صحيفة الاتحاد:
2024-12-16@11:12:35 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: جماليات الهزيمة

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

في حكاية شعبية عن عنترة بن شداد أن ثوراً هائجاً هجم عليه ففر عنترة من وجه الثور، وحين سخر منه الناس كيف يفر وهو الفارس المبرز، قال: وهل يعرف الثور أني عنترة. والحكاية تقال للتمثل بها في تقبل الهزيمة حين تكون أشرف من موت رخيص، وكما قال المتنبي (فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ.. كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ)، غير أن المتنبي نسي بيته هذا، ووقع في ميتة رخيصة على يد قاطع طريق قتل الشعر والمعنى مثلما قتل المتنبي الذي فقد حكمته، ولم يتمثل ثقافة عنترة تلك التي تجمع بين الشجاعة والحكمة، وفي تاريخ الفلسفة فقد رضي سقراط بالموت طلباً للشجاعة، وكان بمقدوره التخلص من الموت حين عرض عليه طلابه الهروب، ورتبوا لذلك بخطة ميسرة تمكنه من الإبقاء على حياته، لكنه رفض الهروب وتجرع السم الذي اختاره ليكون نهايةً لحياته حين خيّره قاضي المحكمة بين أنواع من الميتات كعقوبة للإعدام فاختار السم وقد تشربه طواعية ودون تردد، وبقيت قصته لتتكرر مع أرسطو، حيث لاحت حوله بوادر التربص به لقتله من حكومة أثينا فهرب من وجه طالبيه، وقال لن أسمح لهم بقتل الفلسفة مرتين، وبذلك خالف منهج معلمه الأول، واختار الهزيمة عن موت رخيص.

وهذان مثالان على خيارات البشر بين المواقف، مع إعادة صياغة معنى الشجاعة التي قال عنها سقراط إنها وسط بين فضيلتين، بين التهور والجبن، ولكنه حين الامتحان لم يحسن فرز المعاني، غير أن حفيده الفلسفي لم يفوت فرصة منح الشجاعة معنى الدهاء الاستراتيجي بين إقدام قاتل ونجاة نافعة معنوياً، حيث جعل النجاة سبباً لبقاء الفلسفة وديمومة العمل النافع واختار الهزيمة الحكيمة على الشجاعة المتهورة، وتمثل مقولة أستاذه، في حين فرط سقراط في منهجيته.
وفي حياتنا نمر بأمور كثيرة تضعنا في امتحان مع معانينا، وكل امتحان يعطي إجابةً تسمو حسب سمو معناها والقيمة التي تضاف لمعنى الحياة وإيجابية السلوك، وأبرزها حكمة الحوار والمواجهة التي تختبر سياسياً واقتصادياً بين القبول بخسارة وقتية مقابل مكسب بعيد التناول ولا يُنال إلا بحكمة تتغلب على إغراء اللحظة، وفي كثير من أمور البشر نرى هزائمَ صغيرة تقضي على عقول كبيرة بسبب سلطة اللحظة، أو لنقل نرى معركةً مع ثور هائج أكثر مما نرى الحكمة تلك التي رآها عنترة ولم يفرط بها، ومضت الحكاية الشعبية ترددها وتوحي بدرسها، لولا أن العقول تغيب عن حكمتها في كثير من أحوال البشر فيبارزون الثور ناسين أنه ثور، وينتهون نهايات غير حكيمة.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: جماليات الهزيمة د. عبدالله الغذامي يكتب: نازك الملائكة بين منهجيتين

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

مش في حالته.. شوبير يعلق على أداء كهربا بعد الهزيمة من باتشوكا

علق الإعلامي الرياضي أحمد شوبير، على هزيمة النادي الأهلي أمام باتشوكا في نصف نهائي الانتركونتيننتال.

وقال شوبير في تصريحات إذاعية: “الأهلي لعب مباراة جيدة جدا، وكولر أدار المباراة حتى الدقيقة 72، وأكثر من فرصة أضاعها الأهلي والشوط الأول سيطرة كاملة من الأهلي”.

امشي لو عاوز.. نجم الأهلي السابق يهاجم محمد الشناويبنفس الترتيب.. إبراهيم فايق يكشف من وضع قائمة مُسددي ركلات الترجيح بالأهلي

وتابع شوبير: “الشوط الثاني باتشوكا رجع في المباراة بس ده 20 دقيقة فقط، تغيير حسين الشحات بأفشة كان كويس، إلى أن جاءت الدقيقة 78 خرج وسام أبوعلي ونزل محمود كهربا”.

وأكمل: “والناس الحقيقة استغربت هو وسام بيطلع ليه، لكن كهربا للأمانة مش في الحالة بتاعته، استغربنا إن كهربا داخل يشوط الركلة الرابعة طيب فين السولية وبيرسي تاو".

واختتم شوبير: “كهربا الدنيا معقربة معاه وطبيعي ما يشوطش إلا لو انت مش محتاجه”. 

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: لماذا سميت "مصر" بالمحروسة !!
  • إقالة مدرب ساوثهامبتون بعد الهزيمة المذلة أمام توتنهام
  • أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد الهزيمة أمام باتشوكا: «محدش قصر»
  • مش في حالته.. شوبير يعلق على أداء كهربا بعد الهزيمة من باتشوكا
  • السبب في الهزيمة..مهيب عبد الهادي يشين هجوما على كولر
  • د.حماد عبدالله يكتب: " ينقصنا إدارة المواهب " !!
  • كريم حسن شحاته: الأهلي نكد على المصريين وكولر يتحمل الهزيمة
  • عبدالله غراب: الرسوم التي ترددت كمصاريف لتراخص المخابز بـ150 ألف جنيه ليست دقيقة
  • «الفلسفة السياسية».. تفعيل التنظير لمجتمع أفضل
  • أحمد الصعيدي: عبد الوهاب والأطرش الأكثر تأثرا بالألحان الشعبية في تاريخ الموسيقى