هل دخل الرد الإيراني مرحلة الانتظار الغيبي؟
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
“الرد سيكون حتميا وقويا فالجمهورية الإسلامية جرى المساس بشرفها وقتل ضيفها على ارضها واغتيل وسط حماية مؤسسة تعتبر الأقوى في إيران”، هكذا وصف الخطاب الإيراني وخطاب محور المقاومة عموما الحالة ووعد بالرد لكن الوعد بالرد لم يتحقق وعادت مقولة في الوقت المناسب والمكان المناسب لتحكم مجمل ما يصدر .
وما بين سقف الخطاب الإيراني وقاعه تعتمل معادلات ونقاشات داخل إيران هي في حقيقتها ملمح من ملامح الصراع على شكل إيران اليوم وفي المستقبل، الصورة التي يرى كل طرف ما يجب أن يكون عليها موقف طهران من القضايا وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
⁃من يتابع الحلقة الفكرية والسياسية والإعلامية المحسوبة على الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يلمح بوضوح ملامح خطاب يتبنى مقولة تفويت الفرصة على نتنياهو وعدم الانجرار لحرب شاملة، وبدأ الترويج تلميحا وتصريحا بموضوع وقف الحرب أو الهدنة الدائمة كثمن لعدم الانتقام، مع مقولات من مثل إن مساهمة إيران في تسهيل وقف إطلاق النار سيعزز من ” دور إيران الإيجابي اقليميا”، ويرى هذا الفريق المسكون ب” رغبة التفاوض مع اميركا” والمؤمن قلبا وقالبا بأن مشاكل إيران لا تحل دون التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية. والغريب أن شخصية محسوبة على الحرس مثل رئيس مجلس الشورى قاليباف دخل على موجة تمجيد التفاوض. وتميل هذه الحلقات إلى الاعتقاد بأن هذا الموقف سيسهل البدء في مفاوضات .
⁃في الموازاة عادت نغمة ” الدولة الحكيمة” التي لن تفلح محاولات نتنياهو لجرها إلى حرب مفتوحة.
⁃ بعثة إيران في الأمم المتحدة تحدثت عن أولوية وقف إطلاق النار في غزة لكنفي الوقت ذاته أكدت ان إيران لا تزال تسعى إلى معاقبة إسرائيل. وهو ما اكده باقري كني في اجتماع جده.
⁃* لكن المعادلة اصعب من هذه السطحية التي تفكر بها حلقة بزشكيان أو حلقة روحاني بطبعتها الجديدة. فقد ساد ظن بأن الرد الإيراني على استهداف قنصليتها في دمشق بمهاجمة إسرائيل بصواريخ ومسيرات شكَّل نهاية لحقبة من ابتلاع الضربات سميت بحقبة “الصبر الإستراتيجي”، وكانت إيران تعتقد أنها أعادت تعريف قواعد الاشتباك ورفعت من مستوى الردع في مواجهة اسرائيل، لكن بعد مصرع رئيسي يبدو أن معادلة ” الصبر الاستراتيجي” عادت لتطل برأسها رغم أن اغتيال الشهيد هنية أطاح بهذه المعادلة ووضع إيران أمام تحد كبير للدفاع عن منظومتها السياسية والأمنية.
⁃أمام هذا المستوى من الاستهداف والتهديد لا تبدو خيارات إيران كثيرة أمام هذه الضربة، ولم يعد بإمكانها أن تواصل المواجهة مع إسرائيل ضمن مساحات ومعادلات حروب الظل. إن الردع من شأنه أن يؤدي إلى حرب “شاملة”، وهي المخاوف التي تحكم إستراتيجية إيران. لكن منطق ومسار الأحداث يقول بأن سياسة تجنب التصعيد قد تؤدي إلى صراع أوسع نطاقًا وأكبر كلفة وقد تكون صراعات المنطقة الرمادية صالحة في فترة ما لكنها لم تعد كذلك بعد مرحلة “طوفان الأقصى” خاصة بالنسبة لطهران
⁃إن حرب المنطقة الرمادية، والحرب غير المتكافئة، والحرب الهجينة جميعها مصطلحات تشير إلى الإستراتيجية التي تتعلق بكيفية استخدامها من قبل الدول من خلال طرق ووسائل لتحقيق غايات وسياسات الأمن القومي، وعندما تفشل في تحقيق الغايات الإستراتيجية فيجب مراجعة مكانتها في الإستراتيجية الدفاعية، وإيران ليست استثناء من ذلك، فإما أن ترد على اغتيال إسماعيل هنية في عقر دارها ردًّا واضحًا يرسخ صورتها ومكانتها في الإقليم كدولة قادرة، وإما أن تنكفئ نحو داخلها ومشكلاته وتقبل بتسويات تخرجها من جلدها، وبذلك لن تعود الجمهورية الإسلامية بل دولة في الإقليم تنوء بثقل مشكلاتها وغير قادرة على حماية حلفائها بل مصالحها،
⁃وإذا استمر صعود التيار الذي يقول بأن ” الشعب الإيراني تعب من دعم القضية الفسطينية ” ويتزعمه ظريف والتنظير للدعم الدبلوماسي أو دعم يتلخص بتقديم منح دراسيه للطلبة الفلسطينيين كما نظر لذلك محمود سريع القلم بدل دعم مقاومتها بالسلاح..
⁃واذا استمر نفوذ هذه الحلقة وإعادة صياغتها للخطاب السياسي الإيراني قد تصل إيران لمرحلة لا تكون فيها قادرة حتى على هتاف “الموت لإسرائيل” الذي ترتفع به الحناجر في كل مناسبة.
⁃ختاما .. إن السعي المتواصل لإيران لتجنب المواجهة كلَّفها كثيرًا ولم يُعفها من تلقي الضربات بل شجَّع إسرائيل على استهداف تصاعدي جاء وفقًا لقراءة معمقة لردود الفعل الإيرانية.. والمعادلة لم تتغير بل لا زالت قائمة.
_ مع نتنياهو ومجاز اسرائيل المتواصلة يصبح الصبر عيبا وليس فضيلة، لقد دخلت إسرائيل حالة مواجهة وجودية ملمحها الأساسي هو التوحش والمزيد من التوحش.
والله غالب على أمره
* باحثة أولى في مركز الجزيرة للدراسات، مختصة بالشأن الإيراني
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقفسلام الله على حكم الامام رحم الله الامام يحيى ابن حميد الدين...
سلام الله على حكم الامامه سلام الله على الامام يا حميد الدين...
المذكورون تم اعتقالهم قبل أكثر من عامين دون أن يتم معرفة أسب...
ليست هجمات الحوثي وانماالشعب اليمني والقوات المسلحة الوطنية...
الشعب اليمني يعي ويدرك تماماانكم في صف العدوان ورهنتم انفسكم...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الرد الإیرانی
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تطالب الحوثيين بالإفراج عن المختطفين
البلاد – عدن
جدّدت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في اليمن، دعوتها إلى الحوثيين، للإفراج الفوري عن موظفيها المختطفين منذ أشهر.
جاء ذلك في بيان مشترك للمنظمات، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، تقدمت فيه المنظمات بالتهاني للشعب اليمني بهذه المناسبة الدينية، وقالت المنظمات في بيانها المشترك: “بينما تتجمع العائلات في جميع أنحاء العالم للاحتفال بهذا الشهر الكريم، يواصل الملايين في اليمن النضال من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية وسط تفاقم الصعوبات”.
وأضاف البيان: “يستمر الوضع الإنساني في اليمن في التدهور، حيث يواجه الملايين الجوع والمرض والضائقة الاقتصادية. وتظل النساء والأطفال من بين الأكثر تضررًا، حيث تشكل الأمراض التي يمكن الوقاية منها وعلاجها تهديدًا مستمرًا لحياة الأطفال دون سن الخامسة”.
وإذ جددت الوكالات والمنظمات الدولية التزامها بتقديم المساعدة المنقذة للحياة والحماية لليمنيين الضعفاء، فقد أكدت أن “الاحتجاز التعسفي المستمر لعشرات من موظفي الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة في شمال اليمن لا يزال يعيق العمليات ويحد من الوصول إلى المحتاجين العاجلين”.
وقالت المنظمات: “بروح شهر رمضان، وقت السلام والتضامن، تدعو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية في اليمن سلطات الحوثيين في صنعاء إلى إنهاء الاعتقال التعسفي لزملائنا، حتى يتمكنوا من الاحتفال بهذا الشهر الكريم مع عائلاتهم وأحبائهم”. ودعا البيان المجتمع الدولي، وخاصة أصدقاء اليمن وجيرانه، إلى دعم المساعدات الإنسانية المبدئية للشعب اليمني خلال هذه الفترة الحرجة”.