مثل الطوفان جاء اختيار السنوار
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
هو قرار مثل الطوفان من خارج المتوقع والمألوف، بإجماع مؤسسات حركة حماس على اختيار القائد يحيى السنوار خلفاً للرئيس الشهيد القائد إسماعيل هنية، والتوأمة بين الطوفان والسنوار تسبق هذا القرار، لكن هذا القرار يؤكد أن قيادة الحركة المتعدّدة الأطياف امتلكت الذكاء الاستراتيجيّ الجماعيّ لتقديم جواب عقابيّ لكيان الاحتلال ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو على قرار اغتيال الزعيم التاريخي الثاني للحركة الذي مثّله إسماعيل هنية، بفتح الطريق أمام الزعيم التاريخي الثالث يحيى السنوار، قائد معركتي سيف القدس وطوفان الأقصى، وقطعت بذلك الطريق في حال أي اختيار آخر على فتح الباب للتلاعب بوحدتها الداخلية والحديث عن اعتدال وتطرّف، وترصيد الاغتيال بميزان تقييم الخليفة.
– قالت حماس باختيار السنوار ما قاله الشعب الفلسطيني وفقاً لما يثبته أداء الشعب المظلوم المكلوم في غزة من ثبات وصمود، أو ما تقوله استطلاعات الرأي في غزة والضفة الغربية حول الموقف من طوفان الأقصى بعد عشرة شهور من الطوفان، عن بقاء أغلبيّة كاسحة من الفلسطينيين على الاعتقاد بأن الطوفان أكبر إنجاز وطني في التاريخ الفلسطيني، مَنَعَ تصفية القضيّة وأعاد إليها وهجها واستعاد لها مكانتها المتقدّمة غير القابلة للتجاهل على المستوى الدولي، وجاء قرار حماس بتطويب السنوار زعيماً للحركة تصويتاً على هذا الإجماع الشعبي الفلسطيني وراء الطوفان، فالطوفان والسنوار صنوان.
– قالت حماس بقرارها إن رئاستها ليست منصباً سياسياً سلطوياً ولا هي تعبير عن صراعات مراكز نفوذ ومواقع قوة أو امتداد لعلاقات خارجيّة، بل هي ترجمة لصورة مرحلة من مراحل النضال الوطني الفلسطيني، تراها الحركة من موقعها القياديّ لحركة التحرر الوطني في حرب التحرير التي يخوضها الفلسطينيّون، مرحلة لا مكان فيها سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً إلا للمقاومة، التي تحملها الحركة في اسمها، وجسّدها سلوكُ قادتها التاريخيين الذين مضوا شهداء. والمقاومة اليوم لها رمز في الحركة وعنوان في مسيرتها، هو الطوفان والسنوار معاً، ويجب أن تمنح هذه المرحلة عبر رمزية التلازم بين الطوفان والسنوار، الفرص التي تمكنها من الانتقال بالشعب الفلسطينيّ من مرحلة إلى مرحلة، دون الإفساح في المجال للتأويلات السياسية للاختيار بصور تسبّب الالتباسات حول فهم جوهر الخيارات، ولا ينتج عنها إلا التشويش على الحركة وإضعاف فرصها في رسم المستقبل، فكان القرار واضحاً في تجسيده لخيار المقاومة بوضوح التصاق اسم السنوار بالطوفان.
– قالت حماس في قرارها إن حماس تقف اليوم في مكان لا يحتمل مدّ الخطوط والخيوط، بما كان يتناسب مع مراحل يطغى عليها العمل السياسيّ، وينصرف خلالها العمل المقاوم للعمل السريّ إعداداً واستعداداً لمنازلة كبرى كتلك التي افتتحها الطوفان. وهذا يعني أن موقع حماس اليوم هو في مقدمة خندق المقاومة التي يتلاقى حولها محور يضمّ دولاً وحركات مقاومة، تريد حماس أن توجّه لها رسالة قوة وتمسّك وتماسك، بأن الأولوية في تحديد موقع حماس في الإقليم تقرّرها مواقف الأطراف في المنطقة دولاً وحركات سياسية من المقاومة كخيار، ومن الطوفان كحدث كبير، ومن السنوار كقائد يرمز إلى الأمرين، المقاومة والطوفان، وهذا يترجمه منح خيار التموضع الكامل الواضح في خندق محور المقاومة كل الفرص اللازمة لتحقيق أعلى حصاد ممكن ومتوقّع. الرمزيّة هنا لها معناها بتتويج السنوار عنواناً بالإجماع لخيارات حماس.
– طوفان ثانٍ يبدأ اليوم مع تنصيب السنوار قائداً تاريخياً للمشروع الوطني الفلسطيني، في زمن لا تحتاج فيه حركة مقاومة صادقة ومخلصة مثل حماس إلى ازدواج في السلطة بين مَن يملك القرار في زمن الحرب ومَن يتصدّر الصورة السياسية، وطالما أن التفاوض ووقف النار وتكتيكات الحرب عند السنوار، فما معنى أن يكون سواه في صدارة الصورة السياسيّة، وإن احتاج الأمر لوجستياً لمساهمة الخارج، ذلك أن الآليّات التنظيميّة تتيح لرئيس الحركة وزعيمها تكليف معاونين ونواب له، يتولون أداء المهام الخارجيّة التي تعوّض غياب رئيس الحركة عن الخارج، لكن على قاعدة التطابق بين القرار الميدانيّ الذي يشكّل اليوم أكثر من ثلاثة أرباع تقدير الموقف فيه، ما يقوله الذين يتولّون تحمل أعباء قيادة الميدان، ويتحوّل فيه السياسيّون والإعلاميّون ولو في مواقع قياديّة الى مستشارين أو معاونين. وهذا التواضع في مقاربة المسؤولية من رموز قيادية في الحركة عبر تقديم أولويّة المصلحة العليا على مكانة الأفراد ورمزيّة عناوينهم، تعبير عن أصالة ورفعة في تكوين الحركة يُحسَب لها في اتخاذ مثل هذا القرار التاريخيّ بالإجماع.
– الأكيد أن روح الشهيد القائد إسماعيل هنيّة كانت حاضرة وصوّتت لخيار السنوار، وأن الآخرين استحضروا روحه واستفتوا رأيها ونصيحتها، كما كانوا يفعلون في مواجهة قرارات مصيريّة واستأنسوا بنصيحة هنية بأن لا يكون ثمّة تردّد في منح التصويت بالإجماع للسنوار.
رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
كاتب إسرائيلي: الحكومة تناقش طريقتين لتحقيق أهدافها في غزة
تناول الصحفي الإسرائيلي هودا شليزنغر٬ في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" الطريق التي يجب أن تتعامل بها حكومة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة لتحقيق أهدافها التي فشلت فيها طوال هذه المدة.
وقال شليزنغر "بينما ينصب الاهتمام الجماهيري على مداولات محكمة العدل العليا في إقالة رئيس الشباك رونين بار ومسألة الجمارك، تواجه الحكومة الإسرائيلية في لحظات دراماتيكية وحاسمة مسألة كيف عليها أن تعمل كي تهزم حماس في قطاع غزة؟”.
ووفق الصحفي فقد عملت الصحيفة "أنه يجري منذ زمن بحث طريقتي لتحقيق هذه الأهداف وهي "إما الانقضاض والهجوم على غزة أو الحسم البطيء والطويل".
وأضاف "لقد سبق لأصحاب القرار أن بحثوا في هذا الموضوع عدة مرات٬ ويبدو أن كل طريقة من الطريقتين هي ذات تداعيات هامة بالنسبة لهزيمة العدو، مثل الموقف الدولي من إسرائيل، الوسائل القتالية التي يستخدمها الجيش، تجنيد الاحتياط وحياة المقاتلين والمخطوفين".
أما عن الطريقة الأولى التي ينظر فيها هي "الانقضاض على قطاع غزة٬ وفي مثل هذه الحالة يجند الجيش قوات احتياط كثيرة، إضافة إلى جنود الجيش النظامي – بضع فرق على الأقل تهاجم قطاع غزة دفعة واحدة. التقدير هو أنه في غضون مدى زمني قصير جدا يمكن لإسرائيل أن تحقق واحدا من أهداف الحرب: القضاء التام على القدرات العسكرية لحماس".
وتابع بعد ذلك "يبدأ عمل تطهير وتنظيف متواصل للوسائل القتالية في القطاع وتدمير الأنفاق التي تتبقى هناك. كما أن نزع الشرعية في العالم سيتقلص جدا".
وأكد أن "النواقض في مثل هذا السيناريو تتراوح بين العدد العالي من القتلى والمصابين في أوساط الجنود والخوف على حياة المخطوفين بسبب استخدام قوة نار كبيرة وحشر آسريهم في الزاوية. إضافة الى ذلك، تبحث أيضا مسألة توريد الأسلحة التي لدى إسرائيل في صالح تنفيذ الخطوة".
تآكل القطع
أما عن الطريقة الثانية التي يبحثها جيش الاحتلال هي "استمرار القضم البطيء والمتواصل في قطاع غزة مثلما يجري هذه الأيام. والفرضية هي أن الزمن يلعب في صالح إسرائيل: الشرعية الأمريكية تسمح باستمرار الحرب لزمن طويل، الاستيلاء على الأرض كما يجري هذه الأيام يتم ببطء وبحذر، وحماس آخذة في التآكل".
وتابع "الحصار على قطاع غزة سيشتد حتى إدخال الماء والاحتياجات الأساسية فقط ما سيشكل ضغطا شديدا على المواطنين وعلى قادة حماس في غزة في الطريق الى الاستسلام".
وأكد أن "هذا يمكن عمله مع الجيش النظامي دون حاجة الى تجنيد واسع للاحتياط، بقوة نار أقل وقدرات هندسية أكثر٬ ومثل هذه الخطوة ستكون أكثر أمانا لحياة المخطوفين ويسمح أيضا بمرونة للمستوى السياسي للتوقف لصفقات كهذه وغيرها بناء على طلب حماس".
مفاوضات قبل الضربة الساحقة
وأضاف شليزنغر أن "أحد الاعتبارات المركزية في الاختيار بين الطريقتين هو تجنيد الاحتياط. ولكن في القيادة السياسية يعتقدون أن خطوة دراماتيكية كهذه تتمثل بتجنيد واسع للاحتياط ستكون تحديا متواصلا لمن يتحملون العبء. فقوات الاحتياط تتآكل في الجولات المتكررة، والدعوة للتجنيد الواسع في صالح حسم الحرب ستكون تحديا للقوات يجب أخذه بالحسبان".
وتابع أن هناك اعتبار آخر "هو مسألة المخطوفين٬ فالخوف هو أنه قبل لحظة من إطلاق حماس "ألفاظها الأخيرة" ستقترح إعادة مخطوفين مقابل أيام أخرى من وقف النار. ولا تتمكن إسرائيل من الرفض، فتوقف الصفقة سيعطس زخما لحماس من جديد يساعدها في تعزز قوتها”.
القتال حتى تقويض حماس
وختم قائلا “إن الأغلبية الساحقة من أصحاب القرار تتفق على مواصلة الحرب حتى هزيمة وتقويض حماس. ولكن طرق العمل هي المعضلة الكبيرة والهامة التي يجب أن تبحث. ومن المهم التشديد على أن حسم القرار لم يتخذ بعد والمداولات ستتواصل مع عودة نتنياهو إلى البلاد من الولايات المتحدة”.