فتى غزي كان الناجي الوحيد يكافح الإصابة ويحلم بإكمال مسيرة والده الصحفي
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
في لحظة واحدة فقد الفتى الفلسطيني فارس أبو جاسر كل شيء، ليبقى وحيدا وسط دمار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويكافح فارس، بين الألم الجسدي والنفسي والشعور باليتم، ليواصل مسيرة والده الصحفي محمد أبو جاسر في نقل الحقيقة، الذي اغتالته طائرات حربية إسرائيلية في 20 تموز/ يوليو الماضي، وليبقى الصوت الفلسطيني حاضرا رغم محاولات إسكاته.
فارس (14 عاما) وجد نفسه الناجي الوحيد بين أفراد عائلته، بعد مقتل والده والدته، وشقيقاته الثلاث (شهد 16 عاماً، وشام 7 أعوام، وبانة عام ونصف)، في قصف إسرائيلي مدمر استهدف منزل العائلة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
جسد مثخن بالجراح
ويروي فارس من على سرير المستشفى لتلقي العلاج، اللحظات الأولى بعد القصف الإسرائيلي بالقول: "كنت نائما واستيقظت فجأة على غبار ورائحة دم وبارود، لم أكن أعرف ماذا حدث".
"مشهد الركام والدماء كان كابوسا لا يمكن نسيانه. صرخت طالبا النجدة وسط الظلام والدمار، وحين نظرت إلى الشقة المقابلة وجدت إضاءة وكشافات، صرخت أكثر ولم يكن هناك أي استجابة" وفق فارس.
وبعد وقت قصير، حضر ابن عم فارس لنجدته، لكنه لم يستطع ذلك جراء إصابته بكسر في قدمه، وذهب للاستنجاد بطواقم الإنقاذ التي حضرت إلى المكان.
حين وصل المسعف، كانت المهمة صعبة نتيجة الركام الذي كان يغطي جسد فارس الهزيل، والذي طلب إخراجه بسرعة لشدة الألم، لكنه لم يكن يستطيع الوقوف وكان يشعر بالدوار والغثيان.
ويضيف فارس: "كنت في شقة مقابلة، عائلتي كانوا جميعهم في شقة وأنا وابن عمي في الشقة الأخرى، والصاروخ استهدف الغرفة التي كانت فيها العائلة".
و"تناثرت جثامين أفراد العائلة في الشارع من شدة القصف الإسرائيلي، وكان الجميع غارقين بدمائهم، في مشهد لا يوصف ولا ينسى"، والكلام لفارس الذي اغرورقت عيناه بالدموع.
اليوم، يعيش فارس بأطراف مصابة وجروح عميقة، تم زراعة أسياخ بلاتين في قدمه، وأوتار يديه مقطعة، فلا يقدر على النوم إلا بجسد ثابت دون حركة حتى لا يشعر بالألم.
"أحيانا لا أستطيع النوم إذ لا تستجيب المسكنات للآلام الشديدة التي أشعر بها"، يقول فارس، فيما تغطي الحروق والشظايا جسده، مخلّفة آثارا لا تمحى، بعد إصابته بحروق من الدرجة الثالثة.
الفقدان الأعظم
كانت الساعة الثالثة والنصف فجرا حين فقد الفتى الفلسطيني كل أفراد عائلته، "المنظر لا يوصف"، يروي فارس اللحظات التي اكتشف فيها أن أحبته قد تحولوا إلى أشلاء ملقاة خارج المنزل.
ويقول بصوت حزين: "أنا الناجي الوحيد، وأحمد الله على هذا الحال".
ورغم المأساة، يظهر فارس قوة وصمودًا لا يوصفان، فهو يشعر بأن عائلته "سبقته إلى الجنة". ومع ذلك، يبقى الألم النفسي حاضرًا بقوة، ويظهر ذلك في كلماته: "أحيانا أجلس وحدي وأبكي متحسرا على ما حدث معي".
وبعد الفاجعة، يعيش فارس في ظروف قاسية، كحال سكان شمال غزة الذين يعانون حصارا أفقد الناس أبسط مقومات الحياة من طعام وشراب وأدوية.
رغم كل ما حدث، يبقى فارس مصرًا على متابعة مسيرة والده الصحفي، فيقول: "أطمح أن أواصل مسيرة والدي، حيث كان يكشف الحقيقة وهذا سبب استهدافه، فكل من يحاول إيصال الحقيقة للعالم كان وعائلته هدفًا للاحتلال الإسرائيلي".
ولم يفقد فارس والده ووالدته وشقيقاته فقط في هذه الحرب المدمرة، بل فقد أيضًا العديد من أقربائه، منهم 3 من أخواله وأحد أعمامه واثنان من أبناء عمه و3 خالات والعديد من أبناء عمومته.
شهادة أفضل
سعيد جاسر، جد فارس، يروي تفاصيل اللحظة التي قتل فيها نجله محمد وأسرته، باستهداف منزلهم في 20 يوليو الماضي، ويؤكد أن "التهمة الوحيدة لمحمد أنه صحفي".
ويوضح الجد سعيد أن محمد كان يحمل في قلبه طموحات كبيرة، لكنه حصل على "شهادة أفضل، وهي الشهادة في سبيل الله".
ويقول: "محمد كان رجلا طموحا وحاصلا على درجة الماجستير برسالة عنوانها: صورة إسرائيل في المواقع التركية الناطقة باللغة العربية، وكان يطمح إلى الحصول على الدكتوراة".
رغم الألم، يؤكد الوالد المكلوم بفقدان اثنين من أبنائه في هذه الحرب، أن مسيرة محمد لن تتوقف، وأن الصحفيين سيواصلون فضح جرائم إسرائيل في المحافل الدولية.
وحتى الجمعة، قتلت "إسرائيل" 168 صحفيا منذ بداية حربها على قطاع غزة، وفق أرقام رسمية فلسطينية.
وتشن "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 131 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل "تل أبيب" الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية غزة جرائم غزة جرائم صحافة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
أوضح المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين هو إنهاء الحرب وتمكين الشعب السوداني من اتخاذ قراراته بشأن مستقبله.
الخرطوم ــ التغيير
قال بيرييلو في منشور على منصة “إكس” إنه عقد اجتماعات مثمرة في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.
أكد أن الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني بشكل فوري، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لوضع حد للمعاناة هو إنهاء هذه الحرب ومنح الشعب السوداني القدرة على تحديد مستقبله.
أوضح أن الرسالة التي تلقاها بوضوح من ممثلي المجتمع المدني الذين قابلهم في بورتسودان تنص على أن الجرائم التي تستهدف النساء السودانيات يجب أن تتوقف، ويجب حماية المدنيين.
وأضاف “نحن نتشارك معهم في حرصهم على إنهاء هذه الحرب، وإيقاف الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، وضمان سودان موحد وديمقراطي وسلمي.
ورحب المبعوث الأمريكي بالتحسينات الأخيرة في توسيع الوصول للمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة، كأكبر دولة مانحة للمساعدات للسودان، ستبذل قصارى جهدها لضمان وصول الغذاء والماء والأدوية إلى الناس في جميع الولايات الثماني عشرة بالإضافة إلى اللاجئين.
و قال: “أعبر عن تقديري للجهود الأخيرة التي تهدف إلى تحسين تدفق المساعدات الطارئة لـ 25 مليون سوداني يعانون من المجاعة والجوع الحاد. يجب علينا الاستمرار في زيادة كميات الغذاء والدواء المرسلة من بورتسودان وأدري، وتوسيع نطاق رحلات الإغاثة إلى المناطق النائية”.
أشار إلى أنه استمع إلى الآراء التي طرحها العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة في بورتسودان، مضيفًا: “مع تقديم الولايات المتحدة لأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان، أُقدِّر التقدم الذي تم إحرازه في جهود تقديم المساعدة للمجتمعات الضعيفة في مختلف أنحاء البلاد، وستستمر الولايات المتحدة في دعم جهود الشركاء لتوسيع نطاق الإغاثة الطارئة للسودانيين الضعفاء”.
الوسومالحرب المبعوث الأمريكي بورتسودان توم بريللو