هل تَعقّد مسار ترامب نحو البيت الأبيض؟
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
واشنطن- بعد مرحلة من الطمأنينة غلفت حملة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب لانتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بدأ القلق والتوتر يعرف طريقه إليه وإلى مستشاريه مع إدراك الجانب الجمهوري صعوبة السباق الانتخابي بعد انسحاب الرئيس جو بايدن قبل أكثر من أسبوعين.
واستمتع ترامب بحالة اتحاد وزخم وحماس نادرة بين قواعد حزبه بعد نجاته من محاولة الاغتيال في ولاية بنسلفانيا، وما أعقبها من توهجه خلال مؤتمر الحزب في ولاية ويسكونسن، كما ظهر في استطلاعات الرأي وفي حجم تدفقات حملته المالية.
إلا أن الصورة تغيرت وانتقل الزخم للجانب الديمقراطي ولحملة مرشحته كامالا هاريس منذ إعلان انسحاب بايدن، والتي دعمها اختيارها لتيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا، نائبا لها على بطاقة الحزب الديمقراطي.
أسباب القلقوفي محاولة لمواجهة حماس الديمقراطيين، عقد ترامب مؤتمرا صحفيا في منتجع مارا لاغو بولاية فلوريدا، أمس الخميس، ولم تظهر علامات السعادة عليه، ولم يَبد أنه نجح في وقف أو إبطاء هذه الحالة وسط الدوائر الديمقراطية. وحاول استعادة الزخم في وقت يدرك فيه أن زخم هاريس قد يزداد عقب عقد مؤتمر حزبها القومي من 19 إلى 22 من الشهر الجاري في شيكاغو بولاية إلينوي.
وليس من المعتاد أن يشعر ترامب بالاضطرار إلى التنافس من أجل خطف الأضواء، خاصة في وسط الحملات الانتخابية. لكن التغيير على الجانب الديمقراطي كان دراماتيكيا وجديرا بالتغطية الإخبارية ودفعه بعيدا عن أضواء الإعلام والاهتمام، وهو ما لم يعتد عليه ترامب الذي صُدم لكون غالبية التغطية الإعلامية لهاريس جاءت إيجابية.
ينصح مارك لوتر، الخبير الإستراتيجي الجمهوري، ترامب بالعمل على استعادة الانتباه من خلال التركيز على مواقف هاريس "المهزوزة" تجاه الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية، بدلا من تكرار مقولاته التي يصف فيها منافسته بأنها "متطرفة وليبرالية واشتراكية.
يتطلع ترامب إلى المناظرات الرئاسية كوسيلة لإعادة تثبيت نفسه كمرشح قادر على الظفر بالبيت الأبيض. وأعلن أنه وافق على المشاركة في مناظرة تديرها شبكة "إيه بي سي" يوم العاشر من سبتمبر/أيلول المقبل، ووافقت عليها هاريس كذلك.
وقال المرشح الجمهوري -أيضا- إنه يرغب في إجراء مناظرتين أخريين، ويعكس ذلك ثقته في مخرجاتها بعد أدائه الجيد أمام بايدن في مناظرة يونيو/حزيران الماضي.
إستراتيجية الجمهوريينكما يتبنى ترامب وفريقه إستراتيجية ثلاثية للهجوم على هاريس تقوم على أساس ربطها بسجل إدارة بايدن السيئ اقتصاديا كما تظهره نسب التضخم، والتي سيشعر بها أغلب الأميركيين، إضافة إلى فشلها في مواجهة قضية الهجرة غير النظامية في الولايات المتحدة، وربطها بفشل إدارة بايدن خارجيا مثلما ظهر في الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، وحرب روسيا على أوكرانيا، وعملية "طوفان الأقصى" كمظهر من مظاهر ضعف الإدارة الأميركية.
ويدعي ترامب أنه لم يغير هذه الإستراتيجية إثر خروج بايدن من السباق. وقال إن هاريس تتبنى "السياسات نفسها؛ حدود مفتوحة، ضعيفة في مكافحة الجريمة. أعتقد أنها أسوأ من بايدن".
هاريس والهجوم الترامبي
تُركز حملة هاريس الرئاسية على استغلال حالة الزخم الحالية لجمع المزيد من الأموال، وأفادت بأنها جمعت 36 مليون دولار في 24 ساعة بعد أن أعلنت تيم والز نائبا لها، و310 ملايين دولار في يوليو/تموز الماضي، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي قال ترامب إنه جمعه خلال الشهر نفسه.
في الوقت الحالي، تتمتع هاريس باهتمام وسائل الإعلام، وترغب في أن تكون هي محور التغطية الإعلامية ومصدر الحماس للقواعد الديمقراطية. ويرجَّح أن يزيد الزخم أثناء مؤتمر حزبها المنتظر. لكن الكل يدرك أنه بعد ذلك بأيام، لن تكون هاريس محل الاهتمام الحالي.
وتعول هاريس على انعكاس زخم الاهتمام بها حاليا وبحملتها الانتخابية على استطلاعات الرأي الإيجابية. وحققت تقدما بفارق 4% على ترامب بين الناخبين الأميركيين وفقا لاستطلاع أجرته كلية ماركيت للقانون.
وشمل الاستطلاع، الذي أُجري في الفترة من 24 يوليو/تموز الماضي إلى الأول من أغسطس/آب الحالي، 879 ناخبا مسجلا من جميع أنحاء البلاد. ووجد أن هاريس وسّعت تقدمها بين الناخبين المحتملين، حيث تخلف ترامب 6 نقاط ليسجل 47% مقابل 53% لهاريس.
سيناريوهات متوقعةمن جانب آخر، تترك تحركات ترامب حملة هاريس راضية عما يتفوه به من مقولات تنفّر منه الكثير من الأميركيين المستقلين، فمثلا، قال ترامب، أمس الخميس، إن "الأميركيين لديهم الملايين من القتلى، وأشخاص يموتون ماليا لأنهم لا يستطيعون شراء اللحم الرخيص، ولا يمكنهم شراء الطعام والبقالة، ولا فعل أي شيء".
قبل 3 أشهر من إجراء الانتخابات الرئاسية، وفي ظل استمرار حالة الاستقطاب، يرى أغلب المعلقين أن الأميركيين أمام انتخابات متقاربة للغاية بين مرشحين غير تقليديين، رئيس سابق يخوض السباق للمرة الثالثة، وسيدة وصلت لبطاقة الحزب الديمقراطي بعد تطورات مثيرة انتهت بانسحاب الرئيس بايدن.
في حديث للجزيرة نت، قالت كانديس توريتو، مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية بجامعة ولاية ماريلاند، إن حالة الزخم قد تؤدي إلى تغيير مزاج الناخبين المستقلين، ليس فقط بسبب وجود امرأة ملونة (سوداء) على البطاقة الديمقراطية، أو لأن هاريس ملهمة بشكل خاص في شخصها أو ما يمثله سجلها السياسي، ولكن -ببساطة- لأن انتخابات 2024 لم تعد خيارا بين مرشحين غير محبوبين.
وتختم توريتو "علينا فقط أن نرى إلى متى يمكن لهاريس الحفاظ على هذه الموجة والزخم الديمقراطي، وألا تورط نفسها فيما يجعل الناخبين يكرهون خياراتهم مرة أخرى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
زعيم الشيوعيين الأميركيين.. ترامب يروّج لأفكار استعمارية وخطيرة
في حوار مع الجزيرة نت، شنّ جو سيمز، الزعيم الوطني للحزب الشيوعي الأميركي، هجوما حادا على عدد من السياسات والمفاهيم السائدة في الساحة الأميركية، محذرا من تصاعد النزعات القومية المتطرفة، ومشددا على أن انتقاد إسرائيل لا يمكن مساواته بمعاداة السامية.
ووصف سيمز اعتبار أي انتقاد لسياسات إسرائيل "معاداة لليهود" بأنه "هراء مطلق"، معربا عن أسفه للاضطرار لاستخدام هذه المفردة، لكنه أكد أن المعادلة التي تروج لمثل هذا الربط "سخيفة"، موضحا أن اليهود الأميركيين أنفسهم يرفضون هذه الفرضية، ويرون فيها تعبيرا عن قومية متطرفة منفصلة عن القيم الإنسانية.
وعندما سُئل عن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضم كندا وغرينلاند واستعادة السيطرة على قناة بنما، عبّر سيمز عن قلقه العميق من هذا التوجه، واصفا الأمر بأنه "مضحك إن لم يكن خطيرا للغاية".
ولفت سيمز إلى أن الحديث عن استعادة قناة بنما، أو ضم أراض أجنبية، يمثل انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية للدول الأخرى، ويعبر عن منطق استعماري قديم يتناقض مع المبادئ الديمقراطية.
وأشار إلى أن العمال الأميركيين والبنميين الذين أسهموا في بناء القناة لم يحصلوا على حقوقهم، وأن الطبقة الرأسمالية المستغلة لا تملك الحق في الادعاء بالملكية أو السيطرة.
وأكد زعيم الحزب الشيوعي أن سياسات ترامب، التي تُظهر استخفافا بالسيادة الدولية، لا يمكن الاستهانة بها، داعيا إلى أخذ أقواله على محمل الجد، لا سيما مع تصريحاته حول إصدار عفو عن المشاركين في أحداث اقتحام الكونغرس، وتهديده بملاحقة الاشتراكيين واليساريين وطردهم.
وفيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، جدد سيمز موقف الحزب المعارض لتوسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والذي يرى فيه سببا رئيسيا للتصعيد العسكري.
إعلانومع ذلك، أكد رفضه لاستخدام روسيا لهذا التوسع ذريعة لغزو أوكرانيا، مشددا على حق أوكرانيا في الوجود كدولة مستقلة، مع الدعوة إلى وقف الحظر المفروض على الأحزاب الشيوعية واليسارية داخلها.
وأوضح أن الحزب الشيوعي الأميركي يطالب بوقف الحرب فورا، وانسحاب القوات الروسية، إلى جانب وقف الدعم العسكري الأميركي للحكومة الأوكرانية، معتبرا أن التدخلات العسكرية الغربية ترتبط عادة بأجندات إمبريالية تضر بالشعوب.
ورغم التلاقي الظاهري مع ترامب وبعض الجمهوريين في الدعوة لإنهاء الحرب، رفض سيمز اعتبار ذلك تحالفا أو تقاطعا في المواقف، مشددا على أن الدوافع تختلف جذريا، فبينما يتحرك الحزب الشيوعي من منطلق مناهضة الحروب الإمبريالية، يسعى ترامب لتعزيز نفوذ اليمين المتطرف واستغلال موارد المنطقة.
وفي ختام حديثه، أوضح سيمز أن الحزب الشيوعي الأميركي يرى أن تعزيز أممية الطبقة العاملة هو الطريق الأمثل لحماية السيادة الوطنية ومصالح الشعوب، وأن القومية المتطرفة لا تجلب سوى العزلة والانقسام، في حين أن حل مشكلات مثل البيئة والصحة العالمية يتطلب تعاونا دوليا يقوم على المصالح المشتركة والعدالة، لا على الهيمنة والاستغلال.