صادفت يوم الاثنين في 5 آب الذكرى السنوية الـ80 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وروسيا الاتحادية. يعود تاريخ هذه العلاقات إلى زمن بعيد، فمنذ عهد القيصر إيفان الرابع تقرر تقديم مساعدات سخية لبطريركية أنطاكية الأرثوذكسية وتخصيص مبالغ من الخزينة لتغطية احتياجات مسيحيي الشرق.

في عام 1773عند نهاية الحرب الروسية التركية تم إنزال قوات بحرية ومعها مدفعية في ميناء القديس جيورجيوس وذلك لمساندة انتفاضة الأهالي ضد الباشا.

وبعد مرور شهرين استسلم الترك وعلى إثر ذلك رفرفت «راية أندرييف» وهي راية القوات البحرية الروسية فوق بيروت. وعلى شرف هذه الحادثة سميت إحدى ساحات بيروت بساحة المدفعية.

في العام 1839افتتحت في بيروت أول قنصلية روسية ترأسها قسطنطين بازيلي وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نشطت بعثات الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية. في عام 1910 افتتح على الأراضي اللبنانية والفلسطينية والسورية أكثر من 100 مدرسة ومعهدان للتربية ومدرسة مهنية، إضافة إلى الملاجئ والمستشفيات والفنادق وورشات تصليح وتم تبليط الطرقات وإصدار الكتب.

كان الاتحاد السوفيتي من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال لبنان وفي 5 آب عام 1944 أقام علاقات دبلوماسية مع الجمهورية اللبنانية. فلعب الاتحاد السوفيتي دور الضامن لاستقلال لبنان فبذل الجهود من أجل انسحاب القوات الإنكليزية - الفرنسية من لبنان. واستخدم الاتحاد السوفياتي في عام 1946 لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة حق النقض دفاعاً عن استقلال لبنان واستقلال سوريا.

افتتحت السفارة السوفيتية عام 1956 في المبنى القديم الذي كانت تشغله البعثات الدينية الروسية في السابق، علماً أن تاريخ العلاقات الودية والاحترام المتبادل بين ممثلي الشعبين الروسي واللبناني، سبق تبادل المذكرات الدبلوماسية حول إقامة العلاقات الروسية اللبنانية بين الدولتين.

وبمناسبة الذكرى 80 للعلاقات اللبنانية الروسية يقول السفير الروسي الكسندر روداكوف لـ"لبنان 24": 80 عاماً هي فترة طويلة جداً من الزمن. طوال هذه الرحلة كانت علاقاتنا مع اللبنانيين مبنية على الاحترام المتبادل والاستعداد لمراعاة مصالح بعضنا البعض. وطوال تاريخها الطويل، اتسمت العلاقات الروسية اللبنانية، بالتطور التدريجي السلس. وفي عام 1944، كان الاتحاد السوفياتي، على الرغم من المعارك الضارية مع الغزاة النازيين خلال الحرب الوطنية العظمى، من أوائل الدول التي اعترفت بالجمهورية اللبنانية وأقامت علاقات دبلوماسية معها. وهكذا ساهمت بلادنا مساهمة كبيرة في الاعتراف الدولي باستقلال لبنان بعد تحرره من عبء الاستعمار الفرنسي. وبالطبع، ومن باب الإنصاف، لا بد من الإشارة إلى بعض الظروف الموضوعية عبر التاريخ، التي كان لها تأثير سلبي على ديناميكيات التعاون بين روسيا ولبنان. نحن نتحدث في المقام الأول عن سنوات الحرب الأهلية في لبنان، وكذلك الفترة التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي. ومع ذلك، نحن مقتنعون بأن إمكانات التعاون الثنائي الروسي اللبناني ما زالت بعيدة عن أن تتحقق بالكامل وأن هناك آفاق نمو جيدة. أي أنه لا يزال أمامنا كل شيء - دون أدنى شك.

في المرحلة الحالية من الشراكة الثنائية، يتواصل الحوار السياسي المكثف، يقول روداكوف، فنحن ندعمه بالتواصل دون استثناء مع قادة الفئات كافة في المجتمع اللبناني المتنوع. كما أننا نتعاون مع لبنان سواء على المستوى الثنائي أو في إطار المحافل الدولية المتعددة الأطراف.وفي تموز الماضي، وعلى هامش حَدَثٍ في الأمم المتحدة ،نظمه الجانب الروسي، حول قضايا الشرق الأوسط، جرت مفاوضات مفيدة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره اللبناني عبد الله بو حبيب. كما زار وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية روسيا في زيارة رسمية، منذ وقت ليس ببعيد. وفي العام الماضي قام وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى، بزيارتين رسميتين لموسكو. ونتيجة لذلك، تم التوقيع على برنامج غني للتعاون في مجال الثقافة بين بلدينا ويجري تنفيذه. كما أن الاتصالات بين ممثلي المجتمعات العلمية في روسيا ولبنان لا تتباطأ. وهذا يحدث حضورياً أو عبر وسائل الاتصال الحديثة.

من المؤسف الاحتفال بالذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية الروسية اللبنانية في ظل ظروف إقليمية صعبة، يقول روداكوف، والوضع في لبنان لا يزال صعباً على مستوى السياسي ولا تزال أصداء الأزمة المالية والاقتصادية التي اندلعت قبل عدة سنوات مستمرة. ونحن نأمل صادقين أن يتمكن اللبنانيون من التغلب على التحديات التي يواجهونها في المستقبل القريب جدا. وهذا يتوافق تمامًا مع نيتنا المتبادلة لمواصلة تطوير وتعميق التعاون الثنائي المتعدد الأوجه.

وفقًا للتقديرات الروسية، من المهم جداً، وفق السفير الروسي، تكثيف التعاون التجاري بين فعالياتنا الاقتصادية، في اللجنة الحكومية الروسية اللبنانية للتعاون التجاري والاقتصادي، برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام. كما أن أبواب السفارة الروسية مفتوحة دائمًا لشركاء الأعمال المحتملين من لبنان. ونحن على استعداد لدراسة أي مقترحات متبادلة المنفعة بعناية - سواء كان ذلك في مجال الاستثمار أو التجارة أو أي مجال آخر من مجالات التعاون.

ومع ذلك، يمكن القول وفق روداكوف، أن لبنان يلعب أحد أهم الأدوار في شؤون الشرق الأوسط برمته. ففي هذا البلد تنعكس بشكل عميق كل العمليات السياسية التي تجري في المنطقة، والتي يشارك فيها تقليدياً، عدد من اللاعبين من خارج المنطقة - الغربيين في المقام الأول، مع تشديده على أن روسيا، التي تلتزم بشكل صارم بمبادئ سياستها الخارجية، لا تتدخل في شؤون الدول ذات السيادة، بما في ذلك، بالطبع، الجمهورية اللبنانية. وفي الوقت نفسه، نبقى قريبين بثبات من أصدقائنا اللبنانيين. كما أننا دائما على استعداد لتقديم يد العون لهم. أما بالنسبة للتعاون في المجال الأمني، فإن هذا النوع من النشاط الدولي، وفقا للتشريع الروسي، يقع ضمن اختصاص مؤسسات الدولة في الاتحاد الروسي. وبناء على ذلك، فإن الهيئات الحكومية في الدول الأجنبية، يمكنها وحدها فقط، أن تعمل كشركاء متخصصين.

ومما لاشك فيه أن التوازنات الإقليمية الجديدة ربطاً بدور المتصاعد لحزب الله في المنطقة منذ مشاركته إلى جانب الجيش السوري في الحرب ضد المجموعات الارهابية، كانت محل اهتمام روسي، وتظهر ذلك خلال استقبال موسكو لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في العام 2011 وفي العام 2021، فضلا عن استقبالها مرات عدة عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض في سياق تعزيز العلاقات وتبادل وجهات النظر السياسية والتي تلعب الدبلوماسية الروسية في لبنان دوراً أساسياً في تكريسها . وفي السياق يقول روداكوف: نحن نعتبر حزب الله حركة وطنية لبنانية، وهو حزب سياسي يتمتع تقليديا بتمثيل واسع في مؤسسات الدولة، بما في ذلك البرلمان والحكومة. ونحن نؤيد عدم جواز تهميش حزب الله بأي شكل من الأشكال. انطلاقاً من هذا المبدأ، فإننا نتعامل مع ممثليه على قدم المساواة، كما مع جميع القوى السياسية اللبنانية الأخرى دون استثناء.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الروسیة اللبنانیة فی العام فی عام کما أن

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الأخبارية»: الاحتلال يواصل انتهاك وقف إطلاق النار والسيادة اللبنانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

قال أحمد سنجاب مراسل قناة «القاهرة الأخبارية» إن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ سلسة من الهجمات طوال الساعات الماضية، منذ الساعات الأولى من اليوم الجمعة، و تحديدًا في بلدة كفر كلا، مما أحدث انفجارات كبيرة وسمع دوى هذه الانفجارات في مناطق متفرقة في الجنوب اللبناني، ضمن سلسلة من العمليات التي نفذها الاحتلال في البلدات التي لا يزال له وجوود بري فيها، خاصة البلدات الحدودية التي دخلها جيش الاحتلال خلال العدوان الواسع على لبنان.

وأضاف سنجاب خلال مداخلة هاتفية بقناة «القاهرة الإخبارية» أن خروقات الاحتلال لوقف إطلاق النار تتزامن مع خروقات بانتهاك السيادة اللبنانية،  وتحديدًا في الأجواء اللبنانية، حيث تحلق المسيرات الإسرائيلية بشكل كثيف في مناطق الجنوب اللبناني و العاصمة اللبنانية.

وتابع، أنّ كل هذه الأمور تجعل هناك تحديات كبيرة أمام قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والذي دخل حيز التنفيذ في 27 من شهر نوفمبر الماضي، لافتًا، إلى أنّ اللجنة الخماسية المعينة بمتابعة هذا الاتفاق عقدت اجتماعين علي مدار الأسبوعين ولكن هذه الاجتماعات لم تسفر عن عملية تسريع الاتفاق فهناك تباطؤ من قبل الجيش الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • جنبلاط: نتمنى عودة العلاقات اللبنانية السورية لطبيعتها
  • الكتائب يأمل أن تشكل تصريحات الشرع بداية لمرحلة جديدة من العلاقات اللبنانية السورية
  • عبد العاطي يتابع مع نظيره الروسي آخر مستجدات المنطقة الصناعية الروسية بـ «اقتصادية قناة السويس»
  • جنبلاط: نتمنى عودة العلاقات اللبنانية السورية لطبيعتها  
  • ياسين استقبل طائرة كويتية محمّلة بمساعدات طبية جمعتها الجالية اللبنانية
  • برلمانية: جهود مصر الدبلوماسية تجاه حل قضايا المنطقة يعزز مكانتها للاستقرار الاقليمي
  • ما الرسائل التي حملها ممثل الرئيس الروسي للجزائر؟
  • «القاهرة الأخبارية»: الاحتلال يواصل انتهاك وقف إطلاق النار والسيادة اللبنانية
  • عمار بن حميد: فخورون بإنجازات أبناء الإمارات الرياضية في المحافل الدولية
  • عمار النعيمي: فخورون بإنجازات أبناء الإمارات الرياضية في المحافل الدولية