صحيفة الاتحاد:
2025-02-23@10:16:33 GMT

د. عبدالله الغذامي يكتب: جماليات الهزيمة

تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT

في حكاية شعبية عن عنترة بن شداد أن ثوراً هائجاً هجم عليه ففر عنترة من وجه الثور، وحين سخر منه الناس كيف يفر وهو الفارس المبرز، قال: وهل يعرف الثور أني عنترة. والحكاية تقال للتمثل بها في تقبل الهزيمة حين تكون أشرف من موت رخيص، وكما قال المتنبي (فَطَعمُ المَوتِ في أَمرٍ صَغيرٍ.. كَطَعمِ المَوتِ في أَمرٍ عَظيمِ)، غير أن المتنبي نسي بيته هذا، ووقع في ميتة رخيصة على يد قاطع طريق قتل الشعر والمعنى مثلما قتل المتنبي الذي فقد حكمته، ولم يتمثل ثقافة عنترة تلك التي تجمع بين الشجاعة والحكمة، وفي تاريخ الفلسفة فقد رضي سقراط بالموت طلباً للشجاعة، وكان بمقدوره التخلص من الموت حين عرض عليه طلابه الهروب، ورتبوا لذلك بخطة ميسرة تمكنه من الإبقاء على حياته، لكنه رفض الهروب وتجرع السم الذي اختاره ليكون نهايةً لحياته حين خيّره قاضي المحكمة بين أنواع من الميتات كعقوبة للإعدام فاختار السم وقد تشربه طواعية ودون تردد، وبقيت قصته لتتكرر مع أرسطو، حيث لاحت حوله بوادر التربص به لقتله من حكومة أثينا فهرب من وجه طالبيه، وقال لن أسمح لهم بقتل الفلسفة مرتين، وبذلك خالف منهج معلمه الأول، واختار الهزيمة عن موت رخيص.

وهذان مثالان على خيارات البشر بين المواقف، مع إعادة صياغة معنى الشجاعة التي قال عنها سقراط إنها وسط بين فضيلتين، بين التهور والجبن، ولكنه حين الامتحان لم يحسن فرز المعاني، غير أن حفيده الفلسفي لم يفوت فرصة منح الشجاعة معنى الدهاء الاستراتيجي بين إقدام قاتل ونجاة نافعة معنوياً، حيث جعل النجاة سبباً لبقاء الفلسفة وديمومة العمل النافع واختار الهزيمة الحكيمة على الشجاعة المتهورة، وتمثل مقولة أستاذه، في حين فرط سقراط في منهجيته.
وفي حياتنا نمر بأمور كثيرة تضعنا في امتحان مع معانينا، وكل امتحان يعطي إجابةً تسمو حسب سمو معناها والقيمة التي تضاف لمعنى الحياة وإيجابية السلوك، وأبرزها حكمة الحوار والمواجهة التي تختبر سياسياً واقتصادياً بين القبول بخسارة وقتية مقابل مكسب بعيد التناول ولا يُنال إلا بحكمة تتغلب على إغراء اللحظة، وفي كثير من أمور البشر نرى هزائمَ صغيرة تقضي على عقول كبيرة بسبب سلطة اللحظة، أو لنقل نرى معركةً مع ثور هائج أكثر مما نرى الحكمة تلك التي رآها عنترة ولم يفرط بها، ومضت الحكاية الشعبية ترددها وتوحي بدرسها، لولا أن العقول تغيب عن حكمتها في كثير من أحوال البشر فيبارزون الثور ناسين أنه ثور، وينتهون نهايات غير حكيمة.

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: جماليات الهزيمة د. عبدالله الغذامي يكتب: نازك الملائكة بين منهجيتين

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

هل يضايقك موضوع من يكتب رسالة ويمسحها؟ ..فيديو

الرياض

أجاب بعض الأشخاص علي سؤال في لقاء مع برنامج صباح السعودية عن سؤال هل يضايقك موضوع من يكتب رسالة ويمسحها؟.

وقال أحد الأشخاص: “مو أي شخص فيه شخص أضايق وشخص لا أضايق سواء أرسلها أو مسحها، علي حسب القريبين منك”.

وقال أخر: “علي حسب إذا كان فيه مواضيع بينا، علي حسب الموضوع، وممكن أرسل غلط ألتمس له العذر وأنا أيضا أحيانا أرسل رسائل بالخطأ وأمسحها وأعتذر” .

وقالت أخري: “مو أزعل بس

أظل أفكر ليس بعت الرسالة وأظل في شك، يمكن كتب شيء يزعلني فيه، أو شيء غلط في الكلام وهنا أكيد أزعل”.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/WhatsApp-Video-2025-02-20-at-20.06.15.mp4

مقالات مشابهة

  • جيسوس بعد الهزيمة: لم نستطع إيقاف سرعات الاتحاد
  • د. عبدالله درف المحامي يكتب: التعديلات الدستورية المفترى عليها
  • مانشستر يونايتد يفلت من الهزيمة أمام إيفرتون في الدوري الإنجليزي
  • خيمي يوجه انتقادات لاذعة للنصر بعد الهزيمة أمام الاتفاق
  • جماليات الوصف وتعطيل السرد.. حكاية السيدة التي سقطت في الحفرة أنموذجا
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الوعي والتجييش
  • البطولة: بتسعة لاعبين.. المغرب الفاسي يكبد شباب المحمدية الهزيمة 18 هذا الموسم ويقربه من مغادرة القسم الأول صوب الثاني 
  • الصحافي يحي العوض يكتب عن الجنيد على عمر (2)
  • هل يضايقك موضوع من يكتب رسالة ويمسحها؟ ..فيديو
  • أزمة الإسماعيلي تتفاقم.. «شوبير» يهاجم وأيمن رجب يكشف أسرار الهزيمة الثقيلة أمام الأهلي