في لحظة واحدة فقد الفتى الفلسطيني فارس أبو جاسر كل شيء، ليبقى وحيدا وسط دمار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

ويكافح فارس، بين الألم الجسدي والنفسي والشعور باليتم، ليواصل مسيرة والده الصحفي محمد أبو جاسر في نقل الحقيقة، الذي اغتالته طائرات حربية إسرائيلية في 20 تموز/ يوليو الماضي، وليبقى الصوت الفلسطيني حاضرا رغم محاولات إسكاته.



فارس (14 عاما) وجد نفسه الناجي الوحيد بين أفراد عائلته، بعد مقتل والده ووالدته، وشقيقاته الثلاث (شهد 16 عاماً، وشام 7 أعوام، وبانة عام ونصف)، في قصف إسرائيلي مدمر استهدف منزل العائلة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.


جسد مثخن بالجراح
ويروي فارس من على سرير المستشفى لتلقي العلاج، اللحظات الأولى بعد القصف الإسرائيلي بالقول: "كنت نائما واستيقظت فجأة على غبار ورائحة دم وبارود، لم أكن أعرف ماذا حدث".

"مشهد الركام والدماء كان كابوسا لا يمكن نسيانه. صرخت طالبا النجدة وسط الظلام والدمار، وحين نظرت إلى الشقة المقابلة وجدت إضاءة وكشافات، صرخت أكثر ولم يكن هناك أي استجابة" وفق فارس.

وبعد وقت قصير، حضر ابن عم فارس لنجدته، لكنه لم يستطع ذلك جراء إصابته بكسر في قدمه، وذهب للاستنجاد بطواقم الإنقاذ التي حضرت إلى المكان.

حين وصل المسعف، كانت المهمة صعبة نتيجة الركام الذي كان يغطي جسد فارس الهزيل، والذي طلب إخراجه بسرعة لشدة الألم، لكنه لم يكن يستطيع الوقوف وكان يشعر بالدوار والغثيان.

ويضيف فارس: "كنت في شقة مقابلة، عائلتي كانوا جميعهم في شقة وأنا وابن عمي في الشقة الأخرى، والصاروخ استهدف الغرفة التي كانت فيها العائلة".

و"تناثرت جثامين أفراد العائلة في الشارع من شدة القصف الإسرائيلي، وكان الجميع غارقين بدمائهم، في مشهد لا يوصف ولا ينسى"، والكلام لفارس الذي اغرورقت عيناه بالدموع.

اليوم، يعيش فارس بأطراف مصابة وجروح عميقة، وتمت زراعة أسياخ بلاتين في قدمه، وأوتار يديه مقطعة، فلا يقدر على النوم إلا بجسد ثابت دون حركة حتى لا يشعر بالألم.

"أحيانا لا أستطيع النوم إذ لا تستجيب المسكنات للآلام الشديدة التي أشعر بها"، يقول فارس، فيما تغطي الحروق والشظايا جسده، مخلّفة آثارا لا تمحى، بعد إصابته بحروق من الدرجة الثالثة.


الفقدان الأعظم
كانت الساعة الثالثة والنصف فجرا حين فقد الفتى الفلسطيني كل أفراد عائلته، "المنظر لا يوصف"، يروي فارس اللحظات التي اكتشف فيها أن أحبته قد تحولوا إلى أشلاء ملقاة خارج المنزل.

ويقول بصوت حزين: "أنا الناجي الوحيد، وأحمد الله على هذا الحال".

ورغم المأساة، فإن فارس يظهر قوة وصمودًا لا يوصفان، فهو يشعر بأن عائلته "سبقته إلى الجنة". ومع ذلك، يبقى الألم النفسي حاضرًا بقوة، ويظهر ذلك في كلماته: "أحيانا أجلس وحدي وأبكي متحسرا على ما حدث معي".

وبعد الفاجعة، يعيش فارس في ظروف قاسية، كحال سكان شمال غزة الذين يعانون حصارا أفقد الناس أبسط مقومات الحياة من طعام وشراب وأدوية.

رغم كل ما حدث، يبقى فارس مصرًا على متابعة مسيرة والده الصحفي، فيقول: "أطمح أن أواصل مسيرة والدي، حيث إنه كان يكشف الحقيقة وهذا سبب استهدافه، فكل من يحاول إيصال الحقيقة للعالم كان وعائلته هدفًا للاحتلال الإسرائيلي".

ولم يفقد فارس والده ووالدته وشقيقاته فقط في هذه الحرب المدمرة، بل فقد أيضًا العديد من أقربائه، منهم ثلاثة من أخواله وأحد أعمامه واثنان من أبناء عمه وثلاث خالات والعديد من أبناء عمومته.

شهادة أفضل
سعيد جاسر، جد فارس، يروي تفاصيل اللحظة التي قتل فيها نجله محمد وأسرته، باستهداف منزلهم في 20 يوليو الماضي، ويؤكد أن "التهمة الوحيدة لمحمد أنه صحفي".

ويوضح الجد سعيد أن محمد كان يحمل في قلبه طموحات كبيرة، لكنه حصل على "شهادة أفضل، وهي الشهادة في سبيل الله".

ويقول: "محمد كان رجلا طموحا وحاصلا على درجة الماجستير برسالة عنوانها ’صورة إسرائيل في المواقع التركية الناطقة باللغة العربية‘، وكان يطمح إلى الحصول على الدكتوراة".

رغم الألم، يؤكد الوالد المكلوم بفقدانه اثنين من أبنائه في هذه الحرب، أن مسيرة محمد لن تتوقف، وأن الصحفيين سيواصلون فضح جرائم "إسرائيل" في المحافل الدولية.


وحتى الجمعة، قتلت "إسرائيل" 168 صحفيا منذ بداية حربها على قطاع غزة، وفق أرقام رسمية فلسطينية.

وتشن "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 131 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.

وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل "تل أبيب" الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية غزة جرائم غزة جرائم صحافة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

رئيس البرلمان اللبناني: تمادي إسرائيل بعدوانها يصيب مسيرة تعافي لبنان واستقراره

بيروت - قال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الأربعاء 30ابريل2025، إن تمادي إسرائيل في عدوانها وخروقاتها ضد لبنان يصيب مسيرة تعافي الدولة استقرارا وإصلاحا وسيادة.

جاء خلال لقائه رئيس لجنة الاشراف على تنفيذ آلية اتفاق ترتيبات وقف الأعمال العدائية في الجنوب (اللبناني) الميجور جنرال جاسبير جيفيرز، والميجور جنرال مايكل ليني الذي انضم للجنة اليوم.

وقال بري في بيان ، إن اللقاء "تناول آخر التطورات والمستجدات الميدانية في الجنوب على ضوء مواصلة إسرائيل اعتداءاتها وخرقها لبنود القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار".

وفي عام 2006 اعتُمد القرار 1701 بالإجماع في الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.

وأشار بري، إلى "التمادي الإسرائيلي في الاعتداءات والخروقات بشكل يومي في حين أن لبنان التزم بكافة ما هو مطلوب منه".

وأضاف أن "الجانب الإسرائيلي غير ملتزم بوقف إطلاق النار ولم ينجز الانسحاب المطلوب منه من الأراضي التي لا يزال يحتلها في الجنوب".

وأكد بري أن "التمادي الإسرائيلي في العدوان والخروقات إنما يصيب مسيرة تعافي الدولة استقرارا وإصلاحا وسيادة".

وطالب الولايات المتحدة، "بالعمل على إلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاق فوراً والرامي إلى تطبيق القرار 1701".

من جهته أكد الجنرال ليني، وفق بيان بري، على أن اللجنة "ستبدأ اجتماعات دورية دائمة لمتابعة الوضع".

ولم يهدأ التوتر بين لبنان وإسرائيل على خلفية عدم التزام الأخيرة باتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إذ لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من جميع النقاط اللبنانية التي احتلها كما هو متفق عليه، ولا يزال يشن ضربات على الأراضي اللبنانية في خروقات سافرة للاتفاق.

وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.

وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.

وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت السفارة الأمريكية في بيان أن "رئيس لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية الميجور جنرال جاسبر جيفرز اجتمع مع القيادة اللبنانية وقيادة اليونيفيل في بيروت، برفقة الميجور جنرال مايكل ليني الذي انضم إلى اللجنة كقائد عسكري أمريكي رفيع بدوام كامل في بيروت لمواصلة العلاقة القوية بين الجيشين اللبناني والأمريكي".

وأضاف بيان السفارة وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية:" سوف يعمل الجنرال ليني بشكل وثيق مع الجيش اللبناني واليونيفيل وفرنسا واللجنة الفنية العسكرية للبنان لتمكين الجيش اللبناني من توفير الأمن وحماية السيادة اللبنانية بشكل كامل".

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان اللبناني: تمادي إسرائيل بعدوانها يصيب مسيرة تعافي لبنان واستقراره
  • ديمبلي يعرب عن عدم قلقه من الإصابة التي تعرض لها أمام أرسنال
  • إسرائيل تعلن اعتراض طائرة مسيرة أُطلقت من اليمن
  • إسرائيل تعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر إلى إسرائيل بواسطة طائرة مسيرة
  • بالفيديو: سرايا القدس تخاطب إسرائيل: هذا هو الحل الوحيد لإعادة أسراكم
  • ابن محمد الحلو يكشف تطورات حالة والده الصحية |خاص
  • بعد جراحة بساقيه ..نجل الفنان محمد الحلو يطمئن الجمهور على صحة والده