التيّار ـ حزب الله: من حليف طاووس إلى حليف ضعيف
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
كتب نقولا ناصيف في" الاخبار": ليس استثناءً مَصَاب التيار الوطني الحر. قبله بعقود لحق بالأحزاب المعمّرة ما يشابه وما هو أسوأ..
من المبكر التحدّث عن المستقبل السياسي للنواب الثلاثة مغادري التيار الوطني الحر بالفصل أو طوعاً، الياس بوصعب وآلان عون وسيمون أبي رميا، ومَن قد يلتحق بهم. مع أن موعد الانتخابات النيابية المقبلة متأخر نظرياً إلى سنة وتسعة أشهر، وحملاتها تباشر قبل سنة، المُقدَّر من الآن تمديد ولاية البرلمان الحالي في ظل استمرار شغور رئاسي أضحى أبعد من المحسوب، وانقسام على القانون الحالي للانتخاب الأكثر استعصاء المضي فيه للمرة الثالثة أكثر من الانتخابات نفسها.
تدريجاً تراجعت كتلة التيار الوطني الحر وحلفائه من 21 نائباً إلى 17 نائباً حتى الآن على الأقل. ذلك سيتيح المباهاة ـ وهو الواقع ـ أن حزب القوات اللبنانية صار الكتلة الأكثر تمثيلاً للمسيحيين. سيقال ما هو أكثر، إن التيار أضحى أيضاً أقل تمثيلاً إذا كان لا بد من الأخذ في الاعتبار أن ستة من نوابه الـ17 الحاليين، ساهم الصوت الشيعي في انتخابهم.
أما ما بات في الإمكان توقّع ترداده من الآن فصاعداً، فيدور من حول بضع ملاحظات:
1 ـ ليس الانتحار السياسي وراء تفاقم الخلافات بين النواب الثلاثة ورئيس التيار النائب جبران باسيل سواء بمعاندتهم إياه أو رفض الاحتكام إلى النظام الداخلي أو الجهر بإرادة استئثاره بالسلطة. ما لم يكن في الإمكان توقّع أن يفعلوه قبل مدة طويلة من الآن، مذ نشب التباعد وفي خلال ولاية الرئيس ميشال عون وما قبلها حتى، تجرّأوا عليه أخيراً في ظل وجود المؤسّس. عنى ذلك ضمناً تحميل الرئيس السابق جزءاً من مسؤولية إخراجهم لمجرد اكتفائه بالإصغاء إلى وجهة نظر باسيل ودعمها وإطلاق يده في قطع رؤوس مؤسّسين أوائل للتيار. بعض ما ليس في الخفاء أن لعناد هؤلاء سنداً قد يحملهم في وقت لاحق على الذهاب إلى إعلان تيار رديف، يجمع رفاقهم الأوائل بدورهم المُبعدين قبل وقت طويل. تقاطَعَ إخراج أو خروج بوصعب وعون وأبي رميا مع حدث واحد عُزي إليه أنه أحد الأسباب المباشرة لما يقال إنه تأديبهم: التصويت لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية في جلسة 14 حزيران 2023.
2 ـ منذ أشهر يُسمع رئيس التيار يردّد في بعض لقاءات أو اجتماعات يعقدها أن علاقته بحزب الله «على القطعة».. الكلام نفسه يُسمع في أوساط حزب الله أن علاقتهم بباسيل صارت بدورها «على القطعة». من المبالغ الاعتقاد بأن ما يُباعد بين الفريقين خلافات سياسية عميقة. آخرها المعلوم تباين الرأي من «وحدة الساحات». هامشي في تحالف عميق أرسياه عام 2006 أوصل عون الرئيس إلى قصر بعبدا بعد عقد من الزمن. واقع الأمر أن الخلاف انفجر منذ ما قبل نهاية الولاية صيف 2022 في اجتماع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله برئيس التيار الوطني الحر لمناقشة دعم ترشيح فرنجية لخلافة عون. كمنت خيبة نصرالله في رفض باسيل تعهّدات قطعها له من حول عبارتين: قال له أن يكفل له فرنجية، فردّ بأن فرنجية «عند برّي» ولن يوفّر الغطاء المسيحي لانتخابه. مذَّاك تزايدت أسباب النفور بين الحليفين وتطورت إلى خلاف فإلى ما يشبه قطيعة..
3 ـ لا يزال يُسمع في حزب الله أن التيار الوطني الحر حليفه، وإلى جانبه في كل حين عندما يواجه حزب القوات اللبنانية. في المقابل يحرص على الظهور في مظهر أنه لا يتدخّل في خلافات أو انقسامات داخل التيار. ليس سرّاً أن باسيل مهدّد وضعيف يسهل التعاون معه منه قوياً داخل تياره أشعر حزب الله أكثر من مرة تصرّفه كطاووس. النواب الثلاثة المغادرون يتقاطعون بدورهم مع حزب الله: تقرّب غير عادي لبوصعب من رئيس البرلمان، فيما دائرتا عون وأبي رميا في بعبدا وجبيل في مرمى الحزب. ذلك ما يفترض ـ وإن غلّب كفة رئيس التيار ـ إبقاء التواصل معهم لا مقاطعتهم.
4 ـ يكاد يكون العامل الأكثر أهمية في حسبان حزب الله. مذ اندلعت حرب غزة وتداعياتها في الجنوب وانخراطه فيها، لم تعد انتخابات رئاسة الجمهورية ابنة الحسابات المحلية واحتساب الأصوات والحاجة إلى التغطية التمثيلية الميثاقية التي كانت رافقت الاستحقاق طوال سنة كاملة، من تشرين الأول 2022 بوقوع الشغور إلى تشرين الأول 2023 بانفجار «طوفان الأقصى». آنذاك كمنت المعضلة في الحاجة إلى التصويت المسيحي الأكثر تمثيلاً لمَن رام الثنائي الشيعي انتخابه ضمناً، وهو فرنجية، قبل ترشيحه العلني في آذار 2023، وحالت دونه الكتلتان المسيحيتان الكبريان. الآن أضحت الرئاسة جزءاً في أي تسوية يُفترض إبرامها بعد وقف النار في غزة، طرفها اللبناني الرئيسي حزب الله فيما يقتضي أن يكون طرفُها الإقليمي والدولي الآخر هم الأميركيين المعنيين بإعادة الاستقرار إلى الحدود الشمالية لإسرائيل بتطبيق القرار 1701. لم يكتم الحزب في الأشهر الأخيرة قلة اهتمامه بالاستحقاق الرئاسي ولا عدّه، كالجنوب وحرب غزة، إحدى أولوياته. على نحو مماثل لم تعد تعني له الكثير ممانعة باسيل مرشح الثنائي الشيعي.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر حزب الله
إقرأ أيضاً:
رهان باسيل مستمر
يبدو ان رهان رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على امكانية قطع الطريق على تقدم حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون في المعركة الرئاسية لا يزال قائماً.
وبحسب مصادر مطلعة فإن باسيل يراهن على امكانية التوافق بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اسم مرشح مشترك يتوافق عليه مع "قوى الثامن من اذار" والحزب "التقدمي الاشتراكي" والنواب السنّة.
وترى المصادر ان باسيل يستفيد من رغبة القوات بعدم وصول عون للرئاسة ما يضع امامه عائقا كبيرا، واكثر فاعلية من رفض "الثنائي الشيعي" له، وعليه فإن المساعي ستبقى جارية حتى اللحظة الاخيرة التي تسبق جلسة 9 كانون.
باسيل قال في حديث صحافي اليوم: ستحدث أمور كثيرة في الساعات الأخيرة، ولا أريد الإفصاح عن المشهد الذي أتخيله، انما شخصياً سأعمل للتوافق، فهناك سيناريوهات عدة ومفاجآت كثيرة قد تحدث، إنما أنا لا أحب أن تكون الجلسة لتطيير مرشحين أو لحرق مرشحين أو لتجاوز التاريخ وصولاً إلى تاريخ آخر في مشهد إقليمي ودولي آخر. هناك أمل في الوصول إلى تفاهم داخلي يحيّد لبنان عن أزمات المنطقة".
وعما اذا كان ممكنا ان ينتخب سمير جعجع لو ترشح أجاب: الموضوع ليس سراً، لقد تمّ طرح الموضوع علينا إن لم نقل طُلب منا، ونحن لا نتعاطى معه بسلبية إنما نبحث في شروط نجاحه، نحن نريد رئيساً للجمهورية يصنع حلاً ويجمع اللبنانيين، ولا نمانع إذا كان جعجع قادراً على تأمين هذا الامر ".
المصدر: لبنان 24