النائب علاء عابد يكتب: ما بين الدعم من أجل السلام والدعم من أجل الحرب والإبادة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
على مدار ما يقرب من 75 عاماً، قدمت الولايات المتحدة مساعدات لإسرائيل أكثر مما قدمته لأى دولة أخرى. ومنذ 8 أكتوبر الماضى ومع ارتفاع وتيرة الحرب على غزة، أرسل الرئيس الأمريكى جو بايدن دعماً عسكرياً لا محدود لإسرائيل وحث الكونجرس المنقسم على الموافقة على المزيد.
وقُدر ما أرسلته أمريكا إلى إسرائيل بما مجموعه 158 مليار دولار فى شكل مساعدات ثنائية وتمويل الدفاع الصاروخى منذ عام 1948، حتى الآن، وفقاً لتقرير صدر فى شهر مارس عن خدمة أبحاث الكونجرس.
ومنذ عام 1999، حُددت المساعدات الأمريكية لإسرائيل فى إطار برنامج حكومى مدته 10 سنوات، بعدها أصبحت إسرائيل الأكثر حصولاً على المساعدات العسكرية الأمريكية بموجب الفصل 22 من برنامج (إف إم إم)، إذ تمثل منح التمويل العسكرى الأجنبى السنوية لإسرائيل نحو 16 فى المائة من إجمالى موازنة الدفاع الإسرائيلية.. شوفوا مصلحة أمريكا وإسرائيل فوق كل اعتبار!!
وفى الوقت الحاضر، تُعد كل المساعدات الثنائية الأمريكية إلى إسرائيل على شكل مساعدات عسكرية، وبموجب مذكرة التفاهم الحالية من عام 2019 إلى 2028 تقدم الولايات المتحدة سنوياً ما لا يقل عن 3.3 مليار دولار من التمويل العسكرى الأجنبى و500 مليون دولار للبرامج التعاونية للدفاع الصاروخى، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.. ليتنا نتعلم مما يحدث حتى لا ننخدع بشعارات أمريكا البراقة.
ووفقاً لتحليل بيانات موقع المساعدات الأجنبية الأمريكية، فإن نسبة الدعم العسكرى خلال آخر أربع سنوات تبلغ 99.7 فى المائة من إجمالى الدعم لإسرائيل، و0.3 فى المائة فقط لدعم المهاجرين لأسباب إنسانية إلى إسرائيل والمدارس الأمريكية وغيرها بقيمة تبلغ 8.8 مليون دولار.
وقد أعرب بايدن مراراً وتكراراً عن دعمه القاطع لإسرائيل فى أعقاب اندلاع الحرب على غزة، كما تستخدم أمريكا منذ فترة طويلة «الفيتو» بمجلس الأمن لمنع صدور قرارات ينظر إليها على أنها تنتقد إسرائيل أو تحقق فى ارتكابها جرائم إبادة فى غزة.
وفى قراءة بسيطة لإحصائيات حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة لليوم الـ305 على التوالى، نجد 3471 مجزرة استشهد على أثرها 39653 فلسطينياً، بينهم 16365 طفلاً و11012 سيدة، واستشهد 36 بسبب المجاعة، واستشهد 885 من الطواقم الطبية و79 من الدفاع المدنى و165 من الصحفيين، وهناك قرابة 1000 شخص فى عداد المفقودين، فيما بلغ عدد المصابين قرابة 91535.
ووفق آخر الإحصائيات، فإن عدد النازحين فى قطاع غزة بلغ نحو مليونين، بينهم 1.7 مليون يعيشون فى منطقة المواصى جنوب غربى القطاع بظروف معيشية مروعة، وفق بيان لمنظمة المساعدة الإنسانية الدولية «أوكسفام».
وفيما يتعلق بالأوضاع الصحية بالقطاع، فإن قرابة 3500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، و12000 جريح بحاجة للسفر للعلاج بالخارج، و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.
كما يعانى 3000 مريض من أمراض مختلفة ويحتاجون للعلاج فى الخارج، وأصيب أكثر من مليون و700 ألف شخص بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما تتعرض حياة 60 ألف سيدة حامل للخطر لانعدام الرعاية الصحية، وبلغ عدد حالات عدوى التهاب الكبدى الوبائى 71338 حالة، فيما يعيش 350 ألف مريض فى خطر بسبب منع دخول الأدوية.
وبلغ عدد المواقع الأثرية التى دمرها الاحتلال 206 مواقع تراثية وأثرية، كما دمرت إسرائيل 34 منشأة رياضية، فيما بلغ إجمالى أطوال شبكات الكهرباء التى دمرت 3030 كيلومتراً إضافة إلى تدمير 700 بئر مياه.
وقد كشفت وكالة تحليل الأقمار الاصطناعية التابعة للأمم المتحدة «يونوسات» عن تضرر نحو ثلثى المبانى فى قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلى المتواصل على القطاع منذ 10 أشهر، وأن آخر تقييماتها للأضرار يكشف تضرر 151 ألفاً و265 مبنى فى القطاع، وأن 30% من المبانى تعرضت للتدمير الكامل، و12% لحقتها أضرار على نحو خطير، و36% تضررت على نحو متوسط، و20% تضررت، وهو ما يؤكد تضرر حوالى 63% من مجمل المبانى فى غزة، مع وجود 114 كيلوجراماً من الركام لكل متر مربع فى القطاع.
كل هذا الذى ذكرته على سبيل المثال يعيدنا إلى أن نتوقف قليلاً حتى لا ننخدع بكل ما يقوله العالم وأن نلتفت إلى بلادنا لننهض ونتقدم، وهذا يضعنا أمام الرؤية الثاقبة للرئيس القائد عبدالفتاح السيسى، التى بدأ بها ولايته الجديدة، وتعهد بـ«حماية الأمن القومى للبلاد».
وقال الرئيس فى خطابه أمام مجلس النواب، عقب أداء اليمين الدستورية، إن «الأولوية لصون وحماية أمن مصر القومى فى محيط إقليمى ودولى مضطرب»، متعهداً بـ«مواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية».
وقد حرصت مصر منذ بداية الحرب على وقف العدوان، ووقف المجازر والإبادة الجماعية، وقادت المفاوضات متحملة كل جهالات إسرائيل وتعنتها، متحلية بالصبر من أجل القضية الفلسطينية ووقف معاناة الشعب الفلسطينى فى غزة، ومنع أى حرب إقليمية قد تنشب فى المنطقة فتزيد الأمر اشتعالاً.
وهذا يدفعنى أن أقول لأبناء شعبنا العظيم، مصر قيادة وشعباً مع قضية أمتنا المحورية فلسطين، والحفاظ على أمننا القومى والعربى على رأس أولويات الرئيس القائد، فلا تقلقوا فالسفينة يقودها قائد ماهر.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إسرائيل الاحتلال غزة أمريكا
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: "مشروع إستر" نموذج لمبادرات القمع الأمريكية
ما قد يكون مثيرا للجدال إلى حد كبير مع إدارة ترامب هو التعبئة المقترحة لقمع القوى "المؤيدة للفلسطينيين" في أمريكا، وترحيل الناشطين الفلسطينيين واستخدام هذه التدابير كنموذج لسحق المعارضة.
في عام 2023، اكتسبت مندوبة الولايات المتحدة بمجلس الأمن الدولي "إليز ستيفانيك" ، التي تلقت مئات الآلاف من الدولارات من لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية ولوبي إسرائيل، اهتماما وطنيا لاستجوابها لرؤساء الجامعات البارزين في جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي متلفزة حول معاداة السامية.
ودعت "ستيفانيك" إلى ترحيل الطلاب، وادعت أنهم "أعضاء مؤيدون لحماس في حشد يدعو إلى القضاء على إسرائيل"... وفي أكتوبر 2024، حثت على "إعادة تقييم كاملة" لتمويل الولايات المتحدة للأمم المتحدة، والتي تتهمها بتعزيز "معاداة السامية المتطرفة".
بصفتها سفيرة ترامب لدى الأمم المتحدة، تستطيع "ستيفانيك" الآن أن تتصرف كما تدعي، وعندما سُئلت عما إذا كانت تدعم تقرير المصير الفلسطيني، رفضت الإجابة.؟؟
وعندما سُئلت عما إذا كانت تؤمن بوجهة نظر وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش" ووزير الأمن القومي السابق "إيتامار بن جفير"، زعماء اليمين المتطرف في إسرائيل، بأن لإسرائيل حقًا توراتيًا في الضفة الغربية، أجابت ستيفانيك: "نعم". !!!
وفقًا لتمويل حملة "ستيفانيك"، فقد جمعت 15.3 مليون دولار في عامي 2023 و2024، وكان أكبر مساهم لها هو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، لكن أموالها الكبيرة جاءت من مساهمات فردية كبيرة (2.9 مليون دولار) وخاصة فئة "أخرى" غير شفافة (8.7 مليون دولار).
تم تمويل الجزء الأكبر من الأموال من خلال دعمها من الجمهوريين اليهود البارزين - بما في ذلك وريث مستحضرات التجميل "رون لودر"، وقطب إدارة الأصول "مارك روان"، وقطب الكازينو والبارات "ستيف وين"، والمديرين التنفيذيين في بلاكستون والسفير السابق لترامب ديفيد فريدمان - في أعقاب استجوابها لرؤساء الجامعات.
صوت آخر في جوقة القمع والترحيل هو النائب "بريان ماست"، الرئيس الجديد للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مثل اليمين المتطرف الإسرائيلي، يرفض "ماست" فكرة المدنيين الفلسطينيين الأبرياء الذين يدافعون عن العقاب الجماعي.
وهو مسيحي إنجيلي، تطوع مع الجيش الإسرائيلي في عام 2015 وارتدى زي جيش الدفاع الإسرائيلي في الكونجرس بعد 7 أكتوبر 2023.
تشريع "ماست" يقطع بشكل دائم التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا للاجئين، ويرفض وقف إطلاق النار في غزة، ويريد توسيع مبيعات الأسلحة لإسرائيل.
في أكتوبر الماضي، كتب روبيو إلى وزير الخارجية آنذاك أنتوني بلينكين، وحثه على "القيام على الفور بمراجعة كاملة وجهود تنسيق لإلغاء تأشيرات أولئك الذين أيدوا أو تبنوا نشاط حماس"... في هذا الجهد، سعى مرشحو ترامب للشؤون الداخلية إلى جعل حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين قضية رئيسية في أمريكا.
ولكن.. كيف يمكن أن تستمر هذه المبادرات؟
إن أحد الأدوار الرئيسية التي يلعبها "كاش باتيل"، الذي يعتبر بمثابة يد ترامب في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقد تم توضيح المخطط التفصيلي في مشروع "إستر"، وهي الخطة المفترضة لمكافحة معاداة السامية والتي كشفت عنها "مؤسسة هيريتيج"... وهي جزء من مشروع 2025، الخطة المحافظة للغاية لتغيير الحكومة الأمريكية جذريًا.
يزعم "مشروع إستر" أن "الحركة الأمريكية المناهضة لإسرائيل والصهيونية وأمريكا المؤيدة للفلسطينيين هي جزء من شبكة دعم حماس العالمية" كما يزعمون... ومن هنا، فإن دعوتهم إلى "تفكيك البنية التحتية ... المخصصة لتدمير الرأسمالية والديمقراطية".
وتأمل هذه الحركة في الاستفادة من قانون التوعية بمعاداة السامية المثير للجدل للغاية، والذي قد يخلط بين الانتقادات المشروعة لإسرائيل في حين يحد بشكل كبير من حرية التعبير في أمريكا.
إذا ساد "مشروع إستر"، فإن حملة ترامب القمعية تهدف إلى ترحيل المحتجين في أمريكا الذين يحملون تأشيرات طلابية واستهداف وضع الجامعات المعفى من الضرائب، ورغم أنها مصممة "لمكافحة معاداة السامية"، فإنها ستكون بمثابة نموذج لمبادرات محلية أخرى تسعى إلى قمع المعارضة والنشاط السياسي، وفي هذا المشروع المدمر للذات، يكون الفلسطينيون ككبش فداء ملائم وأضرار جانبية.