على مدار ما يقرب من 75 عاماً، قدمت الولايات المتحدة مساعدات لإسرائيل أكثر مما قدمته لأى دولة أخرى. ومنذ 8 أكتوبر الماضى ومع ارتفاع وتيرة الحرب على غزة، أرسل الرئيس الأمريكى جو بايدن دعماً عسكرياً لا محدود لإسرائيل وحث الكونجرس المنقسم على الموافقة على المزيد.

وقُدر ما أرسلته أمريكا إلى إسرائيل بما مجموعه 158 مليار دولار فى شكل مساعدات ثنائية وتمويل الدفاع الصاروخى منذ عام 1948، حتى الآن، وفقاً لتقرير صدر فى شهر مارس عن خدمة أبحاث الكونجرس.

ومنذ عام 1999، حُددت المساعدات الأمريكية لإسرائيل فى إطار برنامج حكومى مدته 10 سنوات، بعدها أصبحت إسرائيل الأكثر حصولاً على المساعدات العسكرية الأمريكية بموجب الفصل 22 من برنامج (إف إم إم)، إذ تمثل منح التمويل العسكرى الأجنبى السنوية لإسرائيل نحو 16 فى المائة من إجمالى موازنة الدفاع الإسرائيلية.. شوفوا مصلحة أمريكا وإسرائيل فوق كل اعتبار!!

وفى الوقت الحاضر، تُعد كل المساعدات الثنائية الأمريكية إلى إسرائيل على شكل مساعدات عسكرية، وبموجب مذكرة التفاهم الحالية من عام 2019 إلى 2028 تقدم الولايات المتحدة سنوياً ما لا يقل عن 3.3 مليار دولار من التمويل العسكرى الأجنبى و500 مليون دولار للبرامج التعاونية للدفاع الصاروخى، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.. ليتنا نتعلم مما يحدث حتى لا ننخدع بشعارات أمريكا البراقة.

ووفقاً لتحليل بيانات موقع المساعدات الأجنبية الأمريكية، فإن نسبة الدعم العسكرى خلال آخر أربع سنوات تبلغ 99.7 فى المائة من إجمالى الدعم لإسرائيل، و0.3 فى المائة فقط لدعم المهاجرين لأسباب إنسانية إلى إسرائيل والمدارس الأمريكية وغيرها بقيمة تبلغ 8.8 مليون دولار.

وقد أعرب بايدن مراراً وتكراراً عن دعمه القاطع لإسرائيل فى أعقاب اندلاع الحرب على غزة، كما تستخدم أمريكا منذ فترة طويلة «الفيتو» بمجلس الأمن لمنع صدور قرارات ينظر إليها على أنها تنتقد إسرائيل أو تحقق فى ارتكابها جرائم إبادة فى غزة.

وفى قراءة بسيطة لإحصائيات حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة لليوم الـ305 على التوالى، نجد 3471 مجزرة استشهد على أثرها 39653 فلسطينياً، بينهم 16365 طفلاً و11012 سيدة، واستشهد 36 بسبب المجاعة، واستشهد 885 من الطواقم الطبية و79 من الدفاع المدنى و165 من الصحفيين، وهناك قرابة 1000 شخص فى عداد المفقودين، فيما بلغ عدد المصابين قرابة 91535.

ووفق آخر الإحصائيات، فإن عدد النازحين فى قطاع غزة بلغ نحو مليونين، بينهم 1.7 مليون يعيشون فى منطقة المواصى جنوب غربى القطاع بظروف معيشية مروعة، وفق بيان لمنظمة المساعدة الإنسانية الدولية «أوكسفام».

وفيما يتعلق بالأوضاع الصحية بالقطاع، فإن قرابة 3500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، و12000 جريح بحاجة للسفر للعلاج بالخارج، و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.

كما يعانى 3000 مريض من أمراض مختلفة ويحتاجون للعلاج فى الخارج، وأصيب أكثر من مليون و700 ألف شخص بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما تتعرض حياة 60 ألف سيدة حامل للخطر لانعدام الرعاية الصحية، وبلغ عدد حالات عدوى التهاب الكبدى الوبائى 71338 حالة، فيما يعيش 350 ألف مريض فى خطر بسبب منع دخول الأدوية.

وبلغ عدد المواقع الأثرية التى دمرها الاحتلال 206 مواقع تراثية وأثرية، كما دمرت إسرائيل 34 منشأة رياضية، فيما بلغ إجمالى أطوال شبكات الكهرباء التى دمرت 3030 كيلومتراً إضافة إلى تدمير 700 بئر مياه.

وقد كشفت وكالة تحليل الأقمار الاصطناعية التابعة للأمم المتحدة «يونوسات» عن تضرر نحو ثلثى المبانى فى قطاع غزة بسبب العدوان الإسرائيلى المتواصل على القطاع منذ 10 أشهر، وأن آخر تقييماتها للأضرار يكشف تضرر 151 ألفاً و265 مبنى فى القطاع، وأن 30% من المبانى تعرضت للتدمير الكامل، و12% لحقتها أضرار على نحو خطير، و36% تضررت على نحو متوسط، و20% تضررت، وهو ما يؤكد تضرر حوالى 63% من مجمل المبانى فى غزة، مع وجود 114 كيلوجراماً من الركام لكل متر مربع فى القطاع.

كل هذا الذى ذكرته على سبيل المثال يعيدنا إلى أن نتوقف قليلاً حتى لا ننخدع بكل ما يقوله العالم وأن نلتفت إلى بلادنا لننهض ونتقدم، وهذا يضعنا أمام الرؤية الثاقبة للرئيس القائد عبدالفتاح السيسى، التى بدأ بها ولايته الجديدة، وتعهد بـ«حماية الأمن القومى للبلاد».

وقال الرئيس فى خطابه أمام مجلس النواب، عقب أداء اليمين الدستورية، إن «الأولوية لصون وحماية أمن مصر القومى فى محيط إقليمى ودولى مضطرب»، متعهداً بـ«مواصلة العمل على تعزيز العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف، فى عالم جديد تتشكل ملامحه، وتقوم فيه مصر بدور لا غنى عنه لترسيخ الاستقرار، والأمن، والسلام، والتنمية».

وقد حرصت مصر منذ بداية الحرب على وقف العدوان، ووقف المجازر والإبادة الجماعية، وقادت المفاوضات متحملة كل جهالات إسرائيل وتعنتها، متحلية بالصبر من أجل القضية الفلسطينية ووقف معاناة الشعب الفلسطينى فى غزة، ومنع أى حرب إقليمية قد تنشب فى المنطقة فتزيد الأمر اشتعالاً.

وهذا يدفعنى أن أقول لأبناء شعبنا العظيم، مصر قيادة وشعباً مع قضية أمتنا المحورية فلسطين، والحفاظ على أمننا القومى والعربى على رأس أولويات الرئيس القائد، فلا تقلقوا فالسفينة يقودها قائد ماهر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: إسرائيل الاحتلال غزة أمريكا

إقرأ أيضاً:

محمد عبدالسلام يكتب: فرنسيس الإنسان.. زعيم روحي تجاوز الحواجز وبنى جسور الأخوة والحوار

هذا المقال بقلم المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام لجائزة زايد للأخوّة الإنسانية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

استيقظ العالم يوم الاثنين الماضي على خبر رحيل البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وقائد ملهم لأكثر من مليار ونصف من سكان عالمنا، ولا شك أن الإنسانية قد فقدت فارسًا من فرسان السلام والدعوة إلى الإخاء الإنساني في أسمى معانيه ولا غرو أن يصفه فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب قائلًا: "البابا فرنسيس رجل سلام بامتياز".

وليس من الإنصاف أن يُختزل الحديث عن البابا فرنسيس في كونه مجرد رمز ديني كاثوليكي، فالرجل كان، بحق، قائدًا روحيًا عالميًا استثنائيًا، وصوتًا للضمير الإنساني، وشريكًا حقيقيًا في صنع السلام، وصديقًا صادقًا ومتفردًا للإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. ومن واجب الإنصاف أن نُجلّ الإنسان فرنسيس بما قدّمه للبشرية من مآثر خالدة وإرث إنساني فريد، يتجاوز الحدود الدينية والجغرافية.

طوال عشر سنواتٍ من معرفتي الوثيقة بالبابا فرنسيس، منذ أول لقاء جمعني به عام 2015 في سياق عملي كمستشار للإمام الأكبر الطيب، لم أرَ منه إلا التواضع الجمّ والصدق العميق والرحمة الواسعة. لم يكن البابا رجلاً يعيش في أبراج العظمة ولا متكئًا على ألقاب البروتوكول، بل كان قريبًا من الناس، بسيطًا في حضوره، عظيمًا في جوهره.

ما زلت أذكر كيف كان يكتب رسائله وخطاباته لي بخط يده بتواضع مدهش، في مشهد يجسّد تجرّده من المظاهر وميله الفطري للبساطة. كان يُجالس الأطفال، ويُربّت على أكتافهم، ويُنصت لهم، لا تكلفًا بل حبًا صادقًا. وقد رأيت ذلك بعيني في كل لقاء جمعه بأطفالي الثلاث الذين نشأت بينهم وبينه علاقة وجدانية عميقة، لدرجة أنهم ينادونه بعفوية الأطفال وبراءتها "جدو البابا"، ويحتفلون بعيد ميلاده كل عام بكعكة يختارونها بأنفسهم في السابع عشر من ديسمبر، ويُهاتفهم من حين لآخر للاطمئنان عليهم، كما كان يفعل عندما كانت ابنتي خديجه تمر بمرحلة علاجية دقيقة عام 2018.

ومن المواقف التي لا تُنسى، ذلك اللقاء الأول الذي جمع البابا بالإمام الأكبر في مقر إقامته بالفاتيكان "كازا سانتا مارتا"، حيث جلسا إلى مائدة واحدة، فتناول البابا قطعة خبز فقسمها إلى نصفين، أعطى الإمام الأكبر نصفها، وتشاركاها في صمت يعلو على كل خطاب، وكأنهما يكتبان لحظة جديدة في تاريخ التعايش الإنساني، كانت إيذانا بعودة الحوار والعلاقات بين الأزهر والفاتيكان بعد قطيعة دامت لسنوات قبل مجيء الرمزين العظيمين.

لقد جسّد البابا فرنسيس الإيمان بأن تنوّعنا الثقافي والديني ليس سببًا للفرقة، بل هو هبة من الله تستحق أن تُحاط بالعرفان والاحترام. ولذا، لم يكن مستغربًا أن يكون أول بابا في التاريخ يقوم مع شيخ الأزهر بزيارة مشتركة إلى أرض شبه الجزيرة العربية، حين زارا معاً الإمارات العربية المتحدة في عام 2019، ثم مملكة البحرين في 2023، حاملين رسالة سلام وانفتاح، وداعيين لحوار الحضارات، لا صراعها، وقد تجدد اللقاء بين الرمزين في العديد من اللقاءات والمحافل.

ومن أبرز محطات حبريته، توقيع وإطلاق "وثيقة الأخوة الإنسانية" من أبوظبي عام 2019، إلى جانب الإمام الأكبر، كإعلان عالمي يدعو إلى بناء عالم متصالح، يقوم على احترام الإنسان، ونبذ الكراهية، وترسيخ قيم الرحمة والتفاهم، ومثلت محطة تاريخية تشرفت بالمساهمة في الوصول اليها.

ولم يكن التزامه بالأخوّة الإنسانية محصورًا في الحبر والكلمات، بل امتد إلى الأفعال؛ فلطالما وقف إلى جانب اللاجئين والمهمشين، كما فعل حين اصطحب ثلاث عائلات سورية مسلمة لاجئة من جزيرة ليسبوس إلى روما، حيث يعيشون اليوم حياة جديدة ويقولون في كلمات تفيض بالامتنان والعرفان: "لقد أرسله الله لينقذنا".

وعلى صعيد البيئة، كان للبابا فرنسيس صوتًا صادقًا لا يلين. فمنذ إطلاقه الرسالة البابوية التاريخية "كن مسبّحًا" عام 2015، جعل من حماية البيئة أولوية أخلاقية وروحية، ودعا قادة الأديان إلى أن يضطلعوا بمسؤوليتهم تجاه هذا التحدي المصيري، كما التزم بقيادة الفاتيكان نحو الحياد الكربوني الكامل بحلول عام 2050.

وفي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي استضافته الإمارات العربية المتحدة، وتحديدًا في جناح الأديان الذي نظّمه مجلس حكماء المسلمين – والذي أتشرف بتولي أمانته العامة – تشرفنا بمشاركة البابا فرنسيس والإمام الأكبر معًا في رعاية المبادرة، ووقعا معاً إلى جانب 28 قائدًا دينيًا على "بيان أبوظبي بين الأديان من أجل المناخ"، في لحظة تاريخية تجلّت فيها وحدة الضمير الإنساني في وجه التحديات الكبرى التي تهدد البشرية.

وفي ديسمبر الماضي، كان لي شرف اللقاء الأخير مع قداسته في حاضرة الفاتيكان، خلال لقاء خاص نظمناه للجنة تحكيم جائزة زايد للأخوّة الإنسانية. وقد أعددنا له بهذه المناسبة فيديو تهنئة بعيد ميلاده، شارك فيه عدد من الفائزين وممثلين عن الجائزة، بالإضافة إلى أطفال لاجئين من روما. وعندما شاهد وجوه الأطفال على الشاشة وهم يغنون له، أضاء وجهه بابتسامة عريضة، وارتسمت على محيّاه ملامح الفرح العفوي الصادق.

لقد رحل عن عالمنا رجل استثنائي، عاش من أجل الناس، وأحبّ الفقراء، وسعى لبناء عالمٍ يسوده السلام. إلا أن رسالته لم ترحل، وإرثه لم ينقطع، وسيرته ستظل منارة تهدي الساعين للخير والعدالة.

فلنُكرم ذكراه بالسير على خُطاه في دعوته للسلام والتعايش، ونحمل ما دعا إليه من رحمة، ونُعلي ما نادى به من حوار إنساني، ونمضي في بناء عالمٍ تسوده روح المحبة والأخوة. هذا هو إرث فرنسيس الإنسان: أبٌ في الإنسانية، وزعيمٌ في السلام، ورمزٌ سيبقى حيًّا في ضمائر الأحرار.

الإماراتمصرالبابا فرنسيسرأيشيخ الأزهرنشر الخميس، 24 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • علاء عابد: ذكرى تحرير سيناء تعكس الإرادة القوية للشعب المصري
  • علاء عابد: ذكرى تحرير سيناء رمز للفخر والعزة والانتصار
  • الحرس الثوري الإيراني والدعم السريع نفس الملامح والشبه
  • محمد عبدالسلام يكتب: فرنسيس الإنسان.. زعيم روحي تجاوز الحواجز وبنى جسور الأخوة والحوار
  • د. محمد بشاري يكتب: البابا فرنسيس.. رحيل رجل السلام وصوت الضمير الإنساني
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر
  • جولان: من الأفضل لإسرائيل وقف الحرب بغزة
  • معاهد الصحة الأمريكية ستسحب تمويل الأبحاث من الجامعات المقاطعة لإسرائيل
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (شكرا خلفان)
  • النيابة تكشف عن محاكمة نظاميين ومستنفرين أثناء الحرب بسبب جرائم فردية