عقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة، اجتماعا لمجلس الأمن القومي، وسارع القادة العسكريون بإرسال تعزيزات في مواجهة التوغل العسكري الأوكراني، الذي وصف بأنه "التحدي الأكبر" لموسكو منذ أزمة تمرد قائد مجموعة "فاغنر".

وقال الجيش الروسي، السبت، بحسب ما أوردت وكالة فرانس برس، إنه يقاتل التوغل الأوكراني عبر الحدود لليوم الخامس على التوالي.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: "تواصل القوات المسلحة صد محاولة القوات المسلحة الأوكرانية التوغل عبر الحدود"، مشيرة إلى أنها استخدمت نيران الطيران والمدفعية لضرب القوات الأوكرانية والمعدات العسكرية داخل الأراضي الروسية.

وفرضت روسيا، السبت، نظاما أمنيا شاملا في 3 مناطق حدودية بعدما اقتحمت القوات الأوكرانية الحدود خلال وقت مبكر من صباح الثلاثاء، واجتاحت بعض الأجزاء الغربية من منطقة كورسك الروسية.

وأمر مدير جهاز الأمن الفدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، بفرض نظام لمكافحة الإرهاب بمناطق كورسك وبريانسك وبيلغورود، وفق رويترز.

"محاولة غير مسبوقة"

وقالت اللجنة الروسية لمكافحة الإرهاب إن "النظام الحاكم في كييف نفذ محاولة غير مسبوقة لزعزعة استقرار الوضع في عدد من مناطق بلادنا"، مضيفة أن هناك خسائر في صفوف المدنيين.

وتمنح هذه الإجراءات أجهزة الأمن سلطات واسعة تمكنها من إغلاق منطقة ما، بما يشمل فرض قيود على الاتصالات وتقييد بعض الحريات، في وقت تم خلاله إجلاء آلاف المدنيين من منطقة كورسك.

"لحظة إلهام أم يأس".. ما دوافع الاختراق الأوكراني لحدود روسيا؟ في خضم الحرب المستمرة بين أوكرانيا وروسيا، شهدت الأيام الأخيرة تطورا لافتا مع توغل قوات أوكرانية داخل مناطق روسية، في تحرك جريء يثير تساؤلات عديدة حول الاستراتيجية الأوكرانية الجديدة ودوافعها وتداعياتها المحتملة على مسار الصراع.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها، الجمعة، أن التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية يعتبر بمثابة "التحدي الأكبر" أمام بوتين منذ تمرد قوات "فاغنر" عام 2023.

وقاد زعيم فاغنر السابق، يفغيني بريغوجين، تمردا فاشلا عندما تقدم بقواته باتجاه موسكو في 24 يونيو 2023.

وقضى بريغوجين في حادث طائرة بعد شهرين من تمرده، وخضعت مجموعته لإعادة تنظيم بحكم الأمر الواقع، ووضعت تحت سلطة وزارة الدفاع التي ندد بها المتمردون منتقدين فسادها وعدم كفاءتها وبطء تدابيرها اللوجستية.

بالعودة إلى تقدم القوات الأوكرانية في كورسك، ذكرت وكالة رويترز أن الهجوم المفاجئ ربما يهدف إلى كسب نفوذ من أجل محادثات وقف إطلاق النار التي قد تجرى بعد الانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل.

وقال مدونون عسكريون روس إن الوضع استقر بعد أن أرسلت موسكو قوات لوقف التوغل الأوكراني المباغت، لكنهم ذكروا أن كييف تحشد قواتها بسرعة وأن هناك معارك ضارية جارية حتى الآن.

ونقلت "واشنطن بوست" عن أحد رجال الأعمال الروس الذي رفض الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة الأمنية أو القضائية: "هذه ضربة قوية لسمعة السلطات الروسية والجيش وبوتين؛ لأنه على مدار عامين ونصف العام، كان هناك قليل من الضرر يصل الأراضي الروسية ... باستخدام المسيّرات".

وتابع: "لا يوجد عدد ضحايا واضح حاليا وهناك بعض الدمار، ومن الواضح أنهم غير قادرين على إيقاف ما يحدث بسرعة".

وذكرت وكالة أنباء "ريا"، السبت، أن شركة الطاقة النووية الحكومية الروسية "روساتوم"، ناقشت الوضع في محطة للطاقة النووية بمنطقة كورسك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أعقاب توغل أوكرانيا في المنطقة.

وفي مكالمة هاتفية مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، قال أليكسي ليخاتشوف من شركة "روساتوم" إن التوغل الأوكراني "خلق تهديدا مباشرا ليس فقط لمحطة الطاقة النووية في كورسك، ولكن لصناعة الطاقة النووية الدولية بأكملها".

مخاوف روسية

قال محللون روس للصحيفة الأميركية ذاتها أيضا إنهم يخشون من أن يستغرق الأمر الكثير من الوقت لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية والبالغة 100 ميل، وذلك حال تأخر الهجوم الروسي المضاد لعدة أيام أخرى.

وتابعوا أن التأخير سوف يمنح القوات الأوكرانية الوقت الكافي للتشبث بالمواقع المحصنة، ما قد يمنح كييف ورقة مساومة قوية حال الوصول إلى وقف إطلاق نار أو الدخول في مفاوضات سلام في المستقبل.

لليوم الثالث على التوالي.. استمرار القتال بعد توغل أوكراني في روسيا أكد مسؤول روسي في إقليم كورسك، الخميس، استمرار القتال لليوم الثالث على التوالي بعد توغل أوكراني في روسيا.

وهاجم أحد أعضاء البرلمان الروسي البارزين الاستجابة "الفاشلة" لهذا التوغل الأوكراني.

ودعا أندريه غوروليوف، وهو نائب سابق للمنطقة العسكرية في روسيا عبر حسابه بمنصة "تليغرام"، المدعي العام العسكري إلى التحقيق في قرارات القادة العسكريين بنقل القوات من منطقة كوسك قبل الهجوم.

ونقلت "واشنطن بوست" عن سيرغي ماركوف، المحلل السياسي المرتبط بالكرملين، قوله إن هناك إخفاقات واضحة، موضحا أن "هذه ضربة قوية؛ لأنه من الواضح أن هناك إشارة وصلت القيادة من الاستخبارات ... لكن لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة. هذا فشل لنظام الاستخبارات بأكمله، وبما أن بوتين مسؤول عنه، فهذه ضربة لبوتين".

ووصف بوتين الهجوم الأوكراني بأنه "استفزاز كبير".

وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة أكبر داعم لأوكرانيا، لم تكن على علم مسبق بالهجوم وتسعى للحصول على مزيد من التفاصيل من كييف.

صمت أوكراني

والتزم الجيش الأوكراني الصمت حيال الهجوم على مدينة كورسك الروسية، رغم أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أشاد بقدرة الجيش، الخميس، على إحداث "مفاجأة" وتحقيق نتائج.

وقال زيلينسكي إن موسكو يجب أن "تشعر" بالعواقب المترتبة على غزوها لأوكرانيا، مضيفا: "جلبت روسيا الحرب إلى أرضنا ويجب أن تشعر بما فعلته" دون الإشارة مباشرة إلى الهجوم الأوكراني.

وفي تحليل لشبكة "سي إن إن"، ربط هذا التحرك بوصول الأسلحة الغربية، خاصة مقاتلات "إف-16"، التي من شأنها تغيير موازين القوى الجوية لصالح أوكرانيا، رغم استمرار بعض التحديات مثل نقص الذخيرة.

"لحظة إلهام أم يأس".. ما دوافع الاختراق الأوكراني لحدود روسيا؟ في خضم الحرب المستمرة بين أوكرانيا وروسيا، شهدت الأيام الأخيرة تطورا لافتا مع توغل قوات أوكرانية داخل مناطق روسية، في تحرك جريء يثير تساؤلات عديدة حول الاستراتيجية الأوكرانية الجديدة ودوافعها وتداعياتها المحتملة على مسار الصراع.

وحول اتخاذ مثل هذه الخطوة في هذا التوقيت، قال التحليل إن هناك دوافع استراتيجية أخرى، إذ إنه للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، بدأت تلوح في الأفق بوادر محادثات سلام. وتشهد الفترة المقبلة دعوة روسيا للمشاركة في مؤتمر سلام ترعاه أوكرانيا وحلفاؤها.

ومع تزايد احتمالات التوصل إلى حل تفاوضي، يسعى الطرفان، وفقا للمصدر ذاته، إلى تعزيز مواقعهما الميدانية قبل بدء أي مفاوضات محتملة.

وبغض النظر عن الدافع، فإن هذه العملية تمثل مجازفة استثنائية وكبيرة بالنظر إلى محدودية موارد كييف، وفقا للتحليل.

ولعل هذا التحرك الجريء، يشير إلى قناعة متنامية لدى القيادة الأوكرانية بقرب حدوث تحول جوهري في مسار الصراع أو بتغيرات استراتيجية وشيكة على الساحة السياسية أو العسكرية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة التوغل الأوکرانی

إقرأ أيضاً:

لماذا تريد أوكرانيا قوات حفظ سلام على أراضيها؟

كييف- رغم أن أوكرانيا تقاتل منذ نحو 3 سنوات روسيا التي تملك ثاني أكبر جيش في العالم، ورغم أن الأخيرة تتمتع بميزة التقدم على الأرض منذ شهور وإن كانت بطيئة، فإن كييف ليست في أسوأ أحوالها، قياسا بما كانت عليه قبل بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.

ذلك لأن تعداد جيش أوكرانيا النظامي ارتفع من 250 ألف جندي قبل الحرب إلى ما يتراوح بين 880 ألفا ومليون جندي، بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يتحدث بفخر عن ذلك، ويضيف أن إنتاج بلاده من الأسلحة التي تحتاجها سنويا زاد من 10% إلى نحو 33-34% أيضا.

ولكن قد يظن البعض -للوهلة الأولى- أن أوكرانيا وصلت إلى هذا التفوق العددي لحاجتها إلى قلب مسار الحرب، خاصة أنها أشارت مرارا إلى وجود نحو 600 ألف جندي روسي على أراضيها، لكن الأمر ليس كذلك، فجنود أوكرانيا موزعون على كامل أراضي البلاد وحدودها، ولا يزال التفوق على الجبهات لصالح الروس، بحسب زيلينسكي نفسه.

ويفسر هذا الأمر استمرار عمليات التعبئة وكثرة الحديث عن خفض الفئة العمرية، لتشمل الأعمار التي تتراوح بين 18 و25 عاما، بغض النظر عن التوتر وحجم الجدل الذي تخلفه داخل المجتمع.

السلاح الأوكراني

خصصت أوكرانيا نحو 61% من ميزانيتها للدفاع، وتنشط فيها اليوم نحو 800 شركة عامة وخاصة في مجال الصناعات الدفاعية، كما زادت الدولة حجم إنتاجها العسكري بواقع يزيد على 6 أضعاف، كما أنها تصنّع محليا نحو 96% من الطائرات المسيرة، التي باتت تتفوق في مجالها على روسيا، كما تقول.

إعلان

ويقول وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف إن حجم إنتاج المجمع الصناعي العسكري قد يصل إلى 35 مليار دولار في نهاية 2025، أي ما يغطي نسبة 57% من كامل ميزانية الدفاع.

لكن بلاده تعتمد -حتى يومنا هذا- بنسبة 30% على إمدادات الدول الأوروبية من السلاح، وبنسبة 40% على الأميركية، بحسب ما قال الرئيس زيلينسكي، وهي نسب لا تلبي كل الحاجة الأوكرانية، ولهذا تبقى غلبة الكمية للآليات والمدافع السوفياتية والروسية على طرف الجبهات الأخرى.

فعلى سبيل المثال، فإن كمية القذائف التي تطلقها القوات الروسية على الجبهات تصل في المتوسط إلى 7 أضعاف ما تطلقه نظيرتها الأوكرانية، ولا تتغير معطيات هذه المعادلة إلا بحصول أوكرانيا على دفعات جديدة من "شركائها" الغربيين.

من جهة أخرى، يشكل سلاح الطيران الروسي معضلة للأوكرانيين في الجبهات وبعيدا عنها، في حين أن طيرانهم الحربي يكاد يكون غائبا عن لعب أي أدوار هجومية لصالح أوكرانيا.

زيلينسكي أكد أن إنتاج بلاده من الأسلحة التي تحتاجها سنويا زاد إلى نحو 34% (الفرنسية) شريان الدعم مهدد

وبغض النظر عن "امتعاض" كييف من قلة حجم المساعدات وتأخرها في كثير من الأحيان، فإنها تعيش اليوم مخاوف حقيقية من أن تنقطع مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الحكم، أو أن تُربط بشروط صعبة.

ويوضح هذا الأمر للجزيرة نت الخبير والمحلل السياسي كونستانتين إليسيف، رئيس "مركز الحلول الجديدة"، فيقول "ثمة أزمة تلوح في الأفق على ما يبدو، فالرئيس زيلينسكي حاول مرارا طمأنة الجيش والعامة، لكنه عبّر عن الهواجس الموجودة صراحة، عندما طالب فريق ترامب بشراء السلاح الأميركي بعد قطع المساعدات، والتحول إلى شرائه بدلا من الحصول عليه بالمجان، ولكن باستخدام أموال الأصول الروسية المجمدة".

ويضيف إليسيف "هذه الهواجس موجودة أيضا لدى بعض الأوروبيين الداعمين، وبعضهم يرى أن أعباء الملف الأوكراني ستكون أكبر على عاتقهم تقريبا"، ويوضح في السياق ذاته أن "ليس أمام أوكرانيا سوى الحفاظ على علاقات متزنة مع كل من أوروبا والولايات المتحدة، هذا مهم لاستمرار الدعم، بغض النظر عن شكله، وللحصول على الضمانات الأمنية التي تريدها أوكرانيا أيضا".

إعلان

حلول بديلة

تحولت أوكرانيا مؤخرا نحو الحديث عن إمكانية نشر قوات أجنبية على أراضيها، ويبدو أنها ترحب بالأمر وتريده صراحة، بعد طول تأكيد سابق بأنها لا تحتاجه، وهو أمر بُحث مع الفرنسيين على مستوى الرؤساء، وسيبحث مع البريطانيين قريبا، أما دول البلطيق المجاورة فقالت إنها ستدرس الأمر إذا طالبت به أوكرانيا.

من جهته، يربط الرئيس الأوكراني بين وجود هذه القوات و"تعزيز الوحدة الأوروبية"، وبين "الضمانات الأمنية" لبلاده، حيث يصنفها كقوات "حفظ سلام" على أراضيها.

لكن معظم دول "الناتو" تعارض إرسال قوات إلى أوكرانيا، ومنها ألمانيا التي أكدت أنها لن تناقش الفكرة إلا بعد موافقة روسيا عليها، في إطار "حفظ السلام"، لكن خبراء يرون أن الأمر سيكون، ولكن بالتدرج.

ومن وجهة نظر المحلل العسكري يوري فيدوروف، فإن "مجرد الحديث عن هذا الموضوع يعد تمهيدا لتطبيقه، الذي قد يبدأ ببرنامج تدريب للقوات الأوكرانية، على أراضي أوكرانيا وليس خارجها".

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن هذا الوجود قد يتطور لحماية مواقع أو مدن معينة، ويمكّن أعدادا أكبر من القوات الأوكرانية للمشاركة في الحرب بشكل مباشر، وبهذا يتحقق جزئيا هدف "الضمانات الأمنية" التي تريدها أوكرانيا، حتى وإن دُفعت للتخلي عن مساعي العضوية في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ويوضح فيدوروف قائلا "لا أعتقد أن أي قوات أجنبية ستشارك في حرب روسيا في المستقبل القريب، لكنها تعتبر مجرد وجودها تهديدا، ونحن نرى فيه وسيلة ضغط قوية عليها، سواء إذا استمرت الحرب، أو ذهبت إلى طاولة مفاوضات عادلة"، ويضيف "بعد 3 سنوات، روسيا لم تعد قوية لتذهب إلى إشعال حرب مع الناتو وكل الغرب كما كانت، وكما تدعي".

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية: أوكرانيا تتكبد خسائر بـ390 عسكريًا في كورسك خلال 24 ساعة
  • موسكو: هجوم جوي على مقاطعة روستوف الروسية وإسقاط 9 مسيرات
  • ترامب يوجه انتقادات غير معتادة لبوتين: يدمر روسيا بعدم إبرام صفقة بشأن أوكرانيا
  • الدفاع الروسية تستعرض خسائر القوات الأوكرانية خلال 24 ساعة
  • الدفاع الروسية: خسائر القوات الأوكرانية على محور كورسك خلال 24 ساعة بلغت 270 عسكريا
  • أوكرانيا تعلن إسقاط عشرات المسيرات الروسية.. ونائب ترامب يعرض خطة لنهاية الحرب
  • لماذا تريد أوكرانيا قوات حفظ سلام على أراضيها؟
  • القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية يعترف بعدم جدوى التعبئة في أوكرانيا
  • موثقة بمقاطع فيديو.. موسكو تتهم أوكرانيا بقتل 7 مدنيين في كورسك
  • الدفاع الروسية: القضاء على 210 عسكريين أوكرانيين على محور كورسك