عربي21:
2025-04-11@08:06:22 GMT

التغريبة السورية.. نتائج الحرب المدمرة

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

يتكون كتاب "التغريبة السورية: الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكانية 2011 ـ 2020" لسامر بكور والصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" من جزأين: الأول بعنوان المناطق الجنوبية والوسطى والساحلية من سورية، والثاني بعنوان المنطقة الشمالية الشرقية والمنطقة الشمالية الغربية من سورية.

خُصصت مقدمة الكتاب للحديث عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة لاندلاع الثورة السورية، مع الاستعانة بقراءات مجموعة من الباحثين المخضرمين.



بعد ذلك، بدأ المؤلف بتعريف جغرافي لكل محافظة، ثم خصوصيتها ومعاناتها، قبل أن ينتقل إلى سرد تطور الأحداث فيها، مع تقديم تحليل للتمفصلات الهامة.

انقسمت دراسة كل منطقة إلى ست مراحل: الإرهاصات الأولية للثورة، التحول من العمل السلمي إلى العمل العسكري، استراتيجيات النظام التهجيرية، الهروب من الميليشيات الطائفية والجهادية، التدخل الروسي والهجرة إلى أوروبا، إخلاء المدن المحاصرة.

التهجير وأنواعه

حتى نهاية عام 2018، جرى اقتلاع ما يقارب ثمانية وستين مليون مواطن بسبب الصراع والعنف، أما النزوح فهو ظاهرة راسخة في الحروب الأهلية.

كانت المذابح التي تجسد فيها العنف الانتقائي على أساس طائفي، أو إثني، أو غيرها، وكان لها أثر سلبي كبير على الأفراد والجماعات، وذلك لسلب الهوية، فقد كانت بعض عمليات النزوح التي دبرتها ميليشيات تابعة للنظام متسقة بالفعل مع التطهير.استخدم بكور مصطلح النزوح القسري للإشارة إلى العنف بأشكاله المختلفة، من دون التغافل عن حالات التهجير التي نفذتها بعض الميليشيات الطائفية والإثنية.

يمكن تقسيم النزوح القسري إلى ثلاثة أقسام:

الأول، نزوح التأمين أو الضمان، وهو نزوح غير متعمد، نجم عن المعارك العسكرية أو الأشخاص الذين يختارون مسبقا الفرار من المناطق المتأثرة بالنشاط العسكري.

الثاني، النزوح النفعي، وهو يصف الإزاحة النفعية بأنها الإزاحة المتعمدة، لكنها غير منتظمة، وعادة ما تكون نتيجة تلقائية لتفاعلات المجموعة أو التفضيلات الفردية، مثل النهب أو سرقة الممتلكات.

الثالث، النزوح الاستراتيجي حركة متعمدة ومنهجية قسرية تثيره مجموعات مسلحة.

استخدمت قوات النظام السوري الأقسام الثلاثة من النزوح، مع التركيز على النزوح الاستراتيجي أكثر، لأنه يفصل المعارضة المسلحة عن السكان المحليين، كمقدمة للتخلص من المعارضة المسلحة.

العقاب الجماعي

أولى الاستراتيجيات التي مارسها النظام كانت القصف، وهو أقسى أساليب العنف العشوائي بحق السكان، والتي كان من جرائها انعدام الوجود المادي داخل مناطق القصف.

وثان الاستراتيجيات كانت الحصار الجزئي أو الكلي، وضمن البعد المكاني نفسه للحصار، فهو أسلوب عنف منتظم تنتج منه قيود من المستحيل الوصول إليها داخل منطقة الحصار.

قدرت المنظمات الدولية عدد الذين عاشوا تحت الحصار أو في أوضاع شبيه بالحصار بين عامي 2012 ـ 2018 بنحو مليونين ونصف المليون سوري، فيما رصدت 25 حالة حصار منفصلة بين عامي 2015 ـ 2018، حالتان منهما طبقها "تنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش".

الاستراتيجية الثالثة كانت التجويع، وهو أسلوب انتقام جماعي نفذ في مناطق عديدة من سوريا، وخصوصا في الزبداني ومضايا بريف دمشق، وقد أثر الجوع وتدمير منابع المياه على السكان ودفعهم إلى النزوح بعيدا.

يتعرض النازحون داخليا للمخاطر المتعلقة بالأعمال العدائية المستمرة، والنزوح المتعدد نتيجة لعدم الاستقرار، وقد شكلت نسبة 60 % من اسر النازحين داخليا ممن نزحوا أكثر من مرة و 17 % من الذين نزحوا من مرة واحدة إلى خمس مرات.الاستراتيجية الرابعة كانت المذابح التي تجسد فيها العنف الانتقائي على أساس طائفي، أو إثني، أو غيرها، وكان لها أثر سلبي كبير على الأفراد والجماعات، وذلك لسلب الهوية، فقد كانت بعض عمليات النزوح التي دبرتها ميليشيات تابعة للنظام متسقة بالفعل مع التطهير.

تركزت عمليات الطرد على المناطق التي شنت المعارضة المسلحة منها هجمات، وبدا أنها تستهدف على نحو انتقائي أو جماعي الأشخاص على أساس انتماءاتهم السياسية والطائفية.

الاستراتيجية الخامسة تتمثل في حرمان النازحين من العودة إلى أراضيهم ومساكنهم، من خلال تدمير ممتلكاتهم، وهي إحدى الظواهر التي عكست تأثيرها في السوريين لارتباطها إنسانيا وسوسيولوجيا بالوطن، ونظرا لما لها من آثار مستقبلية خطيرة في الهوية الديمغرافية السورية، قدمت الحرب فيما يتعلق بالعامل المكاني نماذج كثيرة عن هذا الأسلوب الذي قاد إلى تهجير نسبة كبيرة من الأهالي من مناطقهم، كما جرى في محافظتي حمص وريف دمشق.

التغيرات السكانية

وفق تقديرات الأمم المتحدة، فر نصف سكان سوريا من مناطقهم، وثلثه أصبحوا نازحين بسبب أعمال العنف الشديدة التي نفذها النظام.

في عام 2017 نزح نحو مليون ومئتي ألف شخص من حلب والرقة وديرالزور وإدلب وحماة وحمص والحسكة واللاذقية، ولذلك صنفت الأمم المتحدة سورية عام 2022 بوصفها البلد الذي ضم أكبر عدد من النازحين داخليا في العالم، والذي ضم اشد حالات الطوارئ أيضا، إذ بلغ عدد النازحين نحو سبعة ملايين شخص.

يتعرض النازحون داخليا للمخاطر المتعلقة بالأعمال العدائية المستمرة، والنزوح المتعدد نتيجة لعدم الاستقرار، وقد شكلت نسبة 60 % من اسر النازحين داخليا ممن نزحوا أكثر من مرة و 17 % من الذين نزحوا من مرة واحدة إلى خمس مرات.

كان الأطفال والشباب الذين تبلغ أعمارهم 14 عاما أو أقل، مثلوا أكثر من مثلث السكان، وأن الأشخاص في سن العمل مثلوا 61 %، لكن معدلات الأطفال تقلصت، ما يشير إلى زيادة معدلات وفيات الرضع.

أما بشأن عودة النازحين، فقد تضافرت مجموعة من الأسباب وراء العودة، رغم قلة العائدين، ومن أسباب العودة توافر عوامل الجذب المتعلقة بمكان المولد وتحسن الوضع الأمني في المنطقة الأصل، إذ مثل هذا الدافع العامل الرئيس لعودة 66 % من الأسر عام 2018، فضلا عن العامل الاقتصادي مع تحسن الوضع المعيشي بفعل إعادة العمل أو استعادة الأصول / الممتلكات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كتاب سوريا سوريا كتاب اضطرابات سياسة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من مرة

إقرأ أيضاً:

في غزة لا تنجو حتى بعد النزوح.. قصة أبو همام

نزح أحمد صيام من شمال غزة مع أسرته المكونة من 8 أفراد، بعد أن تصاعدت الهجمات الإسرائيلية، لكنه لم يحمل معه إلا ما خفّ وزنه وثقل وجعه، ولم يكن يتخيل أن يغادر منزله في يوم من الأيام بلا رجعة، ولا أن يُضطر إلى تركه دون أن يلقي نظرة أخيرة عليه.

أحمد صيام فقد منزله المليء بالذكريات ومصدر رزقه بسبب حرق الاحتلال الإسرائيلي له (الجزيرة)

وحين وصلت العائلة إلى دير البلح، كان الخبر قد سبَقهم: "الدار طارت.. والدكانة احترقت"، ومع هذا الخبر لم يعد للبيت، الذي بناه أبو همام حجرا فوق حجر، وشهد أولى خطوات أولاده، أي أثر.

ما كان فقدان البيت وحده هو الألم الأكبر، بل مصدر رزقه الوحيد -محل صغير لبيع الأدوات المنزلية- احترق بالكامل بفعل القصف، وذهبت معه سنوات من التعب والسعي لستر العائلة.

أبو همام نزح من شمال قطاع غزة هو وعائلته المكونة من 8 أفراد وواجه الكثير من الصعوبات بسبب الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة)

ووسط هذا الانهيار، وأثناء النزوح، تعرّض الابن الأكبر همام، لإصابة مباشرة في ركبته من شظية حادة اخترقت جسده الهشّ.

وكانت المراكز الطبية غير قادرة على التعامل مع حالته كما ينبغي، بسبب نقص حاد في الأدوية، وقوائم انتظار طويلة، وتكاليف علاجية تفوق طاقة العائلة. كما جلس همام أياما دون مسكنات كافية، ولا أمل واضح في الشفاء.

همام عانى ووالده الكثير في مرحلة العلاج بسبب قلة توفر الأدوية والتكاليف العالية (الجزيرة)

يروي الأب تفاصيل العلاج بتنهيدة ثقيلة، ويصف شعوره بالعجز كمن يطفو في بحر بلا ضفة.

إعلان

ويعرف صيام أن كل يوم تأخير في العلاج قد يترك أثرا دائما على قدم ابنه، لكن لا قدرة له على فعل شيء.

همام يتمنى أن يشفى ويمشي على قدميه (الجزيرة)

ورغم كل ما خسره، لا يزال أبو همام متمسّكا بغزة، لا يرى في التهجير خيارا، ولا في مغادرة الأرض خلاصا، ويقول لمن حوله إن البقاء هنا، ولو وسط الدمار، هو الكرامة الأخيرة التي لا يجب التنازل عنها.

وتختصر قصة عائلة صيام واقع آلاف الأسر في قطاع غزة، التي وجدت نفسها بين نيران القصف ومرارة النزوح، في ظل ظروف إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق.

مقالات مشابهة

  • تكدس النفايات.. كارثة صحية وبيئية تعمق معاناة النازحين في غزة
  • في زيارته الأولى إلى محافظة إدلب ‏… وزير التربية والتعليم يؤكد ضرورة ‏ترميم المدارس المدمرة لتسهيل عودة الطلاب المهجرين إليها ‏
  • مجلة أمريكية: “الحرب الأمريكية ضد الحوثيين قد تتحول إلى فضيحة وتجلب نتائج وخيمة على واشنطن”
  • وزير الدفاع الأمريكي: إيران هي التي تقرر إن كانت القاذفات B-2 رسالة موجهة لها
  • برشلونة.. «المدمرة 145»!
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • «الفارس الشهم 3» تُسيِّر قوافل وخزانات مياه لمخيمات النازحين في غزة
  • الCNSS يباشر تحقيقا داخليا لتحديد طريقة اختراق وتسريب وبياناته محذرا من إعادة نشرها
  • في غزة لا تنجو حتى بعد النزوح.. قصة أبو همام
  • حكايات الحرب و النزوح .. ناجون بأحلام العودة وواقع محفوف بالمعاناة و الضياع