إحياء الماضي الفظيع.. كيف ينظر ترامب للبنك المركزي الأميركي؟
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
يواصل الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تعهداته بالتحكم بالقرارات الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في حال عودته للبيت الأبيض، وهو أمر من شأنه أن يغير من استقلالية البنك السياسية التي تتيح له محاربة التضخم باستخدام إجراءات قد لا تحظى بشعبية واسعة.
وفي مؤتمر صحفي، الخميس، رد ترامب على سؤال بشأن ما إن كان سيتدخل في قرارات الاحتياطي الفيدرالي، رد بالقول: "أشعر أن الرئيس عليه على الأقل أن يكون له رأي.
ويشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن خبراء الاقتصاد والباحثين لطالما بحثوا استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بناء على نظرية تفيد بأن السياسيين يفضلون أسعار الفائدة المنخفضة على الرغم من أنها قد تؤدي إلى التضخم.
ومنذ السبعينيات، يحمي المسؤولون عن الاحتياطي الفيدرالي قدرتهم على تحديد أسعار الفائدة من دون تدخل سياسي، وذلك بعد أن ألقي باللوم وراء التضخم المرتفع بشكل جزئي على إدارة الرئيس حينها، ريتشارد نيكسون، وقدرته على إقناع رئيس مجلس إدارة البنك، والذي كان مستشارا اقتصاديا سابقا لديه، بالإبقاء على انخفاض أسعار الفائدة قبيل انتخابات عام 1972.
"ماض فظيع"يقول مارك سبايندل، مدير الاستثمار الذي ساهم في كتابة تاريخ استقلال الاحتياطي الفيدرالي، للصحيفة: "هناك ماض فظيع لرؤساء حاولوا اللجوء للضغط على أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ولم ينته الأمر بصورة جيدة".
ويشير إلى أنه ورغم أن الضغوط الرئاسية لخفض أسعار الفائدة "ليست بالأمر الجديد، الحصول على رأي بشكل مباشر في العملية هو أمر مختلف كليا".
والخميس، نشر رئيس مجلس مستشاري بايدن الاقتصاديين، جاريد بيرنستين، تغريدة عبر إكس أكد فيها أهمية استقلالية البنك المركزي الأميركي، وقال: "التاريخ لا يمكن أن يكون أوضح فيما يخص التبعات التضخمية الدائمة والمضرّة وراء تجاهل هذا الدرس أو قلب التقدم الذي تم التوصل إليه بجهد مضن خلال ما مضى من نصف قرن".
ولم يوضح ترامب ما قصده بأن يكون للرئيس الأميركي دور في عملية صناعة القرار في الاحتياطي الفيدرالي لكنه قال: "لقد مكنت من صنع الكثير من المال.. كنت ناجحا للغاية وأظن أن لديّ حدسا أفضل، في العديد من الأحوال، من الأشخاص الذين سيكونون في الاحتياطي الفيدرالي أو بمجلس إدارته".
ورجح ترامب أن قرارات الاحتياطي الفيدرالي تصدر عن "حدس" مشيرا إلى أن رئيس مجلس إدارته، جيروم باول، "أخطأ كثيرا.. هو يبكّر قليلا وأحيانا يتأخر قليلا".
ورفضت حملة ترامب التعليق على طلب "وول ستريت جورنال" بشأن تصريحات المرشح الجمهوري.
ونوهت الصحيفة إلى أن رغم أن تصريحاته قد تنم إلى أنه يعلم أكثر من خبراء الاحتياطي الفيدرالي ما يمكن فعله، فإن تصريحاته تعكس أيضا اعتبارات سياسية، فمع انخفاض التضخم والهدوء في سوق العمل، من المتوقع أن يخفّض البنك الاحتياطي أسعار الفائدة في سبتمبر، وفق ما ذكرته الصحيفة.
لكن ترامب يرفض ذلك قطعا، معتبرا أن أي خفض لأسعار الفائدة قبل انتخابات نوفمبر من شأنه أن يأتي لفائدة الديمقراطيين، وقال في مقابلة مع "Bloomberg Businessweek" إنه أمر يعلم المسؤولون في البنك "أنه لا يتوجب عليهم فعله".
ترامب وباول في حفل تعيين الأخير بمنصبه ترامب ضد باولخلال فترة رئاسته، واجه ترامب باول مرارا، منتقدا في خطاباته ومنشوراته عبر وسائل التواصل الاجتماعي السياسات التي اعتمدها رئيس البنك الفيدرالي، منتقدا قراراته برفع أسعار الفائدة ولاحقا بشأن عدم خفضها بما فيه الكفاية، وبلغ الحد أن وصفه "بالعدو الأكبر" للولايات المتحدة من الرئيس الصيني، شي جين بينغ.
ورغم أن ترامب لم يحدد إمكانية تدخله بقرارات الاحتياطي الفيدرالي، لكن بعض المستشارين وضعوا خيارات عدة. وفي تقرير في أبريل الماضي، قال "وول ستريت جورنال" إن مجموعة من حلفاء ترامب حضروا وثيقة بعشر صفحات تتضمن "خيارات" للحد من استقلالية البنك المركزي الأميركي.
وأوصت الوثيقة أن يستشار ترامب في قرارات رفع أسعار الفائدة وتشير إلى كيفية عزل باول من منصبه، وقالت حملة ترامب حينها إن نقاشات تغيير السياسات ليس رسمية إن لم تأت مباشرة من المشرفين على الحملة.
وذكرت الصحيفة في أبريل الماضي أن العديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى ترامب قالوا إنه يود أن يشرف على الاحتياطي الفيدرالي شخص يعتبره عضوا بحكم منصبه ضمن اللجنة المعنية بتحديد أسعار الفائدة.
وبموجب هذا النهج، سوف يسعى رئيس اللجنة بانتظام إلى الحصول على آراء ترامب بشأن سياسات أسعار الفائدة، ثم يتفاوض مع اللجنة لتوجيه السياسة نيابة عن الرئيس. وقد ناقش بعض مستشاري الرئيس السابق ضرورة موافقة المرشحين لرئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي بشكل خاص على التشاور بشكل غير رسمي مع ترامب بشأن قرارات البنك المركزي، وفق ما نقلته الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الأمر.
لكن الصحيفة تشير إلى أن العديد من المقربين لترامب يعارضون بشدة هذا الأسلوب، ونقلت عن عدد من الاقتصاديين ومحللي أسواق المال ممن أخذ ترامب بمشورتهم تحذيرهم من أن الانتقاص من استقلالية الاحتياطي الفيدرالي يشكل فكرة سيئة.
وقال روبرت لايتهايزر، السفير التجاري والمستشار السابق لترامب، للصحيفة في وقت سابق هذا العام: "إنه إنجاز عظيم أن أميركا تمكنت أخيرا من الحصول على نظام مستقل للاحتياطي الفيدرالي. آخر شيء قد أقترحه هو أن يتم القيام بأي شيء لتغييره".
"خيارات قليلة"ويذكر موقع "أكسيوس" أن ترامب سيكون أمام "خيارات قليلة" لإعادة تشكيل الاحتياطي الفيدرالي لما يطمح إليه خلال الأشهر الـ 16 الأولى من ولايته، في حال فوزه بالانتخابات المقبلة.
ونوه "أكسيوس" إلى أنه لا تتوفر مناصب لمحافظ للبنك حتى يناير عام 2026، بينما سيظل باول في منصبه حتى مايو عام 2026.
ولكن يشير الموقع ذاته، إلى أنه بعد هذه الفترة قد يعمد ترامب إلى تعيين قادة في الفيدرالي يوافقونه الرأي في تغيير الوضع الحالي بإبقاء البيت الأبيض بعيدا عن القرارات المتخذة.
وذكر "أكسيوس" أنه في حال نجاح ترامب بتعيين قيادات للاحتياطي الفيدرالي من شأنها أن تستجيب لأوامره بخفض أسعار الفائدة فإن ذلك قد يتسبب بفقدان أسواق السندات ثقتها بمصداقية البنك الأميركي المركزي بشأن التضخم، وبالتالي التسبب برفع أسعار الفائدة طويلة الأجل.
كما تطرق الموقع إلى نقطة هامة أخرى، وهو الدعم الواسع لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي داخل مجلس الشيوخ، وحتى لو غلب عليه الجمهوريون، "فإن المعينين الذين يُنظَر إليهم على أنهم مفرطون في التذلل للبيت الأبيض قد يجدون صعوبة بالغة في الحصول على تصديق لتعيينهم".
"تدخلات" سابقةوكانت إدارة الرئيس نيكسون قد ضغطت على رئيس الاحتياطي الفيدرالي، آرثر بيرنز، من أجل التخفيف من المعيقات المالية "بطرق مباشرة وغير مباشرة"، على أمل إنعاش الاقتصاد قبل انتخابات عام 1972.
وقال نيكسون خلال حفل تنصيب بيرنز: "أحترم استقلاليته"، مستدركا بالقول: "لكن، آمل أن يصل لاستنتاج بشكل مستقل بأن آرائي هي التي يجب اتباعها".
وفي وقت لاحق، نشرت "حملات مغرضة تابعة لنيكسون" إشاعات بشأن بينز زعمت أنه يود الحصول على راتب ضخم في وسط تضخم مرتفع، وذلك من أجل الضغط على بيرنز من أجل قبول سياسات التخفيف المالي التي أرادها نيكسون، وفق ما نقله "أكسيوس".
ووافق بيرنز إلى حد كبير على رغبة نيكسون في التحفيز النقدي قبل انتخابات عام 1972، وهو القرار الذي يعتقد العديد من المؤرخين الاقتصاديين أنه ساهم في تأرجح التضخم مع تقدم العقد (على الرغم من وجود بعض الآراء المراجعة التي ترى أن هذا غير عادل بالنسبة لبيرنز).
كما ضغط الرئيس السابق، رونالد ريغان، عام 1984، على رئيس الاحتياطي الفيدرالي، بول فولكر.
وقال فولكر في مذكراته إنه استدعي إلى البيت الأبيض، وأن ريغان كان جالسا إلى جانب كبير موظفي البيت الأبيض، جيم بايكر "وقد بدت عليه علامات عدم الراحة"، مضيفا "لم يقل (ريغان) شيئا، وعوضا عن ذلك أوصل بايكر رسالة: 'الرئيس يأمرك بعدم رفع أسعار الفائدة قبل الانتخابات'".
"شعرتُ بالصدمة"، يكتب فولكر "لم يكن الرئيس فقط يتخطى صلاحياته بإعاء أوامر للاحتياطي الفيدرالي، ولكن الأمر كان محبطا أيضا لأنني لم أكن أخطط لتطبيق سياسة نقدية أكثر صرامة في ذلك الوقت".
وقال: "خرجت من دون أن أنبس بكلمة".
وأوضح أنه كان يود أصلا تخفيف السياسات عقب انهيار بنك "كونتيننتال إلينوي".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی المرکزی الأمیرکی أسعار الفائدة البنک المرکزی الحصول على العدید من إلى أنه إلى أن
إقرأ أيضاً:
المركزي الروسي يخالف الفيدرالي الأمريكي ويتخذ قرارا بشأن سعر الفائدة
أصدر البنك المركزي الروسي، في اجتماع مجلس إدارته اليوم الجمعة، قرارا بالإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند مستواها الحالي 21% سنويا.
وجاء قرار البنك المركزي الروسي مخالفا لتقديرات الخبراء، الذين توقعوا زيادة من مستوى 21% إلى 22% أو 23%.
ويُشار الي ان البنك المركزي الروسي قد قرر في نهاية أكتوبر الماضي رفع سعر الفائدة من 19% إلى 21% سنويا، ويأتي ذلك في إطار مكافحة المنظم الروسي للتضخم.
قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، اليوم الأربعاء، تخفيض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليكون ذلك للمرة الثالثة هذا العام.
وقد قررت لجنة السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي تخفيض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصل المعدل إلى ما بين 4.25% و4.50%، وهو ما يتماشى مع التوقعات.
ويعد هذا التخفيض هو الثاني من نوعه منذ فوز دونالد ترامب بالرئاسة في نوفمبر الماضي.
ففي الشهر ذاته، قام الفيدرالي بتخفيض معدلات الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، لتتراوح بين 4.50% و4.75%.