لجريدة عمان:
2025-04-30@19:14:58 GMT

مجتمعات وسائل التواصل الاجتماعي

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

شهد العالم منذ أكثر من عقد تحولات تقنية هائلة، انعكس أثرها على كافة مناحي الحياة؛ إذ أصبحنا نعيش عصر الأقمار الاصطناعية المتطوِّرة، وشبكات الإنترنت التي أحدثت ثورة معلوماتية حديثة قادت نحو المزيد من التوسعات التقنية ليس آخرها الذكاء الاصطناعي التوليدي وما يشكِّله من انفتاح واستحواذ على العالم التقني ومجتمع البيانات الضخمة.

ولعل من أهم تلك التحولات التي أحدثت تغييرات على مستوى المجتمعات هي وسائل التواصل الاجتماعي، التي يُنظر إليها اليوم باعتبارها نافذة مهمة من نوافذ التواصل مع العالم الخارجي، وقوة إعلامية أصبحت لها مكانة بين وسائل الإعلام المختلفة، ولأنها وسائط مفتوحة فإنها تقدِّم فرصا للتسويق والترويج والتواصل الإعلامي، الأمر الذي دفع العديد من الأشخاص إلى ولوج هذا العالم وإبراز مواهبهم وقدراتهم سواء أكانت مواهب حقيقية أو ترويجا يسعى إلى إبراز قضايا مجتمعية عامة أو متخصصة.

إن عوالم وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت الكثير من التغييرات على المستوى الاجتماعي سواء في مفاهيم التواصل نفسها، أو تحولات في العلاقات والصداقات والنقاشات الثنائية أو الجماعية باعتبارها نوافذ محادثات تفاعلية عبرت حدود العالم، وسواء أكانت تلك المحادثات إيجابية أو سلبية فإنها قدَّمت إطارا مفاهيميا مختلفا للحوارات وبناء التعارف على المستوى الاجتماعي، فالأمر هنا لا يتعلَّق بالمحادثة باعتبارها افتراضية بقدر ما يرتبط بآثارها على المجتمع على المستوى الأخلاقي والقيمي.

ولأن هذه الوسائل التقنية كما يعرِّفها صانعوها (مجتمعات على شبكة الإنترنت)، فإنها تقوم على عالم افتراضي، غير أنها وفق مراحل تطورها قدَّمت نماذج قادرة على التأثير المباشر على المجتمعات الواقعية من خلال ما تثيره من قضايا أو ما تقدمه من محتويات إلكترونية توظَّف من أجل التعليم، أو تقمُّص لهُويات وانتماءات اجتماعية أو سياسية أو دينية أو اقتصادية أو غير ذلك،إضافة إلى تلك الأيديولوجيات الثقافية والفكرية وما تبثه من إعلام إخباري أو تداولات لمعلومات أو ممارسات مغلوطة.

فعلى الرغم من الإيجابيات العديدة التي قدمتها وسائل التواصل الاجتماعي خاصة في مجالات التعليم والتسويق والإعلان، وإبراز المواهب وممارسة الهُويات، إضافة إلى أهميتها الكبرى في مجالات التواصل الاجتماعي والمهني المفتوح مع الآخر، إلاَّ أنها في مقابل ذلك مثَّلت العديد من التحديات من خلال الكم الهائل من البيانات والمعلومات المغلوطة التي تبثها بقصد أو بغير قصد نتيجة انفتاح تلك المواقع وإمكانية البث المباشر ومخاطبة المجتمع دون التفكير بتبعات ما يُبث أو ما يُنشر.

إن انفتاح تلك المواقع وسهولة استخدامها دفعت المجتمعات إلى استحداث العديد من التشريعات والسياسات التي تحد من إشكالات استخدامها وتحدياتها، وتعرضها إلى انتهاكات عدة في التعدي على الحريات الشخصية والتنمر أو ما يمس بأمن الدول وحماية خصوصياتها وهُوياتها الوطنية، والحد من الآثار المترتبة على القطاعات التنموية جرَّاء بث البيانات المغلوطة والمعلومات المظللة، التي قد تؤدي إلى إثارة الرأي العام أو التأثير المباشر على قطاع بعينه مما ينعكس أثره على المجتمع كله.

إن مجتمعات وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعات افتراضية تم توظيفها من أجل عرض الأفكار والأيديولوجيات وإنتاج المفاهيم الثقافية الجديدة، التي نُقِلت إلى المجتمعات باعتبارها حداثية، ولذلك فقد شكَّلت وما زالت خطرا على العادات والتقاليد والهُويات عموما، وأصبحت المجتمعات الواقعية تتدافع مع المجتمعات الافتراضية من أجل الحفاظ على خصوصياتها وقدرتها على التطوُّر الحضاري دون أية تأثيرات قد تُحدِث خللا في الركائز الأساسية للمجتمع.

ولعل من بين أهم تلك الوسائط التي توجَّه للمجتمعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي الإعلانات التي باتت تمثِّل شغفا لدى مؤثري تلك الوسائل ومشهوريها، مما جعلها هدفا للكسب والشهرة بصرف النظر عن غاياتها أو انعكاساتها على الفئات المجتمعية المستهدفة، فالإعلانات الرقمية التي تبث عبر هذه الوسائط غالبا ما ترتكز على المأكولات أو الأزياء أو المعتقدات أو الممارسات اليومية، الأمر الذي جعلها قادرة على التأثير المباشر خاصة على فئات الناشئة والشباب، فجعلت الحياة استهلاكية قائمة على الاستهلاك اليومي أكثر من التركيز على المضمون والجوهر.

ولأن الإعلانات الرقمية مؤثرة وأكثر انتشارا بحكم طبيتعها وسهولة ترويجها، فإنها تستخدَّم للترويج للسلع وكذلك الأفكار والمعتقدات، إضافة إلى إمكانيات استهدافات معينة لاقتصاد دولة ما أو سياحتها أو حتى النيل من سمعتها وهدم أو تشويه صورتها الذهنية الحضارية أو الأخلاقية، ولذلك فإن هذه الإعلانات تُعد أخطر الوسائل التي يمكن تبنيها من قبل المؤثرين الذين يمكن أن يتسببوا في تلك الإشكالات عن دراية أو قد يكون عن جهل في ظل السعي نحو الربحية.

إن التطور التقني الذي تشهده وسائل التواصل الاجتماعي، واستحداث ضوابط وسياسات تضمن إيجابية استخدامها، وسَّعت أنماط ذلك الاستخدام وعزَّزت تفاعل الناس معها وتبنَّت شبكات دمج دعمت الاستفادة منها في قطاعات الأعمال والعلامات التجارية وفتحت مساحات للإبداع المشترك ومنصات للتفاعل الإيجابي الذي يمكن من خلاله إفادة المجتمعات وتوسيع آفاق التعليم والمعرفة، وعلى الرغم من هذه التطورات التي دعمها عالم الذكاء الاصطناعي على أهميتها وقدراتها، إلاَّ أن الكثير من أفراد المجتمع ما زالوا لا يدركون مكامنها وما يمكن أن تقدمه إذا ما تم استخدامها بطرائق إيجابية؛ بحيث تكون ساحات تعزِّز فعل المواطنة وتقدِّم آفاق متجددة للتطوير والتنمية.

إنها الهُوية الرقمية التي تقوم على معرفة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي للحقوق والواجبات التي علينا جميعا القيام بها في خضم التدافع الكبير الذي يشهده مجتمع العالم الافتراضي؛ فهذه الهُوية تحمي الأفراد من الوقوع في مطبات هذه المواقع وتعرِّفهم بالإمكانات الهائلة التي يمكنهم الاستفادة منها في سبيل تطوير مهاراتهم وتنمية أعمالهم، والحال هنا لا يقتصر على الإعلانات الهزيلة المباشرة التي يقدمها (مشاهير التواصل)، إنما بالإبداعات والابتكارات التي يمكن أن تمثِّل دعما كبيرا للتطوير المعرفي وتنمية القطاعات المختلفة في المجتمعات.

يحدثنا تقرير(توجهات وسائل التواصل الاجتماعي للعام 2024)، أن هناك اتجاهات جديدة وتطوُّرات عديدة سوف تحدث على هذه المنصات والمواقع بسبب الرؤى الجديدة والخطوط العريضة والأفكار الحديثة التي أنتجها الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة، مما سيُسهم في (تسريع عملية إنشاء المحتوى وجعله أكثر مرونة واتصالا)؛ إذ ستشهد وسائل التواصل الاجتماعي ترقية في العديد من الأدوات التي ستمكِّن المبدعين من عرض ابتكاراتهم، وستكون هناك أدوات حديثة متمكِّنة من توليد الأصوات والموسيقى وتوسعة عالية الجودة للأعمال التجارية.

وفي استطلاع أعده التقرير كشف أن الصورة وصناعة الفيديو في هذه المواقع أكثر قدرة على التواصل وفاعلية في الترويج والتسويق؛ إذ يعتقد (أكثر من 92٪ من المسوقين الذين شملهم الاستطلاع أن مقاطع الفيديو توفِّر عائد استثمار كبير)، الأمر الذي يحيل إلى ضرورة التنبه إلى خطورة الصورة في التسويق الإيجابي أو حتى السلبي وقدرتها على البناء أو الهدم في مجتمعنا، فما نبثه من فيديوهات وما ننقله من أفكار أو نسوِّقه من إعلانات تكشف عمق فكرنا وفهمنا للهُوية الرقمية المرتبطة بهُويتنا المجتمعية ومواطنتنا.

إن كل ما ننشره عن أوطاننا أو ما نؤمن به من قضايا وأفكار، أو حتى ما نعتقده في الآخر سواء أكانت أوطان أو جماعات، ذلك كله يكشف هُويتنا ومكامن أخلاقنا وقدرتنا على تحري المصداقية والموثوقية، فلنكن صوتا للحقيقة وصورة مشرقة لوطننا وخُلقا يكشف المكامن الحضارية والفكر المستنير لهذا الوطن الغالي، ولتكن وسائل التواصل الاجتماعي نافذة للتواصل الحضاري ووسائط تقنية واعدة للإبداع والابتكار الخلاَّق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی العدید من

إقرأ أيضاً:

الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية

يأخذك الحديث وأنت تتأمل فيلم غيوم لمُزنة المسافر إلى التطور الفني والموضوعي في تجربتها، موضوعا التعددية الثقافية والعرقية في المجتمع العماني كمصدر ثراء غني، تتجه إليه مزنة في استقصائها الطويل، مزيلة وهم ما يفصل بيننا، عبر البحث عن ما يجمع بيننا ويأتلف في نسيج اجتماعي واحد. عبر هذا الثراء العرقي واللغوي نخلق تجانسنا الحقيقي، التجانس المميز لمجتمعنا منذ جذوره التاريخية البعيدة. فنيا يشكل فيلم غيوم تحولا نوعيا تخرج به مزنة عن الطرح الأفقي للتجربة، عن أحكام البداية فتتسلسل الأحداث وصولا إلى نهايتها. فيلم غيوم يخرج عن القوالب التقليدية في السينما منحازا إلى شاعريتها، الغائب والماضي والمفقود هم من يشكل وهج الأحداث، ويدفع بشخوصه إلى المحبة والأسى والفراق والندم، محكومة بالماضي الذي تسدل ظلال أحداثه على الحاضر والمستقبل معا. فنيا ينحاز السيناريو إلى الصورة السينمائية عنه إلى الحوار، الصورة خاصة في تجسيدها المباشر لملامح شخوص الفيلم، قادرة حقا على نقل عواطفهم واختلاجات قلوبهم، سينمائيا تضفي هذه اللغة الجمال السينمائي، الذي تريد مزنة إيصاله إلينا، ما لا يستطيع الحوار نقله عبر السينما.

اختيار مُزنة لطرح تجربتها جبال ظفار، عائدة بنا إلى عام ١٩٧٨م، أي بعد ثلاثة أعوام من نهاية حرب الجبل بعد حرب طويلة استمرّت عشرة أعوام. هذه الحرب هي الماضي الذي يثقل أرواح رعاة الجبل، الماضي الذي يسدل على الحياة مشاعر الفقدان والخوف من عودة الحرب ثانية. الحرب التي تركت في كل منزل قتيلًا، أو قريبًا لقتيل، أحرقت المراعي وفتكت بالإبل مصدر حياة سكانه، والأثقل أنها تركت روح الفرقة بين أبناء الجبل، نظرا لتغير مواقفهم من موقع إلى آخر، ذلك ما نقرأ ثقله في حياة بطل الفيلم دبلان الذي يتحول بعد الحرب إلى رجل منطو على نفسه، يرفض مشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم ويقضي معظم وقته في العناية ببندقيته، وملئها بالرصاص حتى تكون جاهزة للقضاء على النمر في أي وقت تتكرر عودة الحرب ثانية إلى جبال ظفار.

مزنة في هذا الفيلم العميق والشاعري في آن تبتعد عن تقديم الرصاص والقصف والقتلى، كما أن المرأة القتيلة لم تظهر في الفيلم أبدا، رغم ظهور ذكراها المتواصل، كهاجس يومي يلازم حياة الأب وابنه عمر وابنته سلمى، المرأة ومقتلها الغامض هي السر المكتوم في الفيلم، ابنها عمر كل ليلة ينام في حضن أخته الكبرى، متخيلا والدته تنام على سحابة بعيدة في السماء، يراقب أباه يوميا أثناء تنظيف وتعمير بندقيته، محاولا أكثر من مرة خطفها منه، دون أن يتبين لنا السبب المباشر لذلك، حتى نجاح اختطافه البندقية في مشهد سينمائي أخاذ، يوجّه فيه عمر البندقية إلى صدر أبيه طالبا منه فك لغز اختفاء أمه، تكون الفرصة مؤاتية آنذاك للأب للاعتراف لابنه وابنته أن الأم قد توفيت برصاصة طائشة أثناء معارك الجبل، دون أن يحدد من أي طرف جاءت الرصاصة، ذكاء مزنة يوقف التجربة برمتها أمام تقييم جديد يكشفه التاريخ في مستقبل الأيام، والوقت ما زال باكرا لإدانة طرف ضد آخر، فقط الخوف من عودة الحرب ثانية، هي النمر الذي يستعد دبلان يوميا لمواجهته. وأخيرا لتعليم ابنه طريقة استخدام البندقية لقتل النمر وحش الحرب قبل وصوله إلى الجبال.

مصدر إيحاء غيوم هي مجموعة من الصور الوثائقية التقطها والدها الفنان موسى المسافر، الذي دون شك عاصر مرارة تلك الأحداث، تكشف لنا جانبا مهما من حياة أبناء الجبل في ظفار أثناء الحرب وبعد انتهائها. من تلك الصور الوثائقية استمدت مزنة هذا الإلهام المتدفق، وصاغت سيناريو فيلم غيوم، الذي يأتي ليس لإدانة طرف دون آخر، بل لإدانة الحروب البشرية برمتها، ذلك لأنها نظرت لنتائجها الوخيمة في عيني دبلان رب العائلة الذي مع خروجه حيا منها إلا أنه خرج مهزوما فاقد القدرة على الحياة، معذبا بالماضي الذي قدمته مزنة كنمر يفترس كل ما أمامه دون تمييز ورحمة.

مزنة تعي جيدا آثار الحروب على تغيير العلاقات الاجتماعية بين البشر، العلاقة بين دبلان وشيخ القبيلة بعد الحرب، ليست هي العلاقة إياها قبل الحرب، يتقدم شيخ القبيلة المتقدم في العمر لخطبة سلمى صبية دبلان، المرتبطة بعلاقة عاطفية مع سالم الصبي الجبلي من جيلها. يقف دبلان وهو راعي الإبل الجبلي موقفا متقدما عندما يرفض تزويج ابنته شيخ القبيلة الثري، مزوجا إياها الصبي الفقير مع مباركة الأب له بحبات من شجرة اللبان الأسطورية والتي تصل محبة أبناء الجبل لها إلى درجة التقديس، نظرا لارتباط استخدامها بطقوس دينية في معابد الأديان الهندية بل وفي معابد الأديان السماوية قديما.

الفيلم ناطق بالشحرية لغة رعاة الجبال بظفار، كان ذلك ضروريا، هذا ما أدركته مزنة، منذ بداية اشتغالها على المشهد السينمائي العماني، بما يحمله من تنوع عرقي وثقافي أخاذ منذ قديم الزمان. قبلها قدمت فيلم شولو الناطق بالسواحيلية وفيلم بشك الوثائقي الناطق بالبلوشية. هي السينمائية التي لا تعترف بفوارق وهمية بين أبناء الوطن الواحد، القادرة على اكتشاف النسيج الاجتماعي المخفي، الرابط أبناءه روحيا على أرض واحدة، وتحت سماء واحدة.

فيلم تشولو، تناقش مُزنة فيه تجربة الانتماء الوطني والحنين إلى الجذور البعيدة خلف البحار، تدور أحداثه في زنجبار، موطن أساسي لهجرة العمانيين عبر التاريخ لقرون مضت، يستقبل تشولو الصبي أخاه عبدالله القادم من عُمان، يعيشان معا توافق البحث عن جذورهم المشتركة، يتعرضان للاعتداء من رجال أفارقة بسبب انتماء عبدالله العربي الواضح في لونه، تتراءى عمان وطنا بعيدا مجهولا لتشولو، أرضا سحرية لن يعود إليها أبدا، يعود عبدالله مع أبيه ويظل تشولو ينظر إلى البحر، إلى السفن وهي تبحر عائدة إلى عمان التي لن يراها أبدا، هكذا تتكرر تجربة الماضي الساكن كقيد يرتبط به المرؤ. ولكن بشكل إيجابي في تشولو عنه في غيوم، مزنة تتجاوز تجربة الحنين النوستالجي إلى الماضي، في الفيلمين تنظر إلى الماضي كقيد يجب علينا كسره والانطلاق إلى المستقبل دون الالتفات إليه. خاصة في مرارة أحداثه كما هو في فيلم غيوم، حيث يبقى الدم الأفريقي العماني المشترك، تجربة حضارة مشتركة أيضا، تغذي النسيج الاجتماعي العماني بخصوبة العطاء في فيلم تشولو، أي أنها تنطلق من الإيجابي في ثراء الوجود العماني بشرق إفريقيا، الثراء الذي دفع بالأفارقة إلى ما هو مثمر، حيث حمل العمانيون معهم الأساليب الحديثة في الزراعة، وارتياد آفاق العمل التجاري، ونشر الدين الإسلامي وغيرها من الدلائل الحضارية المهمة، التي تؤكد إيجابية وجودهم المبكر في شرق إفريقيا. وحش الماضي الذي يصوب له دبلان وابنه عمر البندقية لمواجهته، يحتفظ له تشولو وأخيه عبدالله بمئة قطعة من المندازي الذي خبزته لهما جدتهم الإفريقية، يحشوان فم النمر المفترس بها حتى لا يكون قادرا على افتراسهما معا. ذلك دون شك مشهد طفولي ساحر يؤكد وحدة الأخوين ضد وحش الحرب المأساوية بين العمانيين والأفارقة، أي من المحبة المشتركة بينهما نخلق إمكانية التعايش المشترك والوحش الذي يطعمه الطفلان العماني والأفريقي المندازي، هي الحرب التي خلقت روح الكراهية بينهما، وآن لنا جميعا طي صفحاتها الدموية، نحو خلق عالم أجمل لأجيالنا القادمة.

مُزنة التي جاءت بعد ستين عاما على مأساة خروج العمانيين من شرق إفريقيا بطريقة مأساوية فقد فيها العمانيون الآلاف من أبنائهم ثم أنها جاءت بعد خمسين عاما أيضا بعد نهاية حرب الجبل بظفار، تنصت إلى أوراق التاريخ التي تحفظ لنا ما فقد وتم نسيانه، مؤهلة حقا للذهاب أبعد مستقبلا، نحو تقديم تجارب العطاء العماني المتدفق عبر التاريخ، ورفد السينما العمانية الناشئة بلغة شاعرية متميزة، ذلك حقا جوهر الفن الطليعي الجاد، يضيء كالنجوم ترشد المسافرين في ليل البحار إلى المجهول.

فيلم غيوم /روائي قصير /ناطق بالشحرية/ جائزة أفضل فيلم روائي قصير /المهرجان السينمائي الخليجي ٢٠٢٤م. إخراج مزنة المسافر.

فيلم تشولو/ روائي قصير/ ناطق بالسواحيلية /جائزة أفضل سيناريو /مهرجان أبوظبي السينمائي ٢٠١٤ م. إخراج مزنة المسافر.

سماء عيسى شاعر عُماني

مقالات مشابهة

  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • المجتمعات العمرانية تعلن موعد تسليم وحدات الإسكان الاجتماعي بحي النرجس
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • شاب يروي قصة حزينة عن أخيه الذي توفي قبل استلام سيارته الجديدة.. فيديو
  • «القمة العالمية للحكومات» تستشرف مستقبل المجتمعات المعمّرة
  • ريهام عبد الغفور في ماستر كلاس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير: وسائل التواصل الاجتماعي مؤذية وعانيت من سوء اختياراتي في السينما
  • من أمثلة المجتمعات التي ساندت الجنجويد بجانب القحاطة (..)
  • ريهام عبد الغفور : وسائل التواصل الاجتماعي مؤذية وعانيت من سوء اختياراتي
  • ريهام عبد الغفور: وسائل التواصل الاجتماعي مؤذية وعانيت من سوء اختياراتي في السينما
  • وزيرة التضامن الاجتماعي تتوجه إلى سنغافورة للمشاركة في المؤتمر الدولي لـ "مجتمعات الفرص 2025"