جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-23@13:24:23 GMT

محاكمة الإرهاب الصهيوني

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

محاكمة الإرهاب الصهيوني

حاتم الطائي

 

محاكمة الإرهابي الصهيوني نتنياهو واجبٌ أخلاقي أمام المجتمع الدولي

العربدة الإسرائيلية باتت تجسيدًا مُريعًا لبربرية غاشمة تقتفي خطى الشيطان

استعادة حقوق الشعب الفلسطيني لن تنجح دون محاكمة الصهيونية

 

لم يعُد من المقبول مُطلقًا أن تظل منطقتنا تُعاني من ويلات الحروب والصراعات، وأن تقف على حافة الهاوية تخشى الانزلاق إلى هوة سحيقة من العنف والاقتتال الذي لا ينتهي، بينما ترتع دول إجرامية في منطقتنا بلا عقاب أو مُحاسبة، ومن المُؤسف والمُؤلم- في آنٍ- أن نجد القوى العظمى التي تملك أقوى الترسانات العسكرية في العالم، مُتحالفة مع قوى الشر والدمار، وتغض الطرف عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب المُروِّعة التي تُنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وكامل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، وفي أنحاء المنطقة، من اغتيالات وقصف وتدمير، ما يُنذر بحربٍ إقليمية كبرى لا نستبعد أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة!

المذابح وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تعد خافية على أحد، بما فيها الغرب والقوى العظمى الذين يتشدقون بمبادئ الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، بينما أبسط حقوق الشعب الفلسطيني تُدهس بأقدام عُتاة الإجرام الصهيوني، فلا إنسانَ فلسطينيًا في مأمنٍ من نيران جيش الاحتلال الغادر، ولا منزلَ بعيدًا عن مدفعية هذا الاحتلال المُجرم؛ فقطاع غزة اليوم بات مُدمّرًا بالكامل، وأعداد الشهداء تتجاوز الـ40 ألفًا، والمُصابون أكثر من 70 ألفًا، فضلًا عن عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، وأولئك الذين تحت الأنقاض.

لم يعُد الاحتلال الإسرائيلي يخشى المجتمع الدولي، ولا يُعير القانون الإنساني أدنى اعتبار، ولم تعد الولايات المتحدة- الداعم الأكبر له- قادرة على ثنيه عن الجرائم التي يُنفذها، وكان آخرها اغتيال المناضل الفلسطيني إسماعيل هنية، وبالأمس مذبحة مدرسة التابعين في حي الدرج بشرق مدينة غزة، والتي سقط فيها 100 شهيد على الأقل وعشرات المُصابين. لقد باتت العربدة الإسرائيلية تجسيدًا مُريعًا للبربرية الغاشمة، ورديفًا لشريعة الغاب، تقتفي خطى الشيطان، فسادًا وإفسادًا، قتلًا وتدميرًا، وحشيةً ووقاحةً.

فشلت دولة الاحتلال فشلًا ذريعًا في تنفيذ مُخططها الإجرامي في قطاع غزة، وتتجرّع الآن أمرّ الهزائم في تاريخها الأسود، فلم يفلح المُجرم بنيامين نتنياهو في تحقيق أي هدف من الأهداف التي سعى إليها من هذه الحرب البربرية الوحشية، فلم يستعد الأسرى الإسرائيليين لدى المُقاومة الفلسطينية، ولم ينجح في القضاء على هذه المُقاومة كما زعم، ولم يمنع هجمات المُقاومة على مُدن وبلدات الاحتلال، كما لم يُحرز هذا الشيطان الصهيوني القبيح أي انتصار سياسي داخلي في كيانه الفاشي؛ فالمظاهرات العارمة تجتاح تل أبيب منذ شهور طويلة، والجماهير الغاضبة تحتشد في الشوارع وأمام منزله اعتراضًا على سياساته وفشله في استعادة الأسرى، وفوق كل ذلك يفقدُ تدريجيًا منذ بدء هذا العدوان الإجرامي أي دعم دولي؛ بل إنَّ المحاكمات الدولية تتواصل ضده، سواء في محكمة العدل الدولية- رغم عدم وجود آلية مُلزمة لتنفيذ قراراتها- أو المحكمة الجنائية الدولية التي من المؤسف أنها لم تبت في طلب المدعي العام بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو لمُحاكمته على جرائم الحرب التي يرتكبها.

كل هذه التطورات المُتزايدة منذ أكثر من 10 أشهر، دفعت بمنطقتنا إلى حافة الهاوية، جرّاء سياسات شيطانية تُهدد الشرق الأوسط بنيران تأكل الأخضر واليابس. والأمر لا يتوقف فقط عند الجرائم المُروِّعة في غزة؛ بل يمتد إلى اعتداءات صهيونية على سيادة الدول، واغتيال مسؤولين يُفترض أنَّهم يتمتعون بحصانة دبلوماسية ودولية بموجب القانون الدولي، علاوة على دفع المنطقة نحو مزيد من العسكرة وحشد القوات العسكرية من أنحاء العالم. وخلال الأيام القليلة الماضية أعلنت الولايات المُتحدة عن وصول حاملات طائرات ومُدمِّرات بحرية وقوات مسلحة وطائرات مُقاتلة، من بينها طائرات تصل الشرق الأوسط لأول مرة. وفي خضم تلك التطورات العسكرية، ترفع دول أخرى في المنطقة من درجة الاستعداد والأُهبة العسكرية، تحسبًا لأي طارئ قد يحدث!

ومع تصاعد نذر الحرب، أدركت القوى العظمى في اللحظات الأخيرة أنَّ الشرق الأوسط فعليًا على صفيح ساخن، وأنَّ الأوضاع تلامس درجة الغليان، ما يهدد بالانفجار الكبير. ولذلك وجدنا تحركات مكوكية لنزع فتيل الحرب، وبذل كل ما يُمكن من أجل إثناء بعض الأطراف الإقليمية عن الانجرار لأتون حرب ستأتي على كل مظاهر التنمية التي تحققت في المنطقة على مدى عقود. وبالتوازي مع ذلك استيقظت الولايات المتحدة ويبدو أنَّها أدركت حقيقة الخطر الذي يُهدد المنطقة، وتحديدًا دولة الاحتلال؛ إذ لا ريب أنَّ أي حرب إقليمية كبرى يخوضها هذا الكيان المُجرم سينهار معها، ولن تنجح أي محاولات لإنقاذه!

استوعبت الولايات المتحدة مدى خطورة الأوضاع، وسارعت بطلب الدعم من القوى الإقليمية الساعية للسلام، وخاصة الوسطاء في جهود وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لذلك خرج البيان الثلاثي عن قطر ومصر والولايات المتحدة، يُؤكد على ضرورة استئناف المفاوضات لإنهاء هذه الحرب، مؤكدًا أنَّه "حان الوقت للانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار" واستعادة الأسرى. ومن خلال قراءة تحليلية للبيان الثلاثي تترسخ قناعتنا بأنَّ الاحتلال الإسرائيلي المُجرم ظل يُماطل ويُعرقل كل جهود السلام، في ظل تغاضي الطرف الأمريكي عن كل الجرائم الإسرائيلية. هذه المُمَطالة الوقحة تتسبب في إزهاق أرواح العشرات بل المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، رغم أنَّ الاتفاق "مطروح الآن على الطاولة ولا ينقصه سوى الانتهاء من التفاصيل الخاصة بالتنفيذ"، بحسب نص البيان.

ولعلَّ أبرز نقطة محورية طرحها البيان الثلاثي، أن الوسطاء "مستعدون- إذا اقتضت الضرورة" لطرح "مُقترح نهائي لتسوية الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يُلبي توقعات كافة الأطراف". وهذا يعني أنَّ الولايات المتحدة في آخر المطاف ضاقت ذرعًا بهذه المُماطلة، وأنها رُغم حشودها العسكرية وترساناتها الضخمة في المنطقة، إلّا أن لا تُريد الحرب وتسعى لنزع فتيلها قبل الانفجار، وهذا تحرك يُمكن البناء عليه لتحقيق خطوات إيجابية في سبيل إنهاء مُعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأنحاء فلسطين المُحتلة، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة. ولا شك أنَّ "طرح مقترح نهائي" يعني أن الوسطاء سيضعون المقترح سواء وافقت عليه إسرائيل أم لم تُوافق، وهنا نطرح سؤالًا حول طبيعة الخطوة التالية إذا ما ظلّت إسرائيل تُماطِل في مسألة إبرام الاتفاق، وهل تُخطط الولايات المتحدة لفرض رؤيتها على دولة الاحتلال، خاصة وأنها مُقبلة على انتخابات مُلتهبة بعد نحو شهرين ونصف الشهر، مع مساعي الإدارة الديمقراطية الحالية للحفاظ على مقعد الرئاسة داخل الحزب الديمقراطي في مُواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يُريد استعادة السلطة التي خسرها في الانتخابات الماضية؟!

المُؤكد فيما يجري الآن في غزة والشرق الأوسط، أن المنطقة ربما تتجه نحو حرب شاملة، مُتعددة المحاور، شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وأن المقاومة الفلسطينية قادرة على التماسك في وجه الإجرام الإسرائيلي، وأن الشعب الفلسطيني الصامد ما زال يواجه باستبسال العدوان الإسرائيلي الآثم، لكن شظايا الحرب- إذا ما اندلعت لا قدَّر الله- ستطال الجميع دون استثناء!

ويبقى القول.. إنَّ صوت الحكمة والعقل لا بُد من أن يعلو على صوت المدافع وأزيز الطائرات، ويجب أن تحل الدبلوماسية محل البارود، وأن تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني المناضل، من خلال استعادة حقوقه المسلوبة، وأولها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة عاصمتها القدس الشريف، وحل جميع القضايا التاريخية، والأهم من ذلك تعويض هذا الشعب المظلوم عن عقود من الاضطهاد والقتل والتدمير، وهو المطلب الذي نفخر أن تنادي به سلطنة عُمان.. إذا أردنا الثأر لضحايا غزة وشهداء المقاومة، فإنَّ ذلك يكون من خلال استعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، لا إشعال حرب كبرى ستأكل نيرانها كل المنطقة، وأن يُحاكم المجرم نتنياهو- شطيان الصهيونية- أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب والإبادة الجماعية.. فلا بديل عن إنهاء هذه المأساة المُركّبة، من أجل استعادة السلام المفقود في الشرق الأوسط، وأن يحل النماء محل الدمار، ويكون الازدهار بديلًا عن القصف والقتل، وأن يسود الرخاء دول وشعوب المنطقة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی الشرق الأوسط الولایات الم فی المنطقة الم جرم هذه الم التی ت

إقرأ أيضاً:

بدء الحساب في الداخل الصهيوني:طوفان الأقصى يطيح برئيس أركان جيش الاحتلال وقائد «المنطقة الجنوبية».. ومطالبات باستقالة نتنياهو وحكومته

 

الثورة  / متابعات

أعلن رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أمس، قراره الاستقالة من منصبه في شهر مارس المقبل، اعترافا بمسؤوليته عن فشل الجيش في موجهة أحداث 7 أكتوبر.

وعزا هاليفي استقالته إلى تحمله المسؤولية عن فشل الجيش الاحتلال في منع هجوم “حماس” على مستوطنات محاذية لغزة في 7 أكتوبر 2023.

وقال في بيان “أبلغت وزير الدفاع (يسرائيل كاتس) بحكم اعترافي بمسؤوليتي عن فشل الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر سأطلب إنهاء مهامي في 6 مارس 2025”.

وأضاف هاليفي: “في الوقت المتبقي (من قيادته للجيش) سأستكمل التحقيقات وأحافظ على آليات الجيش الإسرائيلي في مواجهة التحديات الأمنية” حسب قوله.

ويشير بذلك إلى تحقيقات داخلية يجريها جيش الاحتلال بخصوص “إخفاق” 7 أكتوبر 2023، من المقرر أن تنتهي أواخر يناير الجاري.

وقال هاليفي: “سأنقل قيادة الجيش بشكل نوعي وكامل إلى خليفتي (لم يعلَن عن شخصيته بعد)، وأرسلت رسالة إلى وزير الدفاع ورئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع”.

وكان عدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الصهاينة أعلنوا أنهم يتحملون مسؤولية شخصية عن الإخفاق في منع هجوم 7 أكتوبر.

وحتى اليوم، يرفض رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تحمّل أي مسؤولية عن الهجوم.

وسبق أن قدّم عدد من المسؤولين استقالاتهم على خلفية الإخفاق أبرزهم رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش أهارون هاليفا.

من جهته، أعلن قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان مساء أمس استقالته، وهي الثانية في غضون ساعات بعد إعلان استقالة رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي وذلك في اليوم الثالث من وقف لإطلاق النار

وقال الجيش، في بيان: “أبلغ قائد المنطقة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان رئيس هيئة الأركان (هرتسي هاليفي) بقراره الاستقالة من منصبه”.

ونقلت إذاعة الجيش عن فينكلمان قوله في كتاب الاستقالة: “في 7 أكتوبر فشلت في الدفاع عن (منطقة) النقب الغربي، وهذا الفشل سيبقى محفورا في ذهني لبقية حياتي”.

وعلق وزير الحرب الأسبق زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” المعارض أفيغدور ليبرمان قائلا، عبر منصة “إكس”: “بعد استقالة رئيس الأركان، أدعو رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة الآخرين إلى الاستقالة”.

وتتولى الحكومة اليمنية المتطرفة، برئاسة بنيامين نتنياهو، السلطة منذ أواخر ديسمبرويرفض نتنياهو منذ أكثر من عام دعوات المعارضة لإجراء انتخابات مبكرة.

كما كتب زعيم المعارضة يائير لابيد، عبر “إكس”: “تحية لرئيس الأركان هرتسي هاليفي، والآن فليتحمل رئيس الوزراء وحكومته الكارثية بأكملها المسؤولية ويستقيلوا”.

وسبق أن أعلن مسؤولون صهاينة مسؤوليتهم عن الفشل الاستخباراتي والعسكري في مواجهة “حماس”، وقدّم رئيس شعبة الاستخبارات بالجيش أهارون هاليفا استقالته.

في المقابل، يرفض نتنياهو تحمل أي مسؤولية عن هجوم “حماس”، ويتمسك بالاستمرار في منصبه.

وفي 21 نوفمبر أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وارتكبت دولة الاحتلال بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

مقالات مشابهة

  • بدء الحساب في الداخل الصهيوني:طوفان الأقصى يطيح برئيس أركان جيش الاحتلال وقائد «المنطقة الجنوبية».. ومطالبات باستقالة نتنياهو وحكومته
  • مشايخ اليمن يهنئون الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة بالنصر التاريخي على كيان الاحتلال الصهيوني
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • ميقاتي استقبل وفدا من اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء العراقي للاشراف على تقديم مساعدات عاجلة الى اللبنانيين
  • وقف إطلاق النار في غزة: انتصار الصمود الفلسطيني
  • بارك نصر غزة وحيا موقف اليمن ودور جبهات الاسناد في دعم الشعب الفلسطيني
  • الأمين العام لحركة المجاهدين: العدو الصهيوني فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته
  • حركة المجاهدين: العدو الصهيوني فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته
  • حزب الله يبارك للشعب الفلسطيني ومقاومته ولكل القوى التي ساندت غزة الانتصار الكبير
  • الرئيس الإيراني: الشعب الفلسطيني وقف ضد الكيان الصهيوني بقوة وكرامة