على إحدى تلال قرية بتير الفلسطينية جنوب القدس الشرقية المحتلة وبالقرب من حقول الزيتون المملوكة لعائلة عليان، يقوم شبان إسرائيليون ببناء بؤرة استيطانية جديدة غير قانونية على أراضي البلدة الأثرية المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

يواجه عليان عليان وجيرانه منذ فترة طويلة محاولات الاستيطان في أراضي بتير المعروفة بمدرجات الزيتون التي لا تزال مستغلة وبنظام ري ومدرجات ضارب في القدم.

ويشهد بناء البؤر الاستيطانية فورة منذ بدء الحرب في غزة مع أن جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.

ويقول غسان عليان (61 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية "أمرت الحكومة القائمين على البؤرة الاستيطانية الجديدة القريبة من بتير، بالإخلاء لأنها بنيت بدون موافقة الحكومة وتعتبر غير قانونية بحسب القانون الإسرائيلي"، لكنه أضاف "لم يتم تنفيذ الأمر بسبب الحرب".

ورفع العلم الإسرائيلي على سارية في البؤرة الاستيطانية، كما وضعت عدة بيوت نقالة وحظيرة للأغنام في منطقة تغطيها أشجار زيتون يملكها فلسطينيون.

ويوضح عليان عليان البالغ (83 عاما) "أنا أكبر من دولة إسرائيل. لقد حرثت الأرض وزرعتها حتى أنتجت أشجارا مثمرة"، مضيفا بصوت مرتعش "عمر بعض الأشجار 50 عاما أو أكثر، وفجأة جاء المستوطنون وأرادوا أن يلتهموا الأرض ويأخذوها منا".

ويؤكد "سأذهب إلى أرضي وأهتم بها حتى لو كلفني ذلك حياتي".

مستوطنة "حيليتس"

لكن إقامة هذه البؤرة الاستيطانية ليست مصدر القلق الرئيسي لعائلات بتير، بل مستوطنة حيليتس التي يُخطط لبنائها مستقبلا بجوارهم.

يقول يوناتان مزراحي من منظمة السلام الآن غير الحكومية إن حيليتس واحدة من 5 مستوطنات ستكون "في عمق الأراضي الفلسطينية" وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية في 27 يونيو/حزيران الماضي.

ويؤكد أن "المستوطنة ستعرقل الحياة والعمل في بتير، وستؤدي بطرق عدة إلى حدوث توتر بين الجيران".

وتقع البؤرة الاستيطانية العشوائية ومستوطنة حيليتس التي أقر إقامتها، داخل منطقة بتير المحمية من اليونسكو، وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة في قائمة التراث العالمي للبشرية، في الضفة الغربية المحتلة.

ويؤمن لها إدراجها في هذه القائمة مساعدة فنية وقانونية ومادية لحفظها من أي خطر.

يلهو أطفال القرية في عين بتير احتماء من وطأة الحر. وتعود عين الماء هذه إلى العصر الروماني وتروي المدرجات حيث تزرع البندورة والذرة والباذنجان والزيتون.

ومدرجات بتير الزراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة التي عمرها أكثر من 2000 عام.

وأكسبت هذه المدرجات القرية إدراجها في قائمة التراث العالمي عام 2014.

لكن هذا الإدراج لم يشفع لها لمنع الاستيلاء على الأراضي الزراعية المحيطة بها.

وقد لجأ سكان بتير إلى المحاكم الإسرائيلية 3 مرات ضد البؤرة الاستيطانية العشوائية المقامة على أراضيهم.

لكن غسان عليان يقول إن جلسات الاستماع قد تتأجل، لأنها لا تعتبر أولوية خلال الحرب الحالية، مشددا على أنه غير متفائل بالنتيجة.

منع إقامة الدولة

وبحسب عائلة عليان، فإن الهدف من إقامة مستوطنة حيليتس هو ربط مدينة القدس بمجمع مستوطنات غوش عتصيون، في عمق الضفة الغربية.

وإذا تحقق ذلك، فسيتم عزل بتير والقرى الفلسطينية المجاورة عن مدينة بيت لحم وبقية الضفة الغربية المحتلة، وهي عملية يخشون أن تؤدي إلى تفتيت الدولة الفلسطينية المستقبلية.

ويقول غسان عليان "لن يكون هناك تواصل (جغرافي)"، ولن يتبقى سوى ما وصفه بعض المراقبين بأنه "أرخبيل" تُمارس عليه السيادة الفلسطينية.

وكتب وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وهو مستوطن، على منصة إكس بعد الموافقة على بناء المستوطنات الخمس الأخيرة في يونيو/حزيران "سنواصل تطوير المستوطنات من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية".

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ 1967، وأقامت مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. ويقيم نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات داخل الضفة الغربية البالغ عدد سكانها 3 ملايين فلسطيني. ولا يشمل هذا العدد مستوطني القدس الشرقية.

وفي الأشهر الأخيرة، أغلقت القوات الإسرائيلية طريقا يؤدي إلى بتير، مما أدى إلى مضاعفة الوقت الذي يحتاجه الشخص للوصول إلى القدس التي لا تبعد سوى 10 كيلومترات عنها.

وأقر مسؤول أمني إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية عندما سُئل عن البؤرة الاستيطانية في بتير بأنه "تم إنشاء مزرعة إسرائيلية من دون الحصول على الترخيص المناسب" مضيفا "سيتم دراسة إمكانية تشريعها، وذلك مع بدء تطوير مستوطنة حيليتس".

وأضاف المسؤول الأمني -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أن سكان بتير "أثاروا عدة ادعاءات بأن الأرض ملك لهم"، لكنهم "لم يقدموا وثائق تدعم موقفهم".

أما غسان عليان، فيقول إن "وثائق من العصر العثماني تثبت ملكية سكان بتير للأرض".

وقال متحدث باسم اليونسكو إن لجنة التراث العالمي أبلغت "بتقارير عن أعمال بناء غير قانونية".

وتخشى عائلة عليان من أن تواجه بتير الهانئة، مستقبلا صعبا، في حين تتمحور الحياة اليومية بين سكانها على نظام الري بالعيون الرومانية مع تخصيص فترة زمنية محددة لكل عائلة لري محاصيلها.

ويؤكد عليان عليان "بتير قرية مسالمة والاستيطان لن يجلب إلا المشاكل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البؤرة الاستیطانیة التراث العالمی الضفة الغربیة غیر قانونیة

إقرأ أيضاً:

خبير علاقات دولية: مصر تسعى لبناء تحالف عالمي لمجابهة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان

قال الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية، إنّ الجهود المصرية لم تتوقف لحظة واحدة في دعم القضية الفلسطينية ومحاولة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، موضحا أن أحد مسارات التحرك المصري هو بناء تحالف عالمي لمجابهة العدوان الإسرائيلي، بهدف حشد الدعم العربي والإقليمي والدولي فيما يتعلق بضرورة الحل السياسي.

وأضاف خبير العلاقات الدولية، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ الدولة المصرية تكثف زياراتها وتستقبل المسؤولين من دول العالم لمناقشة قضايا الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنّ الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصرية كان في لقاء بالأمس مع نظيره في الكويت، لتعزيز وتأكيد الموقف العربي الموحد الداعم للجهود التي تقوم بها مصر على المسار الإنساني والسياسي والأمني ووقف إطلاق النار.

وتابع: «اليوم أيضا وزير الخارجية في روما، مما يعكس فاعلية وحيوية تحركات السياسة المصرية، إذ إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى، كما أنها القضية التي تحتل أجندة السياسة الخارجية المصرية».

اقرأ أيضاًاللواء سمير فرج: القضية الفلسطينية ستعيش أسوأ فتراتها بعد نجاح دونالد ترامب

عاجل.. الرئيس السيسي يشيد بموقف إسبانيا العادل إزاء القضية الفلسطينية

درة: أنا ضد الصورة النمطية عن دعم القضية الفلسطينية في الأعمال الفنية

مقالات مشابهة

  • محافظ الغربية يتفقد قرية محلة زياد ويستمع لشكاوى ومطالب الأهالي
  • الأردن: قرار اليونسكو يدعم استمرارية عمل "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار استجابة "اليونسكو" العاجلة ضد إغلاق "الأونروا"
  • المقاومة الفلسطينية تبث مشاهد لتصدي مقاتليها لقوات العدو الصهيوني في الضفة الغربية
  • صحيفة عبرية تصف الفصائل الفلسطينية بـ«مقاتلي الحرية».. والاحتلال الإسرائيلي يرد
  • الخارجية الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم بحق النساء والأطفال
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 44235 شهيدا
  • خبير علاقات دولية: مصر تسعى لبناء تحالف عالمي لمجابهة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان
  • "شؤون الأسرى الفلسطينية": الاحتلال اعتقل 12 مواطنا بالضفة الغربية بينهم أسرى سابقون
  • قوات الاحتلال تدفع بآلياتها العسكرية إلى قرية المغير شرق رام الله بالضفة الغربية