منتجعات طقوس الغضب.. هل تعزز الصحة العقلية؟
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
في ظل التطور السريع الذي تشهده صناعة العافية والرعاية الذاتية وخدماتها في السنوات الأخيرة، ظهرت اتجاهات جديدة وغير تقليدية تلفت الانتباه، على منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة بين النساء. من بين هذه الاتجاهات "طقوس الغضب"، وهي ممارسة تجمع بين العلاجات النفسية والبدنية وتتيح للنساء التعبير عن مشاعرهن السلبية بحرية تامة في بيئة آمنة وداعمة.
ما طقوس الغضب؟
وفق ما نشرته صحيفة "إندبندنت البريطانية"، فإن طقوس الغضب هي نهج غير تقليدي في التعبير عن الغضب في بيئة آمنة وداعمة، وعادة ما يتم تنظيم هذه الفعاليات في الغابات المنعزلة بعيدا عن المناطق السكنية، مما يسمح للمشاركات بحرية تجسيد غضبهن بالكامل والتخلص من مشاعرهن السلبية دون انزعاج أو خوف من إصدار الأحكام عليهن.
تبدأ الجلسات بتمارين التنفس العميق وبعدها تستمر المشاركات في الصراخ المدوي ويحطمن الأشياء ويضربن العصيَّ على الأرض لمدة لا تقل عن 20 دقيقة أو حتى يصبحن غير قادرات على تحريك أذرعهن، بعض النساء يدخلن في نوبة بكاء لا يمكن السيطرة عليها وبعضهن يصبن بجروح وكدمات في أيديهن.
تُنسب بداية هذه المنتجعات إلى العرابة الروحية، ميا باندوتشي التي كانت تقود طقوس الغضب في مجموعات مقتصرة على الأصدقاء وسط المناظر الطبيعية في أسكتلندا لعدة سنوات، ومع إدراكها الإمكانات العلاجية الهائلة لمثل هذه الطقوس قامت بدمجها في رحلاتها العلاجية التي تستغرق أياما بتكلفة ألفين إلى 4 آلاف دولار، وفق موقع "صن شاين برادايس"
التنفيس عن الغضبأثناء طقوس الغضب، تقود باندوتشي، المشاركات خلال عمليات الإحماء ثم تصرخ فيهن باستحضار مشاعرهن تجاه كل شخص تجاوز حدوده معهن أو آذاهن أو استغلهن أو أساء إليهن بأي شكل من الأشكال ومن ثم تركيز جل غضبهن عليه، وبمجرد التخلص من الشحنات العدائية، يشعرن بالاسترخاء وهذا هو السبب وراء زيادة الطلب على هذه الفعاليات، حتى إن بعض المنتجعات الصحية في أميركا والدول الأوروبية صارت تقدم هذه الطقوس كجزء من برامجها.
العرابة الروحية ميا باندوتشي: المعايير المجتمعية تقمع فرص التعبير عن المشاعر بصدق (شترستوك)تقول باندوتشي لموقع "يو إس إيه توداي"، إن المعايير المجتمعية تقمع فرص التعبير عن المشاعر بصدق، فتمنع الرجل من البكاء وتشيطن مشاعر الغضب بين النساء، وقد يتحول هذا الحرمان إلى قوة مدمرة تؤثر على صحتنا النفسية والعقلية، وأضافت، إن تنفيس المرأة عن غضبها يساعدها على تجاوز ما مرت به وتشعر بمزيد من القدرة على السعادة والمتعة ومن ثم تعود إلى عائلتها بمزيد من مشاعر الراحة والسلام والامتنان.
عبرت إحدى المشاركات بأن منتجع "طقوس الغضب" يعد المكان الوحيد الذي تكون فيه المرأة غاضبة ومتوحشة ومع ذلك لا ينظر إليها سوى بالحب والقبول والرعاية، وأضافت، إن المجتمع يميل إلى وصم النساء الغاضبات فلا يوجد مكان يمكن أن تكون فيه المرأة قادرة على الغضب دون إدانتها بعبارات مثل "إنها مجرد هرمونات، إنها مجنونة، إنها غير متزنة أو إنها في فترة الحيض"، وفق ما نقله موقع "فوكس نيوز".
هل طقوس الغضب مفيدة؟تقول المعالجة النفسية، ستيفاني ساركيس لموقع "يو إس إيه توداي" إن طقوس الغضب يمكن أن تكون مفيدة، إلا أنها ليست مناسبة للجميع، وتشير إلى أن بعض الأشخاص قد يفضلون ممارسة إستراتيجيات التنشيط، مثل لَكْم شيء آمن أو القيام بتمارين رياضية مكثفة، والبعض الآخر قد تناسبه إستراتيجيات مهدئة مثل التنفس العميق أو المشي أو الاستماع إلى موسيقى هادئة، ولهذا من المهم معرفة أفضل طريقة للتعامل مع الغضب قبل الخضوع لطقوس الغضب.
الصراخ يعطي صوتا لمشاعرنا ويحولها من شيء صامت داخليًا إلى شيء محسوس ومسموع جسديًا (غيتي إيميجز)وأضافت ساركيس "عندما تفعل المرأة شيئًا كهذا، من المهم أن تعرف ما إذا كان ذلك سوف يؤدي إلى تفاقم غضبها أم أنه سيقلل منه" إذ إن هذا الأمر يعتمد على أساس فردي ويعتمد كذلك على الخبرات السابقة والتكوين الشخصي وكيمياء الدماغ.
وعلى جانب آخر، يرفض معظم المعالجين النفسيين العلاج بالصراخ، لعدم وجود أدلة تدعم فاعليته على المدى الطويل، فضلا عن المخاطر المحتملة لإعادة الصدمة. ونقلا عن موقع "هام نيوتريشن" يقول الطبيب النفسي، ريان هوز، إن الصراخ قد يوفر راحة مؤقتة، إلا أنه لا يعالج بالضرورة الأسباب الجذرية التي أدت إلى هذه المشاعر، فهو يشبه وضع ضمادة على جرح عميق، وبالتالي يمكن استخدامه فقط كخطوة أولية تتبعها أنواع العلاجات الأخرى القائمة على الأدلة مثل العلاج السلوكي المعرفي لاكتشاف ما يكمن وراء الألم والوصول إلى حلول جذرية.
ويلفت الطبيب النفسي، أن الصراخ يعطي صوتا لمشاعرنا ويحولها من شيء صامت داخليا إلى شيء محسوس ومسموع جسديا، وبالتالي يصبح من الصعب إنكارها وتجاهلها مما يعزز التعاطف مع النفس وفهم مقدار ما كنت تخفيه بداخلك، وقد ورد في دراسة أجريت عام 2019 أن الاستمرار في إخفاء المشاعر يشكل عائقا أمام الصحة الجسدية ويجعل الشخص أكثر عرضة لمجموعة متنوعة من الأعراض تتراوح بين نزلات البرد الشائعة إلى السمنة والسرطان، وكذلك يسبب مجموعة من المشاكل العقلية والنفسية مثل القلق والغضب والاكتئاب.
المعالج النفسي الأميركي آرثر غانوف: إطلاق المشاعر المكبوتة من خلال الصراخ يعزز الشفاء النفسي والنمو الشخصي (شترستوك) العلاج بالصراخيعود أصل العلاج بالصراخ إلى المعالج النفسي الأميركي، آرثر غانوف، الذي اعتقد أنَّه أكثر فاعلية من أي علاج إدراكي آخر، وقد قام بالترويج له في كتابه "العلاج البدائي" الذي نشر عام 1970 وركز على فكرة مفادها أن إطلاق المشاعر المكبوتة من خلال الصراخ يعزز الشفاء النفسي والنمو الشخصي، من خلال مراحل يمر بها الشخص تتمثل في معايشة أحداث مؤلمة حدثت من قبل، والتحرر العاطفي من مشاعره المكبوتة، ثم التطهير والشفاء والتخلص من عبء الألم العاطفي.
خطوات للتعامل مع الغضب بوعييقدم موقع "هيل يور نيرفس سيستم" مجموعة من الإستراتيجيات الفعالة للتعامل مع الغضب بوعي ومنها:
ممارسة التأمل واليقظة الذهنية: تعزز الوعي بالمشاعر والتعامل معها بهدوء.
حمام ماء ساخن: أظهرت الدراسات أن غمر الجسم في ماء بدرجة حرارة 38 درجة مئوية يهدئ الجسم. ولتعزيز الاسترخاء، يمكن إضافة ملح أبسوم أو بعض الزيوت العطرية مثل الخزامى والبرغموت إلى ماء الاستحمام.
عناق أحد الأحباء أو حيوان أليف: يعزز إفراز هرمون الأوكسيتوسين مما يساعد على تهدئة الأعصاب.
ممارسة الهوايات: مثل البستنة، العزف، الرسم، القراءة أو الخياطة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات التعبیر عن
إقرأ أيضاً:
إياك والغضب.. فالكلمة تزول والأثر يبقى
قصة وعبرة
إياك والغضب.. فالكلمة تزول والأثر يبقى
والد لديه ابن وحيد، وكان يرى أنه كثرة الغضب والعصبية، فأراد أن يهذب طباعه للأفضل. فأمره بأن يدق مسمارا بكل مرة يغضب فيها بسياج الحديقة الخشبي. وبالفعل الابن بكل مرة يغضب فيها من والده أو معلمته أو أحد زملائه، يكظم غيظه حتى يعود للمنزل ويدق المسمار، أقنع الابن أن دق المسمار سيخلصه من الشعور بالغضب الشديد وسيقيه من إلقاء غضبه كاملا على من أغضبه.
وبعد أسبوع واحد طلب منه خلع كافة المسامير من السياج الخشبي، ففعل الابن ما أملاه عليه والده، وعندما أخرج كل المسامير وجد أن مكانها لم يمحى بإخراجها، أخبره والده قائلا: “هذه نتيجة كلماتنا وأفعالنا أثناء الغضب، يفعل هكذا بقلوب الآخرين تترك أثرا لا يمكن إزالته”
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور