الحكيم: حرية الـمرأة لا تـعني التحـلل مـن الالـتزام بـالشـرع والـقانـون والـعادات المجتمعية
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
بغداد اليوم -
أصحاب الفخامة والدولة والسيادة والمعالي والسعادة ..
السادة والسيدات الحضور ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة
أشكر لكم حضوركم وأوكد الالتزام بإقامة هذا المؤتمر الهام عن مناهضة العنف ضد المرأة في الأول من صفر تزامنا مع دخول سبايا آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الشام.
إن ما حصل في واقعة الطف وما تلاها من سبي وتعنيف للنساء والأطفال من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يعد الحدث الأكثر إيلاماً وحزناً وبشاعةً في التاريخ الإسلامي والإنساني بسبب حجم الانتهاكات التي مورست بحق ثلةٍ من الرجال والنساء ، مع تعدد أعراقهم وألوانهم وخلفياتهم الدينية والمذهبية ، شيوخاً وأطفالاً ، عسكريين ومدنيين.
إن انتهاك حقوق القتلى و الجرحى والأسرى من الرجال والنساء والأطفال، في مشهد مريع وفي توقيتات محددة ، ضد مجموعةٍ لم يكن ذنبها إلا المطالبة بالاصلاح ومعارضة الظلم والفساد والطغيان و رفض مجاراة السلطة الجائرة ، هو أبشع ما يمكن أن تتعرض له الإنسانية في تاريخها الطويل.
وإن المجالس والمواكب الحسينية والمسيرات والمناسبات العاشورائية وما يتلوها من فعاليات مليونية في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) ، تمثل رسالة تنديدٍ و رفضٍ لتلك الممارسات الظالمة والانتهاكات البشعة ، و رسالة التزامٍ بقيم ومبادئ أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) ، الذي دعا إلى التحرر من الظلم واقامة العدل وتحقيق الأمن وحماية الحريات على وجه الأرض ، ودفع دمه الطاهر ثمناً لذلك فبقي مناراً خالداً لجميع أتباعه وأنصاره ومواليه والمؤمنين بمبادئه ونهجه.
وهذا هو سبب دفاعنا الدائم عن المرأة وحقوقها وشأنها وضرورة احترامها وحفظ مقامها و صيانة رمزيتها و الايفاء بحقوقها ، لأننا ندعو النساء جميعاً أن يكن مثل السيدة زينب بنت علي ، بطلة كربلاء و رائدة مسيرة السبايا الأحرار.
انظروا لمقام السيدات الجليلات آسية ومريم وخديجة وفاطمة و زينب وغيرهن ، كيف جعلت الأديان منهن قديسات رائدات يقتدي بهن و بتاريخهن الرجال والنساء.
وإن اھـتمامـنا بتجديد هذا الـمحفل الـكریـم مـتأتٍ مـن الـتزامـنا بـالـثوابـت الإسـلامـیة الـتي تـؤكـد عـلى الاھتمام بالأسرة وعمادھا المرأة وتعزيز أداورھا التربویة والقیمیة والإنسانية.
فـالأسـرة ھـي الـنواة الـحقیقیة لـلمجتمع ومـن غـیر بـناء الأسـرة والاھـتمام بـھا.. لا یـمكن أن نبني مـجتمعاً صحياً وسلیماً.
إن مـناھـضة الـعنف ضـد الـمرأة ھـو في واقعه مـناھـضة للعنف ضـد الأسـرة وضـد الـمجتمع.. فـالـمرأة ھـي الأم والأخـت والبنت والـزوجـة.. وھـي الشـریـك الحقیقي للرجـل فـي أدوار الحیاة ومـسؤولـیاتـه الـتربـویـة والأخـلاقـیة والمجتمعیة.
وإن تـعریـض الـمرأة إلـى مـنزلـقات فـكریـة تسـتھدف كـرامـتھا ومـسخ طـبیعتھا الإنـسانـیة الـتي مـیزھـا ﷲ سـبحانه وتـعالـى عـن الـرجـل ھـو بحـد ذاتـه عـنف آخر ضـد الـمرأة.. فالتعنيف یـشمل كـل أدوات الاكـراه والـتعرض لكرامة المرأة وعفتها وحریتھا التي كفلھا الشرع والقانون.
وحرية الـمرأة لا تـعني التحـلل مـن الالـتزام بـالشـرع والـقانـون والـعادات الـمجتمعیة الأصـیلة.
اليوم الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة
وكذلك تمايز الرجل و المرأة عن بعضهما في الأدوار الحیاتیة لا یعني أبداً الانتقاص من الآخر.. أو تمييز أو تفضيل أحدهما على الآخر.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
زيارة الوفد السوري الدرزي لإسرائيل ماذا تعني ؟!!
ليس من المبالغة في شيء القول إن هذه الأيام التي تواكب شهر رمضان المبارك تشهد تسارعا كبيرا في الأحداث في سوريا الشقيقة وفي محاولات تتسم بالصراع والمنافسة الواضحة حينًا والمناورة حينًا آخر والمعادية للحكم الجديد لفرض وجهات نظر ومحاولات لجر الدولة السورية بأوضاعها الجديدة في اتجاهات متعارضة وذات مشارب مختلفة بدوافع عديدة يخشى عليها بالفعل على سوريا ومصالحها، بل على مستقبلها وعلى وحدتها ودورها الوطني، وهو دور طالما لعبته واضطلعت به سوريا على المستوى القومي سنوات عديدة وعلى نحو اعتادت مختلف الأطراف أن تعمل حسابا لها قبل سنوات التدهور التي ظلت منذ عام 2010 وحتى انهيار حكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي وهروبه إلى روسيا وتحوله في الواقع إلى ورقة ضمن عدة أوراق في مساومة بين موسكو ودمشق.
وقد تزامنت أحداث المجازر الجماعية في الساحل السوري والتي راح ضحيتها نحو ألف مدني من الطائفة العلوية في معظمهم وهو ما أثار الكثير من الانتقادات وإلى حد مطالبة مجلس الأمن الدولي بتوفير الحماية لكل السوريين. وبينما أثارت تلك الأحداث مخاوف الطائفة العلوية التي كانت تحكم سوريا في ظل حكم عائلة الأسد (الأب والابن أي حافظ وبشار) منذ ستينيات القرن الماضي، وظهرت مخاوف حقيقية مما أثار تطلعات بعض الأطراف للتدخل في الشؤون السورية بل وإثارة احتمال تقسيم سوريا أيضا وخاصة الاستعداد للتدخل الإسرائيلي فيها بحجة العمل على حماية الطائفة العلوية والسعي إلى ضم بعض الأراضي السورية إلى إسرائيل وفرض بعض المناطق منزوعة السلاح في جنوب سوريا كذلك.
وقد أدى ذلك إلى حرص الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى إصدار إعلان دستوري جديد ومسودة دستور وإنشاء مجلس للأمن القومي في محاولة لملء الفراغ الذي ترتب على خروج بشار الأسد وحل المؤسسات السابقة بما في ذلك إعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة السورية ومحاولة إرساء هياكل ومؤسسات سياسية وتنظيمية وإدارية للعمل على تحقيق الاستقرار في ربوع سوريا ومواجهة ظهور مطالب طائفية وجهوية مختلفة ومتعارضة في أحيان كثيرة.
سوريا بوجه عام وفي ظل الحالة التي يمر بها الوضع والمجتمع السوري وحالة عدم اليقين واهتزاز الثقة من جانب المبعوث الأممي بالنسبة لسوريا ودعوته العلنية قبل أيام لتشكيل حكومة جديدة قوية ومتماسكة وتتسم بالشمول، حدث وخلال أيام ما يمكن تسميته بالقنبلة الدرزية يوم الجمعة الماضي وذلك بقيام وفد درزي كبير من نحو مائة شخصية درزية بالتوجه إلى زيارة الجولان في إسرائيل في تطور لن يتوقف على الأرجح عند هذا الحد، خاصة بعد أن دعت بعض الشخصيات إلى تأجيل الزيارة خاصة وأنه لا توجد الآن علاقات بين سوريا وإسرائيل فضلا عن مهاجمة وزير خارجية إسرائيل للوضع الجديد في سوريا بشكل حاد وبالغ الإساءة. وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها، أولا: أنه بالنظر إلى أن هذه الزيارة غير مسبوقة في العلاقات بين سوريا وإسرائيل، ومن ثم يتجه التفكير سريعا ومباشرة إلى موضوع التطبيع بين إسرائيل وسوريا خاصة في ظل الجدل حول التطبيع بين بعض الدول العربية الأخرى، وبين إسرائيل وما تقوم به واشنطن وأطراف أخرى من دور مساعد في هذا المجال. وليس مصادفة أن تحرص الأطراف المعنية على الأقل في هذه المرحلة على عدم إضفاء طابع سياسي ظاهر على هذه الزيارة بل على العكس ركزت الأطراف الدرزية على الطابع الديني للزيارة في حين وصفها رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل «موفق طريف» بأنها «زيارة تاريخية» وأنشد الدروز الإسرائيليون أنشودة «طلع البدر علينا» عند وصول الدروز السوريين يوم الجمعة إلى بلدة مجدل شمس في الجولان احتفاء بوصول الوفد السوري الكبير «حوالي مائة شخص» وقد توجه الوفد إلى مرقد النبي شعيب في بلدة «جولس» بالقرب من طبريا كما جرى لقاء بين الوفد و«موفق طريف» في منزله وتجدر الإشارة إلى أن صاحب الدعوة هو موفق طريف ومع أن الأمر يحتاج إلى التعرف على من يقف وراءها خاصة في ظل الاهتمام بشكل أو بآخر بالدروز الإسرائيليين بشكل متزايد وهو ما أشار إليه وزير الدفاع الإسرائيلي قبل أيام حيث تحدث عن الدروز وحمايتهم، والدخول من خلالهم بالطبع إلى الوضع في سوريا بما يخدم مصالح إسرائيل وقال كاتس: إنه سيسمح للعمال الدروز القادمين من سوريا «بدخول اسرائيل». جدير بالذكر أن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز السوريين الشيخ «يوسف جربوع» دعا إلى تأجيل الزيارة خشية من استخدامها لخدمة أغراض سياسية في حين أنها ذات أهداف دينية وقال: إن تصريحات نتنياهو التي حرص فيها أن يظهر الدروز بمظهر المطبعين مع إسرائيل «غير صحيحة» على حد قوله، وأكد أيضا أن الدروز متمسكون بهويتهم السورية، وقال: نحن قادرون على حماية أنفسنا بأنفسنا ولا يوجد خطر محدق يهدد الطائفة الدرزية يتطلب منا طلب الحماية من أي جهة.
ثانيًا، إنه في ظل الجدل حول التطبيع بين السعودية وإسرائيل وتمسك الرياض بما أعلنته من شروط بالنسبة لحل الدولتين، فإن زيارة الوفد السوري ما كانت لتتم على هذا الحجم الكبير دون أن تكون دمشق على علم بها وعلى الأرجح برضا من جانبها بشكل أو بآخر عنها، بدون إعلان ذلك حتى تتضح كل الجوانب ذات الصلة بالزيارة، وعلى أي حال فإنه يمكن القول بأن الزيارة الدرزية يمكن أن تكون محركا للجهود الأمريكية حول التطبيع بين السعودية وتل أبيب وهي نشيطة مؤخرا خاصة إن ترامب أعلن أنه سيزور السعودية ولن تكون تلك الزيارة القادمة مقتصرة على إعلان وقف الحرب الروسية الأوكرانية إذا حدثت؛ لأن العلاقات السعودية الأمريكية تتسع في الواقع لمجالات عديدة ومتنوعة.
ومع محدودية قيمة الدروز مقارنة بالطبع مع وزن السعودية وحجمها وقيمتها إلا أن الأمر هو بمثابة تحريك عناصر مختلفة في محاولة للاستفادة منها بدون أية مقارنات في هذا المجال بالطبع لاعتبارات مختلفة ومتعددة . خاصة مع احتمال إسرائيل بفتح مجال للتعامل مع الأقليات العربية العديدة والمتنوعة وكثيرة الخلافات فيما بينها أيضا وهو أمر موضع دراسات متخصصة على المستوى السياسي والاجتماعي منذ سنوات. كما أن الطائفة الدرزية لها علاقات عميقة مع حكومة وجيش إسرائيل والجنود الدروز هم من أكثر جنود الجيش الإسرائيلي عداء للجنود العرب بوجه عام ويوجد نحو 24 ألفًا من الدروز في الجولان.
ثالثًا، إن قفزة الدروز السوريين ليست بالتأكيد قفزة في المجهول ولكنها خطوة مدروسة جيدا على الأرجح وخاصة من جانب إسرائيل وسوف تأخذ وقتها حتى تنضج عمليا لأنها ستكون أحد المداخل بشكل ما والتي يمكن أن تشكل مدخلا لعلاقات أوسع مع إسرائيل خاصة إذا دعمت الحكومة السورية ذلك بالرجوع إلى الأدبيات الدينية بطريقة تخدمها دينيا وسياسيا أيضا وبما يخدم كذلك التوجه الإسرائيلي ويتماشى في الوقت ذاته مع التوجهات المنفتحة دينيا وسياسيا على المستويات المختلفة.
وإذا كان من الممكن تفهم ما يحتاجه هذا الأمر بشكل أو بآخر من وقت وجهد إلا أن الأدبيات الدينية تعد جاهزة في ضوء المرحلة القادمة والتي تشهد فيها سوريا وعدة دول في المنطقة تغيرات عديدة تؤثر في الواقع على الكثير من التوجهات والعلاقات والتعاون بين دول المنطقة بشكل قد يتجاوز الكثير من الافتراضات السابقة مع الوضع في الاعتبار الحساسيات والتحفظات التي ستنتهي بالضرورة إذا تمكنت دول المنطقة من بناء السلام العادل والدائم والقائم على الاعتراف بحقوق كل شعوب ودول المنطقة في السلام والأمن والاستقرار والمساواة لتعيش الأجيال بما يمكنها من بناء حياتها وفق ما ترغب وتتمنى.