سودانايل:
2025-03-16@09:12:32 GMT

القمح ،، والبارود

تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT

المغيرة التجاني علي

mugheira88@gmail.com

لا أعرف أحداً من أبناء بلدي السودان يشك لحظة في أن سياسيينا و قادتنا الذين تشربوا الفشل جيدا ,ثم أدمنوه , هم سبب كل مصيبة حاقت بنا و كل بلوة أصابتنا و كل كبوة أعاقت مسيرتنا نحو النهضة و التقدم و الازدهار . و هذه التهمة التي ظلت تطاردهم , هي تهمة بائنة لا تحتاج الي جهد لكي يحقق ثبوتها و لا تنتطح في برهان صدقيتها عنزتان.



كما أنه لا يساورني أدني شك في أن قادة دولتنا و من قبل الاستقلال الي يوم الناس هذا , يفضلون الاحتراب و التجاذب التي تقود الي القتل و السحل و جزء الروؤس و تقليم الرقاب, أكثر من حبهم و سعيهم لبناء مشفي أو تأسيس مدرسه أو زراعة حقل أو تشييد جسر أو حفر بئر ليعملوا علي إعمار البلاد و إسعاد العباد و لينتشلوها البلاد من وهدتها و ينقلوها من حالة العيش في خصام و كراهية الي فضاءات النهضة والتطور و الحداثة .

و غني السودان بموارده من أراض و أمطار وأنهار و معادن وغابات و حيوانات لهو من المعروف الذي لا يحتاج الي اثبات و لا الي تذكرة , فهو موثوق في مخيلة ابنائه ومرصود في مدونات المنظمات و المؤسسات العالمية ولدي الدول و الشركات و رؤوس الأموال القريبة والبعيدة و يصبح التحدث به من جديد محض ثرثرة وباباً من ابواب التكرار الممل الذي ظللنا نمضغه في مجالس الأنس و صوالين الثقافة و مهرجانات السياسة . حتي صار ينطبق علينا قول الشاعر " كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** و الماء فوق ظهورها محمول "

بل أنني و في تتبعي لوصفة الكسل التي نسمعها من جيراننا , لا ترد الي العوامل الثقافية و الجغرافية و لون بشرتنا الأسمر أو الأسود أو ترجع الي حالة الطقس عندنا , بل لأن بلادنا في مخيلة الآخر أرض تتوافر فيها كل الامكانات و الموارد الطبيعية وتصعد فيها فرص الوفرة و الرخاء و مع ذلك يعيش انسانها حالة البؤس و الشقاء و يضطر ليهجرها , فتزداد بؤساً و فقراً مما يعظم من أسباب الصراع و الخصومة و الفتن التي تتعدي ذلك الي الاحتراب و الدمار الشامل .

و للفرد منا أن يتصور مألات أحوالنا لو أن قادتنا و سياسيينا غرسو شجرة أو رعوا حيوانا مكان كل قتيل أزهقت روحه و أهريق دمه في حروبنا المستدامة , أو زرعوا حبة قمح بدل كل رصاصة او عبوة بارود , , ليجعلوا من هذا البلد العظيم دولة وفرة , حديثة متطورة غنية بخيراتها , تعتمد علي نفسها و توفر احتياجات ابنائها و ينتفع بخيرها جيرانها بما يتوافر لها من مقومات و موارد متنوعة. ان خيرات بلادنا الوفيرة تحتاج الي الاستقلال الأمثل بما يعمل علي زيادة الانتاج الزراعي و الحيواني و ترشيد انتاج البلاد من المعادن و كل الثروات الطبيعية التي تتمتع بها .

ان الحروب التي ظلت تدور في بلادنا لا تقوم الا بسبب عجز الساسة عن استقلال الموارد لينعم الشعب بالاستقرار و الرفاه و لتنتفي اسباب التنازع و تزهر في ربوعه القناديل و يبتسم في حقوله النوار و تنبت بدل كل رصاصة حبة قمح , فتنتج كل حبة سنبلة و في كل سنبلة مائة حبه يضاعفها الله ما يشاء بفضل حقن الدماء و اشاعة السلام و تكريس المحبة والوئام .  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

السياسة.. طبخة تحتاج لطباخ ماهر

بقلم : جعفر العلوجي ..

السياسة ليست مجرد قرارات وخطابات ، بل هي فن بحد ذاته تمامًا كالفنون الأخرى ، لكنها تختلف في طريقة عرضها ، هناك ما هو علني يُصقل ليبدو براقًا وجذابًا ، وهناك ما هو مخفي يُطبخ على نار هادئة خلف الكواليس ، حيث لا يرى الناس سوى النتائج ، بينما تظل الوصفات والأسرار حبيسة الغرف المغلقة .
السياسة كأي طبخة تحتاج إلى طباخ ماهر يعرف ماذا يضع في القدر ويدرك جيدًا التوقيت المناسب لإضافة كل مكون ، ويفهم النكهات التي ستروق للذوق العام .
القائد السياسي هو ذلك الطباخ الذي لا يستعجل نضوج الطبخة ، بل يتأنى، يقرأ المواقف جيدًا ، ويختار ما يخدم شعبه ، حتى وإن اضطر لتجرّع المرارة مرحليًا
ولعل تاريخ العراق الحديث يقدم درسًا واضحًا ، فبعد حربٍ ضروس استمرت لثمان سنوات مع إيران في عهد النظام البائد ، وسقوط نظام صدام حسين ، عادت العلاقات العراقية الإيرانية أكثر قوة ، ولم تكن هذه العودة نتيجة انصياع أو ضعف بل ثمرة لقراءة سياسية عميقة أدركت أن المصالح المشتركة والجغرافيا والتاريخ تحتم على البلدين تجاوز الماضي والانطلاق نحو المستقبل ، رغم ما سال من دماء وما خلفته الحرب من جراح .
ومع ذلك لم يخلُ المشهد من أصوات نشاز ، اعترضت واحتجت لكنها كانت في الغالب أصوات من فقدوا امتيازاتهم ومواقعهم ، أولئك الذين يرتزقون من الأزمات ، ويقتاتون على بقايا الخلافات
واليوم ، تتكرر المعضلة السياسية لكن مع جار آخر ، سوريا فزيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد ولقاؤه برئيس الوزراء والتأكيد على التعاون في كافة المجالات تطرح أسئلة جريئة ومؤلمة هل سيغلق العراق صفحة الماضي ، رغم الجراح النازفة جراء العمليات الإرهابية التي عصفت بأبناء شعبنا ، والتي لم يكن للشارع السوري يدٌ مباشرة فيها ، لكنها جاءت كجزء من حرب بالوكالة فرضتها الظروف السياسية والأمنية؟
هل سيكون العراق قادرًا على تجاوز الأحزان والبدء بمرحلة جديدة من العلاقات مع الحكومة السورية ، خاصة في ظل التحولات الإقليمية والدولية؟
القرار هنا يتطلب حكمة سياسية لا تعني النسيان ، بل تعني التطلع للمستقبل ، فالمواقف لا تُبنى على العواطف وحدها ، بل على المصلحة الوطنية العليا ، وعلى استيعاب أن الشعوب لا تختار دائمًا حكامها ، وأن الشعوب سواء في العراق أو سوريا دفعت أثمانًا باهظة بسبب صراعات تتجاوز حدودها .
السياسة لا تعني التنازل عن الحقوق، لكنها أيضًا لا تعني البقاء أسرى الماضي والمصلحة الوطنية قد تتطلب أحيانًا فتح صفحة جديدة دون أن يُمحى ما كُتب في الصفحات السابقة .
إن العراق اليوم بحاجة إلى سياسة تجمع لا تفرق ، تبني لا تهدم ، تقرأ المتغيرات لا تتجاهلها فهل سنشهد عراقًا يطوي جراح الأمس ليرسم خارطة جديدة من العلاقات الإقليمية ، أم سنظل ندور في ذات الدائرة ، نحمل أوزار الماضي ونعجز عن المضي قدمًا؟
الجواب مرهون بمهارة الطباخ السياسي الذي عليه أن يحسن اختيار المكونات ، ويدرك متى يضع الملح ، ومتى يطفئ النار ، ومتى يقدم الطبق لشعبه .

جعفر العلوجي

مقالات مشابهة

  • في ثالث أسبوع رمضان.. 3 ظواهر جوية تضرب البلاد | تحذير من الأرصاد
  • وزارة الفلاحة التونسية تعلن "حالة يقظة" بعد وصول أعداد من الجراد الصحراوي إلى جنوب البلاد
  • السياسة.. طبخة تحتاج لطباخ ماهر
  • موجة حارة تضرب البلاد.. متى تنخفض درجات الحرارة في مصر؟
  • محمد بن راشد: مستقبلنا مرهون باهتمامنا بالإمكانيات العظيمة التي يحملها كل طفل في بلادنا
  • الغرياني: الأوروبيون ليس لديهم ذرة من الإنسانية في منعهم الأفارقة
  • الصدر في خطبة صلاة الجمعة: الانتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات
  • الصدر في خطبة صلاة الجمعة: الإنتخابات السياسية تحتاج كثرة الأصوات
  • إحساس بالحر .. اعرف حالة الطقس اليوم ودرجات الحرارة
  • وزير الموارد المائية والري: مصر تحتاج إلى 114 مليار متر مكعب مياه خلال العام