رد إيران على إسرائيل.. بين خطاباتها العلنية والخوف من المواجهة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الشعب الإسرائيلي يأخذ على محمل الجد تهديدات إيران وحزب الله بإطلاق هجوم بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل، ردا على الاغتيالين الأخيرين في بيروت وطهران.
ودللت الصحيفة على ذلك بأن الطرق المؤدية إلى تل أبيب كانت خاوية على نحو متزايد خلال الأسبوع الجاري، مشيرة إلى أن عدد الإسرائيليين الذين يسافرون إلى الخارج في أغسطس هذا العام أصبح أقل في ظل الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وحتى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أطلقا تهديدات مفصلة للغاية. ومن المتوقع أن يرد المحور الإيراني على مقتل فؤاد شكر من حزب الله في بيروت وإسماعيل هنية من حماس في طهران.
ووفقا للصحيفة، سوف يستهدف الرد أيضا أهدافا عميقة داخل إسرائيل، في وسط وشمال البلاد. ومن الممكن أن تؤدي التحذيرات المضادة الإسرائيلية، إلى جانب الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتهدئة الوضع، إلى دفع إيران وحزب الله والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق إلى محاولة تخفيف الضربة إلى حد ما على الأهداف المدنية.
ومن المرجح، بحسب الصحيفة، أن يستهدف الجزء الأكبر من الهجوم أهدافا عسكرية وأمنية، لكن تلك التي تقع بالقرب من المراكز السكانية، بطريقة ترسل في الوقت نفسه رسالة تهديد وتزيد من خطر تعرض المدنيين للأذى.
لكن الصحيفة أشارت إلى أن أي عمل عدواني مفرط، وخاصة العمل الذي يتسبب في سقوط العديد من الضحايا المدنيين، من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل قاس من جانب إسرائيل ويدفع الشرق الأوسط إلى موقف قريب للغاية من الحرب الشاملة.
والتقييم الحالي، بحسب الصحيفة، هو أن هذا ليس هدف الإيرانيين أو حزب الله، كما يقولون صراحة في خطاباتهم العامة. ويشير خامنئي ونصر الله وغيرهما بوضوح إلى أنهم لا يخشون المواجهة العامة، لكنهم في الوقت نفسه يوضحون أنهم لا يريدون مثل هذه المواجهة.
والمنطق الإيراني واضح للغاية، بحسب الصحيفة، موضحة أنه حتى لو كان النظام في طهران يعتقد أنه قادر على التسبب في انهيار إسرائيل، فإن هذه عملية تدريجية، محسوبة لتستمر لسنوات، كنوع من حرب الاستنزاف. ولا يزال من المهم بالنسبة للإيرانيين الحفاظ على قناة الحوار مع واشنطن، من أجل حماية مشروعهم النووي وإتاحة نقطة انطلاق لتحقيق القدرة العسكرية النووية الكاملة.
وعلى الجانب الآخر، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يتمنى منذ سنوات تصعيدًا من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى التعامل مع ما يعتبره مشكلة إسرائيل الأولى وهي المشروع النووي الإيراني.
وذكرت الصحيفة أن زعيم حماس، يحيى السنوار، يود أن يرى اندلاع حرب بين المحور الإيراني وإسرائيل، وهو الهدف الذي لم ينجح في تحقيقه في الهجوم على بلدات النقب الغربي، لأن شركاءه في المحور فوجئوا وترددوا وقرروا في النهاية عدم المشاركة.
ويعتمد نجاح المحور الإيراني أيضا على جودة الجهود الدفاعية الإسرائيلية. ووفقا لبيانات قوات الدفاع الإسرائيلية، تم إطلاق نحو 21500 صاروخ وقذيفة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ بدء الحرب، نحو ثلثها من لبنان وسوريا، وثلثيها من قطاع غزة، وأطلق عدد قليل من الصواريخ من العراق، وفقا للصحيفة.
وذكرت أنه قُتل حوالي 40 إسرائيليًا في هذه الهجمات، وهو ما يمثل نسبة قتيل واحد لكل 500 صاروخ وقذيفة. في القصف السابق من إيران في أبريل الماضي، أُطلق أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل، وأصيبت فتاة بدوية في النقب بجروح خطيرة بشظايا.
لكن التحدي هذه المرة أكثر دقة، كما تراه الصحيفة، مشيرة إلى أن ترسانة حزب الله أثقل وأكثر دقة وأكثر فتكًا من ترسانة حماس. وهي أيضًا أقرب إلى العمق الإسرائيلي من الصواريخ الإيرانية، ما يترك فترة تحذير قصيرة نسبيًا.
وأوضحت أن أحد الحلول التي يتم التفكير فيها هو نوع من الوضع المؤقت على الجبهة الداخلية، يتمثل في إصدار تعليمات عامة للسكان للاستعداد لاحتمال الصواريخ والإنذارات في غضون فترة زمنية قصيرة.
وذكرت أن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تسعى حاليا إلى إثبات أن إسرائيل لا تستعد للرد فحسب، بل البدء في الهجوم أيضا. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، نفذت القوات الجوية هجمات في لبنان وغزة وفي بعض الحالات في الضفة الغربية أيضًا.
إلى جانب تعزيز الدفاعات، أوضحت الصحيفة أن هناك أيضًا مستوى عالٍ من الاستعداد لهجوم مضاد، منذ لحظة إطلاق الصواريخ الأولى. لذلك فإن أي خطأ في حسابات إيران أو حزب الله، أو ضربة صاروخية تسفر عن خسائر بشرية فادحة، من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل شديد، مع استعراض للقوة التدميرية التي لم نشهدها حتى الآن إلا في قصف قطاع غزة.
وأشارت "هآرتس" إلى أن إسرائيل لا تقدم الآن تفاصيل عن التعاون مع الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، وهي كذلك تلتزم الصمت فيما يتصل بالتنسيق الدفاعي مع الدول العربية.
لكن من الواضح، من وجه نظر الصحيفة، أن الانتشار الحالي قادر على مواكبة شيء مشابه لما حدث قبل الهجوم في أبريل، وأن الاستعدادات هذه المرة هي لهجوم أشد وطأة. ورغم ذلك فمن الواضح أن الإعداد الدفاعي ليس محكماً وأن عدد الضحايا يعتمد إلى حد كبير على كيفية رد فعل السكان المدنيين على تعليمات الجيش الإسرائيلي.
لكن الصحيفة ترى أنه في خضم كل هذا، أصبح الحديث عن صفقة لوقف إطلاق النار واستعادة الرهائن أمرًا مستبعدا بشكل أكبر، لاسيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو غير مستعد لتقديم التنازلات المطلوبة للتوصل إلى اتفاق، ما دامت هذه التنازلات تعرض استقرار الائتلاف للخطر.
ولا يظهر شركاء نتانياهو من أقصى اليمين (حزبا أوتزما يهوديت والصهيونية الدينية)، أي علامات على المرونة، خاصة عندما يتضح لهم أن المرحلة الأولى من صفقة الرهائن سوف تتضمن إطلاق سراح العشرات من السجناء الفلسطينيين، وكثير منهم من القتلة المدانين، في مقابل كل محتجز إسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن القوى التي تنوي تقويض الديمقراطية الإسرائيلية تواجه عقبات ومعارضة شديدة، إذ فشلت هذا الأسبوع في محاولتها للإطاحة برئيس قناة 13 الإخبارية، لكن الاتجاه والطموحات واضحة بشكل صارخ.
وأوضحت أنه في كل الأحوال توجد العديد من المؤشرات التي تدل بوضوح على أن نتانياهو ورفاقه يواصلون المضي قدماً بقوة في تحقيق أهدافهم، أبرزها السيطرة على شرطة إسرائيل، والمعركة ضد القضاء.
وترى الصحيفة أن الرؤية الكابوسية التي تجمع بين حرب استنزاف أبدية ونظام استبدادي يقيد نشاط المعارضة ويقلل تدريجيا من الحقوق المدنية لا تزال تلوح في الأفق. وربما يكون من الأسهل تعزيزها عندما يكون الجمهور قلقا للغاية بشأن الوضع الأمني للبلاد.
ووفقا للصحيفة، فاجأت حماس الكثيرين في المنطقة عندما أعلنت هذا الأسبوع أن يحيى السنوار سيحل محل هنية. ويبدو أن أهمية تعيين السنوار رمزية إلى حد كبير، وتعني رغبة الحركة في تركيز نشاطها على المقاومة العسكرية لإسرائيل، وليس على الحلول السياسية.
أمر آخر يثبته هذا القرار، كما ترى الصحيفة، وهو أنه لسنوات، خُدع معظم أفراد الاستخبارات الإسرائيلية باعتدال حماس الظاهري.
وكان مجتمع الاستخبارات، بحسب الصحيفة، يميل إلى وصف حماس بأنها منظمة تتقلب بين هويتين، الجانب الجهادي، الذي كان يقاتل إسرائيل، والجانب السياسي الإداري، الذي كان ملتزمًا بتوفير سبل العيش والاحتياجات اليومية لـ 2.2 مليون من سكان غزة.
وحتى في الأيام التي سبقت السابع من أكتوبر، خدع نتانياهو وحكومته أنفسهما بالاعتقاد بأن المزيد من التسوية مع حماس، والمزيد من الأموال القطرية التي تدخل القطاع، من شأنها أن تضمن الهدوء على طول السياج الحدودي.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: بحسب الصحیفة الصحیفة أن حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
4 بدائل “قاتمة” تنتظر إسرائيل في غزة
#سواليف
حددت دراسة أمنية إسرائيلية 4 #بدائل وصفتها بالقاتمة أمام #تل_أبيب للتعامل مع قطاع #غزة تمثلت في #حكم_عسكري مطول أو #تهجير_السكان أو إقامة #حكم_فلسطيني “معتدل” أو بقاء الوضع القائم.
وقال معهد دراسات الأمن الإسرائيلي (غير حكومي) في دراسة بعنوان ” #البدائل_الإستراتيجية لقطاع غزة” إنه بعد مرور عام ونصف العام تقريبا على #الحرب على قطاع غزة تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة إستراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع.
وأعد الدراسة الباحث في معهد دراسات الأمن القومي عوفير غوترمان الذي عمل سابقا محللا أول في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
مقالات ذات صلة “أونروا”: نفاد إمدادات الدقيق في قطاع غزة 2025/04/24ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- ونحو 11 ألف مفقود، وتفرض حصارا مطبقا على جميع الإمدادات والمساعدات الإنسانية، مما تسبب بمجاعة قاسية.
بدائل “قاتمة”
وترى الدراسة أن إسرائيل “تواجه مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها، وأول تلك البدائل: تشجيع الهجرة الطوعية، وهو خيار لم تُدرس عواقبه الإستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة”.
أما البديل الثاني فهو “احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول، ومع أن ذلك قد يُضعف حماس بشدة لكنه لا يضمن القضاء عليها وينطوي على خطر تعريض الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل”.
وعن البديل الثالث أوضحت الدراسة “إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي، وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية، وأخيرا احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يترك حماس في السلطة”.
كما أشارت إلى البديل الرابع، وهو “استمرار الوضع الراهن، وينبع هذا البديل أساسا من واقع تمتنع فيه إسرائيل عن الترويج لمبادرات عسكرية أو سياسية في قطاع غزة، أو تفشل في المبادرات التي تسعى إلى تنفيذها”.
وقال غوترمان إن قائمة البدائل الإستراتيجية لقطاع غزة صممت من خلال دراسة استقصائية شاملة لمختلف الخيارات المطروحة في الخطاب الإسرائيلي والعربي والدولي، سواء مبادرات عملية طرحتها جهات رسمية أو اقتراحات من معاهد بحثية ومحللين.
إستراتيجية ثنائية الأبعاد
وتوصي الدراسة بتنفيذ إستراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي، وهي “جهد عسكري مكثف ومتواصل لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس، وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيا في قطاع غزة من شأنه أيضا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري”.
ورأت الدراسة أن هذه الإستراتيجية “تتطلب تعاونا وثيقا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”.
وقالت إنه بالنسبة للفلسطينيين فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الإستراتيجية هو “أفق استقلال وسيادة محدودين”.
أما بالنسبة لإسرائيل -وفقا للدراسة ذاتها- فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.
واعتبرت الدراسة أن “هذه الإستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ مقارنة بالبدائل أحادية البعد التي تناقش حاليا في إسرائيل، ولكنها واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى”.
حماس متجذرة
ولفتت الدراسة إلى أنه “من المهم الإدراك أن حماس ليست ظاهرة خارجية أو جديدة أو عابرة في التجربة الفلسطينية -خاصة بقطاع غزة- بل هي متجذرة بعمق وجوهر فيه”، وفق تعبيرها.
وقالت إن حماس وُلدت في قطاع غزة، وأعضاؤها محليون لا يعملون من خلال شبكات تنظيمية فحسب، بل أيضا من خلال شبكات عائلية.
وأشارت إلى أنه على مدار عقود من وجودها نجحت حماس بترسيخ وعيها السياسي الديني والقومي في المجتمع الفلسطيني من خلال نشاط مكثف في جميع مجالات الحياة.
وأضافت الدراسة أن الجيل الذي نشأ في قطاع غزة على مدى العقدين الماضيين لا يعرف بديلا لحماس.
واعتبرت أن الوضع المدني في قطاع غزة غير قابل للاستمرار دون إعادة إعمار واسعة النطاق، لكن مستقبل إعادة الإعمار غير واضح، وفق تعبيرها.
ورأت الدراسة أن إسرائيل قادرة على قمع حماس في غزة بالوسائل العسكرية وحدها، لكنها لن تقضي عليها.
وفي بداية حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حددت حكومة بنيامين نتنياهو أهدافا لها، أبرزها: تفكيك قدرات “حماس” وحكمها للقطاع، وإعادة الأسرى الإسرائيليين، لكنها لم تنجح في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها.
وتقول المعارضة الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو لم تنجح بالحرب ولا تملك إستراتيجية لليوم التالي لها.