جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-21@20:16:39 GMT

محاكمة الإرهاب الصهيوني

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

محاكمة الإرهاب الصهيوني

حاتم الطائي

 

محاكمة الإرهابي الصهيوني نتنياهو واجبٌ أخلاقي أمام المجتمع الدولي

العربدة الإسرائيلية باتت تجسيدًا مُريعًا لبربرية غاشمة تقتفي خطى الشيطان

استعادة حقوق الشعب الفلسطيني لن تنجح دون محاكمة الصهيونية

 

لم يعُد من المقبول مُطلقًا أن تظل منطقتنا تُعاني من ويلات الحروب والصراعات، وأن تقف على حافة الهاوية تخشى الانزلاق إلى هوة سحيقة من العنف والاقتتال الذي لا ينتهي، بينما ترتع دول إجرامية في منطقتنا بلا عقاب أو مُحاسبة، ومن المُؤسف والمُؤلم- في آنٍ- أن نجد القوى العظمى التي تملك أقوى الترسانات العسكرية في العالم، مُتحالفة مع قوى الشر والدمار، وتغض الطرف عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب المُروِّعة التي تُنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وكامل الأراضي الفلسطينية المُحتلة، وفي أنحاء المنطقة، من اغتيالات وقصف وتدمير، ما يُنذر بحربٍ إقليمية كبرى لا نستبعد أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة!

المذابح وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تعد خافية على أحد، بما فيها الغرب والقوى العظمى الذين يتشدقون بمبادئ الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان، بينما أبسط حقوق الشعب الفلسطيني تُدهس بأقدام عُتاة الإجرام الصهيوني، فلا إنسانَ فلسطينيًا في مأمنٍ من نيران جيش الاحتلال الغادر، ولا منزلَ بعيدًا عن مدفعية هذا الاحتلال المُجرم؛ فقطاع غزة اليوم بات مُدمّرًا بالكامل، وأعداد الشهداء تتجاوز الـ40 ألفًا، والمُصابون أكثر من 70 ألفًا، فضلًا عن عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين، وأولئك الذين تحت الأنقاض.

لم يعُد الاحتلال الإسرائيلي يخشى المجتمع الدولي، ولا يُعير القانون الإنساني أدنى اعتبار، ولم تعد الولايات المتحدة- الداعم الأكبر له- قادرة على ثنيه عن الجرائم التي يُنفذها، وكان آخرها اغتيال المناضل الفلسطيني إسماعيل هنية، وبالأمس مذبحة مدرسة التابعين في حي الدرج بشرق مدينة غزة، والتي سقط فيها 100 شهيد على الأقل وعشرات المُصابين. لقد باتت العربدة الإسرائيلية تجسيدًا مُريعًا للبربرية الغاشمة، ورديفًا لشريعة الغاب، تقتفي خطى الشيطان، فسادًا وإفسادًا، قتلًا وتدميرًا، وحشيةً ووقاحةً.

فشلت دولة الاحتلال فشلًا ذريعًا في تنفيذ مُخططها الإجرامي في قطاع غزة، وتتجرّع الآن أمرّ الهزائم في تاريخها الأسود، فلم يفلح المُجرم بنيامين نتنياهو في تحقيق أي هدف من الأهداف التي سعى إليها من هذه الحرب البربرية الوحشية، فلم يستعد الأسرى الإسرائيليين لدى المُقاومة الفلسطينية، ولم ينجح في القضاء على هذه المُقاومة كما زعم، ولم يمنع هجمات المُقاومة على مُدن وبلدات الاحتلال، كما لم يُحرز هذا الشيطان الصهيوني القبيح أي انتصار سياسي داخلي في كيانه الفاشي؛ فالمظاهرات العارمة تجتاح تل أبيب منذ شهور طويلة، والجماهير الغاضبة تحتشد في الشوارع وأمام منزله اعتراضًا على سياساته وفشله في استعادة الأسرى، وفوق كل ذلك يفقدُ تدريجيًا منذ بدء هذا العدوان الإجرامي أي دعم دولي؛ بل إنَّ المحاكمات الدولية تتواصل ضده، سواء في محكمة العدل الدولية- رغم عدم وجود آلية مُلزمة لتنفيذ قراراتها- أو المحكمة الجنائية الدولية التي من المؤسف أنها لم تبت في طلب المدعي العام بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو لمُحاكمته على جرائم الحرب التي يرتكبها.

كل هذه التطورات المُتزايدة منذ أكثر من 10 أشهر، دفعت بمنطقتنا إلى حافة الهاوية، جرّاء سياسات شيطانية تُهدد الشرق الأوسط بنيران تأكل الأخضر واليابس. والأمر لا يتوقف فقط عند الجرائم المُروِّعة في غزة؛ بل يمتد إلى اعتداءات صهيونية على سيادة الدول، واغتيال مسؤولين يُفترض أنَّهم يتمتعون بحصانة دبلوماسية ودولية بموجب القانون الدولي، علاوة على دفع المنطقة نحو مزيد من العسكرة وحشد القوات العسكرية من أنحاء العالم. وخلال الأيام القليلة الماضية أعلنت الولايات المُتحدة عن وصول حاملات طائرات ومُدمِّرات بحرية وقوات مسلحة وطائرات مُقاتلة، من بينها طائرات تصل الشرق الأوسط لأول مرة. وفي خضم تلك التطورات العسكرية، ترفع دول أخرى في المنطقة من درجة الاستعداد والأُهبة العسكرية، تحسبًا لأي طارئ قد يحدث!

ومع تصاعد نذر الحرب، أدركت القوى العظمى في اللحظات الأخيرة أنَّ الشرق الأوسط فعليًا على صفيح ساخن، وأنَّ الأوضاع تلامس درجة الغليان، ما يهدد بالانفجار الكبير. ولذلك وجدنا تحركات مكوكية لنزع فتيل الحرب، وبذل كل ما يُمكن من أجل إثناء بعض الأطراف الإقليمية عن الانجرار لأتون حرب ستأتي على كل مظاهر التنمية التي تحققت في المنطقة على مدى عقود. وبالتوازي مع ذلك استيقظت الولايات المتحدة ويبدو أنَّها أدركت حقيقة الخطر الذي يُهدد المنطقة، وتحديدًا دولة الاحتلال؛ إذ لا ريب أنَّ أي حرب إقليمية كبرى يخوضها هذا الكيان المُجرم سينهار معها، ولن تنجح أي محاولات لإنقاذه!

استوعبت الولايات المتحدة مدى خطورة الأوضاع، وسارعت بطلب الدعم من القوى الإقليمية الساعية للسلام، وخاصة الوسطاء في جهود وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لذلك خرج البيان الثلاثي عن قطر ومصر والولايات المتحدة، يُؤكد على ضرورة استئناف المفاوضات لإنهاء هذه الحرب، مؤكدًا أنَّه "حان الوقت للانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار" واستعادة الأسرى. ومن خلال قراءة تحليلية للبيان الثلاثي تترسخ قناعتنا بأنَّ الاحتلال الإسرائيلي المُجرم ظل يُماطل ويُعرقل كل جهود السلام، في ظل تغاضي الطرف الأمريكي عن كل الجرائم الإسرائيلية. هذه المُمَطالة الوقحة تتسبب في إزهاق أرواح العشرات بل المئات من أبناء الشعب الفلسطيني، رغم أنَّ الاتفاق "مطروح الآن على الطاولة ولا ينقصه سوى الانتهاء من التفاصيل الخاصة بالتنفيذ"، بحسب نص البيان.

ولعلَّ أبرز نقطة محورية طرحها البيان الثلاثي، أن الوسطاء "مستعدون- إذا اقتضت الضرورة" لطرح "مُقترح نهائي لتسوية الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يُلبي توقعات كافة الأطراف". وهذا يعني أنَّ الولايات المتحدة في آخر المطاف ضاقت ذرعًا بهذه المُماطلة، وأنها رُغم حشودها العسكرية وترساناتها الضخمة في المنطقة، إلّا أن لا تُريد الحرب وتسعى لنزع فتيلها قبل الانفجار، وهذا تحرك يُمكن البناء عليه لتحقيق خطوات إيجابية في سبيل إنهاء مُعاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وأنحاء فلسطين المُحتلة، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة. ولا شك أنَّ "طرح مقترح نهائي" يعني أن الوسطاء سيضعون المقترح سواء وافقت عليه إسرائيل أم لم تُوافق، وهنا نطرح سؤالًا حول طبيعة الخطوة التالية إذا ما ظلّت إسرائيل تُماطِل في مسألة إبرام الاتفاق، وهل تُخطط الولايات المتحدة لفرض رؤيتها على دولة الاحتلال، خاصة وأنها مُقبلة على انتخابات مُلتهبة بعد نحو شهرين ونصف الشهر، مع مساعي الإدارة الديمقراطية الحالية للحفاظ على مقعد الرئاسة داخل الحزب الديمقراطي في مُواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي يُريد استعادة السلطة التي خسرها في الانتخابات الماضية؟!

المُؤكد فيما يجري الآن في غزة والشرق الأوسط، أن المنطقة ربما تتجه نحو حرب شاملة، مُتعددة المحاور، شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، وأن المقاومة الفلسطينية قادرة على التماسك في وجه الإجرام الإسرائيلي، وأن الشعب الفلسطيني الصامد ما زال يواجه باستبسال العدوان الإسرائيلي الآثم، لكن شظايا الحرب- إذا ما اندلعت لا قدَّر الله- ستطال الجميع دون استثناء!

ويبقى القول.. إنَّ صوت الحكمة والعقل لا بُد من أن يعلو على صوت المدافع وأزيز الطائرات، ويجب أن تحل الدبلوماسية محل البارود، وأن تتحقق العدالة للشعب الفلسطيني المناضل، من خلال استعادة حقوقه المسلوبة، وأولها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة عاصمتها القدس الشريف، وحل جميع القضايا التاريخية، والأهم من ذلك تعويض هذا الشعب المظلوم عن عقود من الاضطهاد والقتل والتدمير، وهو المطلب الذي نفخر أن تنادي به سلطنة عُمان.. إذا أردنا الثأر لضحايا غزة وشهداء المقاومة، فإنَّ ذلك يكون من خلال استعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، لا إشعال حرب كبرى ستأكل نيرانها كل المنطقة، وأن يُحاكم المجرم نتنياهو- شطيان الصهيونية- أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم الحرب والإبادة الجماعية.. فلا بديل عن إنهاء هذه المأساة المُركّبة، من أجل استعادة السلام المفقود في الشرق الأوسط، وأن يحل النماء محل الدمار، ويكون الازدهار بديلًا عن القصف والقتل، وأن يسود الرخاء دول وشعوب المنطقة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی الشرق الأوسط الولایات الم فی المنطقة الم جرم هذه الم التی ت

إقرأ أيضاً:

مركزية فتح : أمراء الحرب في غزة شركاء الاحتلال وهذه رسالتنا للتجار

استنكرت اللجنة المركزية لحركة "فتح" اليوم الخميس 21 نوفمبر 2024 ، استمرار الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة المعلنة على الشعب الفلسطيني وتصاعد وتيرتها إثر استخدام إدارة الرئيس الأميركي المنصرف جو بايدن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن أمس، وهو ما سيفسح المجال لإسرائيل لتصعيد هجماتها واستلام شحنات إضافية من السلاح الثقيل لاستكمال مخططاتها.

وأكدت "مركزية فتح" أن تجويع الأهل في غزة إنما يشكل فصلا فاضحا من فصول تلك الإبادة، بالتعاون مع من ارتضى لنفسه التقاطع مع رغبات الاحتلال من تجار الحرب في قطاع غزة، الذين يعملون وبالتنسيق مع قوات الاحتلال على الاستيلاء على شاحنات المساعدات تحت تهديد السلاح وإعادة بيعها وبأسعار خيالية تفوق قدرة الأهل على تحملها، وهو ما يجعل هؤلاء التجار بمثابة اليد الثانية التي تحارب قطاعنا المكلوم.

ودعت كل التجار المزودين للقطاع بالاحتياجات اللازمة، والمنظمات المحلية والدولية وأولئك الذين يقتطعون بعض المال بنسب متفاوتة لقاء العديد من المعاملات المالية، إلى الحذر الشديد من الدفع بهم نحو الوقوع في مغبة هكذا أفعال تضعهم في مواجهة مباشرة مع الشعب الفلسطيني، وهو ما سيقود إلى تعالي الأصوات باتجاه تعليق تراخيص العمل لتلك الشريحة من الأفراد والمؤسسات المسجلة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية والعاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ودعت "مركزية فتح" كوادر الحركة في قطاع غزة ومن خلال تكاتفهم المجتمعي، إلى فضح تلك الممارسات، وتعرية فاعليها، ليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه أن يكون شريكا مع المحتل في الضغط على الأهل في غزة من خلال قوتهم وأبسط احتياجاتهم اليومية، بغرض تحقيق الهدف المنشود الذي تسعى إليه حكومة نتنياهو المتطرفة وأعوانها من تجار الحرب لإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين وشطب هويتهم وإجهاض الحق الفلسطيني في دولته المستقلة.

وأكدت اللجنة المركزية في ذات السياق، التزام حركة "فتح" بحوارات المصالحة، داعية الفصائل الفلسطينية قاطبة إلى القيام بدورها وتكثيف جهودها للعمل على إنجاز الوحدة الوطنية التي طال انتظارها، وذلك لتفويت الفرصة على الاحتلال ومشاريعه وتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من إنقاذ المشروع الوطني وحماية الأهل في كل أماكن تواجدهم والبدء في إعادة إعمار قطاع غزة.

وأدانت المركزية الاقتحامات اليومية لقوات الاحتلال لكافة مدن وقرى وبلدات الضفة الغربية والتهويد الممنهج للقدس واعتداءات المستوطنين المتواصلة، معتبرة ذلك بمثابة محاولات يائسة تسعى من خلالها حكومة التطرف الإسرائيلي إلى استكمال مسلسلها الإجرامي الهادف إلى تركيع الشعب الفلسطيني وتهجيره.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور
  • مركزية فتح : أمراء الحرب في غزة شركاء الاحتلال وهذه رسالتنا للتجار
  • بوريل: “الهولوكوست” خطأ أوروبي لا يتوجب أن يدفع الشعب الفلسطيني ثمنه
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • الخارجية : سورية تؤكد أن الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني في سورية ولبنان وفلسطين تشكل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار المنطقة
  • الكويت تطالب مجلس الأمن بإيقاف الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني
  • أردوغان: سنواصل النضال ضد الفوضى التي تثيرها سياسات الاحتلال
  • صباغ: القضاء على الإرهاب بجميع أشكاله ووقف دعم بعض الدول له ضرورة لاستقرار المنطقة برمتها
  • من دير ياسين إلى بيت لاهيا.. حرب إبادة الشعب الفلسطيني مستمرة
  • الوطني الفلسطيني: قصف إسرائيل على شمال قطاع غزة هدفه قتل جميع المواطنين