تهديد الطائرات المسيرة.. وأفضل الطرق لمواجهتها
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
عبدالله بن غانم القحطاني
أصبحت الطائرات المسيرة ضمن التهديدات الخطيرة التي بإمكانها إحداث التأثير المادي والمعنوي، وتحقيق عنصر المفاجأة من خلال تمكنها من الوصول إلى أي نقطة بعمق أرض العدو وبأقل تكلفة، وفي توقيت غير متوقع. وحينما تكون هذه المسيرات ضمن تشكيلات القوات العسكرية النظامية التي تخضع لسلطة الدولة، فالأمر يهون، على افتراض أن تلك القوات المسلحة بشكل عام ملتزمة بالمعاهدات الدولية وقوانين الاشتباك في زمن الحروب.
أخبار قد تهمك ضبط 20471 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة خلال أسبوع 10 أغسطس 2024 - 1:03 مساءً الأردن تدين قصف إسرائيل مدرسة التابعين التي تؤوي نازحين في غزة 10 أغسطس 2024 - 12:59 مساءً
وبالضرورة، فإن نظام المعركة الذي تخططه الاستخبارات والعمليات سويًا على الورق والخرائط، إضافة لتقادير الموقف، ستشمل كل أنواع الأسلحة لدى الآخرين سواء أكانوا أعداء أم أصدقاء. إذا كانت تقادير عن جيوش أو قوات خاصة نظامية تسيطر عليها مؤسسات الدولة، وضمن ذلك سيتم تحديد أنواع الطائرات المسيرة ومهماتها وأعدادها، وكيفية استخدامها، وقواعدها، والمسافات التي يمكنها أن تقطعها وصولًا للهدف، وفي النهاية تحديد درجة خطورتها وكيفية التصدي لها. لكن هذا لا ينطبق على المنظمات المسلحة التي لا تخضع لأي قانون وتمارس أعمالها الحربية ليس للدفاع عن حدود سياسية معترف بها، وإنما بغية تحقيق أهداف تسعى إليها منظمات إرهابية وعنيفة، وقد تكون واجهة لدول حقيقية لا تريد الدخول في الحرب، فتستخدم وكلاء لها ليس لهم صفة الجيوش، بل هي في الواقع مجموعات تستخدم أساليب حرب العصابات المسلحة.
وأصبح الخطر مضاعفًا اليوم لأن هذه العصابات المسلحة أصبحت تمارس النشاط الاستخباري بشتى أنواعه من خلال استخدام المسيرات والتحليق على ارتفاعات مختلفة لجمع المعلومات ورصد التحركات لأغراض الاستطلاع، وبهذا يستطيع الإرهابيون خلال فترات عشوائية أو مبرمجة من اكتشاف خطير في العمق للتعرف وبدقة على تحركات القوات المسلحة بشكل عام.
وتزداد الخطورة للنشاط الاستخباري والاستطلاعي المعادي بالمسيرات التي تمتلكها المنظمات والعصابات المسلحة، لأنه أصبح بمقدورها التحليق لفترات قصيرة لغرض تحديد أو اكتشاف هدف بعينه أو لتحديد جملة أهداف، أو لتحديد مواقع تجمع أفراد القوات العسكرية المسلحة أو المساندة لها، ومن ثم القيام بعمل تكتيكي إرهابي سريع بناءً على قاعدة دمج تلك المعلومات، واتخاذ القرار سريعًا بشأن كيفية الهجوم ضد تلك الأهداف مستخدمين أسلحتهم بنجاح، من خلال ما يتوفر لديهم من الأسلحة المناسبة، وقد تكون بالمسيرات التي تحمل متفجرات، أو صواريخ أو حتى سيارات تم تفخيخيها. وهذا التهديد لم يكن موجودًا بهذا الشكل إلى عهد قريب جدًا. وفي كل الأحوال، فإن حصول المنظمات والعصابات المسلحة على المعلومات الاستخبارية بهذه الدقة والسرعة يعتبر قدرة كافية تمكن أي جماعة متطرفة أو عصابة مسلحة من التهديد المباشر والمباغت.
وحتى اليوم، لا يزال التصدي للمسيرات يكتنفه الكثير من التعقيدات والصعوبات الحقيقية لعدة أسباب، أهمها: شحّ الاستخبارات الموقوتة، والتحرك السريع للعصابات المسلحة بطرق بدائية، حتى وإن كانت هذه العصابات تسيطر على عواصم أو إجزاء من أي دولة هشة أو منهارة. والأهم هو التحدي التقني الذي أصبح مجالًا متاحًا وخارجًا عن السيطرة كما كان سابقًا.
واليوم لا يمكن لأي قوات على الأرض توقع من أين سيأتيها الخطر من خلال المسيرات لا من حيث الجهات الأكثر احتمالًا، ولا يمكن ربط نشاطها المحتمل بحالة الحرب والسلام، ولا يمكن معرفة تفاصيل المشغلين لها خلف الحدود أو داخلها. وهنا تكمن الخطورة العالية. وصحيح أنه يمكن التصدي لها بما يتوفر من وسائل عسكرية متاحة لكن هذا لم يصل للحد المطمئن على مستوى العالم، وخاصة الدول التي لا تصنع الأسلحة المتقدمة، ولا يتوفر لديها أقمار اصطناعية يمكن توجيهها وليس بمقدورها التركيز على تهديد المسيرات وإغفال بقية التهديدات التي لا تقل خطورة عنها.
وبناءً على تلك الخطورة، وعلى شحّ المعلومات وتعسّر الحصول على مضادات أرضية وجوية فاعلة مخصصة للاشتباك مع المسيرات وإسقاطها، فإن على الجيوش العسكرية بالتعاون مع العناصر الاستخبارية الأخرى بالدولة، العمل على وضع استراتيجية دقيقة مضادة للطائرات المسيرة ليس لغرض اعتراضها فقط قبل وصولها للهدف، وإنما من خلال إحباطها في عمق أرضها أو على الأقل معرفة أدق تفاصيلها، وملاحقة تنقلاتها بين مناطقها لمعرفة مواقع تخزينها وورش تصنيعها وصيانتها والتحكم بها وعناصرها المشغلة لها. هذا العمل الاستخباري ضرورة قصوى، وهو ممكن التفعيل، ويعتبر أقل تكلفة بكثير مقارنة بما تحدثه حروب المسيرات من خسائر. والملاحظ أن استخبارات جيوش بعض الدول العربية تراجع نشاطها خلف حدود أعدائها، وفي الدول المنهارة القريبة منها أو التي لا تسيطر عليها حكومات مركزية. وبشكل عام، فإن من يهمل جمع المعلومات من خلال الاستخبارات البشرية خلف خطوط العدو وفي عمق مؤسساته لن ينجو من الهجوم المفاجئ، وسيفقد عنصر المبادأة، ولن يتمكن من إقناع الخصوم بالتراجع عن نواياهم. وبالنظر إلى جهات التهديد بالمسيرات والصواريخ المحيطة بدول مجلس التعاون الخليجي، لوجدناها قابلة وببساطة معقولة من ممارسة العمل الاستخباري الدفاعي وإحباط مهام هذه المسيرات من خلال تدميرها على الأرض من داخل منطقتها، وليس بقوات جوية عابرة للحدود، وبالإمكان تصفية فنييها وأطقم تشغيلها، ونسف مستودعاتها أو إحراقها، ورصد كل ما يتعلق بها والتعامل معه مباشرة. الاستخبارات سلاح فاعل ونافذ إذا استخدم بفن ومهارة، ومن يتابع كيف تهاجم إسرائيل نقاط ومواقع الحرس الثوري الإيراني في الدول التي يتواجد فيها وداخل إيران؛ فسيعلم بأن النجاح ليس أغلبه للطائرات والأسلحة المهاجمة، بل لعناصر الاستخبارات الراصدة التي حددت الهدف وقررت أنه جاهز للقصف، وفي النهاية لا أحد يستطيع معرفة عناصرها أو أماكن عملها لأنها محترفة، أما من يتعامل بالاستخبارات البشرية بأرض الخصم وهو غير محترف وغير قادر وإمكاناته المادية ضعيفة؛ فسينكشف ويسبب عدة مشاكل لم تكن في الحسبان.
وأخيرًا، بالإمكان مواجهة خطر المسيرات الموجودة لدى منظمات غير حكومية من خلال الاستخبارات وتدميرها وهي على الأرض، وإقناع مشغليها بالتراجع عن نواياهم.
لواء طيار ركن متقاعد
باحث في الشؤون الاستراتيجية
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أبرز المواد10 أغسطس 2024 التی لا من خلال
إقرأ أيضاً:
مصر وجنوب إفريقيا تتصدران الدول الأفريقية التي رفعت قدراتها من إنتاج الطاقة الشمسية في 2024
قامت الدول الأفريقية بتثبيت 2.5 جيجاوات من الطاقة الشمسية الجديدة في عام 2024، وهو ما يمثل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بـ 3.7 جيجاوات تم تثبيتها في عام 2023، وفقًا لتقرير توقعات الطاقة الشمسية في أفريقيا 2025 الصادر عن جمعية صناعة الطاقة الشمسية الأفريقية.
ويصل إجمالي القدرة الشمسية المركبة في القارة إلى 19.2 جيجاوات، وهو الرقم الأدنى منذ عام 2013.
وبحسب التقرير الذي أورده موقع «زووم إيكو الأفريقي»، هناك 29 دولة أفريقية أضافت قدرات شمسية تعادل أو تفوق 1 ميجاوات، في حين أضافت دولتان فقط قدرات تفوق 100 ميجاوات، وهما جنوب أفريقيا ومصر.
وفي جنوب أفريقيا، الدولة الأكثر استخداما للطاقة الشمسية، دفعت أزمة الطاقة المستمرة المرتبطة بشركة إسكوم «شركة إمداد الطاقة الوطنية» الأسر والشركات إلى الاستثمار بكثافة في حلول الطاقة الشمسية.
وتمثل الطاقة الشمسية الآن أكثر من 5% من مزيج الكهرباء في 21 دولة أفريقية، مع معدلات قياسية في جمهورية أفريقيا الوسطى (43.1%)، وموريتانيا (20.7%)، وناميبيا (13.4%).
ويرى الخبراء في مجال الطاقة أنه رغم أن إمكانات الطاقة الكهروضوئية في أفريقيا تقدر بنحو 60% من الموارد العالمية، فإن القارة تكافح من أجل استغلال هذه الثروة على أكمل وجه.
ويعكس الانخفاض في القدرة الشمسية المركبة في عام 2024 التحديات المستمرة مثل الافتقار إلى الاستراتيجيات، وعدم كفاية التمويل، والبنية الأساسية الضعيفة.
وتظهر المبادرات مثل تلك التي نفذت في مصر وجنوب أفريقيا أنه في ظل إطار سياسي واضح واستثمارات مستهدفة، يمكن للطاقة الشمسية أن تصبح رافعة استراتيجية لمعالجة العجز في الطاقة.
ومع تركيب 2.5 جيجاوات فقط من الطاقة الكهربائية في عام 2024، فإن أفريقيا متأخرة بشكل مثير للقلق في التحول في مجال الطاقة.
ومع ذلك، فإن ديناميكية بعض البلدان تظهر أن زيادة الاستثمارات والسياسات المتماسكة يمكن أن تعكس هذا الاتجاه وتحول الطاقة الشمسية إلى محرك للنمو المستدام للقارة.
وفي تقريرها الأخير الذي ركز على الطاقة، أشارت مؤسسة بروكينجز إلى أن القارة الأفريقية حققت أداء ضعيفا في مجال الطاقة، حيث لا يستفيد سوى 43% من السكان من إمكانية الوصول الموثوق إلى الكهرباء. وهذا يشكل عائقا حقيقيا أمام التنمية الاقتصادية للقارة في سياق عالمي يهيمن عليه اعتماد التقنيات الجديدة.
اقرأ أيضاًوزيرة التخطيط: مصر نافذة الصادرات اليابانية إلى السوق الأفريقية والشرق الأوسط
بنك الاستثمار الأوروبي يخصص 160 مليون يورو لنفاذ خدمات الطاقة الشمسية للأفراد ببولندا
انطلاق برنامج "معارف" التدريبي بجمعية مستثمري الطاقة الشمسية ببنبان في أسوان