ألغام سياسية وفجوات مع بايدن.. معضلة هاريس في حرب غزة
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
"لن أصمت" أمام المعاناة في غزة، تلك كانت أول تصريحات أدلت بها نائبة الرئيس الأميركي والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة، كمالا هاريس، عقب لقائها برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الشهر الماضي.
موقف هاريس شكل تصريحا علنيا لإظهار "الفجوات الضئيلة" ما بين السياسة التي تود نائبة الرئيس اعتمادها، وما كان قد عبر عنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن أزمة الشرق الأوسط التي تهدد بالاتساع مع احتدام الحملات الانتخابية، وفق ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير بعنوان "معضلة هاريس بشأن إسرائيل: إلى أي مدى يجب أن تنأى بنفسها عن بايدن بشأن غزة؟".
ورغم أن كلا من هاريس وبايدن عبرا عن استعدادهما للدفاع عن أمن إسرائيل، أظهرت نائبة الرئيس موقفا أكثر صراحة فيما يخص الضغط على حكومة نتانياهو لفتح المجال أمام إدخال المساعدات الإنسانية لسكان غزة والتوصل إلى اتفاق مع حماس من أجل وقف إطلاق النار.
منددة بهجوم 7 أكتوبر.. هاريس: "لن أصمت" أمام المعاناة في غزة أكدت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، الخميس، أن اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، كان "صريحا وبنّاء"، مشيرة إلى أنها تندد بهجوم حماس المروّع في السابع من أكتوبر، ومنوهة في الوقت ذاته إلى أنها "لن تصمت" أمام المعاناة التي يشهدها المدنيون في غزة.وترى الصحيفة أنه بالنسبة لهاريس، بعد اتخاذ موقف مختلف عن بايدن سيساعدها في كسب التقدميين وغيرهم من المصوّتين الذين عبّروا عن غضبهم تجاه دعم البيت الأبيض لإسرائيل.
لكن هذا الموقف قد يحمل مخاطر في طيّاته، وفق تعبير "وول ستريت جورنال"، فإن اقتربت هاريس بشكل كبير لمنتقدي إسرائيل قد يساهم ذلك في استهجان المصوتين الآخرين ومنح المرشح الجمهوري والرئيس السابق، دونالد ترامب، فرصة لمهاجمتها.
يقول آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق للسلام في الشرق الأوسط والذي عمل في ظل إدارات جمهورية وديمقراطية: "هناك كمالا داخلية، تأتي من فرق بالأجيال عن بايدن، (وهو جيل) يشعر بالتعاطف والإدراك بشكل أعمق من الرئيس عندما يتعلق الأمر بمعاناة الفلسطينيين".
ويستدرك في حديثه للصحيفة: "وهناك كمالا خارجية، الديمقراطية المعتدلة المؤيدة لإسرائيل، والتي سيتوجب عليها، ولأسباب سياسية، عندما يتعلق الأمر باحتياجات إسرائيل أن تلوّن ما بين الخطوط".
وذكرت الصحيفة عن مسؤولين أن هاريس تملك تأثيرا ضئيلا في سياسات الإدارة بشأن غزة، حيث يدفع بالنقاشات اليومية المستشارون في البيت الأبيض ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، بيل بيرنز.
وتنوه إلى أنه في الوقت ذاته فإن أي فشل في المفاوضات أو التوصل لاتفاق سيسدل بظلاله على هاريس، التي ستتحمل تبعات الفشل الدبلوماسي والتوترات في المنطقة، ما قد يعقّد من سباقها نحو الرئاسة.
ويشير مسؤولو الإدارة إلى أن بايدن وهاريس ينسقان عن كثب كيفية التعامل مع إسرائيل، وفق الصحيفة التي ذكرت أن نائبة الرئيس تفضل الانفتاح بالحديث مع الرئيس في اجتماعات مغلقة، كما ذكرت أن الرئيس الأميركي وكلها برسم خطة "غزة ما بعد الحرب" والتي توجهت إلى دبي، في ديسمبر، للقاء قادة عرب للدفع بها قدما.
وأشارت الصحيفة إلى أن هاريس ورغم أنها تحرص على عدم مناقضة بايدن، لكنها اختلفت في كيفية توجيه الرسائل التي تحملها الإدارة الأميركية بشأن الصراع في غزة، وفي بعض المرات كانت تسبق المسؤولين الآخرين في حث إسرائيل على التقليل من الضحايا المدنيين ومعالجة الأزمة الإنسانية في القطاع المحاصر.
الموقف ذاته عبرت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير سابق، حيث ذكرت أن هاريس كانت متوافقة إلى حد كبير مع بايدن فيما يتعلق بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها مع حماس في غزة، وأنها أكدت موقف الإدارة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها استخدمت نبرة أكثر حدة بشأن معاناة الناس في غزة.
وقالت هاريس للصحفيين بعد اجتماعها مع نتانياهو، الشهر الماضي: "ما حدث في غزة على مدى الأشهر التسعة الماضية مدمر".
وأضافت أن "صور الأطفال القتلى والأشخاص اليائسين والجوعى الذين يفرون بحثًا عن الأمان، وأحيانًا ينزحون للمرة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، لا يمكننا أن نغض الطرف عن هذه المآسي"، مؤكدة: "لن أصمت".
"لن أصمت".. ما هي مواقف كامالا هاريس تجاه الحرب في غزة وأوكرانيا؟ بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، خروجه من السباق الرئاسي في وقت يتزايد فيه التوتر العالمي، ظهر اسم نائبته كاملا هاريس بشكل سريع لتخوض الانتخابات، ما يترك الناخبين يتساءلون عن موقفها من قضايا السياسة الخارجية الحرجة، بما في ذلك الدعم العسكري لإسرائيل وأوكرانيا، وأزمة المهاجرين، والتهديدات من الصين الناشئة. سياسات هاريس الخارجيةولكونها نائبة الرئيس، لم تسنح الفرصة أمام هاريس لرسم سياساتها الخارجية الخاصة، ويقول بعض المراقبين لوول ستريت جورنال إنها ستسعى إلى الاقتراب من العناصر التقدمية للحزب الديمقراطي، ومن المحتمل أن تشترط دعم الولايات المتحدة لإسرائيل بسلوكيات الأخيرة في غزة والضفة الغربية.
لكن دين ليبرمان، نائب مستشار هاريس للأمن القومي، حدد تلك التوقعات بأنها "افتراضات"، مشددا في حديثه لوول ستريت جورنال على أن هاريس كان لديها "التزام ثابت ودام طوال حياتها نحو أمن إسرائيل وأنها لن تترك إسرائيل تقف وحدها"، لكنه يضيف أن هاريس "ترى أنه يجب تنفيذ المزيد لحماية المدنيين الفلسطينيين وإيصال المساعدة الإنسانية".
وفي كلمة ألقتها خلال تجمع انتخابي في مدينة سيلما بولاية ألاباما، في مارس الماضي، وصفت هاريس الظروف الكارثية في غزة، وحثت إسرائيل على إدخال المزيد من المساعدات، مشيرة إلى أن الفلسطينيين أجبروا على تناول علف الحيوانات وأوراق النباتات.
وفي تحقيق موسَّع نشر في أواخر يوليو الماضي، أجرت شبكة "إن بي سي" مقابلات مع ما يقرب من 30 مسؤولا أميركيا حاليا وسابقا عملوا مع هاريس وفريقها في قضايا السياسة الخارجية، للتعرف على ما قد ترسمه المرشحة الديمقراطية لعدد من القضايا التي تواجه الولايات المتحدة.
وذكرت الشبكة أن تصريحات هاريس بشأن الصراع في الشرق الأوسط تقارب ما كان قد صدر عن بايدن، "وإن كانت مختلفة في النبرة، إلا أنها تتشابه في مضمونها".
ونقلت "إن بي سي" عن منتقدين قولهم إن تحفظ هاريس هو علامة على افتقارها إلى رؤية السياسة الخارجية والخبرة العميقة، بينما يرى مؤيدون أنها كانت حذرة لأنها لم تكن تريد الاختلاف علنا مع بايدن ومساعديه، وأنها اكتسبت قدرا كبيرا من الخبرة في السياسة الخارجية كنائبة للرئيس.
وقال أحد كبار مساعدي نائب الرئيس للشبكة إنه بدلا من وجود عقيدة للسياسة الخارجية، يركز نائب الرئيس على التحديات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي وتغير المناخ والمنافسة العالمية في الفضاء.
لكن الشبكة ذكرت أن هاريس كانت تنصت عن كثب إلى ما كان يتم تداوله في الاجتماعات الأمنية، وأنها أصبحت أكثر وعيا بالسياسات الخارجية مقارنة بما كان عليه الحال في بداية توليها منصبها.
ونوهت "إن بي سي" أن الاختلافات الطفيفة بين هاريس وبايدن ظهرت في السياسة الخارجية بشكل خاص بشأن قرار الرئيس بسحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان، ومؤخرا، في العلن بشأن الحرب في غزة.
وذكرت أنه لدى مناقشتها كلا الصراعين، أكدت هاريس على التحديات الإنسانية أولا، ثم أكدت على السياسة الأميريكية الشاملة. وفي غزة، كان الالتزام بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وفي أفغانستان كان القرار بإنهاء الحرب، بينما كان بايدن يميل إلى القيام بالعكس.
وذكر مسؤولون أن هاريس كانت أسرع من بايدن في إيجاد التوازن بين دعم إسرائيل بقوة والتعبير عن المخاوف بشأن مقتل الفلسطينيين. وفي خطاب ألقته في ديسمبر، خلال زيارتها دبي، قالت هاريس إن إسرائيل بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين في غزة، وهو كان أشد انتقاد لإسرائيل من جانب الإدارة في تلك المرحلة.
وتختتم وول ستريت جورنال تقريرها بالتأكيد على أن المسؤولين في الإدارة يقولون إن استمرار الحرب في غزة والتوت بالشرق الأوسط "لا يترك لهاريس خيارا إلا السير في حقل ألغام سياسي قبل الانتخابات".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السیاسة الخارجیة الرئیس الأمیرکی ستریت جورنال نائبة الرئیس عن بایدن لن أصمت ذکرت أن فی غزة إلى أن ما کان
إقرأ أيضاً:
سر رسالة تركها الرئيس السابق بايدن لترامب في درج مكتبه.. ماذا قال؟
رسالة مكتوبة بالحبر داخل ظرف أبيض، عثر عليها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في درج المكتب البيضاوي، تركها له سلفه الرئيس السابق جو بايدن، وذلك ضمن تقليد معتمد منذ 46 عامًا، ووصف «ترامب» هذ الرسالة بأنّها لطيفة ومُلهمة من جو بايدن، مقدرًا هذه البادرة على الرغم من التنافس بينهما، فماذا قال بايدن في الرسالة؟
ماذا قال بايدن لترامب بعد نهاية ولايته؟الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كشف عن أنّ الرئيس السابق جو بايدن ترك له رسالة قبل مغادرته المكتب البيضاوي للمرة الأخيرة، وقال «ترامب» للصحفيين خلال جلسة أسئلة وأجوبة في غرفة روزفلت بالبيت الأبيض، إنّ الرسالة كانت لطيفة للغاية، وعرض الرئيس الأمريكي البالغ من العمر 78 عامًا، هذا الظرف الذي كُتب على الجزء الخارجي منه الرقم «47» أمام الصحافة في أثناء توقيعه على الأوامر التنفيذية في المكتب البيضاوي، مساء الاثنين، لكنه رفض فتحه في العلن، وفقًا لصحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية.
ترك دونالد ترامب رسالة الترحيب؛ وهي تقليد مُتبع للرؤساء المنتهية ولايتهم في كتابة رسائل إلى خلفائهم، في أحد أدراج مكتب ريزولوت، ليكتشفها بعد توليه منصبه، وبعد أن سأله أحد الصحفيين عمّا إذا كان قد تلقى رسالة من بايدن؛ رفعها أمام الكاميرات، وأظهر الرقم «47» المكتوب بخط اليد، مشيرًا إلى إنه سيقرأها على انفراد قبل أن يقرر ما إذا كان سيكشف عن محتوياتها أم لا، وبعد فتح الرسالة شعر «ترامب» أنّه يريد السماح للناس برؤيتها خاصة بعدما وجد أنّها رسالة إيجابية جدًا بالنسبة له.
ووفقًا لترامب فقد جاء في رسالة بايدن: «إلى رقم 47، استمتع بفترتك الرئاسية.. قم بعمل جيد.. من المهم للغاية أن تعرف مدى أهمية المنصب».
تاريخ الرسائل الرئاسية إلى الخلفاءوكان ترامب قد ترك رسالة لخلفه جو بايدن عندما غادر البيت الأبيض عام 2021، ضمن ذات التقليد، لكن الرئيس الـ46 لم يكشف مضمونها، واكتفى بوصفها أنّها كانت زاخرة للغاية وحرص على ألا ينشرها علنًا.
وبدأ الرئيس السابق رونالد ريجان تقليد كتابة الرسائل الحديثة في عام 1989، وترك واحدة لنائبه وخليفته، جورج بوش الأب، على ورقة مكتوب عليها «لا تدع الديك الرومي يحبطك»، وبعد مرور 4 سنوات، ترك بوش مذكرة يشجع فيها نجاح منافسه الذي تحول إلى خليفته على مكتب ريزولوت في المكتب البيضاوي، قال فيها: «عندما دخلت هذا المكتب للتو شعرت بنفس الشعور بالدهشة والاحترام الذي شعرت به قبل أربع سنوات. وأعلم أنّك ستشعر بذلك أيضًا. أتمنى لك السعادة هنا، لم أشعر قط بالوحدة التي وصفها بعض الرؤساء».
وواصل كلينتون هذا التقليد برسالة إلى بوش الابن عام 2001، وقال إن منصب الرئيس يحمل معه أعباءً جسيمة، وإن كانت أعباءً مبالغاً فيها في كثير من الأحيان. وكتب في رسالته: «اليوم ستشرع في أعظم مغامرة، مع أعظم شرف يمكن أن يحظى به مواطن أمريكي، أنت تقود شعبًا فخورًا ومحترمًا وطيبًا. ومنذ هذا اليوم أصبحت رئيسًا لنا جميعًا. أحييك وأتمنى لك النجاح والسعادة».
وفي عام 2009، وضع بوش رسالته إلى أوباما في الدرج العلوي من مكتبه، وقدم له النصيحة أثناء تسليمه العصا في عملية انتقالية أشاد بها مسؤولو إدارة أوباما ووصفوها بالسلاسة إلى حد كبير، وكتب في الرسالة: «أهنئك على توليك منصب رئيسنا. لقد بدأت للتو فصلاً رائعًا في حياتك».
أما في 2017، كانت رسالة أوباما هي الأطول من بين الرسائل المتاحة للعامة، والأولى التي لا تخاطب المتلقي باسمه الأول، وأشادت بنجاح ترامب السياسي بينما حثته أيضًا على «ترك أدوات ديمقراطيتنا قوية على الأقل كما وجدناها»، ووصف ترامب لاحقا الرسالة بأنها «جميلة»، وقال للصحافيين: «لقد كان من اللطيف منه حقًا أن يفعل ذلك وسنعتز بذلك وسنحافظ عليه».