إعفاء بنكيران وتعيين العثماني.. النص الدستوري أمام سلطة التأويل المفتوحة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
بعد انتخابات السابع من أكتوبر 2016 في المغرب، حصل حزب العدالة والتنمية على 125 مقعدا برلمانيا، متصدرا بذلك نتائج ثاني انتخابات لأعضاء مجلس النواب بعد الدستور الجديد، وعلى أساس هذه النتائج، طبقا لمقتضيات الفصل 47 من الدستور، عين الملك محمد السادس، يوم 10 أكتوبر، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة.
كان عبد الإله بنكيران مطالبا بتشكيل أغلبية برلمانية مساندة للحكومة لا تقل عن 198 مقعدا في انتظار التعيين الملكي لباقي الوزراء باقتراح منه، ذلك أن الفقرة الثالثة من الفصل 88 من الدستور "تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي".
إن المكانة التي يحتلها مبدأ الأغلبية الحكومية في النظام الدستوري دفعت إلى استحالة الحفاظ على مجلس النواب قائما في حال تعذر تشكيل أغلبية حكومية -ولو بشكل مؤقت، أي في حدود سنة واحدة- حتى ولو تم انتخابه مرة ثانية بعد حله لأي سبب من الأسباب الممكنة.وهكذا، فإن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، كان مطالبا بإجراء سلسلة من المشاورات مع الأحزاب السياسية قصد تشكيل أغلبية حكومية.
الدستور المغربي لم يلزم رئيس الحكومة بآجال معينة، لكن مستلزمات السير العادي لمؤسسات الدولة تتطلب تشكيل الحكومة في أوقات معقولة. غير أن تحقيق هذا الطموح ينبغي أن يحترم مبدأ سمو الدستور، وأن ينتبه إلى مبدأ الأغلبية الحكومية المنبثقة عن مجلس النواب كقاعدة مركزية في النظام الدستوري المغربي، لا يمكن تجاهلها كفلسفة مستقرة في متن الدستور المغربي شكلا ومضمونًا، وبناء عليه، فإن الأساس الدستوري لحل إشكالية تعذر توفر أغلبية حكومية كان يوجد ـ في نظري ـ في الفصل 98 من الدستور المغربي.
مبدأ سمو الدستور كان يفرض جوابا قانونيا من داخل الدستور نفسه..
في خضم الصعوبات التي واجهت عبد الإله بنكيران وهو يخوض مشاوراته مع الأحزاب السياسية الأخرى التي قرر بعضها عدم تيسير مهمة رئيس الحكومة عن طريق فرض بعض الاشتراطات التعجيزية، كان لا بد من التذكير بمبدأ سمو الدستور ونحن نبحث آنذاك عن الجواب الدستوري المطلوب بعيدا عن الخلفيات السياسية لهذه العرقلة التي ستكون موضوعا للتحليل في مقال لاحق.
والمقصود بمبدأ سمو الدستور، هو علو القواعد والأحكام الدستورية على غيرها من القواعد القانونية المطبقة في الدولة، وضمان خضوع الجميع لأحكامه، حكاما ومحكومين، مع ضرورة إيجاد التفسيرات الكفيلة باحترام أحكامه من قبل الأفراد وهيئات الدولة المختلفة، ولذلك، فإن البحث عن الجواب الدستوري عن تعذر تشكيل الأغلبية الحكومية لأي سبب من الأسباب ينبغي أن يخضع لهذا المبدأ، وهو ما لا يسمح بالاجتهاد خارج نص الدستور، خاصة في النازلة التي نحن بصددها، والتي توجد معالجتها بشكل صريح في نص الدستور الحالي.
من النتائج المترتبة على قاعدة السمو، احترام مبدأ المشروعية، حيث لا يمكن أن يصدر أي قرار فردي أو مؤسساتي إلا في حدود الاختصاصات التي ينص عليها الدستور بشكل صريح، وأي سلطة من سلطات الدولة لا يمكن أن تمارسها إلا السلطة التي خولها الدستور إياها وبالحدود التي رسمها، ويعتبر مبدأ السمو من المبادئ المسلم بها في النظرية العامة للقانون الدستوري دون حاجة للتنصيص عليه في صلب الوثيقة الدستورية.
إن الدستور هو مصدر جميع السلطات العامة في الدولة، وهو ما يعني أن هذه السلطات لا تمارس حقاً شخصياً تقوم بتصريفه كما تشاء، وإنما تمارس وظيفة تحددها النصوص الدستورية وتبين شروطها ومداها.
لكن قبل قراءة الفصل 98 من الدستور الذي عالج الإشكالية موضوع هذه المقالة، لا بد من قراءته على ضوء المكانة الجديدة التي أعطاها الدستور المغربي للعملية الانتخابية بصفة عامة، ولمفهوم الأغلبية البرلمانية/الحكومية، انسجاما مع تطور الطابع البرلماني للنظام الدستوري المغربي.
انبثاق الحكومة من الأغلبية البرلمانية يعتبر من أهم مظاهر تطور الوثيقة الدستورية لـ 2011..
لا بد من التوقف عند الفقرة الثالثة من الفصل 88 من دستور 2011 التي تعتبر من أهم عناصر التقدم في الدستور المغربي، والتي تبرز الطابع البرلماني للنظام الدستوري المغربي، حيث تعتبر "الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي". وبالتالي، فإن تصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء يعتبر بمثابة تنصيب برلماني للحكومة، وهو ما يتعذر معه قيام حكومة بدونه.
وتندرج قاعدة الأغلبية الحكومية في إطار فلسفة الدستور الجديد التي اعتبرت أن "النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها… وعلى ربط المسؤولية بالمحاسبة" كما جاء في الفصل الأول من الدستور.
في خضم الصعوبات التي واجهت عبد الإله بنكيران وهو يخوض مشاوراته مع الأحزاب السياسية الأخرى التي قرر بعضها عدم تيسير مهمة رئيس الحكومة عن طريق فرض بعض الاشتراطات التعجيزية، كان لا بد من التذكير بمبدأ سمو الدستور ونحن نبحث آنذاك عن الجواب الدستوري المطلوب بعيدا عن الخلفيات السياسية لهذه العرقلة التي ستكون موضوعا للتحليل في مقال لاحق.إن فصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة ينسحب بشكل مباشر على المؤسسات التي تمارس السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. ولذلك اعتبر الفصل الثاني من الدستور أن "السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها"، كما اعتبر أن "الأمة تختار ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم". إن شرعية تمثيلية الأمة داخل المؤسسات المنتخبة تتم عبر الاقتراع الحر والنزيه والمنتظم، وقد تأكد ذلك بالتنصيص الصريح على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي" كما جاء في الفصل 11 من الدستور، ولذلك، فإن مؤسسة الحكومة تكتسب مشروعيتها الديمقراطية انطلاقا من الإرادة الحرة للمواطنين المعبر عنها بواسطة الانتخابات، التي من المفترض أن تنتهي بفرز أغلبية وأقلية. غير أن الدستور المغربي، واستحضارا منه لإمكانية عدم فرز أغلبية برلمانية واضحة تمكنها من تشكيل الحكومة، حسم اختيار رئيس الحكومة في الفصل 47 "من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب"، وذلك "على أساس نتائجها"، فيما ربط "التعيين الملكي لباقي أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها"، فمشروعية تعيين رئيس الحكومة تكتسب من الاقتراع العام المباشر، فيما تعيين باقي الوزراء يكتسب مشروعيته من سلطة الاقتراح التي يتمتع بها رئيس الحكومة المعين من قبل الملك بناء على نتائج الاقتراع العام.
إذن، من الواجب القول إن الدستور المغربي كان واضحا في ربط موقع رئاسة الحكومة بنتائج انتخابات أعضاء مجلس النواب، ولا مجال للبحث عن إمكانيات أخرى خارج هذه القاعدة المركزية في النظام الدستوري، وبالتالي، فإن احتمالات اللجوء إلى الحزب الثاني لرئاسة الحكومة تفتقر ـ في جميع الأحوال ـ إلى الأساس الدستوري، كما أن الدعوة إلى التحكيم الملكي، في حال تعذر تشكيل الأغلبية الحكومية، كما ذهبت لذلك بعض الآراء يعتبر انحرافا واضحا في فهم معنى التحكيم الملكي والسياقات التي تتطلب استدعاءه.
غير أنه ينبغي أن نلاحظ أن التقدم الحاصل في مكانة الانتخابات من الناحية الدستورية، لم يواكبه تقدم مماثل في الإطار القانوني المنظم للعملية الانتخابية، الذي يعتبر مسؤولا بشكل أو بآخر عن عدم فرز أغلبية برلمانية واضحة وهذا موضوع آخر..
غير أن تشكيل الحكومة في ظل نظام انتخابي لا يسمح بإفراز أغلبية برلمانية واضحة من حزب واحد أو حزبين، كان يستدعي من رئيس الحكومة أن يبحث عن أغلبية برلمانية قبل اقتراح أعضاء الحكومة على الملك، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بالبحث عن تحالفات سياسية مع أحزاب أخرى، وهو ما يتطلب زمنا سياسيا معينا، قد يطول وقد يقصر حسب نجاح الأطراف المعنية في بناء التوافقات المطلوبة، وتجاوز هذه الصعوبات، وهي صعوبات سياسية بطبيعتها، والمخرج منها لا يمكن أن يكون إلا سياسيا، أما التأخر في تشكيل الحكومة، فليس هناك ما يعالجه من الناحية الدستورية في غياب أجل دستوري محدد لتشكيلها.
لكن، في حال تعذر تشكيل أغلبية حكومية لأي سبب من الأسباب، فما هو الجواب الدستوري الممكن؟ ما العمل في حالة تعذر تشكيل الأغلبية الحكومية؟ رأي في الموضوع..
قبل الجواب عن هذا السؤال، لا بد من العودة إلى سياق كتابة الدستور، والتوقف عند خطاب 9 مارس 2011، الذي وعد فيه الملك بدستور جديد يقوم بتكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، كما دعا الملك في خطاب 17 يونيو 2011 إلى الانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية، بقيادة رئيس الحكومة الذي يتم تعيينه من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، "تجسيدا لانبثاق الحكومة من الاقتراع العام المباشر".
وإذا كان رئيس الحكومة، طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 47، هو المخول باقتراح أعضاء الحكومة على الملك قبل تعيينهم، فإن إعلان تعذر تشكيل أغلبية حكومية يعود إلى تقديره هو باعتباره المعني بتقديم البرنامج الحكومي الذي يعتزم تطبيقه أمام مجلس النواب، قبل تحصيل ثقة مجلس النواب المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضائه لفائدة البرنامج الحكومي.
أما المدخل الدستوري لفهم كيفية التعاطي مع حالة "تعذر تشكيل الأغلبية الحكومية" فهو المقتضيات الدستورية المتعلقة بمساطر حل البرلمان، حيث يتمتع الملك وفق الفصل 51 من الدستور بصلاحية حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبقا للشروط المبينة في الفصول 96 و97 و98 من الدستور. "فللملك، بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، أن يحل بظهير المجلسين معا أو أحدهما" (الفصل 96)، و"يقع الحل بعد خطاب يوجهه الملك إلى الأمة". هذه العودة إلى الأمة لشرح الحيثيات الموجبة للحل تحمل دلالة واضحة باعتبار "الأمة هي صاحبة السيادة"، وباعتبار أن الأمة هي التي اختارت "ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم".
وقد ألزم المشرع الدستوري الأمة بـ"انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد في ظرف شهرين على الأكثر بعد تاريخ الحل" (الفصل 97)، وهو أجل دستوري كاف لإعادة انتخاب المجلس الذي تم حله، أو كلا المجلسين في حال تم حلهما معا، لأي سبب من الأسباب. وحرصا من المشرع الدستوري على الاستقرار المؤسساتي المطلوب، فإنه اشترط أنه "إذا وقع حل أحد المجلسين، لا يمكن حل المجلس الذي يليه إلا بعد مضي سنة على انتخابه" (الفقرة الأولى من الفصل 98)، وترك استثناء واحدا يمكن في حال وقوعه أن يتم حل المجلس ولو داخل أجل سنة من انتخابه، وهو "في حال تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد" (الفقرة الثانية من الفصل 98).
إن المكانة التي يحتلها مبدأ الأغلبية الحكومية في النظام الدستوري دفعت إلى استحالة الحفاظ على مجلس النواب قائما في حال تعذر تشكيل أغلبية حكومية -ولو بشكل مؤقت، أي في حدود سنة واحدة- حتى ولو تم انتخابه مرة ثانية بعد حله لأي سبب من الأسباب الممكنة.
وهو ما يعني أن القراءة المتأنية لمسطرة حل البرلمان، أو أحد المجلسين طبقا لمقتضيات الفصول 51، 96، 97 و98 من دستور 2011، تفيد بأن المشرع الدستوري شدد على ضرورة توفر أغلبية حكومية حتى بعد انتخاب مجلس النواب الجديد (أي المنتخب بعد حل مجلس نواب قديم)، وهو ما يعني أن الجواب الدستوري الممكن في حال تعذر تشكيل أغلبية حكومية، بناء على النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية، يكون هو حل المجلس المنتخب، وذلك من باب أولى، احتراما لمبدأ الأغلبية البرلمانية المستقر في متن دستور 2011، وانسجاما مع منطوق الفصل 98 من الدستور.
والخلاصة..
انطلاقا مما سبق، فإن المخرج الدستوري ـ في نظري ـ كان هو حل مجلس النواب الجديد آنذاك، أي المنتخب يوم 7 أكتوبر 2016، من طرف الملك بظهير، وذلك بعد استشارة رئيس المجلس الدستوري (الذي كان يقوم مقام المحكمة الدستورية آنذاك)، وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، وأن يتم تنظيم انتخابات جديدة لاختيار أعضاء مجلس النواب في غضون شهرين على الأكثر من تاريخ الحل.
غير أن النظر الملكي آنذاك اقتضى تعيين شخصية أخرى من الحزب الأول الفائز بالانتخابات، وهو اجتهاد تأويلي ليس فيه ما يتعارض مع الدستور مادام أن التعيين الملكي لرئيس الحكومة تم طبقا للفصل 47 من الدستور، وهو النص الذي لم يقيد سلطة التعيين الملكي، وتركها في نطاق الشخصيات التي تنتمي إلى الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات، وإن كانت الممارسة السياسية كرست عرفا ديموقراطيا محمودا بتعيين رئيس الحزب رئيسا للحكومة.
غير أن تعيين شخصية أخرى من الحزب، وإن كان ليس فيه ما يتعارض مع صريح الدستور، غير أنه يمر بالضرورة ـ في النازلة التي بين أيدينا ـ عن طريق إعفاء رئيس حكومة معين سلفا، وهو ما لم نعثر له في الدستور على أساس صريح.
ولذلك فإن بلاغ الديوان الملكي الصادر يوم 15 مارس لم يشر إلى إعفاء رئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران ، وإنما ركز على أن الملك "أخذ علما بأن المشاورات التي قام بها السيد رئيس الحكومة المعين، لمدة تجاوزت الخمسة أشهر، لم تسفر إلى حد اليوم، عن تشكيل أغلبية حكومية، إضافة إلى انعدام مؤشرات توحي بقرب تشكيلها" و توقف البلاغ عند "الحرص الملكي على تجاوز وضعية الجمود الحالية"، ولذلك قرر" أن يعين كرئيس حكومة جديد، شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية" وذلك انطلاقا من "الصلاحيات الدستورية لجلالة الملك، بصفته الساهر على احترام الدستور وعلى حسن سير المؤسسات، والمؤتمن على المصالح العليا للوطن والمواطنين" وهي العبارات المستوحاة من الفصل 42 للدستور الذي خضع لتأويل معين قصد تجاوز وضعية الجمود، لأن الصلاحيات الواردة في هذا النص تمارس "بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة للملك صراحة بنص الدستور"..
ولهذا لا يمكن فهم التأويل الدستوري إلا جوابا على وضعية سياسية لم يكن من الممكن معها استمرار عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة للمرة الثانية، وهو ما سنتطرق له في حلقة قادمة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير المغرب المغرب حكم سياسة اسلاميون مراجعات سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة فی النظام الدستوری عبد الإله بنکیران أعضاء مجلس النواب الأغلبیة المطلقة البرنامج الحکومی تشکیل الحکومة الحکومة من ورئیس مجلس من الدستور الذی تصدر من الحزب على أساس من الفصل فی الفصل لا بد من لا یمکن غیر أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
سلطة هزيلة جعلت بعض السياسيين المتنفذين فوق القانون
آخر تحديث: 18 مارس 2025 - 11:40 ص بقلم:د.كاظم المقدادي تميزت السلطة الراهنة في العراق طيلة عقدين من الزمن ليس فقط بمنظومة المحاصصة وتقاسم المغانم والفساد بين الطغمة الحاكمة، وإنما بإنتهاكات دستورية وقانونية مشينة، ومنها لفلفة القضايا الخطيرة للتغطية على جرائم المسؤولين المتنفذين. وهذا ما جرى عند البحث والتحقيق عن أسباب سقوط الموصل وإحتلال ثلث الأراضي العراقية، وقتل الآلاف من العراقيين، بأيدي الأرهابيين الدواعش.. فقد تباهت النائبة عالية نصيف قبل أيام في حوار تلفزيوني في قناة الرشيد بمناسبة رمضان، بأنها من أنقذ رئيس تحالفها- “دولة القانون”- نوري المالكي- من إستجوابه أمام مجلس النواب بشأن سقوط الموصل، بوصفه القائد العام للقوات المسلحة، مستغلة رفض الأكراد إستجواب البرزاني- كما إدعت. وكشفت نصيف كيف نجا نوري المالكي من الاستدعاء للاستجواب بشأن سقوط الموصل: ” تم عقد تصويت مفاجئ في اللجنة لاستدعاء المالكي، وكان ينقصهم صوت أو صوتان، وبعد التشاور مع عدد من النواب، تم الاتفاق على أنه طالما استُثني مسعود بارزاني من الاستدعاء، فمن المفترض استثناء المالكي أيضًا لضمان العدالة “. وقالت أنها ” أثرت على النائبين أحمد الجبوري ونايف الشمري من نينوى،أعضاء لجنة التحقيق،ووافقا، وإمتنعا عن التصويت لصالح استدعاء المالكي، ما أدى في النهاية إلى إسقاط التصويت وفشله”. ورد النائبان الجبوري ولشمري، مكذبين مزاعم النائبة نصيف، مؤكدين أن مواقفهما كانت واضحة في تحميل المسؤولية للمقصرين وكشف الفساد الذي أدى إلى انهيار الأمن في المدينة عام 2014.ونشرا وثائق تثبت الأسماء التي لم توقّع، لأسباب سياسية، على تقرير لجنة سقوط الموصل، الذي حمّل المالكي المسؤولية. وأكدا ان الوثائق تثبت موقفهما، وهي متاحة، ومن يريد التأكد منها يمكنه مراجعتها.. وبغض النظر عن موقف النائبين المذكورين، إلا أن النائبة نصيف تفاخرت أمام الملايين بدورها المشهود في إنقاذ المالكي من تحميله مسؤولية سقوط الموصل بأيدي الإرهابيين الدواعش.
ونذَكِرُ بان المادة 78 من الدستور العراقي لعام 2005 النافذ نصت بان رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، وهو القائد العام للقوات المسلحة.. وهكذا، لم يتم إستدعاء المالكي من قبل اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في أسباب سقوط الموصل في عام 2014، التي قرر مجلس النواب تشكيلها، وتألفت من 20 نائبا ونائبة،وتكونت من أعضاء لجنة الأمن والدفاع ،وممثلين من جميع الكتل السياسية- كما أعلن النائب حاتم الزاملي، رئيس اللجنة. وباشرت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق عملها، وبعد نحو 8 أشهر، أنجزت تقريرها النهائي، وسلمته في اَب 2015 ،الى رئاسة مجلس النواب. وتضمن التقريرلائحة بأسماء مسؤولين عراقيين حملتهم اللجنة مسؤولية الانهيار الأمني الذي شهدته البلاد اَنذاك، وأوصت بإحالتهم إلى القضاء.وأدناه قائمة بأبرز الأسماء:
-1نوري المالكي-رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السابق
-2أثيل النجيفي-محافظ نينوى
-3هدى زكي-عضو مجلس محافظة نينوى
4- الفريق أول فاروق الأعرجي- مدير مكتب القائد العام
5- سعدون الدليمي- وزير الدفاع السابق
-6الفريق أول بابكر زيباري- رئيس أركان الجيش
-7الفريق أول الركن عبود هاشم قنبر-قائد العمليات المشتركة
-8الفريق أول الركن علي غيدان-قائد القوات البرية
-9الفريق الركن حاتم المكصوصي-مدير الاستخبارات العسكرية
-10الفريق الركن عبد الكريم العزي-معاون رئيس أركان الجيش
-11الفريق الركن باسم حسين الطائي-قائد عمليات نينوى السابق
-12اللواء الركن كفاح مزهر علي-قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية
-13العميد الركن عبد المحسن فلحي-قائد الفرقة الثانية في الجيش
-14اللواء الركن خالد مسين الحمداني-قائد شرطة نينوى
-15حسن العلاف-نائب محافظ نينوى
-16الشيخ أبو بكر كنعان بشير-مدير الوقف السني في الموصل
-17عدنان الأسدي-الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية
-18العميد حسن هادي صالح-آمر اللواء السادس في الفرقة الثالثة للجيش
-19المقدم نزار حلمي-آمر الفوج الثاني في لواء المشاة الخامس في الفرقة الثانية
-20اللواء خالد سلطان العكيدي-مدير شرطة نينوى
-21العقيد عرفان مجيد-آمر فوج مغاوير الفرقة الثانية
-22العميد هدايت-قائد الفرقة الثالثة في الجيش
-23ناجي حميد-مدير مكتب مخابرات نينوى
-24نور الدين قبلان-نائب رئيس مجلس محافظة نينوى
-25العميد حماد-آمر اللواء الخامس -26 الفريق الركن مهدي الغراوي قائد عمليات نينوى وأعلن رئيس اللجنة البرلمانية حاكم الزاملي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، إن أعضاء اللجنة بذلوا جهودا كبيرة واستثنائية للوصول إلى الحقيقة ، بعيدا عن الميول والاتجاهات والمصالح ، ولم تخضع للضغوط أو لعمليات الابتزاز والتهديد.وأضاف أن التقرير تضمن توجيه الاتهام لـ 35 شخصية مدنية وعسكرية لها علاقة بالأحداث. وأكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، خلال استقباله أعضاء اللجنة،وإستلامه تقريرها: ” أن مجلس النواب سيعرض التقرير في الجلسة المقبلة، وبشكل علني، ليطلع الشعب على حقيقة ما جرى من أحداث تسببت في سقوط الموصل بيد داعش وما تبعه من انهيارات أمنية. ومن ثم إرساله إلى الادعاء العام ليأخذ مجراه القانوني”. وأضاف: ” إن إنجاز التحقيق هو الخطوة الأولى في عملية محاسبة المتهمين، وإن على القضاء أن يأخذ دوره في محاسبتهم”، مبينا “أن هذا التقرير سيوثق مرحلة مهمة وخطيرة من تاريخ العراق الحديث”.. بيد ان أي شيء مما ذكره سليم الجبوري لم يتحقق.فلم تُعقد الجلسة العلنية لمجلس النواب لمناقشة تقرير لجنة التحقيق.ولم يقم الإدعاء العام بواجبه ليأخذ التقرير مجراه القانوني، ولم يُحاسب المسؤول الأول في الدولة- نوري المالكي، المتهم بمسؤولية سقوط الموصل بيد الدواعش، بحكم منصبه رئيسا لمجلس الوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة، وكان يتمتع بنفوذ واسع في المؤسسة العسكرية من خلال ” مكتب القائد العام للقوات المسلحة” ،الذي ارتبطت به مباشرة قيادات العمليات.
وأفادت الكثير من شهادات القادة العسكريين بأنه هو من أصدر أوامر انسحاب القطاعات العسكرية من الموصل.ووفقا لشهادات العسكريين الذين تم التحقيق معهم من قبل اللجنة، فقد اعتمد المالكي على قادة “لم يكونوا يمتلكون تصورا دقيقا عن خطورة الوضع، وكانوا يقدمون تقارير مضللة، ومارسوا كل أنواع الفساد”. وهو متهم أيضاً بالمسؤولية عن الفساد عبر تعيين ضباط تبعا لولائهم له ولحزبه بدلا من كفاءتهم والإخلاص للشعب والوطن.وعدا هذا، فهو متهم بتأجيج الطائفية وتمزيق المجتمع العراقي والتفريق بين المواطنين، وشهدت فترتا حكمه إستشراء الفساد والمحسوبية والمنسوبية، وهدر أكثر من ألف مليار دولار من أموال الدولة، وتأسيس ” الدولة العميقة” وما قامت به من جرائم القتل والتنكيل بالمواطنين الذين طالبوا بحقوقهم المشروعة على أيدي القوات القمعية التي أسسها. لم يُحاسب المالكي،لا بل ولم يتم إستدعاءه للتحقيق. وقد إعترفت النائبة عالية نصيف في الحوار التلفزيوني المذكور، متباهية، بأنها المسؤولة عن أنقاذه من الإستجواب، وفي لفلفة الموضوع للتغطية على مسؤوليته، بينما كانت غالبية الشعب تنتظر محاكمته ليكون عبرة لكل فاشل ومستبد وظالم ومستهتر. وكانت “الجمعية الأوروبية لحرية العراق”، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من بروكسل مقرا لها، وتعنى بمتابعة الأوضاع الإنسانية والسياسية في العراق، ويترأسها إسترون إستيفنسون الذي كان رئيسا للجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي بين 2009 و 2014..هذه المنظمة طالبت في اَب 2015 بتقديم المالكي إلى المحاكمة، على خلفية “ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وأعمال تعذيب وقتل وفساد”. وطالبت رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بتقديم نائب رئيس الجمهورية المقال، رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، للمحاكمة لارتكابه الجرائم المذكورة. وطالبته أيضاً “بطرد إيران من جميع المناطق العراقية التي توغلت فيها”. وشدد إستيفنسون على ضرورة أن يكون الجيش والشرطة العراقيان، هما القوتان الوحيدتان اللتين تمتلكان السلاح في العراق، وعلى ضرورة إجراء انتخابات مبكرة وعادلة تحت مراقبة الأمم المتحدة. وكان النائب عادل نوري أعلن بإن “المالكي هو المسؤول الأول عن سقوط الموصل، إلا أن المحاكم في العراق لن تكون حيادية في محاكمته”. وأوضح نوري – وهو عضو في اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق: ” أن قائد القوات البرية العراقية السابق الفريق علي غيدان، أدلى ببعض الاعترافات للجنة حول مسؤولية المالكي في سقوط الموصل بيد مسلحي التنظيم”.وأضاف ” أن غيدان أفاد بأن القادة العسكريين تلقوا أوامر من رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وقتها نوري المالكي، بالانسحاب من الموصل خلال هجوم تنظيم الدولة على المدينة في حزيران 2014، وهو الأمر الذي أدى لفرض التنظيم سيطرته الكاملة عليها”. ونختم بأسألة تطرح نفسها:
* أين صار تقرير اللجنة البرلمانية الذي إتهم المالكي بسقوط الموصل ؟!!
* ولماذا صمتت سلطات العراق التشريعية والقضائية والتنفيذية صمت الأموات عن محاسبة المالكي بصفته القائد العام للقوات المسلحة عن إحتلال الأرهابيين الدواعش لثلث مساحة العراق وقيامهم بأفضع جرائم القتل بحق المواطنين العراقيين ؟
* هل ان المالكي فوق القانون ؟!!
* وأليس ذلكم دليل اَخر على هزالة السلطة، بمؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية، التي جعلت من بعض السياسيين المتنفذين فوق القانون.ويصولون ويجولون ولا يجرأ أحد في السلطة على محاسبتهم ؟!! ألا، تباً لهذه السلطة الهزيلة !