قبل أن يقرر الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا الانسحاب تحت ضغط هائل، ويسلم الشعلة إلى نائبته كامالا هاريس، بدا السباق الرئاسي الأميركي بائسا إلى حد كبير، بين صهيوني معترف به يشارك بنشاط في الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في فلسطين، وبين محتال مدان وانتهازي يترشح على بطاقة فاشستية.

بهذه المقدمة افتتح الأكاديمي الأميركي حميد دباشي مقالا بموقع "ميدل إيست آي"، قال فيه إن هذه كانت حالة مؤسفة، حتى بالنسبة لأكثر الليبراليين الأميركيين حماسة، مشيرا إلى أنهم تنفسوا الصعداء أخيرا عندما تولت هاريس زمام الأمور وضخت بعض الحماس في انتخابات مريضة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت: إلى أي مدى ستنأى هاريس بنفسها عن بايدن بشأن غزةlist 2 of 2صحف عالمية: إبرام صفقة مع حماس قد ينزع فتيل الحرب الإقليميةend of list

وأدى احتمال جلوس امرأة من أصل هندي وكاريبي في المكتب البيضاوي إلى تنشيط السياسة الميتة في البلاد، خاصة أنها بالنسبة للأميركيين الليبراليين تتفوق بفارق كبير فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، على منافسها الرئيس السابق دونالد ترامب الذي ليس لديه إلا سجل سابق من الخداع والعنصرية السافرة والتفوق الأبيض المعادي للأجانب.

وبالفعل رفضت هاريس رئاسة اجتماع الكونغرس الذي ألقى فيه "مجرم الحرب"، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحد خطاباته المبتذلة، واتخذت هاريس لهجة قاتمة، معربة عن تعاطفها مع الفلسطينيين وتعهدت بأنها لن تصمت بشأن مذبحتهم الجماعية، وهو ما يمكن اعتباره في هذا المناخ الكئيب، علامة أمل، ولكنه ليس في الحقيقة كذلك.

أسوأ من الصمت

أعربت هاريس عن قلقها من الكارثة الإنسانية في غزة بعد 10 أشهر من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على مدار الساعة ضد الفلسطينيين، ولكن آثار ما قالته كانت أسوأ، إذ قالت "عبرت أيضا مع رئيس الوزراء عن قلقي الشديد من حجم المعاناة الإنسانية في غزة، ومقتل عدد كبير جدا من المدنيين الأبرياء".

وأضافت "ما حدث في غزة على مدى الأشهر التسعة الماضية مدمر، فهناك صور الأطفال القتلى والأشخاص اليائسين والجوعى الذين يفرون بحثا عن الأمان، وأحيانا ينزحون للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة. لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذه المآسي. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نصبح مخدرين للمعاناة. ولن أصمت".

وبالفعل رأى الكاتب أن لدى هاريس "قلقا جديا" من التكاليف البشرية للإبادة الجماعية في عهدها، ولكنه قلق لا يشير إلى أنها تهتم بالتضحيات التي قدمها الفلسطينيون في نضالهم لمحاربة المحتلين الأشرار واستعادة وطنهم، بل إن مشاعرها تقلل من شأن ذلك بالنظر إليه كأزمة إنسانية تجب معالجتها من قبل الوكالات الإنسانية.

فخ لا يجب الوقوع فيه

إن موقف هاريس من إسرائيل مماثل لموقف بايدن وترامب وباراك أوباما من قبله -كما يستنتج الكاتب- وتعبيراتها الضعيفة عن التعاطف مع معاناة الفلسطينيين أسوأ من الصمت، لأنها مثل النظام الإمبريالي الليبرالي بأكمله تعمل بنشاط لتحويل القضية الفلسطينية إلى أزمة إنسانية، وهو فخ لا ينبغي لنا أبدا الوقوع فيه.

فالدعم قوي و"الالتزام ثابت" تجاه إسرائيل، مما يعني -حسب الكاتب- أن المساعدات العسكرية متواصلة والدعم الدبلوماسي ثابت للصهيونية والإبادة الجماعية التي تعمل الآن بشكل كامل في غزة وأماكن أخرى في جميع أنحاء فلسطين.

التحول الشرير

وذكر الكاتب أن إدارة بايدن تجاوزت الكونغرس لتزويد إسرائيل بأسلحة فتاكة لذبح الفلسطينيين، مشيرا إلى أن هاريس مشاركة في تلك القرارات، وبالتالي فكيف يمكنها أن تساعد وتسهل الإبادة الجماعية في فلسطين، ثم تنطلق في حملتها الانتخابية لتقول إنها "قلقة للغاية" بشأن المعاناة التي مكنت لها؟

ووصف الكاتب هذا التحول إلى الاهتمامات "الإنسانية" كوسيلة لنزع الصفة السياسية عن حركة التحرير الوطني، بالشرير، وقال إن هاريس خرجت بعد لقاء مجرم الحرب الرئيسي، لتقول إنها مرعوبة من هذه الجرائم، دون أن يكون لذلك أي قدر ولو بجزء ضئيل من إعادة النظر في التزام بلادها "الصارم" بالصهيونية والإبادة الجماعية.

وخلص الكاتب إلى أن المشهد السياسي الأميركي محاصر بين الإمبريالية البلطجية في الخارج والفاشية المتشددة في الداخل من جهة، والإمبريالية الليبرالية في الخارج والسياسات المحلية شبه العاقلة في الداخل من جهة أخرى، مستنتجا أنه من حق الملايين من الأميركيين أن يذهبوا ويصوتوا لهاريس لمجرد منع منافسها المحتال العنصري من استعادة منصبه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات الإبادة الجماعیة إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

لدعم حظوظ هاريس وتفادي الكارثة..إدارة بايدن تسابق الزمن لوقف إطلاق النار في غزة

قبل 4 أشهر من نهاية ولايته، تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على التوصل إلى اتفاق في غزة، رغم أسابيع من التعثر والانتكاسات.

ولا شك أن تحقيق اختراق في المحادثات سيمثل دفعة كبيرة لحظوظ المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس في السباق إلى البيت الأبيض. ويرى خبراء، أن واشنطن لا خيار أمامها سوى الاستمرار في المحاولة.

ومنذ إعلان إسرائيل في 1 سبتمبر(أيلول) استعادة 6 رهائن قالت إن حماس قتلتهم في جنوب غزة، أحدهم  أمريكي، شددت إدارة بايدن على ضرورة التوصل إلى هدنة، رغم إصرار بنيامين نتانياهو على رفض أي تنازلات ورغم احتجاجات الإسرائيليين الذين يؤيدون التوصل إلى اتفاق.

وحضّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الخميس، إسرائيل وحركة حماس على إبرام اتفاق قال مسؤولون أمريكيون إنّه أنجز بنسبة 90%. وأكد أن "من واجب الطرفين التوصل لاتفاق على القضايا العالقة".

وأقر الوزير بإن الاتفاق قيد التفاوض، لوضع حد لأحد عشر شهراً من إراقة الدماء، قد ينهار في أي لحظة. وقال  إن كل يوم قد يجلب "حدثاً فاصلاً يتسبب ببساطة في إبطاء الأمور ويخاطر بإفشالها نظراً لحساسية الوضع".

حسابات انتخابية 

وترى ميريسا خورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون في واشنطن أنه رغم الدبلوماسية الأميركية المكثفة، وارتفاع حصيلة القتلى، ومطالبة الشارع الإسرائيلي بالاتفاق، يعتقد نتانياهو وزعيم حماس يحيى السنوار أن بقاءهما السياسي على المحك، إذا قبلا الاتفاق.

وقالت: "بصراحة لا أتوقع أي تقدم كبير. وأعتقد أن نتانياهو خاصة يدرك تمام الإدراك الاستحقاقات السياسية الأمريكية والمكونات المحلية لديه".

ورغم دعمه الواسع انتقد بايدن إسرائيل أيضاً لأنها لم تبذل جهوداً لحماية المدنيين في حملتها العسكرية المتواصلة في غزة التي خلفت ما لا يقل عن 40939 قتيلاً على الأقل. لكن بايدن، باستثناء مرة واحدة، لم يلجأ لاستخدام ورقة الضغط الرئيسية وهي الحد من مليارات الدولارات من الأسلحة الأمريكية لإسرائيل - مما أثار غضب البعض في الجناح اليساري لحزبه.

بينما يؤيد الحزب الجمهوري إسرائيل بشكل ساحق.

وحسب المعهد العربي الأمريكي الذي يدعو إلى دعم أكبر للفلسطينيين، فإن استطلاعات الرأي التي أجراها أظهرت أن كامالا هاريس قد تكسب أكثر مما تخسر إذا اتخذت موقفاً أكثر صرامة من إسرائيل، في حين أن العكس صحيح لترامب.

Biden team keeps hope on Gaza truce despite setbacks

Breakthrough could offer a major boost to Kamala Harris in race against Trumphttps://t.co/Dskao7RgDj

— Gulf News (@gulf_news) September 8, 2024 محاولة  جديدة

ويتفق غيث العمري، وهو زميل بارز في معهد واشنطن، على أن نتانياهو وحماس غير مهتمين بسد الفجوات، وأشار إلى صعوبة القضايا المتبقية. وقال: "مجرد أننا أنجزنا 90 % لا يعني أننا أقرب إلى التوصل إلى اتفاق".
وقال العمري الذي شغل سابقاً منصب مستشار للسلطة الفلسطينية: "لا أعتقد أن المفاوضين الأمريكيين ساذجون. فهم يدركون صعوبة الأمر. ولكني أعتقد أن ما نراه الآن هو محاولة من  الولايات المتحدة لإبقاء المفاوضات حية".
وقال بلينكن الخميس إنه يأمل إبرام اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية قبل انتهاء ولاية بايدن، آملا في تحفيز نتانياهو.
وقال: "أعتقد أنه إذا تمكنّا من التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فيمكننا المضيّ قدماً على مسار التطبيع".

October surprise? Israel-Hamas Gaza ceasefire deal 90% done, says Biden team https://t.co/imx8qYgjhh pic.twitter.com/jeUWLBj5qi

— ????RSS NEWS UPDATE (@RSSNEWSUPDATE) September 8, 2024

ولكن حسب العمري فإن على واشنطن أيضا مواصلة الدفع لوقف لإطلاق النار لإعادة الاستقرار في منطقة البحر الأحمر ومنع تصعيد النزاع في المنطقة، بما في ذلك اندلاع حرب بين اسرائيل ولبنان. وقال: "هذا  الشرق الأوسط. يمكن أن يزيد الأمر سوءاً دائما، وهذا ما يحدث عادة".

مقالات مشابهة

  • مسؤول أميركي يحذر من حرب مع حزب الله والغارات الإسرائيلية تتواصل
  • إسرائيلي رافض للتجنيد: لن أتواطأ في الإبادة الجماعية بغزة
  • حماس: الرواية الإسرائيلية الكاذبة حول 7 أكتوبر هدفت لشيطنة المقاومة وتبرير حرب الإبادة
  • لدعم حظوظ هاريس وتفادي الكارثة..إدارة بايدن تسابق الزمن لوقف إطلاق النار في غزة
  • مهرجان البندقية.. مخرجة “أمريكية يهودية” تندد بـ”الإبادة الإسرائيلية في غزة”
  • تسريبات انسحاب الامريكان من العراق مُسكّن آلام ومناورة لدعم هاريس والسوداني
  • مخرجة أمريكية تندد بالإبادة الإسرائيلية في غزة
  • "الشعبية": تقرير الأمم المتحدة حول مجاعة غزة يكشف خطورة الأوضاع الإنسانية التي يسببها الاحتلال
  • مخرجة “أميركية يهودية” تندد بـ”الإبادة الإسرائيلية في غزة”
  • اعتقالات وتدمير البنية التحتية.. إسرائيل تواصل حرب الإبادة الجماعية في فلسطين