10 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة:  كشفت بيانات إحصائية حديثة عن فقدان العراق أو “هروب” أكثر من 50 مليار دولار من أموال الشركات الاستثمارية على مدى السنوات العشر الماضية، بما في ذلك 5 مليارات دولار في العام الماضي وحده.

ويعود السبب الرئيسي لهذا الهروب إلى ضعف ثقة المستثمرين وغياب التأمين على أموالهم، وهو ما أشار إليه الباحث الاقتصادي منار العبيدي في تقريره المستند إلى آخر تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

تفاصيل البيانات والمعلومات

وفقًا للتقرير، خرج أكثر من 5 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية من العراق خلال عام 2023، مما رفع إجمالي الأموال المفقودة منذ عام 2013 إلى أكثر من 52 مليار دولار.

ويُبرز هذا الرقم الضخم مدى تدهور بيئة الأعمال في العراق وتأثيره السلبي على الاقتصاد الوطني، حيث تعد الاستثمارات الأجنبية إحدى الدعائم الرئيسية لتحفيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، إلى جانب نقل المعرفة والتكنولوجيا.

تحليل الأسباب والآثار

من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا الهروب الجماعي للاستثمارات الأجنبية، أشار العبيدي إلى “بيئة الأعمال المتردية” وغياب “قوانين واضحة لحماية أموال المستثمر الأجنبي”. تعاني بيئة الأعمال في العراق من عدة مشاكل تتراوح بين الفساد الإداري والبيروقراطية المعقدة، إلى عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.

هذه العوامل تجعل من العراق بيئة غير جاذبة للاستثمارات الأجنبية، حيث يخشى المستثمرون من المخاطر العالية وخسارة أموالهم.

البرامج الحكومية والدور المشكوك فيه

أشار العبيدي أيضًا إلى أن برامج دعم القطاع الخاص التي تتبناها الحكومة العراقية ليست سوى “شعارات واهية”. يشير هذا النقد إلى أن معظم المؤسسات الحكومية ما زالت متمسكة بالفكر الاشتراكي والشمولية، مما يحد من فاعلية أي جهود لتحفيز القطاع الخاص. إضافة إلى ذلك، يبدو أن هيئات الاستثمار في المحافظات تركز بشكل أساسي على الاستثمارات العقارية المحلية، مع إهمال الاستثمارات في مجالات حيوية أخرى مثل الطاقة والبنية التحتية والمشاريع الإنتاجية.

ما بين السطور: قراءة في التحولات الاقتصادية

ويمكن استنتاج أن العراق يعاني من فشل منهجي في إدارة ملف الاستثمارات الأجنبية. غياب الاستراتيجيات الواضحة، والإدارة الاقتصادية غير الكفؤة، والسياسات الحكومية غير المدروسة، كلها عوامل ساهمت في هروب الاستثمارات. هذا الهروب لا يعكس فقط ضعف الثقة في البيئة الاقتصادية العراقية، بل يُظهر أيضًا أن هناك فجوة كبيرة بين الوعود الحكومية والواقع على الأرض.

إذا استمرت هذه الاتجاهات، فإن العراق قد يواجه صعوبات أكبر في جذب الاستثمارات الأجنبية في المستقبل، مما سيؤدي إلى مزيد من التباطؤ في النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة، مع تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

ويمثل هروب الاستثمارات الأجنبية من العراق مؤشرًا خطيرًا على تدهور بيئة الأعمال في البلاد. في ظل غياب سياسات اقتصادية فعالة وبيئة أعمال مستقرة، من المحتمل أن يستمر هذا الهروب، مما يزيد من التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق. تحتاج الحكومة إلى إعادة تقييم سياساتها وتعزيز الثقة لدى المستثمرين من خلال تقديم ضمانات قانونية وأمنية حقيقية، إضافة إلى تبني استراتيجيات فعالة لجذب الاستثمارات في القطاعات الحيوية التي يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي وتوفر فرص العمل.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الاستثمارات الأجنبیة بیئة الأعمال هذا الهروب

إقرأ أيضاً:

عدن بين لهيب الصيف وظلام الليل.. أزمة الكهرباء تتفاقم والغضب الشعبي يتصاعد (تقرير)

بين صيف عدن اللاهب وظلام الليل الطويل، يقف المواطنون وحدهم في مواجهة هذه الأزمة التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد آخر، وسط مطالبات ملحّة بضرورة إيجاد حلول جذرية لإنهاء هذه المعاناة، التي أصبحت جزءًا من الحياة اليومية لسكان المدينة المنكوبة بالكهرباء.

 

حيث تعيش العاصمة المؤقتة عدن في ظلامٍ دامس مع استمرار أزمة الكهرباء، التي ألقت بظلالها القاتمة على حياة المواطنين، متسببة في موجة سخط شعبي عارم، في ظل انعدام أي حلول جذرية تلوح في الأفق.

 

وقد تفاقمت أزمة الكهرباء بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية، حيث شهدت عدن انقطاعات متكررة وصلت في بعض الأيام إلى خروج المنظومة الكهربائية بالكامل عن الخدمة، ما زاد من معاناة السكان، وأدى إلى شلل شبه كامل في الحياة اليومية.

 

وتعزو الجهات الرسمية هذه الأزمة إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها نفاد الوقود المشغل لمحطات التوليد، وعدم توفير مخصصات كافية لاستمرار تشغيل الكهرباء، إضافةً إلى تهالك محطات التوليد التي لم تخضع لعمليات صيانة دورية منذ سنوات، مما جعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة.

 

وعود متكررة دون تنفيذ

 

ورغم تعهدات الحكومة المتكررة بالعمل على إيجاد حلول لأزمة الكهرباء، إلا أن الواقع يؤكد أن تلك الوعود لم تُترجم إلى خطوات فعلية، حيث لا تزال المشكلة قائمة دون أي تحسّن يُذكر.

 

وفي أكثر من مرة، أعلنت الحكومة عن خطط لتوفير وقود الطوارئ لمحطات الكهرباء، لكن هذه الحلول لم تكن سوى مسكّنات مؤقتة، سرعان ما تنتهي ليعود الوضع إلى أسوأ مما كان عليه.

 

ومع استمرار أزمة الكهرباء، تصاعدت حالة الغضب بين المواطنين الذين عبّروا عن استيائهم من تدهور الخدمات الأساسية، وخصوصًا الكهرباء التي تُعد شريان الحياة، خاصةً مع ارتفاع درجات الحرارة.

 

يقول خالد سعيد، أحد سكان مديرية المنصورة، لـ"الموقع بوست": "لم نعد نطيق هذه المعاناة، ساعات طويلة من الظلام، بينما المسؤولون لا يشعرون بما نعيشه. لقد أصبحت حياتنا كابوسًا مستمرًا بسبب هذه الانقطاعات المتكررة."

 

أما أم أحمد، وهي ربة منزل في مديرية كريتر، فتضيف: "كل شيء في حياتنا أصبح معلقًا بالكهرباء، من تبريد الطعام إلى تشغيل الأجهزة الأساسية في المنزل."

 

وترى أم أحمد في حديثها لـ"الموقع بوست"، أن هذا الانقطاع المتكرر ليس مجرد أزمة طارئة، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى دفع المواطنين نحو الاعتماد على الكهرباء الخاصة بأسعار باهظة.

 

وتقول: "ما يحدث اليوم هو تضييق متعمد على الناس، وكأنهم يريدون إجبارنا على الاشتراك في الكهرباء التجارية، التي أصبحت تجارة مربحة للبعض على حساب معاناة المواطن البسيط."

 

وتشير إلى أن هذه الأزمة تزيد من الأعباء المالية على المواطنين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، متسائلة عن سبب عجز الجهات المعنية عن إيجاد حلول دائمة.

 

تداعيات كبيرة

 

لم تقتصر تداعيات الأزمة على معاناة المواطنين داخل منازلهم، بل انعكست بشكل مباشر على مختلف القطاعات، حيث تضررت العديد من الأنشطة التجارية بسبب الانقطاعات الطويلة، ما أدى إلى خسائر فادحة للتجار وأصحاب الأعمال.

 

كما أثّر انقطاع الكهرباء على عمل المستشفيات والمرافق الصحية، مما جعل الكثير منها يعتمد على مولدات كهربائية تعمل بتكاليف باهظة، وهو ما يضع حياة المرضى في خطر.

 

وقد حذّرت وزارة الصحة العامة والسكان في العاصمة المؤقتة عدن من تداعيات خطيرة قد تهدد الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، نتيجة توقف خدمة الكهرباء عن هذه المرافق الحيوية.

 

وأكدت الوزارة، في بيان لها تابعه "الموقع بوست"، أن الوضع الراهن قد يؤدي إلى انهيار شامل للقطاع الصحي في الأيام القليلة القادمة إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل، معربةً في الوقت ذاته عن قلقها العميق إزاء الأزمة الحالية التي تمر بها مستشفيات عدن، مشيرةً إلى أن توقف خدمة الكهرباء قد يعرض حياة المرضى في هذه المرافق للخطر.

 

وناشدت الوزارة الجهات الحكومية المختصة والمنظمات الإنسانية بسرعة التدخل لتوفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية وضمان استمرارية خدمات الكهرباء العامة في المستشفيات، إضافةً إلى تأمين إمدادات المياه بشكل دائم.

 

من جانبها، أطلقت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في العاصمة المؤقتة عدن، نداءً عاجلًا إلى مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وكافة الجهات المعنية، طالبت فيه بالتدخل الفوري لتأمين كميات كافية من الوقود، لضمان استمرار خدمات المياه والصرف الصحي، في ظل أزمة متفاقمة تهدد المدينة.

 

وحذرت المؤسسة، في بيانٍ صادر عنها تابعه "الموقع بوست"، من توقف كامل للخدمة خلال الساعات القادمة، مع قرب نفاد الوقود الاحتياطي، إلى جانب الانطفاء الكلي لمنظومة كهرباء عدن، المقرر عند منتصف الليل يوم الثلاثاء، مما ينذر بكارثة إنسانية تهدد السكان.

 

وأوضحت المؤسسة أن الكميات المحدودة من الوقود المتوفرة لديها ستنفد خلال 24 ساعة، مؤكدةً أن عدم توفير الوقود الكافي لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية سيؤدي إلى توقف آبار المياه ومضخات الصرف الصحي عن العمل، ما قد يتسبب في أزمة خانقة وانقطاع المياه عن آلاف المواطنين.

 

مع كل هذه التداعيات، يبقى السؤال الأهم: هل هناك حلول حقيقية لإنهاء أزمة الكهرباء في عدن؟ في ظل غياب خطط واضحة من الجهات المختصة، يبدو أن الأزمة مرشحة للاستمرار، ما لم يكن هناك تحرك عاجل وحقيقي يضمن توفير وقود كافٍ، وإجراء إصلاحات جذرية لمحطات التوليد، والعمل على استقدام مشاريع استثمارية في قطاع الطاقة.


مقالات مشابهة

  • قفزة قياسية بالاتفاقات الاقتصادية بين العراق ومصر
  • مستشار حكومي:الناتج المحلي الإجمالي للعراق تجاوز (260) مليار دولار
  • سباق التكنولوجيا يشتد.. أمازون تخطط لإنفاق 100 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي في 2025
  • التخطيط والتنمية الاقتصادية في أسبوع.. مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي  و1.6 مليار دولار من ITFC و ICD
  • 36.2 مليار ريال إجمالي الاستثمارات الأجنبية في سلطنة عمان.. وحصة متزايدة للقطاعات غير النفطية
  • أزمة الإيواء بغزة تتفاقم مع تنصل إسرائيل من تنفيذ البروتوكول الإنساني
  • التدخين في العراق.. العملة الصعبة تحترق بالدخان.. مليونا دولار يوميًا  
  • أكثر من 720,000 شخص سنويًا.. الانتحار أزمة صحية نفسية تتفاقم عالميًا
  • مستشار حكومي: حجم الاستثمارات في العراق يصل إلى نحو 60 مليار دولار
  • عدن بين لهيب الصيف وظلام الليل.. أزمة الكهرباء تتفاقم والغضب الشعبي يتصاعد (تقرير)