تشهد العاصمة الثانية رعاية خاصة فى الجمهورية الجديدة ستعود بها إلى العالمية فى الكثير من المجالات المختلفة، حيث تشهد العديد من المشروعات القومية الكبرى التى وضعت عروس البحر المتوسط، بكل قطاعاتها، فى قلب رؤية مصر 2030 لتعود من جديد عاصمة للسياحة والتسوق.

ولأول مرة تشهد الأراضى المصرية إضافة مساحات جديدة من خلال إنشاء ست جُزر جديدة تم استحداثها فى مدينة أبوقير الجديدة، تصل مساحة الأراضى الجديدة بها وبميناء أبوقير الكبير إلى أكثر من 5000 فدان، يتم فيها بناء العديد من التجمعات والمدن السكنية والفنادق وربطها بخطوط المترو للوصول منها إلى أى منطقة بالإسكندرية، بالإضافة إلى الخط الرابع للقطار الكهربائى السريع الذى سيصل من أبوقير إلى بورسعيد، ومنها للخط الثالث من بورسعيد إلى مدن القناة ثم إلى العين السخنة، إضافة إلى إنشاء مترو الأنفاق بالإسكندرية الذى سيبدأ من مدينة أبوقير الجديدة، مروراً بمحطة مصر، ثم المكس، ثم الكيلو 21 بالعجمى، حتى يصل إلى برج العرب لتكون محطات تبادلية مع الخطين الأول والرابع للقطار الكهربائى السريع.

وهناك ثلاث جُزر أخرى ستقام فى سيدى كرير غرب الإسكندرية مصممة على اسم مصر بطول قرابة 20 كم وبعرض 5 كم مرتبطة بالطرق والمحاور عن طريق 5 كبارى، ستكون تلك الجزر متنفساً جديداً للسياحة بالإسكندرية التى ستشهد مجموعة من العلامات التجارية العالمية الكبرى فى مجال السياحة فى إدارة سلاسل الفنادق والمنتجعات الجديدة مع المولات والأسواق التجارية الكبرى فى هذه المنطقة.

بالإضافة إلى التوسع فى مساحة جزيرة جريشة أمام شواطئ المعمورة لتكون نواة لكورنيش جديد مع التوسع فى جزيرة المنتزه ليستقبلا معاً «كوبرى» من المندرة يمر من خلال الجزيرتين إلى كورنيش أبوقير، ثم استقلال كوبرى آخر إلى مدينة أبوقير الجديدة.

من هنا نكون قد وصلنا إلى ميناء أبوقير الكبير الذى سيكون مركز انطلاق لعمليات صناعية وتجارية كبرى، بالإضافة لأكبر ميناء لتبادل الحاويات فى المنطقة مع إنشاء مجموعة كبيرة من الطرق التى تم استحداثها لتستقبل هذا الكم المتوقع من الحركة سواء القادم أو الصادر، بالإضافة إلى استحداث محور حضارى «محور المحمودية» استطاع أن يكون شرياناً للحياة فى الإسكندرية مع التجهيز لمحاور عرضية لتربط بين مناطق المحافظة المختلفة من خلال تسهيل حركة الدخول والخروج منها وإليها.

ومع قرار السيد الرئيس بضم مساحة 18000 فدان إلى الحيز العمرانى للإسكندرية أُعطيت فرصة ذهبية للمحافظة فى التخطيط لإنشاء مدينة صناعية كبرى فى شرق الإسكندرية لتكون مع ميناء أبوقير مركزاً لوجيستياً، مع التوسع العمرانى فى هذه المساحات الكبيرة طبقاً للتنمية الشاملة المستدامة مع رؤية مصر 2030، لتستقبل الإسكندرية، التى لم يرتفع عدد سكانها لسنوات لتوقف حركة التطوير والتنمية بها، نحو 7 ملايين مواطن، ويُتوقع أن يصل عدد سكان الإسكندرية خلال عام 2030 لقرابة 15 مليون مواطن، بما يعنى تضاعُف عدد السكان فى سنوات قليلة، ويرجع الفضل لتفهُّم القيادة السياسية لقدرة الإسكندرية على جذب المزيد من الاستثمارات، سواء فى قطاع السياحة أو التعليم أو السياحة العلاجية مع الصناعة والتجارة ولوجيستيات النقل مع نشاط الموانئ فى التصدير والاستيراد.

ولم تغفل الدولة عن الاستفادة من موقع الإسكندرية وحملات التطوير والتنمية وإنشاء مدينة الإسكندرية الجديدة مع إنشاء مدينة العلمين الجديدة للاستفادة من هذا التنوع العبقرى لاستغلاله فى إنشاء أكبر مطار يكون قبلة معظم خطوط الطيران فى العالم لربط الشمال بالجنوب والشرق بالغرب والعكس مع الوصول إلى جميع المدن الكبرى والصغرى، سواء فى أفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكتين وأستراليا، وهى صناعة يطلق عليها الترانزيت، وكان لمطار إسطنبول سبق فى المنطقة مع مطار دبى ليكون المطار الجديد رائد العالم فى هذه الصناعة، مع التوسعات الكبرى التى تتم فى ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة وإنشاء ميناء المكس الجديد لربط الموانئ الثلاثة بعضها ببعض لتكوِّن معاً ميناء الإسكندرية الكبير، بالإضافة لما يتم فى ميناء أبوقير حالياً، لتكون الإسكندرية عاصمة للمال والأعمال فى مصر.

كما يأتى المشروع القومى للدلتا الجديدة لتضع الإسكندرية بصمتها فى هذا المشروع الضخم عندما تقرر إنشاء أكبر نهر صناعى فى العالم من خلال تجميع مياه الأمطار التى تسقط على الإسكندرية سنوياً والتى تُقدَّر بمليار متر مكعب سنوياً لتوجَّه مع نهايات الترع والمصارف الزراعية فى قناة تصل إلى أكثر من 150كم بعرض 24م وعمق 6م تستطيع نقل قرابة 10 ملايين متر مكعب يومياً مروراً بأكبر محطة لتنقية المياه فى العالم محطة الحمام التى تحولت إلى محطة الدلتا الجديدة بإنتاج سنوى يصل إلى 3 مليارات متر مكعب سنوياً لاستصلاح قرابة 750 ألف فدان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المشروعات القومية الدلتا الإسكندرية من خلال

إقرأ أيضاً:

محمود مرزوق يكتب: الخواجة جرانجر وسرقة التاريخ

عندما بدأت الثورة الصناعية فى أوروبا كانت صناعة النسيج هى أبرز الصناعات التى أنتجتها هذه الثورة الفاصلة فى التاريخ الحديث.

وفى هذه الأثناء كانت فرنسا وإنجلترا فى حالة تنافس محموم بغية النهوض بصناعة المنسوجات ومن ثم الاستغناء عن الاستيراد من الهند وحواضر الشرق الأوسط مثل القاهرة وحلب وديار بكر والانتقال لمرحلة الإنتاج والاكتفاء الذاتى والتصدير، لكن هذا الطموح كان يواجه عقبة كبيرة تتمثل فى التقنيات المصاحبة لعملية التصنيع، وتحديداً عملية صباغة المنسوجات، فكانت فرنسا تضطر لإرسال أقمشتها لتُصبغ فى هولندا ثم تكتمل عملية تصنيعها فى فرنسا من جديد.

وبدأ الفرنسيون يفكرون فى إيجاد طريقة اقتصادية لتلوين أقمشتهم ومنسوجاتهم تسهم فى النهضة بمشروعهم الصناعى الناشئ، غير أن محاولاتهم لم تُكلل بالنجاح، فبدأوا جولة جديدة من التجسس الصناعى بعدما تواترت لديهم معلومات تؤكد أن أفضل ما يمكنهم فعله هو اقتباس التقنية المصرية فى تبييض وصبغ الأقمشة والمنسوجات، وقد كانت مصر وصُناعها لديهم خبرة متراكمة عبر الزمن فى معالجة الألوان واستنباط الجديد والطريف والمركَّب منها بدراية هائلة وخبرة تناقلوها من عصور ما قبل الأسرات.

وفى الوقت الذى كانت تتطلع فيه فرنسا لطرف خيط يسهم فى نجاح صبغ وتبييض الأقمشة كانت القاهرة تعج بطوائف الصُناع المهرة المدربين على التقنيات التقليدية فى صبغ المنسوجات، فكانت هناك طائفة الصباغين بالأحمر وطائفة البصمجية الموكلين بوضع الألوان الزاهية المتداخلة على الأقمشة.

اقتضى نظام طوائف الحرفيين آنذاك أن تكون الطائفة مغلقة على نفسها ولا تسمح إطلاقاً بوجود دخلاء على المهنة ومن يمارس المهنة دون تصريح من شيخ الطائفة يُعرِّض نفسه للمساءلة القانونية أمام المحاكم الشرعية، والتى كانت تحكم بالقانون الداخلى لكل طائفة.

ولضمان الجودة ومنع التنافسية كانت أسرار الصنعة حكراً على كل طائفة، وهو ما ضمن ربحاً كبيراً للطائفة التى لا ينافسها أحد وتحتكر أسرار الصنعة، غير أن القائمين على صناعة النسيج فى فرنسا كانوا يتطلعون لإنجاح تجربتهم الخاصة بصنع النسيج، وكانت الحلقة المفقودة التى يبحثون عنها هى تقنية إنتاج ملح النوشادر، وهى مادة كيميائية يتم إنتاجها بطريقة تقليدية وتسهم فى ثبات الألوان واستمرارها زاهية فترة طويلة بعد الصباغة والاستعمال، وهنا قرر الفرنسيون استخدام مهارتهم فى التجسس الصناعى فأرسلوا قناصل وتجاراً ورهباناً بهدف جمع معلومات عن تقنية صناعة ملح النوشادر، وجاء النجاح واقتناص المعلومات على يد طبيب يُدعى جرانجر تنكَّر فى زى رجل عربى وبدأ التجول حول ورش صناعة هذه المادة الكيمائية بغية تحصيل أى معلومات تكشف له سر الصنعة، إلى أن سنحت الفرصة عندما فقد الوعى فجأة أحد صُناع ورش ملح النوشادر، وهنا اندس جرانجر وسط الجموع التى تحاول إسعاف الرجل ونجح فى علاجه بحكم عمله كطبيب، وأثناء جلسة ودية أعقبت إسعاف المريض انحلت عقدة لسان معلمى الملح وتباسطوا مع الخواجة جرانجر وشرحوا له من الألف للياء طريقتهم السرية فى تحضير ملح النوشادر، وبسرعة البرق أرسل جرانجر ما تراكم لديه من معلومات ثمينة لفرنسا فاعتبروا ذلك نصراً كبيراً وعلقوا: «الناجحون هم الذين لا تشيع أسرارهم»، وهكذا فقدت مصر أحد أوجه تميزها وتفردها بفعل خديعة أتقنها الخواجة جرانجر.

هذه الواقعة وغيرها من وقائع كثيرة تُعد حلقة من حلقات ممتدة لسياسات الاستيلاء الثقافى التى شملت سرقة الأفكار والآثار، وتؤكد أن لحظة الاصطدام بالغرب وقت الحملة الفرنسية ما هى إلا لحظة مهمة ولكنها ليست فريدة.

* كاتب وباحث فى الآثار المصرية

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: حديث إلى النفس !!
  • محافظ كفر الشيخ: افتتاح مشروعات قومية خلال الفترة المقبلة
  • سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (1)
  • الدكتور سلطان القاسمي يكتب: ذو القرنين
  • تحدث لأول مرة.. خدمة جديدة في مترو الإسكندرية «أبوقير - محطة مصر»
  • أشرف غريب يكتب: أطفالنا والعملية التعليمية
  • على الفاتح يكتب: «الزلزال»..!  
  • محمود مرزوق يكتب: الخواجة جرانجر وسرقة التاريخ
  •  خالد ميري يكتب: من يصدق الشائعات؟!
  • تحت أنظار أمريكا.. وصول سفن محملة بعتاد عسكري ضخم إلى ميناء الحديدة لدعم الحوثيين!