وزير خارجية بريطانيا: نحن بحاجة إلى وقف فوري للنار في غزة لحماية المدنيين
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
وزير خارجية بريطانيا: نحن بحاجة إلى وقف فوري للنار في غزة لحماية المدنيين.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
أنا وزير خارجية بولندا والرسالة وصلت إلى أوروبا
انغمست قريبا في متعة لا تخلو من إحساس بالذنب إذ عاودت مشاهدة فيلم «يوم الاستقلال»، وهو إنتاج ضخم ظهر في سنة 1996 وتتناول أحداثه قصة كائنات فضائية جشعة تحاول غزو الأرض ونهبها. وبينما كنت أستمتع بالألعاب النارية البصرية ـ التي لا تزال بالمناسبة قادرة على إثارة الإعجاب برغم مرور السنين ـ إذا بمشهد يحملني على التفكير في العالم الواقعي.
فما كاد العالم المهووس ـ الذي جسد دوره جيف جولدبلوم ـ يكتشف طريقة لاختراق الدروع المغناطيسية للسفن الفضائية الضخمة المعادية، حتى حشد الأمريكيون العالم كله لرد الهجوم. يقول ضابط بريطاني: «لقد حان الوقت اللعين، تُرى ما الذي يخططون له؟»
اقتنص المشهد روح العصر. ففي منتصف تسعينيات القرن الماضي، كنا نعيش في عالم ذي قطب واحد تمثل الولايات المتحدة فيه القوة العظمى الوحيدة بلا نزاع. وفي لحظة الأزمة كانت البلاد الأخرى تتوقع من أمريكا أن تخرج عليها بالحل. لكن بعد ثلاثين سنة، نرى أن من يلتفتون إلى واشنطن طلبا للقيادة قد يفعلون ذلك بقدر أقل من الثقة.
في عام 2017، تحدث الرئيس ترامب إلى آلاف البولنديين المجتمعين في شوارع وارسو. وقال للحشد المتحمس إن «العلاقة العابرة للأطلنطي بين الولايات المتحدة وأوروبا لا تزال في مثل قوتها التي عهدناها عليها، بل إنها من أوجه كثيرة قد تكون أقوى». لكنه أضاف أن «أوروبا لا بد أن تظهر أنها تؤمن بمستقبلها، فتستثمر أموالها في تأمين ذلك المستقبل» لأن «المسألة الأساسية في عصرنا هي ما لو أن الغرب يمتلك إرادة النجاة والبقاء».
ومع ضجر بعض الحلفاء من السلطة الأمريكية، يبدو أن الأمريكيين باتوا ضجرين من حلفائهم أيضا. فعلى مدار سنين ـ من رئاسته الأولى وحملته الانتخابية الأخيرة ـ لا يخفي الرئيس دونالد ترامب أنه سوف يجعل (أمريكا أولا) وقد عمد مرارا إلى تذكير أعضاء حلف شمال الأطلنطي بأن الناتو ليس رحلة مجانية.
وأخيرا، وصلت الرسالة إلى الأوروبيين، ومفادها أن أمننا ليس خدمة تقدمها الولايات المتحدة، إنما هو يبدأ بنا. ولكن لا ينبغي أن يكون الاستقلال الأوروبي غير متوافق مع التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة. ففي عالم مثالي ـ وأكثر أمنا ـ سوف يوجد الاثنان: الأمن والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة.
نحن في أوروبا ندرك بالفعل أين هي أولوياتنا. فمنذ بداية حرب روسيا غير المبررة ضد أوكرانيا في فبراير 2022، قدم الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء البالغ عددها سبعا وعشرين أكثر من مائة وأربعين مليار دولار لأوكرانيا من المساعدات المالية والعسكرية والإنسانية ومساعدات اللاجئين. كما اتفق القادة الأوروبيون على الالتزام بما يصل إلى أربعة وخمسين مليار دولار، حتى عام 2027، لدعم تعافي أوكرانيا وإعادة إعمارها وتحديثها. وفي نوفمبر الماضي، وللمرة الأولى، ساعد الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء على القيام باستثمارات مشتركة في الأسلحة والذخيرة. ونحن مستعدون لعمل المزيد.
لقد تولت بولندا رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في الأول من يناير ووضعت الأمن على رأس قائمتها. وفي حين أن حرب أوكرانيا تستعر على بعد بضع مئات الأميال من حدود الاتحاد الأوروبي، فإننا نهدف إلى قيادة أوروبا نحو قدر أكبر من المرونة وقدر أكبر أيضا من التعاون عبر الأطلنطي.
لقد حث الرئيس ترامب حلفاء الناتو مرارا على إنفاق ما لا يقل عن 2٪ من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع. وقد تحولت هذه الكلمات إلى قرارات. ففي وقت مبكر من ولاية الرئيس ترامب الأولى، لم تحقق سوى خمس دول ذلك الحد الأدنى - وبولندا من بينها. ولكن في العام الماضي أنفقت ثلاث وعشرون دولة من الأعضاء ـ من إجمالي اثنين وثلاثين عضوا، ما لا يقل عن 2٪.
والآن ارتفع المستوى. وقد قال الرئيس ترامب في يناير إن أعضاء الناتو «يمكنهم جميعا تحمل ذلك، ولكن يجب أن يكون الالتزام عند 5٪، وليس 2٪». ونسبة الخمسة في المائة هدف طموح حتى بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تبلغ ميزانية وزارة الدفاع قرابة 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن بالنظر إلى التهديدات الأمنية التي تواجهها الولايات المتحدة وأوروبا، فإن الطموح هو ما نحتاج إليه.
إن بولندا تنفق ما يقارب 5٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع - وهي أعلى نسبة في حلف شمال الأطلنطي. ولقد أصبحنا أحد أهم زبائن الصناعة العسكرية الأمريكية، حيث طلبنا معدات بقيمة عشرات المليارات منذ عام 2022. إذ نشتري أنظمة صواريخ باتريوت ودبابات أبرامز وطائرات هليكوبتر أباتشي وطائرات مقاتلة من طراز إف-35 تم إنتاجها في أمريكا. ولا تناقض بين رغبة أوروبا وبولندا في التعاون العسكري الوثيق مع الولايات المتحدة وطموح أوروبا إلى تعزيز صناعتها الدفاعية.
فالتحالف عبر الأطلنطي لم يكن قط طريقا ذا اتجاه واحد. إذ دعمت الولايات المتحدة الدفاع الأوروبي على مدار عقود من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية، لكن المرة الوحيدة التي تم فيها تفعيل مادة الناتو الخامسة كانت ردا على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، عندما هب الحلفاء لنجدة أمريكا. فقد أرسلت بولندا ألوية إلى أفغانستان والعراق، وأبقتها هناك لقرابة عقدين من الزمن. ولم ترسل قط فاتورة لتطلب الثمن.
في عام 2025، يكثر كارهونا الذين لا يتمنون لنا الخير. ويمثل محور الاستبداد الذي يضم روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين تهديدا خطيرا لمعظم العالم. ولمواجهة تحالف كهذا، تحتاج أمريكا وأوروبا إلى إحداهما الأخرى أكثر من ذي قبل، وليس أقل. فلا يريد خصومنا شيئا أكثر مما يريدون رؤيتنا متفرقين، مبتلين بنزاعات اقتصادية، غير قادرين على القيادة.
فبدلا من ذلك، هيا بنا نواصل السير على طريق الشراكة، والسلام من خلال القوة، أصدقاء وحلفاء.
رادوسلاف سيكورسكي وزير خارجية بولندا.
خدمة نيويورك تايمز