البهرة الداودية.. فرقة دينية نشأت بالهند وانتشرت في العالم
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
البهرة الداودية قسم من طائفة البهرة التابعة للإسماعيليين، نشأت عام 999 هجرية، وعرفت بالبهرة الداودية نسبة إلى داود برهان الدين بن قطب شاه، الذي انتخبه أتباع الطائفة داعية مطلقا لهم. يؤمنون بمعتقدات خاصة بهم، ويتمحور دينهم حول الأئمة والدعاة، ويخالفون عامة المسلمين في عباداتهم. تعدّ الهند مركزهم الرئيسي ويتوزعون في دول مختلفة حول العالم وتقدر أعدادهم بمئات الآلاف.
البهرة كلمة هندية تعني "التجار" باللغة الكجراتية، وهي مشتقة من عبارة "بوه راه"، أي "الطريق السوي"، وكذلك "بهو راه" وهي الطرق الكثيرة، وتشير بعض الدراسات إلى أنها مشتقة من "بهر" وهي "الصفوف الأولى"، أو "بهراج" وهو "البصير بعواقب الأمور".
وتشير الباحثة فرح ضياء مبارك إلى أن الكلمة قد تكون ذات أصول عربية، وربما أخذت من كلمة "بهراء"، وهو اسم قبيلة تسكن نواحي المدينة المنورة واليمامة، وأكدت الباحثة أن بعض العائلات التي تسكن كجرات تدّعي "أن أصولها تعود إلى المدينة المنورة والطائف".
وتشير كلمة "البهرة" في معجم لسان العرب إلى "الأرض السهلة، وما اتسع من الأرض، وبهرة كل شيء وسطه"، ووردت "بهراء" في المعجم الوسيط بمعنى "اسم قبيلة، والنسب إليها بهراني وبهراوي".
وورد في كتاب "مجموع بلدان اليمن وقبائلها" أن بهراء "قبيلة من اليمن" يرجع نسبهم إلى "بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة" والنسبة إليهم "بهراني".
البهرة الداودية قسم من البهرة نشأت في الهند عام 999هـ (الفرنسية)وتعرف "الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" البهرة بأنهم: فرقة إسماعيلية مستعلية يعترفون بالإمام "المستعلي"، ومن بعده الإمام "الآمر"، ثم ابنه "الطيب"، ويسمون كذلك بالطيبية، وهم إسماعيلية اليمن ومن ثم الهند؛ تركوا السياسة وعملوا بالتجارة فوصلوا إلى سواحل الهند واختلط بهم الهندوس فأسلموا وعُرفوا باسم "البهرة". وتقسم البهرة إلى قسمين: بهرة سليمانية، وبهرة داودية.
البهرة الداوديةوهم قسم من البهرة عاشوا في الهند وباكستان، وسموا بالداودية نسبة إلى داود برهان الدين بن قطب شاه.
تاريخ البهرة الداوديةبعد أن وصلت الإسماعيلية إلى الهند وبدؤوا بالانتشار فيها، كانت الرئاسة الدينية للفرقة لا تزال في اليمن، لكن عام 999هـ توفي "الداعي المطلق" الـ26 في سلسلة دعاة الحركة؛ حينها انتخب بهرة ولاية غوجارات "داود برهان الدين بن قطب شاه" رئيسا للفرقة، وأصبح "الداعي المطلق" الـ27 للمستعلية، وأطلق على أتباعه اسم "الداودية".
وبقيت رئاسة البهرة الداودية في الهند، واستأثر بها أتباع الطائفة فيها، وورّثوها لأبنائهم.
أعدادهميقدّر بعض الباحثين أعداد البهرة الداودية بنحو 300 ألف نسمة، منهم 200 ألف في الهند والبقية منتشرون حول العالم، وفق ما نشر في عدة كتب.
أتباع الطائفة يقصدون الإمام والدعاة للتبرك بهم ويسجدون لهم (الفرنسية) أماكن انتشارهميتوزع البهرة الداودية حول العالم في عدد من الدول، وهي:
شبه القارة الهندية: وهي أكثر المناطق التي ينتشر بها البهرة الداودية، ويكثر وجودهم في دولة الهند، إذ يسكنون نحو 500 مدينة وقرية؛ إلا أن تمركزهم الأكبر في مومباي وغوجارات، كما تسكن أعداد منهم في باكستان وبنغلاديش. اليمن: يسكن عدد من البهرة الداودية في مدن عدة في اليمن، ويتمركزون في مدينة حراز الواقعة على بُعد 110 كيلومترات غرب صنعاء، وكذلك يسكن عدد منهم في حسن طيبة وبني مكرم وبني مونس شمال العاصمة، ولهم وجود ملحوظ في صنعاء وعدن والحديدة وتعز وجبلة وزبيد وحوث وغيرها. مصر: يتمركز البهرة الداودية في العاصمة المصرية القاهرة على وجه التحديد، ويتوزعون فيها بأحياء: الحسين والجمالية والمهندسين، وبعضهم في منطقة جامع الحاكم بأمر الله، كما يسكن أحد سلاطينهم في مصر بمنطقة الدقي ويلتقي أتباعه هناك، وقد بدأ البهرة الداودية بالانتقال إلى مصر عام 1915م. دول الخليج: ينتشر عدد من البهرة في دول الخليج، وخاصة الكويت والبحرين، ولهم نشاط تجاري في أسواق الذهب بالإمارات العربية المتحدة، وتتراوح أعدادهم في تلك المناطق بين المئات والآلاف. سوريا والعراق: توجد قلة قليلة من البهرة الداودية في سوريا والعراق ولهم أماكن تجمع خاصة. الدول الأفريقية: ينتشر قسم من البهرة الداودية في تنزانيا ومدغشقر وكينيا ويقدر عددهم هناك بعدة آلاف. بقية دول العالم: تذكر بعض المصادر انتشار البهرة الداودية في دول مختلفة عبر بقية العالم كبريطانيا وسيلان وغيرهما، وذلك بسبب المهنة التي يزاولونها والتي تستدعي الانتشار في البلدان التجارية. البهرة الداودية يعتقدون أن النبوة مكتسبة ويمكن لأي مدع الوصول إليها إذا تحلى بخصال وضعوها شروطا للنبوة (الفرنسية) عقيدتهمتتشابه عقيدة البهرة الداودية مع عقيدة الإسماعيلية نظرا لأنها امتداد لها، ومن أهم الأمور التي يؤمنون بها:
عقيدتهم في الإلهتبنى عقيدتهم عن الإله على مبدأ "التنزيه والتجريد"، أي أنه مجرد عن كل حقيقة وكل وصف، ووصفوه في كتبهم بأنه "لا هو موجود ولا لا موجود ولا عالم ولا جاهل ولا عاجز ولا قادر".
عقيدتهم في النبوةيؤمنون أن النبوة مرت بـ6 أدوار عظمى، وهي أدوار آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، ويؤمنون أن الدور السابع بدأ بظهور محمد بن إسماعيل، الذي يسمونه الناطق السابع. ويعتقدون أنه "خاتم الرسل"، وأنه أتى بنسخ الشرائع كلها.
كما أنهم يعتقدون أن النبوة مكتسبة ويمكن لأي مدّع لها الوصول إليها إذا جاهد نفسه وتحلى بالخصال التي وضعوها شروطا للنبوة، كما أنهم ينكرون معجزات الأنبياء.
عقيدتهم في الإمامةيشرك أتباع الطائفة أولياءهم ودعاتهم بالعبادة مع الله فيسجدون لهم، ويتبركون بهم ويقصدون الإمام أو "الدعاة المطلقين" بعبادتهم. ويرون أن رتبة الإمام أعظم قدرا من رتبة النبوة.
دين الداودية يدور حول أئمتهم والولاء المطلق لهم ويؤمنون أن أئمتهم معصومون عن الخطأ (الفرنسية)والإمامة عندهم هي الركن الأعظم من أركان الدين، وهي المحور التي ترتكز عليه معتقداتهم. فلا بد عندهم من وجود إمام معصوم منصوص عليه من نسل علي بن أبي طالب ظاهرا أو مستورا يرجع إليه في التأويل وحل الإشكالات.
كما زعموا أن خلق الأئمة عندهم لا يشبه خلق البشر وأنهم مخلوقون من نور الله ومعصومون عن الخطأ ويعلمون الغيب.
ويدور دينهم حول تركيز الولاء المطلق للإمام صاحب الزمان، ويؤولون العبادات بما يتناسب مع هذه العقيدة، فيتوجهون في صلاتهم إلى قبر الداعي الـ51 "طاهر سيف الدين" في مدينة مومباي بالهند، ويحجون هناك أيضا.
عقيدتهم في الآخرةلا يؤمن أتباع البهرة الداودية بالبعث الجسماني في الآخرة، بل يؤمنون أن الإنسان بعد موته يتحول إلى تراب وتتنقل روحه إلى الملأ الأعلى فإن كان مؤمنا بالإمام فيحشر مع الصالحين، وإن كان عاصيا حشر مع الأبالسة والشياطين أعداء الإمام.
عقيدتهم في الصحابةيعتقد البهرة الدادوية أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، رضي الله عنهم، أخذوا الخلافة من علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، كما أنهم يشتمون الصحابة ويكفرونهم.
البهرة الداوديون يصلون 3 مرات باليوم في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم فقط (الفرنسية) شعائرهم الدينيةيؤدي أتباع البهرة الداودية شعائرهم الدينية بطريقتهم وفق التالي:
الصلاةيصلي البهرة الداوديون 3 مرات باليوم في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم فقط، ولهم مكان مخصص للعبادة يسمونه بـ"الجامع خانة"، وتكون قبلتهم إلى قبر "طاهر سيف الدين"، ومن لا يذهب إلى مكان العبادة في هذه الأيام يطرد من الطائفة ويفرض عليه الحرمان.
ويصلون ركعتين عند غروب شمس يوم 18 ذي الحجة، ولا يصلون الجمعة، ويصلون العيد قبل عامة المسلمين بيوم أو يومين، ويجب على كل فرد منهم شراء تذكرة خاصة بصلاة العيد من المكتب الخاص للداعي المطلق، وتختلف قيمة التذكرة بحسب القرب والبعد عن الداعي المطلق.
الزكاةكل من يتبع دين البهرة الداودية عليه أن يدفع مبلغ 20% من كسبه الشهري لعامل الداعي المطلق الموجود في بلده، وتشمل هذه الزكاة كل ما يدخل الفرد عينا أو نقدا، وهي ما تسمى عندهم بـ"الخمس للإمام".
إضافة إلى ضريبة سنوية تفرض على أتباع الطائفة، وضريبة الدخول إلى أماكن العبادة، وضريبة الحج والسفر وضريبة التبرك بالأضرحة وضريبة السلام على الداعي، وضريبة حضور مجالس الحسينيات وضريبة دفن الموتى والضرائب الاجتماعية المتعلقة بالزواج والحمل والولادة وغيرها، ومن يتخلف عن دفع الضرائب يعاقب بالنفي والحرمان.
البهرة الداوديون لا يدفنون موتاهم في مقابر المسلمين، ويشيعونهم بالغناء (الفرنسية) الصوميصوم البهرة الداوديون في شهر رمضان إلا أنهم يخالفون عامة المسلمين في بدء الشهر ونهايته.
الحجيحج أتباع الطائفة إلى مكة المكرمة مع المسلمين ويخالفونهم في وقفة عرفات والمبيت في مزدلفة، كما يحجون إلى مزاراتهم الخاصة وهي:
قبر طاهر سيف الدين في الهند ويطوفون حول ضريحه في أيام 19 و20 و21 من رجب. مزار الداعي حاتم بن إبراهيم الحامدي في قرية الحطيب في مديرية حراز باليمن. ضريح حسن بن نوح في اليمن. ضريح الملكة أروى في اليمن. ضريح هاشم بن عبد مناف في فلسطين.ويشاركون عموم الشيعة في الحج إلى ضريح علي بن أبي طالب في النجف وضريح الحسين بن علي في كربلاء وضريح السيدة زينب في مصر.
طقوس خاصة بالموتىللبهرة الداوديين طقوس خاصة بشأن موتاهم منها: أنهم لا يدفنون جثة الميت إلا بعد استئذان الداعي أو نائبه، ويشيعون موتاهم بالغناء، ولا يدفنونهم في مقابر المسلمين.
وعند وضع الجثة في القبر يوجهونها إلى بيت المقدس ويربطون صك الغفران في إبط الذراع اليسرى للميت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات من البهرة فی الیمن فی الهند قسم من فی دول عدد من
إقرأ أيضاً:
منصة دولية: هل يحمل اليمن الحل المناخي المتمثل في القهوة كأجودها بالعالم؟ (ترجمة خاصة)
"في عالم التكنولوجيا، يقال إن الذكاء الاصطناعي يحمل مفتاح المستقبل، في حين تقود السيارات الكهربائية الفصل التالي لصناعة السيارات. وفي عالم القهوة، يعتقد البعض أن مستقبل السلعة يمكن أن نلقي نظرة عليه من خلال النظر إلى حقول اليمن" هكذا بدأت منصة " Global Coffee Report"، المتخصصة بالقهوة العالمية تقريرها عن مناخ اليمن وجودة البن فيه.
وقال مركز "القهوة العالمي" في تقريره الذي تردمه للعربية "الموقع بوست" إن إنتاج القهوة في اليمن يكتنفه الغموض. فكيف يمكن لواحدة من أكثر البيئات جفافاً على هذا الكوكب، والتي تتميز بالتحولات بين الحرارة الشديدة والبرودة، وواحدة من أدنى معدلات هطول الأمطار السنوية على مستوى العالم، أن تحتوي على أشجار قهوة لا تنجو فحسب بل وتزدهر؟
وأفاد التقرير أن القهوة عادة تحتاج إلى 1000 مليمتر من الأمطار سنويًا لتنمو. وتتلقى مناطق القهوة في اليمن، في المتوسط، 200 إلى 350 مليمترًا من الأمطار سنويًا. ومع ذلك، تنمو القهوة.
وأضاف "قد يبدو من المبتذل أن موطن زراعة القهوة قد يحمل الإجابات على محنة النبات، لكن أحد الشخصيات الرئيسية التي تربطها علاقات عميقة باليمن يقول إنه على الرغم من أن البلاد ومزارعيها كانوا روادًا في زراعة القهوة لقرون، إلا أنه تم تجاهلها باعتبارها لاعباً مركزياً في تشكيل الصناعة العالمية.
وبحسب فارس شيباني، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة Qima Coffee التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، فإن فك شفرة القصة الجينية وراء أشجار البن اليمنية والاحتفاء بممارسات الزراعة المحلية قد يكون بمثابة دليل على إنتاج البن الدولي في المستقبل.
ويقول شيباني: "كانت اليمن أول دولة تسوق البن تجارياً منذ 700 عام. وكانت أول دولة تعالج البن وتبيعه، وكانت هي التي ولدت ثقافة "مشروب القهوة"، مما جعلها رائدة في تجارة البن".
وأضاف "إذا انتقلنا إلى الوقت الحاضر، فإن اليمن، في رأيي، لا تزال رائدة".
بعد أن رأى الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها أشجار البن اليمنية، أسس شيباني شركة Qima Coffee في عام 2016، وهي شركة تدير سلسلة القيمة من المزرعة إلى المقهى.
ويقول: "لقد انجذبت إلى جمال العلاقة بين اليمن وتاريخها في مجال القهوة، ومع ذلك، أدركت أيضًا أن البن اليمني لم يتم تصديره إلى الأسواق الدولية المتميزة على الإطلاق، على الرغم من تراثه الغني وإمكاناته".
ويضيف أن تحديات جلب السلعة إلى السوق الدولية كانت كبيرة. فبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي الذي يجعل من الصعب تنمية الصناعة - ناهيك عن صناعة معقدة مثل القهوة - كانت هناك تحديات لوجستية كبيرة حيث أن اليمن لديها بنية تحتية محدودة.
ويقول شيباني: "الطرق سيئة، وقد يستغرق السفر لمسافة 100 كيلومتر فقط من ست إلى ثماني ساعات. وهذا جعل من الصعب للغاية نقل القهوة من المزارع إلى الأسواق".
بالإضافة إلى ذلك، يقول إن سلسلة توريد البن اليمني، على الرغم من عمرها الذي يمتد لقرون، كانت تعاني من مشاكل الشفافية والجودة. أحب مشتري القهوة، وخاصة المشترين الدوليين، فكرة البن اليمني لكنهم غالبًا ما أعربوا عن مخاوفهم بشأن إمكانية التتبع. ولم يتمكنوا من تتبع مصدر القهوة وكانت الجودة غير متسقة، وهو ما كان يشكل عائقًا أمام الاعتراف بقهوة اليمن في السوق العالمية.
كان النظام الحالي معيبًا بممارسات المعالجة الرديئة، والاختلاط بالقهوة من مناطق أخرى، بما في ذلك الواردات غير القانونية من القهوة الإثيوبية التي تم تصنيفها بعد ذلك بشكل خاطئ على أنها قهوة يمنية، والافتقار إلى مراقبة الجودة. ويقول شيباني إن الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا هي البدء من جديد.
ويتابع: "لقد بدأنا بالعمل مباشرة مع المزارعين عند بوابة المزرعة. وركزنا على ضمان قطف أفضل الكرز فقط وإبقائه منفصلاً عن منتجات المزارع المجاورة".
"ومن هناك، تمكنا من إدارة كل خطوة من سلسلة القيمة بأنفسنا: من الإشراف على الحصاد إلى المعالجة والتجفيف وفي النهاية تصدير القهوة. وقد تطلب هذا استثمارًا كبيرًا - كان علينا بناء البنية التحتية الخاصة بنا، بما في ذلك محطات التجفيف والمطاحن ومراكز جمع الكرز".
كما ركزت Qima Coffee على تثقيف المزارعين حول معايير معالجة ما بعد الحصاد للقهوة المتخصصة، حيث كانوا بالفعل مزارعين خبراء لكنهم يفتقرون إلى المعرفة في معالجة القهوة المتخصصة. وكان الهدف هو ضمان أن تفي كل خطوة، من المزرعة إلى التصدير، بمعايير الجودة العالية مع إمكانية التتبع الكامل والشفافية.
ووفقًا لشيباني، كان هذا أمرًا ضروريًا لمشاركة إمكاناته مع بقية العالم.
حل مستدام
مع تهديد المخاوف المناخية للمزارع في جميع أنحاء العالم، أصبحت الأصناف الجينية أكثر أهمية. وبسبب التنوع الجيني المنخفض، فإن ما لا يقل عن 60 في المائة من أنواع البن العربي البري مهددة بالانقراض بسبب الضغوط المناخية.
يقول شيباني: "يعتبر اليمن أحد أكثر مناطق زراعة البن تنوعًا وراثيًا على هذا الكوكب. إنه نظام بيئي". "إنه مثل عالم مصغر للأصناف المزروعة في العالم في بلد واحد - فهو يحمل كل التنوع الجيني في العالم".
وإدراكًا لأهمية رسم خريطة لهذا التنوع الجيني، تعاون شيباني وQima Coffee مع الدكتور كريستوف مونتانيون، مؤسس ورئيس تنفيذي لشركة RD2 Vision والرئيس العلمي السابق لمؤسسة World Coffee Research، لتحديد الملف الجيني لأشجار البن اليمنية.
يقول شيباني: "على مدى السنوات الخمس الماضية، أجرينا أبحاثًا وتطويرًا مكثفًا، ونشرنا أوراقًا مع العديد من المنظمات". "لقد تم نشر عملنا في مجلات علمية محترمة، ليس فقط لمشاركة نتائجنا ولكن لأننا نعتقد أن المعرفة التي اكتسبناها قيمة لمجتمع القهوة العالمي."
في عام 2021، أجرى شيباني والدكتور مونتاجنون دراسة لتفصيل التنوع الجيني لقهوة أرابيكا في اليمن، والتي يقول إنها لم تُجرَ من قبل. وكجزء من الدراسة، تمت دراسة 137 عينة من قهوة أرابيكا من ثلاث مجموعات: العينات الإثيوبية، والأصناف العالمية، ومجموعات تربية قهوة يمنية. حدد فريق البحث مجموعة فريدة من نوعها في اليمن.
أطلق الفريق على هذه المجموعة اسم اليمن الجديد أو اليمنية، وهي مجموعة أم جديدة ضمن أنواع قهوة أرابيكا الموجودة حصريًا في اليمن وتمثل إمكانات وراثية غير مستغلة. وهي الآن تنضم إلى مجموعات أمهات أخرى بما في ذلك العينات الإثيوبية Typica وBourbon وSL-34 وSL-17.
يقول شيباني: "هناك الكثير من التنوع في المواد الوراثية في اليمن والتي يمكن استخدامها في نهاية المطاف لصالح 12.5 مليون مزرعة لزراعة البن في العالم". "يمكن استخدامها لصالح المزارعين الآخرين الذين يواجهون انقراض المحاصيل بسبب الضغوط المناخية".
ونظرًا لأن هذا التنوع الجيني في اليمن أصبح الآن معترفًا به عالميًا، يقول شيباني إن الخطوة التالية هي التعمق في فهم هذه الأصناف المحلية وفحص سماتها وخصائصها.
"بمجرد تحديد صنف يتميز بتنوع وراثي كبير، نحتاج إلى تقييم أدائه. ويشمل ذلك عوامل مثل الجودة، والمرونة المناخية، ومقاومة الآفات، وتحمل الأمراض"، كما يقول. "هذه الخصائص بالغة الأهمية، لأنها يمكن أن تقدم رؤى قيمة ليس فقط للمزارعين اليمنيين ولكن للمزارعين في جميع أنحاء العالم".
وخلص الموقع المتخصص بالقهوة العالمية إلى القول "بمجرد تحديد خصائص هذه الأصناف الأصلية، ستشمل المرحلة التالية تطبيق هذه المعرفة لصالح مجتمع المزارعين العالمي، والذي يمكن القيام به من خلال مبادرات بحثية مثل برامج التربية التي تركز على المناخ. تتطلب هذه الأنواع من المبادرات مشاركة الحكومة اليمنية، ويأمل شيباني أن يرى الصناعة الأوسع تركز المزيد من الموارد نحو فهم أصناف البن.
بصرف النظر عن النظام البيئي الفريد الذي يشكل البن اليمني، يقترح شيباني أن مزارعي البن في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتعلموا الكثير من ممارسات الزراعة التقليدية للمزارعين اليمنيين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمكافحة الضغوط المتزايدة للإجهاد المناخي.
"لقد كانوا يزرعون البن في مثل هذه البيئة القاسية لأكثر من 600 عام ونجحوا في القيام بذلك؛ "هناك الكثير مما يمكن تعلمه من ممارسات المزرعة التقليدية"، كما يقول شيباني.
على سبيل المثال، في بيئة اليمن القاسية التي تعاني من ندرة المياه، يجب أن تكون نباتات البن قادرة على الوصول إلى طبقات أعمق من التربة حيث قد تكون الرطوبة أكثر استقرارًا وتوافرًا، خاصة خلال فترات الجفاف. من خلال زراعة أشجار البن على عمق أكبر، يضمن المزارعون أن النباتات يمكنها الوصول إلى المياه من مصادر أعمق، مما يسمح لها بتحمل فترات طويلة من الجفاف أو هطول الأمطار غير المنتظمة.
ومع ذلك، في المناطق ذات هطول الأمطار الأكثر ثباتًا والمناخات الأكثر اعتدالًا، مثل كولومبيا، يكون هناك ضغط أقل مباشرة على النباتات لتطوير مثل هذه الأنظمة الجذرية العميقة. ونتيجة لذلك، لا تحتاج الأشجار إلى أن تُزرع بعمق.
يقول شيباني: "على سبيل المثال، عندما يحفر المزارع حفرة لبذرة قهوة لشجرة جديدة في كولومبيا، فإنه يحفر حفرة بحجم 30 سنتيمترًا مكعبًا. في اليمن، سيكون حجمها مترًا مكعبًا".
العامل النسائي
بالإضافة إلى ممارسات الزراعة المبتكرة هذه، يسلط شيباني الضوء على الدور المهم الذي تلعبه المرأة في جميع أنحاء سلسلة قيمة القهوة في اليمن - وليس فقط في الزراعة. ويأمل أن تعترف صناعة القهوة العالمية بهذا المثال وتتبعه.
في العديد من مناطق زراعة القهوة - بما في ذلك اليمن - تلعب النساء دورًا رئيسيًا في زراعة القهوة، وغالبًا ما يتحملن المسؤولية الأساسية عن مهام مثل الري وقطف القهوة والصيانة العامة للمزرعة، حيث أظهرت الدراسات في اليمن أن النساء مسؤولات عن 60 إلى 80 في المائة من العمالة المشاركة في زراعة القهوة. ولكن عندما يتعلق الأمر بشراء وبيع القهوة، فإن الرجال عادة ما يتعاملون مع المعاملات.
هذا التفاوت بين الجنسين ليس فريدًا من نوعه في اليمن: إنه ظاهرة عالمية.
يقول شيباني: "كانت المرأة اليمنية جزءًا لا يتجزأ من زراعة القهوة لقرون. ومع ذلك، وعلى الرغم من دورها المهم، نادرًا ما يتم الاعتراف بمساهماتها أو مكافأتها، سواء تاريخيًا أو في الوقت الحاضر".
لقد أدركنا هذا الخلل واعتقدنا أنه من المهم تصحيحه. منذ عام 2019، نعمل على إشراك مجتمعات زراعة البن اليمنية وتسليط الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه المرأة في إنتاج البن. كان هدفنا إيجاد طرق للاعتراف بمساهماتهن ومكافأتها، مع احترام الحساسيات الثقافية وديناميكيات الذكور والإناث في المجتمعات المختلفة.
بعد سنوات من بناء الثقة، يقول شيباني إن قهوة قمة تمكنت من الحصول على دعم من المجتمعات - ليس فقط من النساء - ولكن من وحدة الأسرة بأكملها. كانت النتائج إيجابية، وللمرة الأولى، تم الاعتراف بالمزارعات على عملهن.
في كل عام، تستضيف قمة مزاد أفضل ما في اليمن حيث يتم بيع البن الفائز من مسابقة جودة البن في قمة بالمزاد. في عام 2024، تم إنتاج أفضل مجموعة من قبل مجموعة مزارعات.
يقول: "كانت لحظة فخر لنا وللنساء اليمنيات اللاتي كن العمود الفقري لزراعة البن لفترة طويلة. نحن متحمسون للمستقبل ونأمل أن يستمر هذا التقدير في النمو".
عالم جديد من النكهات
مع تزايد اهتمام العالم بالقهوة المتخصصة، يقول شيباني إن النكهات المميزة لليمن يمكن أن تقدم طريقًا جديدًا ومثيرًا لعشاق القهوة في كل مكان.
ويقول: "ستجد نكهات مميزة حقًا في اليمن لا يمكنك العثور عليها في أي مكان آخر".
يوصف القهوة اليمنية بأنها ذات جودة جريئة تشبه النبيذ، مع ملاحظات من الفاكهة والتوابل والظلال الزهرية التي نادرًا ما توجد في القهوة من مناطق أخرى. ويرجع هذا جزئيًا إلى أصناف القهوة التراثية التي تم زراعتها في البلاد لأجيال، والعديد منها أصلي في المنطقة ولا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر في العالم.
ويشير شيباني إلى أن ملف النكهة فريد من نوعه. تعود أصول قهوة Qima إلى كولومبيا والإكوادور، لكنه يقول إنه لا يوجد شيء مثل النكهات اليمنية.
"نحن نعمل في عدد من المنشأ الآن ولا يزال يتعين علي أن أقول إن هناك قهوة سأتذوقها في اليمن بنكهة مميزة للغاية لا يمكنني العثور عليها في أي مكان آخر"، كما يقول.
خلال ندوة تذوق القهوة، يقول شيباني إن قهوة قمة عرضت 10 أنواع مختلفة من القهوة من 10 مناطق مختلفة في اليمن. ومع ذلك، كانت ملفات النكهة متنوعة للغاية لدرجة أن الذواقين اعتقدوا أن القهوة من 10 دول مختلفة.
يقول: "هذا يوضح تنوع القهوة اليمنية". "هناك الكثير من التنوع بحيث يمكنك العثور على مجموعة كبيرة من ملفات النكهة، مثل ملاحظات الكراميل الجوزية، والقهوة الرقيقة أو الزهرية أو الفاكهية".
"تتمتع قهوة اليمن بمجموعة واسعة من ملفات النكهة بحيث توجد نكهات تناسب الذوق الأمريكي، والذوق الأوروبي، وأيضًا التفضيلات الشرق أوسطية، أو اليابانية، أو التايوانية".
من خلال جلب هذه النكهات الفريدة إلى جمهور عالمي، يعتقد شيباني أنه سيوفر الدعم المناسب للمجتمعات الزراعية المحلية ويعترف بمساهماتها التي تعود إلى قرون.
ويقول: "إذا كان هؤلاء الناس، هذه المجتمعات، قد ساعدوا في الحفاظ على المادة الوراثية للبن العربي لمدة 600 عام، فإنهم يفعلون ذلك منذ أجيال. وأعتقد أنه من العدل أن يتم مكافأتهم على ذلك الآن، وأن يعترف العالم بثقافة القهوة الفريدة في اليمن ويتفاعل معها".