أدرجتها اليونسكو كتراث عالمي.. قرية بتير الفلسطينية مهددة بالاستيطان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
على إحدى تلال قرية بتير الفلسطينية جنوب القدس الشرقية المحتلة وبالقرب من حقول الزيتون المملوكة لعائلة عليان، يقوم شبان إسرائيليون ببناء بؤرة استيطانية جديدة غير قانونية على أراضي البلدة الأثرية المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
يواجه عليان عليان وجيرانه منذ فترة طويلة محاولات الاستيطان في أراضي بتير المعروفة بمدرجات الزيتون التي لا تزال مستغلة وبنظام ري ومدرجات ضارب في القدم.
ويشهد بناء البؤر الاستيطانية فورة منذ بدء الحرب في غزة مع أن جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويقول غسان عليان (61 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية "أمرت الحكومة القائمين على البؤرة الاستيطانية الجديدة القريبة من بتير، بالإخلاء لأنها بنيت بدون موافقة الحكومة وتعتبر غير قانونية بحسب القانون الإسرائيلي"، لكنه أضاف "لم يتم تنفيذ الأمر بسبب الحرب".
ورفع العلم الإسرائيلي على سارية في البؤرة الاستيطانية، كما وضعت عدة بيوت نقالة وحظيرة للأغنام في منطقة تغطيها أشجار زيتون يملكها فلسطينيون.
ويوضح عليان عليان البالغ (83 عاما) "أنا أكبر من دولة إسرائيل. لقد حرثت الأرض وزرعتها حتى أنتجت أشجارا مثمرة"، مضيفا بصوت مرتعش "عمر بعض الأشجار 50 عاما أو أكثر، وفجأة جاء المستوطنون وأرادوا أن يلتهموا الأرض ويأخذوها منا".
ويؤكد "سأذهب إلى أرضي وأهتم بها حتى لو كلفني ذلك حياتي".
مستوطنة "حيليتس"لكن إقامة هذه البؤرة الاستيطانية ليست مصدر القلق الرئيسي لعائلات بتير، بل مستوطنة حيليتس التي يُخطط لبنائها مستقبلا بجوارهم.
يقول يوناتان مزراحي من منظمة السلام الآن غير الحكومية إن حيليتس واحدة من 5 مستوطنات ستكون "في عمق الأراضي الفلسطينية" وافقت عليها الحكومة الإسرائيلية في 27 يونيو/حزيران الماضي.
ويؤكد أن "المستوطنة ستعرقل الحياة والعمل في بتير، وستؤدي بطرق عدة إلى حدوث توتر بين الجيران".
وتقع البؤرة الاستيطانية العشوائية ومستوطنة حيليتس التي أقر إقامتها، داخل منطقة بتير المحمية من اليونسكو، وهي واحدة من المواقع الأربعة المدرجة في قائمة التراث العالمي للبشرية، في الضفة الغربية المحتلة.
ويؤمن لها إدراجها في هذه القائمة مساعدة فنية وقانونية ومادية لحفظها من أي خطر.
يلهو أطفال القرية في عين بتير احتماء من وطأة الحر. وتعود عين الماء هذه إلى العصر الروماني وتروي المدرجات حيث تزرع البندورة والذرة والباذنجان والزيتون.
ومدرجات بتير الزراعية مدعومة بجدران من الحجارة الجافة وبرك ري قديمة تجمع المياه المتدفقة من الينابيع، وقنوات الري القديمة التي عمرها أكثر من 2000 عام.
وأكسبت هذه المدرجات القرية إدراجها في قائمة التراث العالمي عام 2014.
لكن هذا الإدراج لم يشفع لها لمنع الاستيلاء على الأراضي الزراعية المحيطة بها.
وقد لجأ سكان بتير إلى المحاكم الإسرائيلية 3 مرات ضد البؤرة الاستيطانية العشوائية المقامة على أراضيهم.
لكن غسان عليان يقول إن جلسات الاستماع قد تتأجل، لأنها لا تعتبر أولوية خلال الحرب الحالية، مشددا على أنه غير متفائل بالنتيجة.
منع إقامة الدولةوبحسب عائلة عليان، فإن الهدف من إقامة مستوطنة حيليتس هو ربط مدينة القدس بمجمع مستوطنات غوش عتصيون، في عمق الضفة الغربية.
وإذا تحقق ذلك، فسيتم عزل بتير والقرى الفلسطينية المجاورة عن مدينة بيت لحم وبقية الضفة الغربية المحتلة، وهي عملية يخشون أن تؤدي إلى تفتيت الدولة الفلسطينية المستقبلية.
ويقول غسان عليان "لن يكون هناك تواصل (جغرافي)"، ولن يتبقى سوى ما وصفه بعض المراقبين بأنه "أرخبيل" تُمارس عليه السيادة الفلسطينية.
وكتب وزير المال الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، وهو مستوطن، على منصة إكس بعد الموافقة على بناء المستوطنات الخمس الأخيرة في يونيو/حزيران "سنواصل تطوير المستوطنات من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل ومنع قيام دولة فلسطينية".
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ 1967، وأقامت مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي. ويقيم نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات داخل الضفة الغربية البالغ عدد سكانها 3 ملايين فلسطيني. ولا يشمل هذا العدد مستوطني القدس الشرقية.
وفي الأشهر الأخيرة، أغلقت القوات الإسرائيلية طريقا يؤدي إلى بتير، مما أدى إلى مضاعفة الوقت الذي يحتاجه الشخص للوصول إلى القدس التي لا تبعد سوى 10 كيلومترات عنها.
وأقر مسؤول أمني إسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية عندما سُئل عن البؤرة الاستيطانية في بتير بأنه "تم إنشاء مزرعة إسرائيلية من دون الحصول على الترخيص المناسب" مضيفا "سيتم دراسة إمكانية تشريعها، وذلك مع بدء تطوير مستوطنة حيليتس".
وأضاف المسؤول الأمني -الذي طلب عدم الكشف عن اسمه- أن سكان بتير "أثاروا عدة ادعاءات بأن الأرض ملك لهم"، لكنهم "لم يقدموا وثائق تدعم موقفهم".
أما غسان عليان، فيقول إن "وثائق من العصر العثماني تثبت ملكية سكان بتير للأرض".
وقال متحدث باسم اليونسكو إن لجنة التراث العالمي أبلغت "بتقارير عن أعمال بناء غير قانونية".
وتخشى عائلة عليان من أن تواجه بتير الهانئة، مستقبلا صعبا، في حين تتمحور الحياة اليومية بين سكانها على نظام الري بالعيون الرومانية مع تخصيص فترة زمنية محددة لكل عائلة لري محاصيلها.
ويؤكد عليان عليان "بتير قرية مسالمة والاستيطان لن يجلب إلا المشاكل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البؤرة الاستیطانیة التراث العالمی الضفة الغربیة غیر قانونیة
إقرأ أيضاً:
مستوطنون يبنون المزيد من البؤر الاستيطانية في الضفة تمهيدا لـمحو الخط الأخضر
لا يُخفي المستوطنون نواياها التوسعية باستغلال انشغال العالم بالعدوان على غزة لإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية غير القانونية الجديدة، وآخرها في جنوب غرب جبل الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
ولم تكن المنطقة المستهدفة تضم أي مستوطنات على الإطلاق، ولكن في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية، أقيمت بؤر من هذا النوع في العديد من المناطق، معظمها متاخمة للخط الأخضر، ما يكشف عن أطماع المستوطنين لخلق تسلسلات إقليمية جغرافية، والجيش يساعدهم بتعزيز طرد الفلسطينيين من هذه المناطق.
كشف مراسل موقع "زمان إسرائيل" العبري، تاني غولدشتاين٬ أن "مستوطنين يعملون حاليا على إنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية جديدة في جبال الخليل الجنوبية الغربية، على الحافة الجنوبية الغربية للضفة الغربية، قرب قرى أبو الهنا، والبيرة الجنوبية، والخط الأخضر، حيث بدأت أعمال البناء الأسبوع الماضي، ورغم أنها غير قانونية، لكن درور أتكيس، المدير التنفيذي لمنظمة كيرم نافوت، التي تراقب البناء في المستوطنات، يزعم أن أعمال البناء تجري بمرافقة عسكرية".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "الإدارة المدنية التابعة لوزارة الدفاع ويشرف عليها الوزير بيتسلئيل سموتريتش، زعمت أن البناء معروف لديها، وسيتم تنفيذه وفقًا للقانون، وترتيب الأولوية العملياتية، ويخضع لموافقة المستوى السياسي، مما يمنح مشروعية لعدد لا بأس به من المستوطنات في جبال الخليل الجنوبية، مما يُسلّط الضوء على ظاهرة منتشرة على نطاق واسع منذ تشكيل الحكومة الحالية، خاصة أثناء الحرب على غزة، وكجزء من طفرة البناء في البؤر الاستيطانية، أقيمت العديد منها في مناطق لم تكن فيها أي مستوطنات على الإطلاق، لا قديمة ولا غير قانونية".
ونقل عن منظمة "كيرم نافوت"، أن "هذا البناء الاستيطاني يشمل المناطق المحمية الطبيعية المتفق عليها في المنطقة "ب" من الأراضي الفلسطينية، حيث أقيمت بؤرة "ميكانا أبراهام" غربي أريحا، وبؤرة "مزرعة القصر" الحافة الشمالية لغور الأردن، وبؤرة "تسفي هعوفاريم"؛ غربي مستوطنة أريئيل قرب بلدة سلفيت، و"مزرعة شوفال" في مناطق متفرقة غرب رام الله".
وأشار إلى أن "معظم هذه البؤر الاستيطانية تقع بجوار جدار الفصل العنصري، وقرب الخط الأخضر، مع أن إنشاء مستوطنات إسرائيلية كثيفة من شأنه أن يخلق استمرارية إقليمية بين الدولة الإسرائيلية والمستوطنات، ويمحو الخط الأخضر، ويُعزّز بشكل كبير ما يسمى "الضم الزاحف" للضفة الغربية، وهذا هو الهدف من إقامة البؤر الاستيطانية، لأن المستوطنين يهدفون لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، والتضييق عليهم، كي يضطروا لمغادرتها، فيما يتعاون الجيش مع إنشاء هذه البؤر الاستيطانية".
ونقل عن أوساط جيش الاحتلال مزاعمه بأنه "يريد إنشاء بؤر استيطانية في مناطق خارج الجدار الفاصل لمنع الفلسطينيين من الاقتراب منه، ولذلك الغرض يُجري نوعًا من "خصخصة" حراسة الجدار، مُلقيًا العمل والمسؤولية على عاتق المستوطنين لمنع تسلل المسلحين الفلسطينيين".
وختم بالقول إن "المستوطنون يستغلون صدمة السابع من أكتوبر، والخوف من تسلّل الفلسطينيين للحصول على مساعدة عسكرية وشرعية من الجيش لمحو الخط الأخضر، صحيح أن كل الاسرائيليين يعانون من هذه الصدمة، لكن المستوطنين بالذات يستغلونها لتكثيف البناء، وإذابة الحواجز بين إسرائيل والمستوطنات، وطرد الفلسطينيين".