د. محمد بن خلفان العاصمي

 

شاركتُ في العام الماضي- وبدعوة من المؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" بدولة قطر- في ملتقى مهارات القرن الحادي والعشرين والذي كان بعنوان أفضل الممارسات التربوية لثقافة التعليم، وقد قدّمت بحثًا بعنوان "أهداف التنمية المستدامة.. التعليم الجيِّد- الهدف الرابع"، تطرقت فيه إلى الإعلان العالمي للتنمية المستدامة أو ما يُسمى بأهداف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقد تناولت الهدف الرابع من ضمن السبعة عشر هدفًا التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة في هذا المشروع، وهذا الهدف هو التعليم الجيِّد.

وفي معرض تناولي لهذا الموضوع المُهم ركزتُ على متطلبات القرن الحادي والعشرين والثورة التكنولوجية، والمهارات التي يجب أن يكتسبها المتعلم في هذا العصر حيث لم تعد القراءة والكتابة ومهارات البحث والتحليل كافية لإنتاج متعلم جيِّد؛ بل إن الثورة الصناعية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي فرضت علينا واقعًا جديدًا، وبات من المهم إعداد المتعلم بمهارات مختلفة عن السابق، تساعده في مواكبة ما يحدث في العالم، وأصبح التعليم التقليدي أو البقاء بنفس المنهجية السابقة للتعليم هدرا للطاقات وإمعاناً في التخلف عن ركب العالم الخارجي.

المهارات التي حددها الخبراء وأصبحت تعرف بـ"مهارات القرن الحادي والعشرين" تركز على الإبداع والابتكار والتفكير النقدي والتواصل وريادة الأعمال، وأصبح التعليم يهدف إلى خلق مهارات ثقافية مثل الثقافة الرقمية والإعلامية وتقنية المعلومات والاتصالات، كما يُركِّز التعليم الحديث على معادلات العمل والحياة من خلال تنمية مهارات متعددة لدى المتعلمين مثل القيادة والمسؤولية والإنتاجية والمساءلة والتفاعل مع الآخرين بإيجابية والتفاعل متعدد الثقافات والمبادرة والمرونة والتكيف الاجتماعي.

لقد وضعت الحكومة الرشيدة التعليم ضمن أولويات الرؤية الوطنية "عُمان 2040" وحظي التعليم في سلطنة عُمان بالاهتمام الكبير منذ اليوم الأول لقيام النهضة المباركة في العام 1970 على يد السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وهو النهج الذي سار عليه من بعده حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- والذي جعل التعليم حجر الأساس لمشروع النهضة التنموية المتجددة؛ ولذلك لا بُد من الاهتمام بنوعية التعليم الذي نُقدمه حتى يكون التعليم مساهمًا في تحقيق المستهدفات الوطنية.

في حديث لمعالي الأستاذة الدكتورة وزيرة التعليم العالي، ذكرت أن حوالي 70% من مخرجات الدبلوم العام تجد مقاعد في مؤسسات التعليم العالي، وهذا أمر مثالي جدًا لدولة تهتم بالتعليم من أجل الرقي بالإنسان، وحسب الإحصاءات فإن نسبة الأمية في سلطنة عُمان بلغت صفر% لمن هم في سن الدراسة، وهذه جهود كبيرة بُذلت من أجل تحقيق ذلك، وقد حان الوقت للنظر في نوعية التعليم ومدى مساهمته في حل كثير من المشكلات مثل ملف الباحثين عن عمل ومدى مهارة المخرجات وقدرتها على تحقيق النجاح في سوق العمل.

يجب أن ينتج التعليم أفرادًا قادرين على تحقيق التنمية ليس من خلال الوظيفة فقط، وإنما من خلال ريادة الأعمال التي يعد أحد أهم روافد الاقتصاد في الدول المتقدمة، وهذا الأمر لن يتحقق إلّا بالتركيز على إكساب المتعلمين المهارات اللازمة التي ذكرتها سابقًا، والتوقف عن التعليم الذي ينتج موظفين ينتظرون العمل بعد تخرجهم ليشكلوا عبئًا آخر يضاف إلى المجتمع.

إنَّ النظرة للتعليم يجب أن تختلف ليس من خلال الشعارات التي تطلق بين الحين والآخر، وإنما من خلال توجيهه لحاجات المتعلم والمجتمع ومواكبته للتطور العلمي والمعرفي الذي يجتاح العالم ومسايرته للمتغيرات العالمية وجعله قادرًا على إنتاج متعلمين بمواصفات ومهارات تمكنهم من التفاعل مع العالم وشق طريقهم بكفاءة عالية وسط الطوفان الجارف من التدفق المعرفي والتطور التكنولوجي.

لذا.. على مؤسسات التعليم أن تغير استراتيجياتها وفلسفتها التعليمية أو أن تعدلها لتواكب حاجات العصر، وعليها أن تنتقل إلى مرحلة متقدمة من خلال النظر إلى التعليم كأحد روافد الاقتصاد وضلع أساسي من أضلع الإنتاج، وأن يتم تقديم نواتج التعليم كمنتج اقتصادي مساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدولة، عندها سوف نجد أن جميع العناصر الأخرى تسير في الاتجاه الصحيح.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ماكرون في مصر| ما الذي تقدمه هذه الزيارة؟.. محمد أبو شامة يوضح

قال محمد أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة، تأتي في توقيت بالغ الأهمية، سياسيًا واقتصاديًا، في ظل الاضطرابات الإقليمية والدولية.

وأوضح، خلال لقاء ببرنامج "ملف اليوم"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، وتقدمه الإعلامية آية لطفي، أن الزيارة تحمل بعدين رئيسيين، الأول “اقتصادي” يتمثل في تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، خاصة في ظل طموح القاهرة لرفع الاستثمارات الفرنسية إلى مليار يورو هذا العام، والثاني “سياسي” يرتبط بالوضع المتأزم في الشرق الأوسط، خاصة في قطاع غزة.
 

قمة ثلاثية بين مصر وفرنسا والأردن

أشار أبو شامة إلى أن هذه الزيارة تتزامن مع قمة ثلاثية بين مصر وفرنسا والأردن؛ لمناقشة التصعيد الإسرائيلي في غزة، معتبرًا أن الأزمة هناك تمثل "مفتاحًا" لباقي ملفات المنطقة.

طارق فهمي: فرنسا تتحرك في النطاق الأوروبى لتطبيق فكرة حل الدولتينفرنسا والجزائر تسعيان لطي صفحة التوتر واستئناف التعاون الثنائيالإحصاء: 22.4 % ارتفاعاً في قيمة الصادرات المصرية إلى فرنسا خلال عام 2024رسامة خمسة دياكونيين جدد لـ شمالي فرنسا .. صور21 أبريل .. آخر موعد للحصول على منحة لحضور قمة البحث العلمي في فرنسا
السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط

فيما يخص السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط، أوضح أن علاقات باريس بالمنطقة تتأرجح على طريقة "البندول"، بين دعمها التقليدي لإسرائيل منذ 1948، وبين محاولتها الحفاظ على توازن في علاقاتها مع الدول العربية.

وأكد أن فرنسا كانت داعمًا قويًا لإسرائيل في بداية أزمة "طوفان الأقصى"، لكنها بدأت تتخذ مواقف أكثر انحيازًا للحقوق الفلسطينية، خاصة مع تصاعد التوترات بين باريس وتل أبيب؛ نتيجة التصعيد الإسرائيلي في لبنان، والصور "الوحشية" القادمة من غزة.

وأضاف أن هذا التحول في الموقف الفرنسي، جاء نتيجة ضغط إنساني وأخلاقي، حيث بات من الصعب على فرنسا أن تستمر في دعم تسليحي لإسرائيل بينما تُرتكب مجازر في غزة، مشيرًا إلى أن زيارة ماكرون تهدف أيضًا إلى دفع جهود وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وأكد أن لفرنسا دور نشط في ملفات لبنان وسوريا، خاصة فيما يتعلق بمحاولة تثبيت الهدنة في الجنوب اللبناني، وسحب إسرائيل من بعض النقاط التي تحتلها، قائلاً إن هذه الملفات ستُبحث بعمق بين الجانبين المصري والفرنسي خلال الزيارة.

مقالات مشابهة

  • ماكرون في مصر| ما الذي تقدمه هذه الزيارة؟.. محمد أبو شامة يوضح
  • عضو إنجاد: العائلة المفقودة بصحراء حلبان شربت ماء رديتر السيارة للنجاة.. فيديو
  • معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العرب والعربية
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟
  • تحقيق ما للهند .. كتاب أبو الريحان البيروني عن دار أم الدنيا
  • نيفين عبد الخالق: رئاسة مصر لبرلمان المتوسط تعكس ثقة العالم في القيادة السياسية
  • رئيس الوزراء: امريكا ستخسر امام شعبنا الذي اذهل العالم
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن