لا تزال تطورات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تلقي بظلالها بشدة على مشهد السياسية الداخلية في تركيا، لاسيما بين الأحزاب المحافظة مثل "العدالة والتنمية" الحاكم ومنافسه "الرفاه من جديد" الذي استطاع بقيادة فاتح أربكان وضع نفسه في صدارة المشهد السياسي عقب الانتخابات المحلية الأخيرة، بعدما صعّد من موقفه المعارض بشأن سياسيات أنقرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.



ويعد فاتح، نجل رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان، من أبرز منافسي أردوغان، سيما أن الحزبين يعملان على اقتسام أصوات الكتلة الانتخابية ذاتها، التي تتركز في أوساط المحافظين، الذين يُعتبرون، في الغالب، الأكثر دعما للقضية الفلسطينية من بين كافة فئات الشعب التركي.

وتشهد الساحة التركية مناكفات حادة بين أردوغان وأربكان منذ بدء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول /أكتوبر الماضي، الأمر الذي انعكس على تشكيل موقف أنقرة مما يحصل في غزة، حسب مراقبون تحدثوا لـ"عربي21".

"توظيف سياسي"
وكان أربكان استطاع جذب أصوات من كتلة الناخبين المحافظين في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 آذار /مارس الماضي، بعد حملة انتخابية استهدفت بشكل أساسي موقف أنقرة من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، سيما قضية تواصل التجارة بين أنقرة و"تل أبيب"، التي أثار غضبا واسعا في الشارع التركي قبل إقدام تركيا عقب الانتخابات على تعليقها بشكل كامل.

وفي خطاب النصر آنذاك، اعتبر أربكان الذي حقق انتصار غير مسبوق لحزبه، أن نتيجة الانتخابات المحلية "حددتها ردود الفعل على مواقف أولئك الذين يواصلون بشكل صارخ التجارة مع إسرائيل والقتلة الصهاينة".

وتمكن حزب "الرفاه من جديد" الذي خاض الانتخاب المحلية بمفرده،  انتزاع رئاسة 67 بلدية في عموم البلاد، بينها بلدية شانلي أورفا الكبرى ويووزغات، ليصبح ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد من حيث الأصوات بنسبة تجاوزت الـ6 بالمئة من أصوات الناخبين.


الباحث في الشأن التركي، محمود علوش، يرى أن "القضية الفلسطينية أصبحت محل توظيف في السياسة الداخلية التركية خصوصا في هذه الحرب"، وأن "المشادات بين العدالة والتنمية والرفاه من جديد هي جزء من هذا التوظيف السياسي".

ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن "أربكان استطاع أن يستثمر نقاط ضعف أردوغان في بداية الحرب من أجل التصويب عليه واستقطاب الناخبين خصوصا في الانتخابات المحلية الأخيرة".

وفي فترة ما بعد الانتخابات، "سعى أربكان إلى الاحتفاظ بهذا السقف من انتقاد الحكومة فيما يتعلق بالحرب من أجل استمالة المحافظين الذين يرون في موقف أردوغان ضعيفا، ويريدون من تركيا موقفا أكبر تجاه إسرائيل"، وفقا للباحث.

وفي أواخر شهر تموز /يوليو الماضي، أثارت مطالبات أحد نواب حزب "الرفاه من جديد" دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى تركيا لإلقاء كلمة في البرلمان ردا على خطاب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأمريكي، هجوما لاذعا من أردوغان تجاه الحزب المعارض.

وقال أردوغان في كلمة له في ولاية ريز مسقط رأسه، "خرج أحدهم، وهو شخص فظ، قائلا يجب السماح لمحمود عباس بالتحدث في برلماننا. من هذا؟ شخص من حزب الرفاه أعتقد أنه يعاني من مشاكل عقلية".

وأضاف الرئيس التركي في كلمته التي سبقت الإعلان عن قدوم عباس إلى تركيا لإلقاء كلمة في البرلمان الأسبوع القادم، "من قال لك إننا لم ندعُ محمود عباس؟ لقد قمنا بدعوته، ولكن للأسف محمود عباس لم يتمكن من إعطائنا إجابة إيجابية".

من جهته، أصدر حزب الرفاه بيانا مكتوبا للرد على أردوغان، اعتبر فيه أن "التعبير المؤسف الذي استخدمه بشأن أحد نواب الحزب لا يتناسب مع المقام الذي يمثله الرئيس".

وهذا جزء من المشادات السياسية المتواصلة بين الحزبين اللذين يحاول كل منهما على الحفاظ على نسبته من أصوات الناخبين المحافظين، فضلا عن توسيعها على حساب كتلة الآخر.

وشكلت القضية الفلسطينية التي تلقى صدى واسعا في الأوساط التركية، محور المناكفات السياسية ليس فقط بين حزبي العدالة والتنمية والرفاه من جديد، بل أيضا حزب "المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو، فضلا عن حزب "السعادة" الإسلامي.

علوش، يوضح أن "حزب أربكان كما الأحزاب المحافظة الأخرى مثل حزب المستقبل حاول استثمار ولا يزال يحاول الاستثمار في القضية الفلسطينية من أجل تحقيق مكاسب سياسية داخلية".

ويشير إلى أنه "من الممكن القول إن ضغوط أربكان ساهمت في دفع تركيا إلى تصعيد موقفها تجاه إسرائيل، لكن لا أعتقد أن هذه الضغوط عملت على إحداث تحول جذري في السياسة التركية في هذا الحرب".

"ففي نهاية المطاف هناك اعتبارات تتجاوز السياسة الداخلية بكثير تشكل السياسة التركية في هذه الحرب"، حسب تعبير علوش.

في السياق ذاته، يرى محمد السكري الباحث في مركز عمران للدراسات، أن "حزب الرفاه لا ينسجم بشكل كامل مع توجهات حزب العدالة والتنمية، ليس فقط فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإنما كذلك السورية؛ وقد ساعده هذا التمايز في تحقيق كتلة أصوات جديدة ضمن البيئة المحافظة التركية مع تزامن الانتخابات المحلية الماضية".


ويلفت السكري في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "الرفاه من جديد، لا يزال ضمن خارطة التأثير والتموضع في الحياة الحزبية التركية حزبا ضعيفا بالمقارنة مع الأحزاب الكبيرة، ما يجعل إمكانية تأثيره في أي ملف سياسي محدودا".

ويستدرك بالقول: "لكن، طبيعة التحالفات الحزبية التركية خاصة في التحالف الجمهوري الحكومي تساعد على منح فرص كبيرة للأحزاب الصغيرة في خارطة التأثير ولا سيما مع تقارب حجم كتلتي المعارضة والحكومة، كما أبرزت الانتخابات الماضية".

جدل قاعدة كورجيك في تركيا
في 28 تموز /يوليو الماضي، لوح الرئيس التركي خلال كلمة له في ولاية ريزه، مسقط رأسه، الواقع في شمال شرق تركيا، بإمكانية تدخل بلاده عسكريا في "إسرائيل" على غرار تدخلها في إقليم قره باغ الأذربيجاني وليبيا.

وقال: "يجب أن نكون أقوياء للغاية حتى لا تتمكن إسرائيل من فعل هذه الأشياء السخيفة لفلسطين، مثلما دخلنا قره باغ ومثلما دخلنا ليبيا، فقد نفعل أشياء مماثلة لهؤلاء (إٍسرائيل)".

وأثار التصريح التركي موجة غضب لدى الاحتلال الإسرائيلي، الذي هاجم أردوغان بشدة على لسان وزير خارجيته يسرائيل كاتس الذي قال في تدوينة إن "أردوغان يسير على خطى صدام حسين ويهدد بمهاجمة إسرائيل".

على الصعيد الداخلي، اعتبر حزب الرفاه من جديد أن حدث أردوغان عن التدخل في "إسرائيل" لا يمكن تحقيقه بسبب قاعدة كورجيك العسكرية الواقعة في ولاية ملاطيا جنوب شرق تركيا، والتي تضم ردارا يتبع لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال أربكان "نريد من الحكومة أن تتخذ المبادرات اللازمة فيما يتعلق بإغلاق قاعدة الرادار في كورجيك"، مشيرا إلى أن حديث أردوغان عن دخول غزة وإسرائيل غير ممكن لأن قاعدة كورجيك ستكون قد أبلغت تل أبيب بذلك قبل تحرك تركيا".

واعتبر أن تركيا "تدعم الدرع الصاروخي الإسرائيلي عبر تبادل المعلومات الواردة من قاعدة كورجيك التابعة لحلف شمال الأطلسي، مع إسرائيل من خلال أعضاء الناتو، مثل الولايات المتحدة"، على حسب قوله.

وأضاف أن تركيا "في حاجة للتخلص من هذا الطاعون (قاعدة كورجيك)"، مجددا مطالباته بضرورة إغلاق قاعدة الرادار الوقعة جنوب شرق البلاد.

في هذا السياق، يوضح علوش أن مواقف أربكان المنتقدة للحكومة التركية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي تأتي "في إطار التوظيف السياسي، انعكست على عملية تشكيل السياسة التركية في الحرب بشكل واضح".

ويشير إلى أن "التصعيد الذي بدأته الحكومة التركية تجاه إسرائيل في هذه الحرب، ولو جاء متأخرا، على غرار فرط حظر النشاط التجاري والاقتصادي، كان استجابة لعمليات التوظيف السياسي في المشهد السياسي الداخلي".

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع التركية، نفت بعد الهجوم الإيراني على دولة الاحتلال في نيسان /أبريل الماضي، أن تكون القاعدة العسكرية جنوب شرق تركيا، قد زودت الاحتلال الإسرائيلي بمعلومات تمكنه من التصدي للهجوم.

وشدد المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، على أن "قاعدة رادار كورجيك، جرى إنشاؤها بالكامل من أجل أمننا القومي، وتهدف إلى حماية الدول الحليفة في الناتو".

ولفت أكتورك، إلى أن "المعلومات التي يتم الحصول عليها من نظام الرادار هذا تتم مشاركتها مع الحلفاء في إطار إجراءات الناتو، ولا تتم مشاركتها مع الدول غير الأعضاء في الناتو".

ما مساحة تأثير أربكان  على سياسة أنقرة؟
اتخذت تركيا، مع تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، موقفا متقدما في دعم الشعب الفلسطيني ضد حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام أنظار العالم.

والأربعاء، قدمت تركيا طلبا رسميا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي لدى محكمة العدل الدولية، في لاهاي.

وكانت تركيا اتخذت العديد من المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تعليق العلاقات التجارية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل.

والجمعة الماضي، أعلنت تركيا الحداد الوطني لمدة يوم واحد على روح رئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب إسماعيل هنية، الذي اغتاله الاحتلال خلال زيارة كان يجريها إلى العاصمة الإيرانية طهران.

وفي حين ساهمت اعتبارات السياسة الداخلية بتشكيل أنقرة بدرجة أساسية من الحرب على قطاع غزة، يشير علوش إلى العنصر الثاني الذي ساهم ببلوة هذا الموقف "يتمثل في الدبلوماسية الواقعية التي تمارسها تركيا في هذه الحرب والمصممة بشكل أساسي  لتعظيم فرص ترك من أجل تعزيز حضورها في ادارة الصراع وفي مستقبل غزة والقضية الفلسطينية في مرحلة ما بعد الحرب، والحفاظ على هامش يمنع وصول الأزمة بين تركيا وإسرائيل الى نقطة اللا عودة".

ويضيف في حديثه لـ"عربي21"، أن "المزايدات الداخلية على موقف أردوغان في القضية الفلسطينية جزء من اللعبة السياسية الداخلية"، مشيرا إلى أن "الكل يدرك أنه لا يمكن أن نتصور أن تكون هناك حكومة في تركيا لديها هذا الشخص من المرتفع من الخطاب وحتى الموقف تجاه إسرائيل غير حكومة حزب العدالة والتنمية".


ويوضح أن "هذه الأحزاب التركية لو كانت في السلطة لكان موقفها مختلف تماما لأن الاعتبارات التي تشكل السياسة التركية ليست مرتبطة فقط بما تحتاجه الهويات الأيدولوجية لهذه الأحزاب أو بما يحتاجه الجمهور التركي، بل هناك اعتبارات تتجاوز السياسة الداخلية في تشكل السياسة التركية في هذه الحرب".

في السياق ذاته، يرى السكري أن "التوجه التركي بخصوص ملف القضية الفلسطينية مرتبط بشكل أساسي بتحولات الإقليم أكثر من مواقف حزب الرفاه أو الهدى رغم تأثيرهما".

ويلفت في حديثه مع "عربي21"، أن "ذلك بسبب المتغيرات التي فرضت نفسها بعد متغير أكتوبر الإقليمي، عنوان الإقليم العريض وأحد أهم انعطافات المرحلة".

ويشدد الباحث في مركز عمران للدراسات، على أنه "ضمن هذا السياق يأتي تفاعل الموقف التركي الذي يمثل عودة للموقف التركي الكلاسيكي للعدالة والتنمية، بينما يحاول حزب الرفاه من جديد الاستثمار في الموقف انطلاقا من جدوى الخطاب الذي انعكس خلال نتائج الانتخابات الماضية رغبة بتثبيت القواعد الشعبية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد تركي منوعات تركية غزة تركيا أردوغان الاحتلال تركيا أردوغان غزة الاحتلال اربكان سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الانتخابات المحلیة العدوان الإسرائیلی السیاسة الترکیة فی القضیة الفلسطینیة السیاسة الداخلیة العدالة والتنمیة تجاه إسرائیل فی هذه الحرب على قطاع غزة فیما یتعلق حزب الرفاه محمود عباس فی حدیثه من هذا إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

تركيا وسياسة انتهاز الفرص.. لماذا عرضت أنقرة إرسال جنودها إلى أوكرانيا؟

وضعت تركيا نفسها مجددًا في مركز الجهود الدبلوماسية فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، فبعد زيارات رفيعة المستوى إلى أنقرة قام بها الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداد بلاده للعب دور الوساطة مشيدًا بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب.

قال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن بلاده التي تملك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي «الناتو» بعد الولايات المتحدة قد تساهم بجنودها في مهمة محتملة لحفظ السلام في أوكرانيا، إذا اُعتبر ذلك ضروريًا من أجل إرساء السلام والاستقرار في المنطقة، مؤكدًا رغبة تركيا في أن تكون جزءًا من أي هيكل أمني أوروبي حال انهيار الحلف العسكري على خلفية العلاقات المتوترة بين أمريكا وحلفائها الغربيين، وفقًا لـ«فرانس 24».

وأضاف المسؤول العسكري التركي خلال إفادة صحافية أسبوعية، الخميس: «نتابع المبادرات الدبلوماسية متعددة الأبعاد الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا بالتنسيق مع المؤسسات ذات الصلة وبوجهة نظر تركية في إمكانية تحقيق السلام العادل والدائم من خلال تمثيل طرفي الصراع على قدم المساواة والإنصاف».

وعبّرت تركيا عن ترحيبها بمبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدةً استعدادها لاستضافة المفاوضات بين الجانبين، كما فعلت من قبل عندما استضافت جولة مباحثات أولية في إسطنبول خلال إبريل 2022، أي بعد وقت قصير من اندلاع الحرب.

وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان في كلمة خلال مشاركته في إفطار لسفراء بلاده في أنحاء العالم، إنه لا يمكن تصور أمن القارة الأوروبية من دون تركيا التي تعتبر «جزءاً لا يتجزأ من أوروبا» ترى أن عملية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي «أولوية استراتيجية».

وفي سياقٍ متصل، أضاف مسؤول الدفاع التركية الذي لم يذكر اسمه، أن «أنقرة» بصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ودولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، يصبح التعاون معها أمرًا ضروريًا لكي تصبح أوروبا «لاعباً عالمياً» مستفيدةً بصناعتها الدفاعية المتطورة، وأدوارها المهمة في حل الأزمات الإقليمية، و«جيشها القوي»، خاصةً في هذه المرحلة التي تزداد فيها مخاوف القارة العجوز في مجال الأمن.

فيما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن بلاده تريد أن تكون جزءاً من أي هيكل أمني أوروبي جديد حال تفكك حلف الـ«ناتو»، مشيرًا في تصريحات لصحيفة «فاينانشيال تايمز» على هامش مشاركته في قمة أوروبية بشأن أوكرانيا في لندن، إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها ترامب تمثل «دعوة للأوروبيين كي يستقيظوا ويتحدوا لتصميم مركز ثقل خاص بهم».

وأضاف «فيدان»: «لقد خرج المارد من القمقم، ولا يمكن إعادته، وحتى لو قرر ترامب عدم الانسحاب من أوروبا في الوقت الحالي، فمن الممكن أن يأتي في المستقبل شخص يحمل وجهات نظر وأفكاراً سياسية مماثلة ويفكر في تقليص مساهمات أمريكا في أمن أوروبا».

من جانبها، حللت مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، وهي مؤسسة بحثية تابعة للمحافظين الجدد ومقرها العاصمة الأمريكية واشنطن، موقف تركيا الأخير الذي يعبر عن استراتيجيتها الأوسع، ففي المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الروسي، ألقى وزير الخارجية التركي باللوم في تعثر مفاوضات عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي على سياسات الهوية الأوروبية، مشيرًا إلى أن الكتلة كانت مترددة في قبول دولة ذات أغلبية مسلمة.

وقد توقفت عملية ترشيح تركيا للاتحاد الأوروبي، التي بدأت في عام 1999 وشهدت بدء المفاوضات في عام 2005، منذ عام 2016 بسبب المخاوف بشأن التراجع الديمقراطي والنزاعات مع اليونان وقبرص.

وتوضح «الدفاع عن الديمقراطيات»، أنه من خلال تعزيز دورها في محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، ربما تحاول تركيا الضغط على الاتحاد الأوروبي لحمله على تقديم تنازلات، مثل تحرير التأشيرات وتوسيع اتفاقيات الجمارك، أو ربما تستغل «أنقرة» المخاوف الأوروبية المتزايدة من تضاؤل ​​الوجود الأمني ​​الأميركي، على أمل وضع نفسها كلاعب جيوسياسي رئيسي.

ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يعرض أردوغان العلاقات مع روسيا للخطر من خلال الدفاع الكامل عن قضية أوكرانيا، بل إن اعتماد أنقرة الاقتصادي على موسكو بدءًا من واردات الطاقة إلى الصادرات الزراعية، يمنح بوتن نفوذًا على تركيا، ومن غير المرجح أن يتغير سلوك أردوغان المتوازن نُصرةً لـ«كييف»، فهو سيواصل تقديم الدعم اللفظي لسيادة أوكرانيا في حين يعمل في الوقت نفسه على تسهيل المحادثات بين موسكو وواشنطن، بحسب تحليل المؤسسة البحثية الأمريكية.

وتتجلى حالة الريبة حول توجهات تركيا وسعيها إلى اللعب على حبلين من وجهة نظر حلفاء الناتو، في تصرفات الرئيس التركي التي تجعله «شريكًا غير موثوق به»، فمن مقاومة بلاده لانضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي مرورًا برفضه التخلي عن نظام الصواريخ الروسي الصنع «S-400» وصولاً إلى التقرب من خصوم أوروبا خاصةً روسيا والصين، كل هذه الأمور تعزز الشكوك حول نية أردوغان من تدخله على خط المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا.

المصري اليوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مصادر لـعربي21: تركيا مطلعة وتشعر بارتياح إزاء اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل مهمة
  • مصادر لـعربي21: تركيا كانت مطلعة على اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل هامة
  • مصادر عربي21: تركيا مطلعة وتشعر بارتياح إزاء اتفاق قسد ودمشق.. تفاصيل مهمة
  • كيف تنظر أنقرة إلى الاتفاق بين دمشق وقسد؟.. جولة في الصحف التركية
  • أردوغان يعلق على أحداث الساحل السوري ويرحب برسائل الشرع الحازمة
  • أنقرة ومصالحها في شمال العراق.. الأسباب الحقيقية لبقاء القوات التركية
  • المجلس المصري للشؤون الخارجية يثمن موقف الصين الداعم لخطة السلام في غزة
  • هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟
  • لوموند: تركيا شريك لا غنى عنه لأوروبا الضعيفة
  • تركيا وسياسة انتهاز الفرص.. لماذا عرضت أنقرة إرسال جنودها إلى أوكرانيا؟