وقعت نتائج الانتخابات البرلمانية في الهند، التي جرت على سبع مراحل من 19 إبريل/نيسان حتى الأول من يونيو/حزيران 2024، مثل الصاعقة فوق رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يتبنى أيديولوجية هندوسية قومية متطرفة (الهندوتفا)، يقع في القلب منها التضييق على المسلمين في البلاد الذين يتجاوز عددهم 200 مليون نسمة.

فرغم كل المعوقات التي وصلت إلى حد قمع الناخبين المسلمين وإجبارهم على ترك مراكز التصويت بل ضربهم أحيانا في بعض الولايات، وحملة مودي الانتخابية التي قامت على شيطنة المسلمين عبر الزعم بأن المعارضة تنوي توزيع ثروات البلاد عليهم، فضلًا عن الأجواء السياسية الملبدة التي فرضها مودي في الموسم الانتخابي وشملت تجميد الحسابات المصرفية لمعارضين ومرشحين قبل الانتخابات، وسجن رئيسي وزراء ولايتين هنديتين، وحبس مؤثرين معارضين آخرين تحت دعوى تطبيق القانون في مخالفات الضرائب؛ فإن المجتمع المسلم في الهند أظهر مشاركة قوية في الانتخابات وحصد المرشحون المسلمون 26 مقعدا في البرلمان، بزيادة مقعد واحد على الانتخابات السابقة، لكن ذلك لا يزال أقل من الـ30 مقعدا التي حصدوها قبل صعود مودي وحزبه عام 2014.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هكذا فعلها الفيتناميون.. كيف نفهم النصر والهزيمة في حرب غزة؟list 2 of 2إيريك زمور.. قصة سقوط "نبي" الفاشية الفرنسيةend of list

وبصرف النظر عن عدد المقاعد، الذي لا يعكس القوة الديموغرافية للمسلمين الذين يشكلون قرابة 15% من سكان البلاد، فقد كانت المشاركة القوية للمسلمين من العوامل التي غيرت شكل المشهد السياسي في الهند بُعيد الانتخابات الأخيرة، وأنتجت فوزا بطعم الخسارة لمودي ورفاقه، فرغم تصدر حزب بهاراتيا جاناتا (حزب مودي) السباق الانتخابي فإنه حصل على 240 مقعدا فقط من إجمالي 543 مقعدا (بالمقارنة مع 303 مقاعد في انتخابات عام 2019)، وهو عدد غير كاف لحكمه منفردا؛ لتنتهي بذلك حقبة دامت عقدا كاملا من احتكار مودي وحزبه للسلطة منذ فوزهم بالأغلبية المطلقة عام 2014، بعد حقبة طويلة من الحكومات الائتلافية في الهند.

لقد فاز مودي بولايته الثالثة كما أراد، لكنه سيحكم هذه المرة بصفته زعيما للتحالف الوطني الديمقراطي الذي حصد 293 مقعدا، مقابل 243 مقعدا لتحالف المعارضة "الهند"، منها 99 مقعدا لحزب المؤتمر، حزب المعارضة الرئيسي. وتعني هذه النتائج أن مودي سوف يحكم بتفويض أقل قوة هذه المرة، وسيحتاج إلى توافق مع شركائه في الحكومة وحتى خصومه في المعارضة، لكن ذلك لن يكون كافيا لتبديد مخاوف المسلمين، الذين يخشون أن إدارة مودي سوف تواصل حملتها القمعية ضدهم خلال السنوات الخمس المقبلة، رغم التراجع الانتخابي الملحوظ.

 

عصر الاضطهاد

بحسب ورقة بحثية لـ"كومونويلث راوند تيبل" (Commonwealth Round Table)، بدأت السياسات التمييزية ضد المسلمين في الهند تتصاعد بحدة منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة عام 2014، حيث قُتل العديد منهم في وقائع طائفية لميليشيات هندوسية تحت سمع السلطات وبصرها، والمفارقة أن بعض القتلة تم تقديرهم وتكريمهم من الحزب الحاكم. وبحلول عام 2019، ألغيت المادة 370 من الدستور الهندي التي تعطي وضعًا خاصًا لولاية جامو وكشمير يشمل الحكم الذاتي والدستور والعلم، وهو ما عُدّ أكبر خطوة رسمية لتقويض الوضع القانوني لمسلمي الهند.

أبعد من ذلك، لم تسلم أماكن عبادة المسلمين من حملة الاضطهاد الهندوسية المتطرفة، ففضلًا عن هدم العديد من المساجد التاريخية بحجة أنها بُنيت على أنقاض معابد هندوسية، تقلصت مساحات الصلاة المتاحة للمسلمين في ظل تصغير أحجام المساجد، وحظر الصلاة في الأماكن العامة ومحاصرة المصلين فيها بالتهم الجنائية.

وقد امتد الاضطهاد إلى الأحوال الشخصية، بعدما سنّ الحزب الحاكم قانونا يجرم الطلاق البائن "الطلاق بالثلاثة"، ومعاقبة من يقدم عليه بالسجن ثلاث سنوات. وفي مطلع 2024 كشفت جريدة التايمز عن نية الحزب تشريع قانون مدني موحد تحتكم إليه كل الطوائف في البلاد بما فيها المسلمون، بحيث يلغي هذا القانون أية خصوصية لطائفة دينية في البلاد، ووفقًا لهذا القانون الموحد سيتم تجريم تعدد الزوجات وفرض المساواة بين الذكور والإناث في الميراث.

أجبرت هذه الممارسات مسلمي الهند تدريجيا على الدخول فيما يمكن أن نطلق عليه "سباتا هوياتيا"، إذ أصبح المسلمون يخشون من أن يردوا على هواتفهم بعبارة "السلام عليكم"، ويتجنبون ارتداء أزيائهم التقليدية، ويتجنبون التحدث بكلمات من اللغة الأردية. وختاما جاء قانون الجنسية كمحاولة نهائية لترسيخ منظومة التمييز السياسي والقانوني والاجتماعي ضد المسلمين الهنود تحت حكم مودي.

فالقانون الذي وافق عليه البرلمان عام 2019، منح أحقية التجنس السريع للذين لجؤوا إلى الهند من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان قبل عام 2015، سواء كانوا هندوسا أو سيخا أو بوذيين أو مسيحيين، فالمهمّ ألا يكونوا مسلمين. وقد شهدت البلاد احتجاجات دامية وواسعة على إثر هذا القانون، ولم تقتصر تلك الاحتجاجات التي وصفتها السلطة آنذاك بأنها "إسلامية" على المسلمين فقط، بل شاركت فيها طوائف مختلفة، إذ نُظر إلى القانون على نطاق واسع باعتباره هدمًا لثوابت الهند العلمانية التي رسخت لعقود السلام الاجتماعي للبلاد، وقد اضطرت هذه الاحتجاجات حكومة ناريندرا مودي إلى إيقاف تنفيذ القانون آنذاك.

وعلى ذكر الاحتجاجات، لطالما قوبلت احتجاجات المسلمين في عهد مودي بعنف مفرط من الشرطة يصل إلى حد القتل. ولكن بحسب "كومونويلث راوند تيبل"، فإن الوقائع الأكثر دموية ارتكبها المتطرفون الهندوس من أنصار حزب بهاراتيا جاناتا، الذين تأججت مشاعرهم بسبب خطابات قيادات الحزب الطائفية التي جيشت الهندوس ضد الخطر المتخيل "المسلمين".

أتقن قادة حزب مودي تجييش الإعلام، ونجحوا في توظيف مواقع التواصل لإقناع جموع غفيرة من الهندوس بأن المسلمين هم أعداؤهم الذين سرقوا أرضهم في الماضي، ووصل الأمر إلى ترويج القادة الهندوس المتطرفين لأساطير مفزعة عن المسلمين مثل "جهاد الحب" و"جهاد الأرض". ويعني "جهاد الحب"، بحسب زعمهم، أن المسلمين يحاولون تغيير ديمغرافية الهند من خلال إيقاع النساء الهندوسيات في غرامهم وتحويلهن إلى الإسلام، وإنجاب أطفال مسلمين منهن، أما جهاد الأرض فيعني محاولة الاستيلاء على الأراضي التي يمتلكها الهندوس.

وقد وصل الأمر إلى حد أن مودي، خلال مؤتمر لأنصاره في ولاية راجاستان أثناء الحملة الانتخابية في أبريل/نيسان الماضي، استخدم تلميحًا طائفيًّا واضحًا حين ادّعى أن المعارضة العلمانية إذا وصلت إلى السلطة، فستأخذ ثروة الهندوس وذهب النساء الهندوسيات وتوزعهما على أولئك المشهورين بإنجاب الكثير من الأطفال، في إشارة إلى المسلمين الذين يصمهم مودي وقادة حزبه عادة بـ"كثرة الإنجاب"، مستخدما فزاعة التغيير الديموغرافي المعروفة.

أشعل مودي وقادة حزبه إذن نيران الطائفية، وتركوها تنهش مسلمي البلاد بلا رحمة، حتى في مساجدهم، إلى درجة أن عام 2019 وحده شهد هجمات تخريبية وطائفية على 16 مسجدا في أنحاء البلاد. وبحسب تقرير لبي بي سي في أبريل/نيسان 2024، فقد وقعت ثلاثة أرباع حوادث العنف ضد المسلمين بالهند في الولايات التي يحكمها مباشرة حزب بهاراتيا جاناتا، وتشمل هذه الحوادث على سبيل المثال لا الحصر تصفية من يشتبه في عملهم بتجارة البقر، وتخريب الشركات والمحال الصغيرة التي يملكها مواطنون مسلمون، وصولا إلى إعلان المتطرفين الهندوس مزادات لـ"بيع" النساء المسلمات على الإنترنت.

 

قومية هندوسية مودي أثناء تسلمه صنمًا للإله الهندوسي راما خلال تجمع انتخابي في ميسورو الهندية (غيتي)

لفهم سر هذا العداء المتنامي للإسلام في دولة مودي، علينا الإشارة سريعا للعقيدة الأيديولوجية التي يعتنقها رئيس الوزراء والتي تجد جذورها فيما يعرف بـ"الهندوتفا" وهي مزيج بين التطرف الديني الهندوسي والغلو القومي الهندي. لقد أقام مودي حكمه منذ البداية على فكرة تدشين دولة قومية هندوسية تقصي كل ما هو "غير هندوسي" باعتباره "غير هندي" على اختلاف درجات هذا الإقصاء، ولفعل ذلك اعتنق الرجل فكرة "المظلومية" وغرسها غرسا في نفوس أنصاره.

تقوم هذه المظلومية على سردية تاريخية زائفة أو محرفة في أفضل الأحوال، تعتبر ملايين المسلمين الهنود الذين كانوا منذ زمن طويل جزءًا لا يتجزأ من نسيج الهند وعاش أجدادهم فيها منذ مئات السنين مجرد أغيار "متسللين"؛ وذلك -فقط- لأن أجدادهم اختاروا اعتناق الإسلام. وفق رؤية مودي إذن، فإن أكثر من 200 مليون مسلم هندي هم أحفاد "الغزاة المسلمين" الذين اغتصبوا حكم الهند قبل قرون وأجبروا الهندوس على الدخول في الإسلام، ومن ثم فإن الأوان قد آن كي تدور الدائرة من جديد ويستعيد الهندوس بلادهم ليس فقط من خلال قمع المسلمين، وإنما أيضًا من خلال مجابهة العلمانيين الذين "يحابون المسلمين" على حساب الأغلبية الهندوسية من وجهة نظرهم تحت مسميات التعايش والمواطنة.

لا عجب إذن في أن ناريندرا مودي اختار تدشين حملته الانتخابية في وقت سابق من العام الحالي (2024) من داخل معبد رام الذي أقامه على أنقاض مسجد بابري التاريخي الذي دمره المتطرفون الهندوس عام 1992 في أعمال عنف طائفي دموية. تعد هذه الرمزية مهمة جدا لفهم جذور العداء للإسلام في فكر مودي وسياساته، فالمسلمون ومساجدهم في الهند هم نتاج ظلم تاريخي، ومن ثم لا مفر من تصحيح هذا الظلم، وليست باقة السياسات الإقصائية والقوانين التمييزية وأعمال العنف الدموية سوى تجلٍّ لهذه العقيدة القائمة على المظلومية المفتعلة.

لطالما أجاد مودي ارتقاء سلم الطائفية من أجل الوصول إلى المجد السياسي. فقبل أكثر من عقد من توليه المنصب السياسي الأبرز في البلاد، أدى دورًا حساسًا في الفتنة الطائفية الدموية في ولاية غجرات (خامس أكبر ولايات الهند من حيث المساحة) عام 2022، إذ كان مودي آنذاك يشغل منصب رئيس وزراء الولاية، وقد أعطى تعليماته لضباط الشرطة والمسؤولين بالسماح للهندوس "بالتنفيس عن غضبهم" في أعقاب هجوم مسلمين على قطار لحجاج هندوس في الولاية انتهى بحريق داخلي بالقطار أسفر عن قتل 59 شخصًا من الحجاج الهندوس. وفي حين تضاربت الروايات حول واقعة القطار وأسبابها، أدت تعليمات مودي حول السماح بـ"التنفيس عن الغضب" إلى مذبحة كبيرة للمسلمين أُحرق فيها العديد من المواطنين المسلمين وهم أحياء وبُقرت بطون نسائهم الحوامل. وتشير الأرقام إلى سقوط زهاء 1044 قتيلا وأكثر من 2500 جريح في هذه المذبحة، بينهم النائب البرلماني المسلم إحسان جعفري.

 

ماذا بعد الانتخابات؟ انتكاسة مودي وقلة عدة المقاعد عن المتوقع لدى تحالفه، وزيادة مقاعد المعارضة، ستفرض بطبيعة الحال كوابح متعددة على سياسات وخطط مودي القامعة للمسلمين (رويترز)

بالطبع لم تسفر التحقيقات حول أحداث غجرات عن أي إدانة لمودي، رغم استمرار تداول القضية في المحاكم حتى عام 2022، حين قضت المحكمة العليا برفض الدعوى. على النقيض، حصل مودي على مكافأته السياسية لاحقا، مرتقيا إلى منصب رئيس وزراء الهند التي تحولت على مدار عشرة أعوام من حكمه المنفرد إلى نسخة موسعة من غجرات. ورغم أن الأمور من غير المرجح أن تتغير جذريا بعد الانتخابات الأخيرة، فإن النتائج تدق ناقوس خطر مبكر في آذان مودي وقادة حزبه.

ففي الأشهر السابقة للاقتراع، كانت توقعات مودي وحزبه تشير إلى حصولهم على 370 مقعدًا وأن تحالفهم الانتخابي سيحصل على 400 مقعد؛ لذلك شكلت النتائج صدمة مدوية للحزب الذي حصل على "انتصار ممزوج بالمرارة". وتشير هذه النتائج إلى أن العلامة التجارية لمودي، وسياسته القائمة على "القومية الهندوسية" وحدها لم تعد مقنعة بما يكفي للناخبين الهنود الذين اختاروا التصويت ليس وفق الأيديولوجيا، بل على أساس قضايا أخرى مثل الفقر والبطالة، فضلًا عن التصويت العقابي من المسلمين وغيرهم من الأقليات.

بدت النتائج أكثر رمزية في مرارتها مع خسارة الحزب الحاكم دائرته الانتخابية في مدينة فايز آباد، التي افتتح بها مودي حملته الانتخابية في قلب معبد رام مطلع العام الحالي، والصعوبة التي واجهها مودي نفسه في حسم مقعده. وقد أثارت هذه النتائج موجة من التوقعات المتفائلة لدى بعض المسلمين وحتى العلمانيين الهنود خاصة أولئك الذين يعيشون في المهجر، فقد كتب الصحافي والمؤلف الأميركي والمذيع بقناة سي إن إن فريد زكريا، وهو ينحدر من أبوين هنديين مسلمين، في عموده بصحيفة واشنطن بوست أن الناخبين الهنود سطروا قصة جيدة قصوا فيها أجنحة رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه، وجعلوا 20 وزيرًا في حكومته يخسرون مقاعدهم، وجعلوا مودي نفسه يعاني بشدة كي يفوز في دائرته الانتخابية، ووصل الأمر إلى خسارة حزبه في مدينة أيوديا التي بنى فيها معبدًا كبيرًا على أنقاض مسجد تاريخي، وظن بذلك أنه أمّن أصوات المدينة ليفاجأ بالعكس من الناخبين.

كذلك تملكت نفس النبرة المتفائلة الصحافية رنا أيوب في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست، عنونته بـ"انتكاسة مودي.. أمل مشجع للمسلمين في الهند"، إذ قالت إن انتكاسة مودي وقلة عدة المقاعد عن المتوقع لدى تحالفه، وزيادة مقاعد المعارضة، ستفرض بطبيعة الحال كوابح متعددة على سياسات وخطط مودي القامعة للمسلمين، لأن المعارضة تريد حماية الدستور العلماني للبلاد في مواجهة طائفية مودي.

أثبتت نتائج الانتخابات أن مودي لم يلتهم الهند تماما بعد كما كان يتخيل، وأن حضور المعارضة السياسي أقوى مما كان يُتصور، وأن المسلمين لا يزالون يحوزون نصيبا من التأثير برغم العنف والإقصاء (الفرنسية)

وعلى نفس النغمة عزف الباحث المتخصص في شؤون جنوب آسيا دانييل ماركي في مقاله المنشور في معهد الولايات المتحدة للسلام الذي حمل عنوان "بعد الانتخابات الهندية المفاجئة.. ما هو القادم في سياسة مودي الخارجية؟" مرجحا أن أهمية الانتخابات لا تكمن فقط في إمكانية تعديل نطاق الائتلافات والديناميات في البرلمان الهندي، ولكن الأهم أنه يمكنها أن تشعر الشعب الهندي بأن هيمنة حزب مودي (بهاراتيا جاناتا) قد انكسرت، وهذا الأمر بمقدوره أن يشجع المزيد من الهنود على اختراق المجال العام بعد سنوات من الخوف.

يجادل ماركي بأن الهند ربما تشهد على إثر هذه الانتخابات رواجا لنشاط وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والباحثين الأكاديميين للشروع من جديد في التحليل والاستقصاء وعرض الأفكار بجرأة بعد أن تم خنق الأصوات المعارضة بقوة في العقد المنصرم. ورغم ذلك، فإنه كان متحفظا في تفاؤله، حيث حذر من أن بهاراتيا جاناتا ومودي لن يتراجعا بسهولة عن تقييدهم للنقاش العام في البلاد، ولن يسلموا بسهولة بفكرة فتح المجال العام على مصراعيه لتحدي خططهم للهند، كما استبعد أن يعود البرلمان إلى سابق عهده فيما يخص المناقشات المفتوحة لصناعة القرارات السياسية، بعد أن تحول من 2014 إلى 2024 إلى هيئة منزوعة المخالب، بفعل هيمنة وأغلبية حزب بهاراتيا جاناتا، رغم أن دور البرلمان من المرجح أن يكون أكثر حيوية من الفترة السابقة بسبب تركيبته الأكثر اتزانا.

لكن هذا التوازن النسبي في السياسة الهندية من غير المرجح أن يثمر تحسنا ملحوظا في أوضاع المسلمين الهنود. وكما يقول الصحافي المتخصص في حركات أقصى اليمين المتطرف الهندوسية نيلانجان موخوبادهياي، فإن عهدة مودي الجديدة قد تجلب المزيد من المخاوف إلى المسلمين، وقد يستمر نفس الاتجاه الذي بدأ تدشينه في العقد الماضي الخاص بعزل المسلمين وتهميشهم. فرغم كل شيء، لا تزال السلطة مركزة في يد مودي بعد نجاحه في تشكيل حكومة ائتلافية بدعم أحزاب صغيرة داخل تحالف التجمع الوطني الديمقراطي. هذه الحكومة، المكونة من 71 عضوا، خلت من أي تمثيل للمسلمين على عكس الحكومتين السابقتين، وربما يشير ذلك إلى نية مودي لسلوك توجه أكثر يمينية بعد أن شعر بالبساط يُسحب من تحت أقدامه في الانتخابات الأخيرة.

في النهاية أثبتت نتائج الانتخابات أن مودي لم يلتهم الهند تماما بعد كما كان يتخيل، وأن حضور المعارضة السياسي أقوى مما كان يُتصور، وأن المسلمين لا يزالون يحوزون نصيبا من التأثير برغم العنف والإقصاء، بيد أن البلاد لا تزال بعيدة عن استعادة حيويتها الديمقراطية. وسوف تكون فترة مودي الثالثة على الأرجح مؤشرا للطريق الذي ستسلكه السياسة الهندية في النهاية، فإما أن يفقد الراهب الغاضب مزيدا من نفوذه وبريقه، وتخسر أيديولوجيته المتطرفة فعاليتها بما يسمح بعكس مسار التطرف الديني والقومي المتزايد، وإما أن ينصب مودي نفسه ملكا متوجا على عرش الهند، التي ستصبح ساعتها بلدا غير ذلك الذي أراده غاندي ورفاقه ذات يوم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أبعاد حزب بهاراتیا جاناتا بعد الانتخابات الانتخابیة فی ناریندرا مودی أن المسلمین فی البلاد مسلمین فی فی الهند أن مودی بعد أن عام 2019

إقرأ أيضاً:

دعاء أول يوم من شعبان وأفضل الأعمال المستحبة.. اغتنم الفرصة

أعلنت دار الإفتاء المصرية أن اليوم الخميس 2025/1/30 هو المتمم لشهر رجب 1446هـ، وأن غرة شعبان 1446هـ ستكون يوم الجمعة 2025/1/31، داعيةً المسلمين إلى اغتنام هذا الشهر المبارك بالإكثار من الطاعات والدعاء والاستعداد لشهر رمضان.

ومع استقبال أول أيام شعبان، يحرص المسلمون على التوجه إلى الله بالدعاء، ومن الأدعية المستحبة في هذا اليوم المبارك

دعاء أول يوم من شعبان

اللهم كما بلغتنا شهر شعبان، فبلغنا رمضان، وتقبلنا فيهما بقبول حسن، اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، واجعلنا من عبادك الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيعملون، ومن الذين يعملون فيخلصون، ومن الذين يخلصون فتتقبل منهم، اللهم اجعلنا من أهل القرآن، نعمل به ونتدبره ونمشي بنوره، واهدنا بهديك القويم يا رب العالمين.

اللهم بارك لنا في شهر شعبان، وبلغنا رمضان غير فاقدين ولا مفقودين، اللهم لا ترينا دمعة حبيب، ولا فراق غالٍ، ولا استمرار مرض لقريب، اللهم أكرمنا فيه بعظيم فضلك، واغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا وما تأخر، اللهم اجعلنا من أهل العافية والرضا، وأعنا على الصيام والقيام وتلاوة القرآن، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم إن هذا هلال شعبان قد ورد، وأنت أعلم بما فيه من الخير والإحسان، فاجعله هلال بركات وسعادات، وأمان وغفران ورضوان، اللهم اجعلنا فيه من عبادك المقبولين، وأعنا فيه على الطاعات والقربات، واغفر لنا ما أسررنا وما أعلنّا، اللهم طهّر قلوبنا تطهيرًا يصلحنا للدخول على شهر رمضان، وأكرمنا فيه بأفضل ما أكرمت به أحدًا من عبادك الصالحين.

اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقوتك التي قهرت بها كل شيء، وخضع لها كل شيء، وذل لها كل شيء، وبجبروتك التي غلبت بها كل شيء، وبعزتك التي لا يقوم لها شيء، وبعظمتك التي ملأت أركان كل شيء، وبسلطانك الذي علا كل شيء، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء، وبأسمائك التي غلبت أركان كل شيء، وبعلمك الذي أحاط بكل شيء، وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء، يا نور يا قدوس، يا أول الأولين ويا آخر الآخرين، اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، واغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته، وكل خطيئة أخطأتها، ولا تجعل في قلبي ذرة سوء أو ضغينة، واملأه بنور الإيمان واليقين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

احذر الأحاديث الضعيفة عن شهر شعبان.. 10 روايات غير صحيحة شاعت بين الناسالمأثور عن النبي في شهر شعبان .. علي جمعة يوضح بالدليل

اللهم إني أسألك أن تسامحني وترحمني وتجعلني بقسمك راضيًا قانعًا، وفي جميع الأحوال متواضعًا، اللهم وأسألك سؤال من اشتدت فاقته، وأنزل بك عند الشدائد حاجته، وعظمت فيما عندك رغبته، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني، اللهم اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، فإنك فعال لما تشاء، يا من اسمه دواء، وذكره شفاء، وطاعته غنى، اللهم لا تجعل لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك وفضلك يا أكرم الأكرمين.

اللهم اجعل هذا الشهر شهر خير وبركة علينا وعلى أهلنا وأحبابنا، اللهم لا تخذلنا فيه لمحاب المعاصي، ولا تصرفنا عن طاعتك، ووفقنا لما تحبه وترضاه، واغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، وأهلينا وأحبائنا، برحمتك يا واسع الرحمة والمغفرة.

اللهم اجعلني فيه من المستغفرين، واجعلني فيه من عبادك الصالحين القانتين، واجعلني فيه من أوليائك المقربين، برأفتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارزقني فيه الذهن والتنبيه، وباعدني فيه من السفاهة والتمويه، واجعل لي نصيبًا من كل خير تنزله، بكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم إني أسألك في هذا الشهر الكريم أن تجعلنا من المقبولين، وأن تكتب لنا نصيبًا من الخير والبركة والمغفرة، اللهم قربني فيه إلى مرضاتك، وجنبني فيه من سخطك ونقماتك، ووفقني فيه لقراءة آياتك، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم ارزقني فيه صيامه وقيامه، وجنبني فيه من هفواته وآثامه، وارزقني فيه دوام ذكرك وشكرك، يا هادي الضالين.

اللهم اجعل لنا فيه نصيبًا من رحمتك الواسعة، واهدنا فيه إلى براهينك الساطعة، وخذ بنواصينا إلى مرضاتك الجامعة، بمحبتك يا أمل المشتاقين، اللهم اجعلنا فيه من المتوكلين عليك، ومن الفائزين لديك، ومن المقربين إليك، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

شهر شعبان من الأشهر التي اختصها الله بفضل عظيم، وهو فرصة للتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والاستعداد الروحي لاستقبال شهر رمضان المبارك، فنسأل الله أن يبارك لنا فيه، وأن يبلغنا رمضان بصحة وعافية، وأن يعيننا على الطاعات ويرزقنا القبول.

فضل شهر شعبان ولماذا سمي بهذ الاسم وأيام الصيام فيه؟ اغتنم هذه الأعمال طريقك للجنةهل يجوز صيام يوم الجمعة منفردا .. يصادف غرة شعبانأفضل أعمال شهر شعبان

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، محددًا ما هي أفضل أعمال شهر شعبان؟، إنه ورد عن سيدنا الحسن البصري، حينما جلس مع جماعة وسأل هو السؤال نفسه، وقال: «أخبروني عن أحب الأعمال إلى الله»، فقال واحد منهم، أحب الأعمال أن يكون الإنسان بين يدي الله بالليل ويصلي لا ينقطع، فسكت سيدنا الحسن، وقال آخر أحب الأعمال إلى الله أن يصوم المسلم دائمًا ويفطر في الأيام التي لا يجوز فيها الصيام كالعيدين وأيام التشريق»، وشخص آخر، قال أحب الأعمال إلى الله الصدقة وغيرها، ثم جاء آخرهم فقال إن أحب الأعمال إلى الله ترك الحرام، فرد عليه الحسن: «بها تمت».

وأوضح «عويضة» عن ما هي أفضل أعمال شهر شعبان ؟، أن أحب الأعمال إلى الله في شهر شعبان، أن نغير من أخلاقنا ومن أفسد بابا مع الله يصلحه بيده، والعاصي يترك معصيته ويقبل على ربه ونكون في حالة إصلاح للنفس وترقية للروح، منوهًا بأن ترك المعاصي هي من أحب الأعمال إلى الله في شهر شعبان، مع الحرص على الطاعة في شعبان مثل الصلاة والصيام والصدقات ونتقرب إلى الله بترك معاصينا».

كما ورد عَنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ». 

مقالات مشابهة

  • مرشح المعارضة للرئاسة في بولندا يتعهد بإعادة 20 مليون مواطن إلى البلاد
  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • بالفيديو.. تعرف على “محمد الضّيف” مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني
  • افرام: لبنان مهدّد بخسارة الفرصة
  • أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح
  • وقفة احتجاجية ضد مشروع سكني في الموصل.. والمحافظ يهدد بـإلغاء الفرصة الاستثمارية
  • “سدايا” تستعرض مستقبل الذكاء الاصطناعي العام والتحديات التي تواجهه بمشاركة أكثر من 16 جهة حكومية
  • نهاية مأساوية لـ سلوان موميكا العراقي الذي أشعل غضب المسلمين بحرق المصحف.. فيديو
  • وول ستريت جورنال تكشف عن التقارير الأخيرة لجهاز استخبارات الأسد
  • دعاء أول يوم من شعبان وأفضل الأعمال المستحبة.. اغتنم الفرصة