سرايا - وسط التصعيد المتدرج على جبهات متعددة والتوتر الأمني بالشرق الأوسط، وجدت إسرائيل ذاتها أمام 3 خيارات للرد على تهديدات تنفيذ إيران وحزب الله هجمات عليها، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، والقيادي العسكري فؤاد شكر في بيروت.

ومع استمرار الترقب، وفي ظل الحرب النفسية التي تعيشها الجبهة الداخلية الإسرائيلية بظل تأخر الرد، والضبابية بشأن وجهة الصواريخ والمسيَّرات التي قد تنطلق من إيران ولبنان، وما إذا سيكون الرد مشتركا بين الجبهات المتعددة أو مقتصرا على حزب الله، تقف إسرائيل قبالة تحديات وتباين بالمواقف والإستراتيجيات بشأن نجاعة الحرب الشاملة.



وتناولت قراءات المحللين الإسرائيليين الخيارات الموجودة لمواجهة الهجمات وسبل الرد عليها، وسط إجماع التقديرات بأن التصعيد المتدرج والتهديد المتبادل بشن الهجمات -ولو كانت محدودة- ينذر بمواجهة شاملة حتى وإن تم ترحيلها بهذه المرحلة.

قدّرت قراءات لمحللين عسكريين وسياسيين وباحثين بالشؤون الإيرانية والشرق أوسطية، أن أمام إسرائيل 3 خيارات، الأول التوصل إلى اتفاق لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار على جبهة غزة، الأمر الذي سيؤدي على الأرجح إلى وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية مع لبنان.

الثاني مواصلة حرب الاستنزاف مع حزب الله، التي لا تلوح نهايتها في الأفق، لكن دائرة المشاركين فيها تتسع بمرور الوقت، ووفقا للاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلي "أمان"، فإن التنظيمات المسلحة الأخرى بالشرق الأوسط التي تحشد للمشاركة بالقتال على جبهات متعددة تستمد ذلك من حالة الفوضى والوضع الإستراتيجي السيئ لإسرائيل.

وأمام تعقيدات المشهد على الجبهة الشمالية مع لبنان، ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقف الحرب على جبهة غزة، يبقى لإسرائيل الخيار الثالث بتوجيه ضربة استباقية لحزب الله، وهناك من يدفع أيضا نحو توجيه ضربة مماثلة لإيران بتدمير مشروعها النووي، وهو ما يعني حربا مدمرة.

وفي قراءة لهذه الخيارات يعتقد العقيد احتياط بالجيش الإسرائيلي: يوم طوف سامية، وهو القائد السابق لفرقة غزة وقائد القيادة الجنوبية، أنه "لا يوجد تفكير إستراتيجي بإسرائيل حول طبيعية الهجمات وحتى كيفية الرد عليها".

كما قلل من نجاعة الرد الإسرائيلي على أي هجمات مرتقبة من إيران أو حزب الله، قائلا في حديثه مع إذاعة "تل أبيب" إن "الأمر كله يبدأ بحقيقة أنه لا يوجد لإسرائيل أي إستراتيجية أمنية تجاه المنظمات المسلحة والدول المعادية".

ويعتقد أن ما تقوم به إسرائيل هو "أشبه بمن يعالج مرض السرطان بالمسكنات والضمادات، وهذا لا ينجح وغير ناجع"، قائلا إنه لا يمكن ردع التنظيمات والحركات المسلحة، "ومن يعرف أساسيات الجيش يعرف أن مفهوم ردع التنظيمات لا يظهر في المعجم العسكري".

ورجح أن إسرائيل ستجد نفسها مستقبلا قبالة حرب شاملة مع لبنان، إذا ما أرادت القضاء على التهديدات الإستراتيجية، قائلا إن "الدولة المرتدعة نعم لديها ما تخسره"، موضحا "في عام 2006 أعلنت إسرائيل الحرب ضد حزب الله، واليوم وبعد 10 أشهر من القتال مع حزب الله يتكرر السيناريو، هذا تكرار للخطأ، يجب إعلان الحرب على لبنان الذي يوجد لديها ما تخسره".

الطرح ذاته تبناه بيني سباتي الباحث في الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، الذي استعرض في مقال له في صحيفة "معاريف" الهجوم المتوقع من قبل إيران وحزب الله، وطبيعة الرد الإسرائيلي عليه.

فمن وجهة نظر الباحث الإسرائيلي، فإن "إيران ليست التهديد الرئيسي لإسرائيل"، قائلا إن "الوحش الحقيقي هنا على الحدود الشمالية مع لبنان، فالإيرانيون استنفدوا الوقت، لقد كانت هناك جهود دبلوماسية وتهديدات ضمنية تجاههم، بينما تستعد إسرائيل بشكل أفضل، وبالتالي فإن التهديد الإيراني ليس بالقدر المعلن".

وفيما يتعلق بتهديد إسرائيل، قال سباتي، إن إيران هي الدولة البعيدة، وهي ليست التهديد الرئيسي، "إنه حزب الله بكمية صواريخه ومسيراته.. إسرائيل بحاجة للتفكير في كيفية القضاء نهائيا على هذه التهديدات في لبنان والقادمة من إيران، هذه التهديدات موجودة على الجبهة الشمالية منذ 45 عاما".

وتحت عنوان "بين غزة والنووي" كتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، مقالا استعرض من خلاله التهديدات على إسرائيل مع قبل إيران وحزب الله، والهجمات المرتقبة وخيارات إسرائيل للرد عليها، مشيرا إلى وجود اعتبارات لجميع الأطراف باحتواء الهجمات المتبادلة لتجنب حرب شاملة.

ويقول المحلل العسكري إن الجمهور الإسرائيلي يأخذ على محمل الجدية تهديدات إيران وحزب الله بتنفيذ هجوم بالصواريخ والمسيرات على الجبهة الداخلية، ردا على عمليتي الاغتيال الأخيرتين في بيروت وطهران.

ويضيف هرئيل أنه "من الواضح أن خصوم إسرائيل ومع استمرار القتال يبذلون جهدا معينا لإعلان نياتهم وتهديداتهم بضرب أهداف في العمق الإسرائيلي، في مركز البلاد وشمالها ومنطقة تل أبيب الكبرى".

وحول طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجمات من إيران وحزب الله، يعتقد المحلل العسكري أن التحذيرات الإسرائيلية المضادة تعكس جاهزية سلاح الجو لقصف أهداف بعيدة، "وهو ما ينذر بحرب شاملة لا يوجد لأي طرف مصلحة باندلاعها، كل لاعتباراته ومصالحه وأهدافه".

ورجح هرئيل أن التحذيرات والتهديدات الإسرائيلية، وما وصفه بـ"جهود التهدئة الأميركية" وتهديداتها المبطنة، يمكن أن تؤدي إلى قيام إيران وحزب الله والحوثيين في اليمن والجماعات المسلحة في العراق بمحاولة تقليل الأضرار بالأهداف المدنية الإسرائيلية لتجنب مواجهة شاملة تخرج عن السيطرة.


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: إیران وحزب الله على الجبهة من إیران حزب الله مع لبنان

إقرأ أيضاً:

خبراء إسرائيليون يحذرون الاحتلال من نعي حزب الله وإزالته من خارطة التهديدات

يجمع الإسرائيليون في الآونة الأخيرة عددا من التطورات التي تزيد من الضغط على حزب الله، أهمها اغتيال قيادته السياسية والعسكرية الأولى، وسقوط نظام الأسد، وإضعاف المحور الإيراني، وتلقيه ضربات تلو الأخرى، مما أبعده عن خريطة التهديدات التي تستهدف الاحتلال.

ويتزامن ذلك مع إعلان الرئيس اللبناني عن نيّته نزع سلاح حزب الله، فيما يتم إزالة راياته من بعض المدن، ورغم كل ذلك، تصدر أصوات إسرائيلية ترى أنه من السابق لأوانه "تأبين" الحزب، وإزالته من خارطة التهديدات الأمنية. 

مجلة "غلوبس" الإسرائيلية أجرت في تقرير مطول ترجمته "عربي21"، جولة مع عدد من الباحثين العسكريين والاستراتيجيين لاستشراف مستقبل حزب الله في الساحة اللبنانية، ومدى خطورة التهديد الذي ما زال يمثله على دولة الاحتلال. 


شموئيل ألمي الكاتب في المجلة ذكر أن "الحملة العسكرية المباشرة ضد حزب الله التي شنها جيش الاحتلال قبل أشهر سبقها تخوفات إسرائيلية كبيرة من أنها ستضرّ بالدولة أكثر من أي وقت مضى، لكن مع بدئها، وتحقيقها لعدد من أهدافها، وبسرعة كبيرة، اختفت نبوءات الغضب بسرعة كبيرة، رغم أن ذلك لا يعني طي صفحة الحزب نهائياً". 

وأضاف أن "الحرب وتداعياتها في سوريا، مع الإطاحة بالأسد، أدت لثلاث تحديات كبرى وضعت الحزب في أخطر أزمة في تاريخه: أهمها القيادة عقب تصفية معظم قادته الكبار، واحدا تلو الآخر، لكن الضربة الأكثر تدميراً تكمن، بطبيعة الحال، في اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، صحيح أن لكل زعيم بديل، لكن هذا ليس بالضرورة هو الحال بالنسبة له، وقد حرص الاحتلال على استهداف كل بدلائه المحتملين".
  
أفيرام باليش، نائب رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، ذكر أن "اغتيال نصر الله ومركز القيادة شكّلا ضررا كبيرا للحزب، الحديث يدور عن مركز قيادة عمل لسنوات بتناغم تام مع نفسه ومع إيران، كما أن هؤلاء رموز مهمة وخاصة، وقد أضرّ اغتيالهم بصورة الحزب، وكشف عن اختراقها الاستخباراتي والتكنولوجي ، مما ألحق ضررًا بالغًا به، ووضع صعوبات أمام استعادة صورته". 

 ميكي أهارونسون، الرئيس السابق لقسم الشؤون الخارجية في الأمانة السياسية لمجلس الأمن القومي، والباحث الحالي في مركز الاستراتيجية الكبرى (ICGS)، أكد أن "الحزب يخشى اليوم من تفكيكه، لأنه ضعف كثيرًا بسبب ضعف إيران، رغم أن الاحتلال لم يحقق عليه نصرًا كاملاً، فالحزب لا يزال لديه فروع حول العالم، صحيح أن سقوط الأسد أضعف الحزب، لكن بروز محور سوريا-تركيا-قطر لا يصب في المصالح الإسرائيلية". 

بانينا شيكير، عضو منتدى "ديبورا"، والمحاضرة في مركز شاليم الأكاديمي والكليات العسكرية، ومعهد القدس للاستراتيجية والأمن، زعمت أن "الحزب ضعف عسكريًا بشكل ملحوظ نتيجة الهجمات الإسرائيلية على مواقعه منذ سبتمبر 2024، وأدت لإضعافه سياسيًا، لكنه لا يزال متجذرًا بعمق في الحمض النووي اللبناني، كما أن الطائفة الشيعية لن تتخلّى بسهولة عن السلطة السياسية التي حصلت عليها بفضل الحزب". 


أورينا مزراحي، نائبة رئيس مجلس الأمن القومي السابق للسياسة الخارجية، والباحثة بمعهد دراسات الأمن القومي (INSS)، أوضحت أن "ضعف الحزب منح دولة لبنان سهولة التحرك ضد النشطاء المسلحين الفلسطينيين، ولكن رغم الحديث عن ضعف قيادة الحزب، وتضرّرها، لكن هناك آلاف العسكريين الذين تنبض فيهم روح المقاومة، وتبقي علامة استفهام كبيرة تتعلق بالنشاط العسكري للحزب في بقية أنحاء لبنان، صحيح أنه قد يغيب عن الجنوب كي لا يصطدم بالدولة، لكن لا أعتقد أنه سيغيب عن أماكن أخرى". 

تال باري، رئيس قسم الأبحاث بمركز "ألما" لدراسة التحديات الأمنية في الشمال، كشف أنه "منذ الإطاحة بالأسد، تم إغلاق طرق التهريب الجوي والبحري عبر سوريا للحزب، ومع ذلك، لا تزال عمليات التهريب مستمرة عبر الحدود البرية في البقاع وشمال شرقي لبنان، كما يتم إرسال شحنات نقدية بالطرق الجوية عبر تركيا والعراق، أي أن الحزب لجأ لطرق بديلة. 

روث واسرمان لاندا، عضو الكنيست السابقة ونائبة السفير في مصر وباحثة بمعهد ميسغاف للأمن القومي، ذكرت أن "تراجع دور الحزب في لبنان عقب ضعف الدور الإيراني أفسح المجال أمام قطر لملء الفراغ الناجم، وهي تعرض الاستمرار بتمويل الجيش اللبناني لزيادة نفوذها، كما تموّل جماعة الإخوان المسلمين، وحماس والمعارضة المصرية، قطر تعمل على جميع الجبهات للحفاظ على الإسلام السياسي، وانضمامها للجيش اللبناني أمرٌ مقلق للغاية لإسرائيل، ويجب لفت الانتباه إليه". 

مقالات مشابهة

  • خلافات تعصف بالداخل الإسرائيلي على المستويين العسكري والسياسي .. تفاصيل
  • خبراء إسرائيليون يحذرون الاحتلال من نعي حزب الله وإزالته من خارطة التهديدات
  • حزب الله يطلق قذائف تجاه القصير والقوات السورية ترد
  • اليمن في قلب معركة التحرر: قرار الرد العسكري في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • لبنان يستدعي سفير إيران بعد تعليقه على مساعي نزع سلاح حزب الله
  • السيد القائد: اعتداءات العدو الإسرائيلي في لبنان كبيرة وانتهاكاته جسيمة والمسؤولية الآن تقع على عاتق الدولة
  • الرئيس اللبناني: مواصلة الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس يجب أن ينتهي في أقرب وقت
  • لبنان يستدعي سفير إيران بسبب سلاح حزب الله
  • حوار عون وحزب الله لم ينطلق بعد
  • لبنان.. العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين