فى ظل القلق العارم الذى بات اليوم يسكن إسرائيل إزاء التطورات الحادثة فى المنطقة بادرت حكومة «نتنياهو» فاتخذت إجراءات أمنية استثنائية، ورفعت حالة التأهب تحسبًا لرد محتمل من إيران وحركة حماس وحزب الله. وقالت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلى بادر فألغى إجازات الجنود بالوحدات القتالية، ووضع منظومة الدفاع الجوى فى حالة تأهب قصوى لاعتراض أى تهديد قادم من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب.
لم يتضح حتى الآن الرد العسكرى الذى من الممكن لإيران أن تنفذه، فضلًا عن المدى الذى يمكن أن يصل إليه هذا الرد، وما إذا كان مشابهًا للهجمات التى سبق وشنتها ضد إسرائيل فى الحادى عشر من أبريل 2024. ولكن أيًا كان الرد سيؤدى حتمًا إلى عواقب وخيمة لكل الأطراف. لقد وضح الآن أن كلًا من إيران وإسرائيل تسعيان عبر هذا التصعيد إلى توجيه رسائل متبادلة، فعلى حين تسعى إسرائيل إلى تأكيد أن إيران ليست عصية على الاختراق بدليل قيامها بتنفيذ عمليات أمنية داخلها مثل تمكنها من اغتيال «إسماعيل هنية» فيها مؤخرًا، أما إيران فهى تسعى اليوم جاهدة للرد على واقعة اغتيال «إسماعيل هنية» على أراضيها، بالإضافة إلى إثبات قدرتها على الوصول إلى أهداف حيوية فى إسرائيل.
وطبقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية فإن الكيان الصهيونى قد يواجه حربًا متعددة الجبهات، وهى الحرب التى من شأنها أن تدفع الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية يتعين عليه من الآن التحسب لها والاستعداد لمواجهة ما قد يشن من هجمات صاروخية وغارات بطائرات بدون طيار تنطلق من لبنان واليمن، بل وحتى من ايران التى تحاول تعبئة جماعات مسلحة من العراق وسوريا وتوجيهها إلى الجبهة الشمالية من أجل دعم حزب الله، ولقد رجحت تحاليل عسكرية أوردتها صحيفة «هآرتس» أن تواجه إسرائيل حلقة جديدة من التصعيد فى الحرب تنذر بنشوب صراع إقليمى أوسع وقالت الصحيفة: («تل أبيب» تأمل فى إمكانية احتواء الصراع ومنع تصعيده إلى حرب شاملة على الجبهة الشمالية لأن رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» غير معنى بمواجهة شاملة مع حزب الله فى الوقت الذى ما زالت فيه جبهة قطاع غزة مشتعلة).
الجدير بالذكر، أنه ووفقًا للتقارير العسكرية الإسرائيلية فإن حكومة «نتنياهو» والجيش الإسرائيلى لا يتوفر لدى أى منهما حلول للتهدئة والخروج من المأزق الاستراتيجى الحالى فى الشمال، وفى البلدات الحدودية التى جرى إخلاؤها من السكان منذ أكتوبر الماضى، هذا بالإضافة إلى أن خطر التحول إلى حرب شاملة بات أمرًا قائمًا على خلفية اغتيال «إسماعيل هنية» رئيس المكتب السياسى لحركة حماس مؤخرًا. وعليه نتساءل: هل توظف الدولة الإيرانية الجماعات الموالية لها فى العراق وسوريا واليمن من أجل فتح جبهات أخرى ضد الكيان الصهيوني؟، وهل تنفذ إيران وحزب الله تهديداتهما بتوجيه ضربات قاسية لإسرائيل؟ وهل بوسع إيران وحزب الله وحلفائهما تغيير ميزان القوى فى حرب غزة؟ وما هو الرد المتوقع للدول الغربية فى حال شنت إيران ووكلاؤها ضربات انتقامية على إسرائيل؟ أسئلة مطروحة والإجابة عنها ستتحدد مع تطورات الأحداث الجارية فى الساحة اليوم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سناء السعيد الجيش الإسرائيلي منظومة الدفاع الجوي حركة حماس
إقرأ أيضاً:
تعويلٌ على تشييع نصرالله... هل بدأت إيران بخسارة لبنان؟
شكّلت الحرب الأخيرة على لبنان ضربة لإيران، بسبب نتائجها السلبيّة على "حزب الله" الذي خسر أمينه العام حسن نصرالله، إضافة إلى قيام إسرائيل بتدمير أنفاق عديدة في الجنوب، والسيطرة على أعتدة عسكريّة تعود لـ"الحزب". وأتى إتّفاق وقف إطلاق النار ليمنع "المقاومة" من شنّ هجمات ضدّ المواقع الإسرائيليّة، على الرغم من أنّ الجيش الإسرائيليّ لا يزال يحتلّ 5 تلال لبنانيّة استراتيجيّة ولا يزال يستهدف البلدات الجنوبيّة ويقوم بعمليّات إغتيال في العمق اللبنانيّ.
كذلك، فإنّ سيطرة "هيئة تحرير الشام" على سوريا، قطعت خطوط الإمداد بين إيران و"حزب الله"، وبات الأخير مُحاصراً وغير قادر على إدخال السلاح إلى لبنان. أمّا سياسيّاً، فلم يستطع "الثنائيّ الشيعيّ" انتخاب مرشّحه سليمان فرنجيّة، كما أنّه شارك في حكومة لم يُسمّ فيها رئيسها ولا أغلبيّة الوزراء التابعين له، وأصبح مضطرّاً للسير مع رئيسيّ الجمهوريّة ومجلس الوزراء لترجمة خطاب القسم والبيان الوزاريّ، عبر دعم الجيش وحده لحماية سيادة البلاد، والعمل ديبلوماسيّاً من أجل الضغط على العدوّ الإسرائيليّ للإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة في الجنوب.
ولعلّ السياسة الجديدة المتّبعة في لبنان، ساهمت كثيراً في تراجع ليس فقط نفوذ "حزب الله"، وإنّما إيران أيضاً، فقد تمّ تعليق الرحلات الجويّة من طهران وإليها، بينما أمست الطائرات المدنيّة الإيرانيّة تخضع لتفتيش دقيق، خوفاً من إدخال الأموال إلى "الحزب"، وتهديد العدوّ بأنّه سيستهدف مطار بيروت الدوليّ إنّ استمرّ تدفق المال إلى "المقاومة".
وكانت حركة الإحتجاج والشغب على طريق المطار لا تُعبّر فقط عن الرفض القاطع لإملاءات إسرائيل على الدولة اللبنانيّة، وإنّما على الخطوات التي استهدفت إيران وتحدّ من نفوذها في لبنان. فبعد سوريا، تخشى طهران بشدّة خسارة لبنان إنّ لم تستطع إعادة تنظيم حليفها الشيعيّ في بيروت عبر إيصال السلاح والمال له لينهض من جديد، ويُشكّل تهديداً لامن تل أبيب.
من هنا، أتت إحتجاجات المطار التي قد تُستأنف بعد تشييع نصرالله وهاشم صفي الدين إنّ استمرّ تعليق الرحلات والتضييق على الخطوط الجويّة الإيرانيّة، لتُعبّر عن الغضب الشيعيّ من مُقاطعة إيران، الراعي الرسميّ لـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط. وبحسب أوساط سياسيّة، فإنّ تلك التظاهرات تحمل في طياتها خشية من أنّ ينجر لبنان إلى المحور الغربيّ، وإضعاف "حزب الله" في الداخل غبر الضغط سياسيّاً عليه، كما عبر قطع الأوصال بينه وبين طهران.
ويجد "حزب الله" نفسه بعد الحرب وبعد انتخاب رئيس الجمهوريّة وتشكيل الحكومة الجديدة في موقعٍ ضعيفٍ، وقد تُؤثّر الإنتخابات النيابيّة المُقبلة كثيراً عليه إنّ لم يستطع مع الدولة إعادة بناء القرى الجنوبيّة، وإنّ لم يتبدلّ المشهد في المنطقة لصالحه. فهناك رغبة في تهجير سكان قطاع غزة إلى دول مُجاورة بهدف القضاء على حكم "حماس" في القطاع، وإبعادها عن الحدود الإسرائيليّة، كما أنّ هناك مُخططا لضرب النوويّ الإيرانيّ، الأمر الذي سيُشكّل إنتكاسة كبيرة للنظام في طهران ولكلّ "محور المقاومة".
ويُعوّل "الحزب" كما إيران على أنّ يُشارك أكبر عدد مُمكن من الجمهور في تشييع نصرالله وصفي الدين غدا الأحد ، كما مُشاركة شخصيّات بارزة من طهران ومن الدول حيث تتواجد "فصائل المقاومة" مثل العراق واليمن، لإرسال رسالة واضحة إلى الخارج من أنّ "حزب الله" لا يزال شعبيّاً يُحافظ على قوّته، وأنّه لم ينتهِ في الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، وأنّه سيظلّ ذراع طهران الأقوى في المنطقة. المصدر: خاص "لبنان 24"