الأنماط السياحية وتنمية المحافظات
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
مع شروع التحول الذي انتهجته سلطنة عُمان نحو اللامركزية في نظم الإدارة المحلية كتبت مكثفًا عن أهمية فكرة (تخليق النماذج Create models)؛ ومعنى ذلك كيف يمكن أن تشخص كل محافظة مزاياها النسبية وتحدد عناصرها التنافسية وتنتقل فيما بعد إلى خلق النموذج التنموي الخاص بها، هذا النموذج ينسحب على طبيعة الاقتصاد الذي يعضد التنمية في المحافظة، وعلى طبيعة القطاعات التي يمكن أن تخلق فرصًا اقتصادية؛ سواء كانت فرص تشغيل أو فرصًا للمحتوى المحلي بما في ذلك مجالات عمل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما أن هذا النموذج يمكن أن ينسحب على المؤسسات الأكاديمية العاملة في هذه المحافظات لتكون ذراعًا أكاديميًا وبحثيًا ومعرفيًا مساندًا لتطوير هذا النموذج، وتحقيق مقتضيات الابتكار التي ترفعه، وحفز البحث العلمي حول المجالات التي تنبثق منه.
في الواقع هناك تغيرات رئيسية أصبحت اليوم تلحق بأنماط واتجاهات وتفضيلات وسلوكيات السياح والمسافرين، هذه التغيرات منشأها التأثير الراهن للاضطرابات السياسية والعسكرية عالميًا، ووجود قيود على السفر تطرأ بين حين وآخر وتكون ناشئة عن هذه الاضطرابات، وما يحلق ذلك من تغير في الإدراك Change in perception حول بعض الوجهات؛ مما يؤدي إلى زيادة متنامية فيما يعرف بالطلب على السفر الآمن. عوضًا عن ذلك فقد أفرزت الجائحة تحديدًا طلبًا على السفر في الطبيعة كمقصد للتعافي، والسفر في الطبيعة يتم ترجمته في هيئة وجهات ومقاصد معينة. ما يمكن أن يدعم فرضيتنا هنا النتائج التي توصل إليها تقرير ماكينزي حول قطاع السفر والضيافة (مايو 2024) والذي أشار إلى أن السفر المحلي لا يزال يمثل الجزء الأكبر من السوق عالميًا ، حيث يمثل 75٪ من الإنفاق العالمي على السفر ويتوقع كذلك أن يظل السفر المحلي يمثل 70٪ من الإنفاق، بحلول عام 2030. واحدة أيضًا من الملامح المرصودة في تغير هذه الأنماط هو زيادة إقبال الناس على السفر المقصود نحو الأحداث الرياضية ففي الاستطلاع السنوي الذي تجريه American express حول اتجاهات السفر والسياح حول العالم 2024 أشار ما نسبته 67% من المستجيبين من جيل الألفية والجيل Z (مقارنة بـ 58% من جميع المستجيبين) بأنهم مهتمون بالسفر لحضور الأحداث الرياضية في عام 2024. تتضمن هذه الأحداث بطولات كرة القدم وسباقات الفورملا 1 بالإضافة إلى مباريات كرة السلة.
تشكل المنطقة عمومًا وجهة مقصودة خاصة مع ظهور نمط جديد من السفر ما يسمى بالسفر في غير المواسم السياحية، وهذا النمط أساسه رغبة السائح في تكرار العودة أو قصد الذهاب إلى وجهة معينة (خارج الموسم السياحي) لوجود إما رغبة في الاستكشاف، أو هروبًا من ازدحام الموسم، أو وجود علاقة وجدانية تربطه بالمكان، بعيدًا عن اعتبارات الطقس أو الأحداث والفعاليات. وهو ما مثل فرصة لبعض دول المنطقة في وضع أجندة سياحية طوال الموسم لبعض وجهاتها، إضافة إلى تطوير وجهات جديدة استنادًا إلى عامل الطبيعة أو الطقس أو الموقع الجغرافي أو الإرث الثقافي. ونعتقد أن الفرصة في سلطنة عُمان لا تقل وزنًا عن مثيلاتها في المنطقة. عُمان بأكملها يمكن أن تكون موسمًا متكاملًا مترابطًا، تحت سردية واحدة، ولكن الانتقال إلى هذه السردية السياحية يمكن أن يضع في الاعتبار ثلاثة موجهات أساسية لتكتمل المكنة: الأول بالتركيز والاستثمار في فكرة البنى السياحية المتكاملة، والخروج من المركز، مع الاهتمام بشكل أوسع بالوجهات التي تتكامل فيها المواسم السياحية. أما الموجه الثاني فيمكن أن يكون التركيز على السياحة القائمة على المجتمع والإرث أحد العناصر التي يمكن أن تنشط المشهد السياحي؛ ونقصد بها كيف يمكن أن تكون هناك مبادرات تمكن السياح من تجربة ثقافة العيش مع المجتمع وفق ضوابط سياحية محددة، من خلال ممارسة أنشطة الانتاج أو تجربة عناصر الثقافة اليومية؛ فموسم سباقات الهجن على سبيل المثال ليس مجرد موسم رياضي وإنما هو ثقافة معاشة متكاملة بممارساتها وعاداتها وفنونها وتقاليدها وأنماط التفاعل الاجتماعي فيها؛ وهو في الوقت نفسه يمثل فرصة للسائح أو الزائر لاكتشاف بعد من أبعاد الثقافة العُمانية وتجربتها، وقس على ذلك في أنشطة الصيد، أو قطاف بعض الأشجار، أو صنع السفن الخشبية وستجد أن هناك العشرات من الممارسات الثقافية المعاشة يمكن أن تمثل فرصة اقتصادية بمجرد اجتذاب السياح والزوار لتجربتها والتعايش معها. الموجه الثالث هو في ضرورة تخصيص التجربة السياحية؛ كأن تكون هناك على سبيل المثال وجهات مخصصة للاسترخاء والاستشفاء وبالتالي تمثل تلك الوجهة أو الولاية مقصدًا سياحيًا متكاملًا لتلك السردية، أو أن تكون وجهة ما مخصصة لسياحة المغامرات ويراعى فيها اجتذاب أشكال مختلفة ومتنوعة من المغامرات وعلى مستوى تنافسي وعليه تكون مقصدًا محليًا ودوليًا لهذا الغرضة أو هذه التجربة. إن هذا التخصيص في ذاته لابد أن ينبثق من رؤية سياحية كبرى يتم العمل والتوافق عليها وتعمل لاحقًا المحافظات على تطوير عناصرها بما يتناسب مع تسويق كل محافظة بكونها وجهة لتجربة ما في إطار المشهد السياحي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی یمکن على السفر أن تکون یمکن أن
إقرأ أيضاً:
«شاطئ الزبارة».. تحفة جديدة في مشاريع الشارقة السياحية
يمثل شاطئ الزبارة في مدينة خورفكان إضافة فريدة إلى قائمة الوجهات الساحلية التي تم تطويرها وتزويدها بخدمات ومرافق جديدة، ويأتي ضمن توجيهات ورؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الهادفة إلى تعزيز جاذبية المدينة وتحويلها إلى إحدى أبرز الوجهات السياحية، ومع اكتمال مشروع تطويره، يشهد الشاطئ إقبالا كبيراً كونه خياراً مثالياً للترفيه.
يعد شاطئ الزبارة تحفة جديدة تضاف إلى قائمة المشاريع التطويرية في إمارة الشارقة، حيث يجمع بين جمال الطبيعة الساحرة ورفاهية المرافق الحديثة، ذلك لأن تصميمه تم بعناية فائقة ليمثل نقلة نوعية في مفهوم الشواطئ الترفيهية، ويشمل مرافق متكاملة تلبي احتياجات جميع أفراد العائلة، من مناطق ألعاب آمنة للأطفال، ومساحات مخصصة للاسترخاء، وممشى ساحلي يوفر تجربة فريدة لمحبي المشي والاستمتاع بالإطلالات البحرية.
تحسين البنية التحتية
أكد المهندس يوسف خميس العثمني، رئيس هيئة الطرق والمواصلات بالشارقة، أن تطوير مشروعي شاطئي اللؤلؤية والزبارة في مدينة خورفكان يأتي تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، بهدف تحسين البنية التحتية للمدينة وتعزيز مكانتها.
وبيّن أن المشروع الذي يمتد على طول 1.3 كيلومتر، يتضمن طريقاً بمسارين بعرض 7.3 متر، إضافة إلى تنفيذ ميدان متكامل ومواقف سيارات عمودية تتسع ل 705 مركبات، إلى جانب تطوير ممرات مخصصة للمشاة وأعمدة الإنارة للطريق، ما يعكس حرص الهيئة على تنفيذ مشاريع تواكب أعلى معايير الجودة تلبي تطلعات السكان والزوار.
وأشار العثمني، إلى أن هذا المشروع يشكل إضافة مهمة تعزز مكانة خورفكان إحدى أجمل الوجهات السياحية في الدولة، وخاصة أن شواطئها تعد مقصداً مفضلاً للعائلات والزوار الباحثين عن الاستجمام وسط الطبيعة الخلابة، موضحاً أن المشروع يدعم الجهود الرامية إلى تطوير المدينة وتحسين جودة الحياة. وأضاف أن الهيئة ستواصل تنفيذ المزيد من المشاريع التنموية في الإمارة، بما يسهم في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة نحو تعزيز التنمية المستدامة وجعل إمارة الشارقة نموذجاً حضارياً يحتذى به.
شكر وامتنان
عبر سكان مدينة خورفكان عن امتنانهم العميق وتقديرهم الكبير لجهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، في تطوير الإمارة ومدينتهم وكافة مناطقها، لافتين إلى ما تم تحقيقه من تطوير كورنيش الزبارة وسبقه كورنيش اللؤلؤية، لتصبح وجهات ترفيهية مميزة للعائلات.
وقالت المواطنة عائشة يوسف المطلعي: «نشكر والدنا صاحب السمو حاكم الشارقة، على مواصلة هذه المكرمات وتنفيذ المشاريع الحيوية والمرافق الجميلة في منطقتي اللؤلؤية والزبارة»، لافتة إلى أن كورنيش الزبارة الجديد يشكل وجهة إضافية للاستمتاع، وأصبح مكاناً مثالياً لتجمع العائلات في بيئة نظيفة ومجهزة بأفضل المرافق الترفيهية.
من جانبه، قال المواطن علي خلفان النقبي: «لقد أصبح شاطئ الزبارة وجهة مفضلة للعائلات، حيث يوفر أجواءً أكثر راحة وجمالاً بعد التجديد، ومن هنا أود أن اتوجه بالشكر لمقام سيدي صاحب السمو حاكم الشارقة، على هذه النوعية من المشاريع الخدمية التي حولت إمارتنا الباسمة إلى أهم المدن السياحية محلياً وعالمياً».
الطبيعة المحلية
قالت المواطنة أسماء الريسي، إن هذه المشاريع التنموية تساهم في تعزيز جودة الحياة وتسهيل الاستمتاع بالطبيعة المحلية، وقد زاد هذا المشروع من جمال مدينة خورفكان عروس الساحل الشرقي، ليصبح كورنيش الزبارة الجديد وجهة تجمع للعائلات في أجواء أكثر راحة وجمالاً.
فيما تصف المواطنة سارة الرئيسي، صاحب السمو حاكم الشارقة بالقائد الملهم ومصدر فخر لنا جميعاً، ونحن نرى بصمته الواضحة في التطور الكبير الذي تشهده الإمارة، معربة عن امتنانها لسموه على مكارمه السخية المتواصلة التي تخدم المواطن.
ويمثل مشروع تطوير كورنيش الزبارة خطوة جديدة نحو تعزيز مكانة خورفكان كوجهة سياحية متميزة، تجمع بين أصالة الطبيعة ورفاهية الخدمات، لتتحول إلى مقصد سياحي راقٍ يلبي تطلعات السكان والزوار، ويعكس رؤية مستقبلية قائمة على التنمية المستدامة والتطوير المستمر.