عربي21:
2025-03-18@07:03:20 GMT

التغريبة السورية.. نتائج الحرب المدمرة

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

يتكون كتاب "التغريبة السورية: الحرب الأهلية وتداعياتها المجالية والسكانية 2011 ـ 2020" لسامر بكور والصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" من جزأين: الأول بعنوان المناطق الجنوبية والوسطى والساحلية من سورية، والثاني بعنوان المنطقة الشمالية الشرقية والمنطقة الشمالية الغربية من سورية.

خُصصت مقدمة الكتاب للحديث عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة لاندلاع الثورة السورية، مع الاستعانة بقراءات مجموعة من الباحثين المخضرمين.



بعد ذلك، بدأ المؤلف بتعريف جغرافي لكل محافظة، ثم خصوصيتها ومعاناتها، قبل أن ينتقل إلى سرد تطور الأحداث فيها، مع تقديم تحليل للتمفصلات الهامة.

انقسمت دراسة كل منطقة إلى ست مراحل: الإرهاصات الأولية للثورة، التحول من العمل السلمي إلى العمل العسكري، استراتيجيات النظام التهجيرية، الهروب من الميليشيات الطائفية والجهادية، التدخل الروسي والهجرة إلى أوروبا، إخلاء المدن المحاصرة.

التهجير وأنواعه

حتى نهاية عام 2018، جرى اقتلاع ما يقارب ثمانية وستين مليون مواطن بسبب الصراع والعنف، أما النزوح فهو ظاهرة راسخة في الحروب الأهلية.

كانت المذابح التي تجسد فيها العنف الانتقائي على أساس طائفي، أو إثني، أو غيرها، وكان لها أثر سلبي كبير على الأفراد والجماعات، وذلك لسلب الهوية، فقد كانت بعض عمليات النزوح التي دبرتها ميليشيات تابعة للنظام متسقة بالفعل مع التطهير.استخدم بكور مصطلح النزوح القسري للإشارة إلى العنف بأشكاله المختلفة، من دون التغافل عن حالات التهجير التي نفذتها بعض الميليشيات الطائفية والإثنية.

يمكن تقسيم النزوح القسري إلى ثلاثة أقسام:

الأول، نزوح التأمين أو الضمان، وهو نزوح غير متعمد، نجم عن المعارك العسكرية أو الأشخاص الذين يختارون مسبقا الفرار من المناطق المتأثرة بالنشاط العسكري.

الثاني، النزوح النفعي، وهو يصف الإزاحة النفعية بأنها الإزاحة المتعمدة، لكنها غير منتظمة، وعادة ما تكون نتيجة تلقائية لتفاعلات المجموعة أو التفضيلات الفردية، مثل النهب أو سرقة الممتلكات.

الثالث، النزوح الاستراتيجي حركة متعمدة ومنهجية قسرية تثيره مجموعات مسلحة.

استخدمت قوات النظام السوري الأقسام الثلاثة من النزوح، مع التركيز على النزوح الاستراتيجي أكثر، لأنه يفصل المعارضة المسلحة عن السكان المحليين، كمقدمة للتخلص من المعارضة المسلحة.

العقاب الجماعي

أولى الاستراتيجيات التي مارسها النظام كانت القصف، وهو أقسى أساليب العنف العشوائي بحق السكان، والتي كان من جرائها انعدام الوجود المادي داخل مناطق القصف.

وثان الاستراتيجيات كانت الحصار الجزئي أو الكلي، وضمن البعد المكاني نفسه للحصار، فهو أسلوب عنف منتظم تنتج منه قيود من المستحيل الوصول إليها داخل منطقة الحصار.

قدرت المنظمات الدولية عدد الذين عاشوا تحت الحصار أو في أوضاع شبيه بالحصار بين عامي 2012 ـ 2018 بنحو مليونين ونصف المليون سوري، فيما رصدت 25 حالة حصار منفصلة بين عامي 2015 ـ 2018، حالتان منهما طبقها "تنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش".

الاستراتيجية الثالثة كانت التجويع، وهو أسلوب انتقام جماعي نفذ في مناطق عديدة من سوريا، وخصوصا في الزبداني ومضايا بريف دمشق، وقد أثر الجوع وتدمير منابع المياه على السكان ودفعهم إلى النزوح بعيدا.

يتعرض النازحون داخليا للمخاطر المتعلقة بالأعمال العدائية المستمرة، والنزوح المتعدد نتيجة لعدم الاستقرار، وقد شكلت نسبة 60 % من اسر النازحين داخليا ممن نزحوا أكثر من مرة و 17 % من الذين نزحوا من مرة واحدة إلى خمس مرات.الاستراتيجية الرابعة كانت المذابح التي تجسد فيها العنف الانتقائي على أساس طائفي، أو إثني، أو غيرها، وكان لها أثر سلبي كبير على الأفراد والجماعات، وذلك لسلب الهوية، فقد كانت بعض عمليات النزوح التي دبرتها ميليشيات تابعة للنظام متسقة بالفعل مع التطهير.

تركزت عمليات الطرد على المناطق التي شنت المعارضة المسلحة منها هجمات، وبدا أنها تستهدف على نحو انتقائي أو جماعي الأشخاص على أساس انتماءاتهم السياسية والطائفية.

الاستراتيجية الخامسة تتمثل في حرمان النازحين من العودة إلى أراضيهم ومساكنهم، من خلال تدمير ممتلكاتهم، وهي إحدى الظواهر التي عكست تأثيرها في السوريين لارتباطها إنسانيا وسوسيولوجيا بالوطن، ونظرا لما لها من آثار مستقبلية خطيرة في الهوية الديمغرافية السورية، قدمت الحرب فيما يتعلق بالعامل المكاني نماذج كثيرة عن هذا الأسلوب الذي قاد إلى تهجير نسبة كبيرة من الأهالي من مناطقهم، كما جرى في محافظتي حمص وريف دمشق.

التغيرات السكانية

وفق تقديرات الأمم المتحدة، فر نصف سكان سوريا من مناطقهم، وثلثه أصبحوا نازحين بسبب أعمال العنف الشديدة التي نفذها النظام.

في عام 2017 نزح نحو مليون ومئتي ألف شخص من حلب والرقة وديرالزور وإدلب وحماة وحمص والحسكة واللاذقية، ولذلك صنفت الأمم المتحدة سورية عام 2022 بوصفها البلد الذي ضم أكبر عدد من النازحين داخليا في العالم، والذي ضم اشد حالات الطوارئ أيضا، إذ بلغ عدد النازحين نحو سبعة ملايين شخص.

يتعرض النازحون داخليا للمخاطر المتعلقة بالأعمال العدائية المستمرة، والنزوح المتعدد نتيجة لعدم الاستقرار، وقد شكلت نسبة 60 % من اسر النازحين داخليا ممن نزحوا أكثر من مرة و 17 % من الذين نزحوا من مرة واحدة إلى خمس مرات.

كان الأطفال والشباب الذين تبلغ أعمارهم 14 عاما أو أقل، مثلوا أكثر من مثلث السكان، وأن الأشخاص في سن العمل مثلوا 61 %، لكن معدلات الأطفال تقلصت، ما يشير إلى زيادة معدلات وفيات الرضع.

أما بشأن عودة النازحين، فقد تضافرت مجموعة من الأسباب وراء العودة، رغم قلة العائدين، ومن أسباب العودة توافر عوامل الجذب المتعلقة بمكان المولد وتحسن الوضع الأمني في المنطقة الأصل، إذ مثل هذا الدافع العامل الرئيس لعودة 66 % من الأسر عام 2018، فضلا عن العامل الاقتصادي مع تحسن الوضع المعيشي بفعل إعادة العمل أو استعادة الأصول / الممتلكات.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه كتاب سوريا سوريا كتاب اضطرابات سياسة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من مرة

إقرأ أيضاً:

قصة الطفلة وسام.. رمز لأمل يتحدى النزوح ويعيد الحياة إلى مدارس السودان

بقلب ينبض بالأمل، ترسم الطفلة السودانية وسام زهرة في دفترها، وهي تتوسط زميلاتها داخل فصل يعج بأحلام العودة. بفضل لوازم مدرسية تمس الحاجة إليها وزعتها منظمة اليونيسف بدعم من صندوق “التعليم لا ينتظر”، استعاد أكثر من مئة ألف تلميذ سوداني حقهم في التعليم.

التغيير: وكالات

وسط همسات زميلاتها وهن يلملمن أغراضهن، غرقت وسام ذات التسع سنوات في عالم خيالها، ترسم صورة تنبض بالحياة. وعندما انتهت، أعادت أقلامها الملونة إلى حقيبتها، التي تحمل معها أملا لا ينضب، رغم قسوة النزوح التي عصفت بملايين الأطفال.

تقول وسام: “تركت ألعابي وكتبي وزيي المدرسي وحقيبتي وأقلامي. كان زيي جميلا”.

تواجه البلاد أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، حيث يوجد أكثر من 17 مليون طفل في سن الدراسة خارج أسوار المدارس حاليا.

تضررت أو دمرت مئات المباني المدرسية منذ بداية الحرب في السودان في أبريل 2023. ويتم استخدام العديد من المباني الأخرى كملاجئ للنازحين.

مع إعادة فتح 489 مدرسة، عاد ما يقرب من 120 ألف طفل إلى الفصول الدراسية في ولاية البحر الأحمر الساحلية. يواصل صندوق التعليم لا ينتظر – وهو صندوق الأمم المتحدة العالمي المعني بالتعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة –  وشركاء مثل اليونيسف دعم الفتيات والصبيان في جميع أنحاء السودان لضمان مواصلة تعليمهم حتى في أصعب الظروف.

مرت وسام بمصاعب وأهوال تستعصي على الوصف، حيث اضطرت هي وعائلتها إلى الفرار من منزلهم في سنار طلبا للأمان في مدينة بورتسودان على السحل الشرقي للسودان، تاركين وراءهم جميع ممتلكاتهم تقريبا، بما في ذلك الزي المدرسي.

حقائب لمستقبل أكثر إشراقا

عندما أُعيد فتح المدارس أخيرا في بورتسودان، لم تستطع عائلة وسام تحمل تكاليف اللوازم المدرسية اللازمة.

مع كل خطوة تخطوها وسام وأشقاؤها نحو مدرستهم الجديدة في بورتسودان، كان شغفهم بالتعلم يتجدد، لكن ظلال النزوح ألقت بعبء نقص اللوازم المدرسية، مما حال دون اكتمال فرحتهم بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

لحسن الحظ أن مدرسة وسام هي واحدة من العديد من المدارس في السودان التي تتلقى لوازم مدرسية حيوية بفضل دعم صندوق التعليم لا ينتظر.

من خلال هذه المبادرة، التي تهدف إلى ضمان حصول جميع الأطفال على الأدوات التي يحتاجونها للعودة إلى التعلم، تلقت وسام وأشقاؤها زيا مدرسيا جديدا وحقائب ظهر مليئة بالأدوات مثل الدفاتر وأقلام التلوين والطباشير والمساطر.

وعن ذلك تقول وسام: “أحب حقيبتي الجديدة. إنها أكبر بكثير من الحقيبة التي تركتها في المنزل”.

أكثر من مجرد حقيبة مدرسية

حقيبة الظهر الجديدة هذه تعني أكثر من مجرد كتب ولوازم مدرسية بالنسبة لوسام. إنها تحمل أحلامها بمستقبل أكثر إشراقا وسلاما في وطنها يسمح لها بالتعلم والنمو وتحقيق كامل إمكاناتها.

تدرس وسام حاليا في الصف الثالث، وهي تشارك بحماس في مناقشات الفصل وترفع يدها بثقة للإجابة عن الأسئلة. زيها الجديد يضيف معنى إلى شعورها بالفخر والانتماء.

لكن في لحظات عزلتها الهادئة، في خضم الفوضى التي أحاطت بها منذ بداية الحرب، تنبض وسام بالحياة. فبعد انتهاء اليوم الدراسي، تبقى وسام في الفصل الدراسي، منغمسة في رسوماتها.

الزهور الملونة، المرسومة بعناية فائقة، هي شهادة على إبداعها وتصميمها على البحث عن الجمال حتى في الظروف الصعبة.

بفضل مجموعة أقلام التلوين الجديدة التي تلقتها، يمكن لوسام الآن التعبير عن نفسها بطرق لم تكن قادرة عليها من قبل. وعن ذلك تقول: “سأشارك الألوان مع أشقائي”.

التعليم أمر بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، ليس فقط للتعلم الأكاديمي، ولكن أيضا لتوفير شعور بالوضع الطبيعي والاستقرار والأمان.

في الواقع، مبادرة اللوازم المدرسية هي جزء من استجابة صندوق التعليم لا ينتظر الشاملة في السودان والدول المجاورة، والتي تدعم إنشاء مساحات آمنة للأطفال ومراكز تعليم مؤقتة وتدريب المعلمين وتوفير مواد تعليمية ودعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والمزيد.

توفر المدارس للأطفال النازحين مثل وسام مساحة آمنة للتعافي من صدمة الصراع. كما أنها تساعد في حماية الأطفال من الممارسات الضارة مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال والتجنيد القسري في الجماعات المسلحة، مما يمنحهم الفرصة لتحقيق أحلامهم وبناء مستقبل أفضل.

تقول وسام: “المنزل أفضل من هنا، لكن لا يمكننا العودة بسبب الحرب. الحرب سيئة للغاية”. ومع ذلك، تظل وسام متفائلة. فبفضل الدعم الذي تلقته، تشعر الآن أن التعليم هو سبيلها للمضي للأمام.

الاحتياجات تتنامى

حتى الآن، وصل دعم صندوق التعليم لا ينتظر إلى 135 ألف فتاة وصبي متضررين من الأزمة في السودان.

وبلغ إجمالي استثمارات الصندوق في السودان 33.7 مليون دولار ويدعم بناء وإعادة تأهيل الفصول الدراسية وتوفير مواد التعلم والتدريس وتدريب المعلمين وتحسين الوصول إلى مياه الشرب والمرافق الصحية والمرافق الصحية المراعية للنوع الاجتماعي وتحسين الوصول إلى تعليم جيد وشامل وصديق للأطفال.

قدم الصندوق الأممي أيضا أكثر من 20 مليون دولار استجابة لاحتياجات تعليم اللاجئين الإقليمية، مع منح تم الإعلان عنها في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وأوغندا.

لكن الاحتياجات في السودان، وفي الأزمات حول العالم، مستمرة في التنامي. فقد وجد تقرير حديث صادر عن صندوق التعليم لا ينتظر أن 234 مليون فتاة وصبي في سن الدراسة يتأثرون بالأزمات ويحتاجون إلى دعم عاجل للوصول إلى التعليم الجيد، هذا يمثل زيادة لا تقل عن 35 مليونا خلال السنوات الثلاث الماضية.

حقيبة الظهر الجديدة تمثل بالنسبة لوسام تذكيرا بكل ما اضطرت إلى تركه وراءها، وهي تحمل الآن ثقل كل ما تأمل في تحقيقه. ومع كل درس، تقترب خطوة من المستقبل الذي تستحقه، وهو المستقبل الذي تصمم الطفلة البالغة من العمر تسع سنوات على خلقه.

 

الوسومآثار الحرب في السودان أطفال السودان والتعليم اليونسيف

مقالات مشابهة

  • نبوءة ميرشايمر.. هل اقتربت الحرب المدمرة بين أميركا والصين؟
  • عبد الرحمن المطيري يشيد بالإنجازات التي حققها لاعبو ولاعبات الكويت في الأولمبياد الخاص “تورينو 2025”
  • أحمد موسى: انفردت بتحركات الإرهابيين داخليا وخارجيا | فيديو
  • ارتفاع أسعار المنتجات الأميركية بسبب الحرب التجارية التي أطلقها ترمب
  • الطريق لا يزال طويلا.. غياب خطط الحكومة السورية لإعادة الإعمار يجعل كثيرين يفكرون قبل العودة للوطن
  • نتنياهو يبحث نتائج مفاوضات الدوحة وعائلات الأسرى تتهمه بإشعال الحرب
  • الاتحاد الأوروبي ينوي تعزيز صناعاته الدفاعية.. وتحذير من نتائج الحرب التجارية
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • قصة الطفلة وسام.. رمز لأمل يتحدى النزوح ويعيد الحياة إلى مدارس السودان
  • العراق يأمل بـ"نتائج ملموسة" للتحقيق في أعمال العنف الدامية في سوريا لضمان "السلم المجتمعي"