دوره هو الحفاظ على الهوية.

 

مقالات مشابهة

  • أحياه عمرو دياب.. حفل زفاف أسطوري لملكة جمال لبنان مايا رعيدي
  • د.حماد عبدالله يكتب: حضارة الأغنياء فى مصر القديمة !!
  • وليد عونى: ندعم القضية الفلسطينية بسلاح الفن
  • مصر والمملكة.. تكامل الكبار
  • أحياه عمرو دياب.. اللقطات الأولى من حفل زفاف مايا رعيدي
  • محمود فوزي يستقبل وزير العدل لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع الأجندة التشريعية
  • د. فكري فؤاد يكتب: بناء المهارات الرقمية
  • محمود أبو هلال يكتب .. إلى الشهيد ماهر الجازي
  • خالد ناجح يكتب: كلام مصري
  • د.حماد عبدالله يكتب: نعيش حالة من "العبث" !!