كيف تورّط نتنياهو بعد قصف بيروت؟ خطأ كبير يكشفه تقرير!
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
سرايا - شكلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة نهاية الشهر الماضي واستقباله الحافل في الكونغرس، عاملاً حاسماً في توجهاته حيال العدوان المتواصل على قطاع غزة المحاصر، ومفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وينسحب ذلك على مجمل نظرته للتصعيد في المنطقة وضد ما يعرف بمحور المقاومة، ويعود السبب إلى ثقل وأهمية الموقف الأميركي في حسابات نتنياهو والتأثير على مستقبله السياسي.
وشكل انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي، واختيار نائبته كامالا هاريس مرشحة للحزب الديمقراطي، إعادة الأمل للديمقراطيين في منافسة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ودفع ذلك نتنياهو لحسم أمره في تصميم اتجاه العدوان على غزة والتصعيد في المنطقة، بما يخدم هدف إطالة أمد الحرب وتعقيد المشهد أمام الإدارة الديمقراطية، في إشارة واضحة إلى انحيازه لصالح ترامب.
ويراهن نتنياهو على فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في تشرين الثاني المقبل، نظراً لما يشكله ذلك من تخفيف ضغوط الإدارة الأميركية عليه فيما يتعلق بالبيئة السياسية الإسرائيلية الداخلية، ويمنحه من الغطاء اللازم للتصعيد ضد محور المقاومة في المنطقة.
كذلك، يمنح فوز ترامب بالانتخابات المقررة رئيسَ الحكومة الإسرائيلية القدرة على المناورة في اتخاذ قرار وقف الحرب على غزة، في ظل انتفاء عامل الضغط الخارجي عليه للتأثير على وضعه السياسي.
ويسعى نتنياهو لتوظيف ما يمكن أن يحصل عليه من دعم ترامب فيما يختص بمشاريع الاستيطان والضم بالضفة الغربية للمحافظة على تحالفه مع اليمين الديني المتطرف الذي ما زال يرفض وقف الحرب، ويسعى لمزيد من المكاسب في الضفة والقدس.
وفي سبيل ذلك، عمل نتنياهو منذ عودته من واشنطن على تصعيد الموقف عبر تنفيذه عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في قلب العاصمة طهران، وقبلها بقليل نفذ الجيش الإسرائيلي عملية اغتيال وسط الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت فؤاد شكر الذي يعد أرفع شخصية عسكرية لدى حزب الله.
وفي المقابل، يشهد قطاع غزة تصعيدًا في استهداف المدارس ومراكز الإيواء وتعمد إيقاع خسائر وسط المدنيين، وكي يزيد نتنياهو من لغة التصعيد نفذ جيش الاحتلال عملية استهداف مقصودة لمراسل الجزيرة إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي.
التصعيد الذي جلبه نتنياهو أحدث صدمة كبيرة لدى محور المقاومة في المنطقة، ودفعه نحو الاقتراب من لحظة كسر قواعد الاشتباك التي حكمت سلوكه منذ عملية طوفان الأقصى.
وتظهر المؤشرات والتصريحات الصادرة من أعلى المستويات في إيران وحزب الله أنها ستنفذ رداً قوياً وغير مسبوق على الاغتيالات الأخيرة بحق هنية وشكر.
وفتح هذا التعهد بالرد المنطقة من جديد أمام سيناريو الحرب الإقليمية، وأعاد إدارة بايدن مرغمة على ما يبدو إلى أزمة المنطقة التي أشعلها نتنياهو.
ومما يبدو هذه المرة قناعةً لدى الأطراف الدولية والإقليمية أن الرد الإيراني ورد حزب الله لن يكون محدودا ولا رمزياً، وقد شكل التزامن في عمليات الاغتيال مزيدا من الضغط على محور المقاومة لتوجيه رد استثنائي وهو ما سيكون غالباً خارج حسابات نتنياهو والمؤسسة الأمنية والعسكرية.
ويتفق نتنياهو مع المؤسسة العسكرية والأمنية على استخلاص رئيسي من الفشل الذي لحق بهم يوم السابع من تشرين الأول، وهو أن الاحتلال فقد الردع بشكل غير مسبوق. لذا، يركز الكل في إسرائيل على محاولة استعادة الردع عبر توجيه هذا النوع من الاغتيالات الصاخبة، إلا أن ذلك يوقع إسرائيل في فخ تغليب المنجز التكتيكي على حساب الخسارة الإستراتيجية.
والردع المقصود من الاغتيال سيواجه بكسر للردع الإستراتيجي في المنطقة، وسيدفع دولاً وجماعات منتشرة في كل المنطقة لتوجيه ضربات إلى عمق إسرائيل.
وقد غيرت عملية "طوفان الأقصى" وبشكل عميق قناعات المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية فيما يتعلق بعدد من المسلمات، وهي أن تفوقهم العسكري والتكنولوجي قادر على ردع خصومهم، وأنهم قادرون على العيش بأمان خلف الجدران والحدود المحصنة، وأنهم قادرون على الازدهار اقتصاديا. إلا أن هذه القناعات لم تعد قائمة، وبدأ كثيرون في المؤسسة الأمنية يدركون أن "إسرائيل ليست قوية إلى هذا الحد".
ومقابل هذه القناعة، تدرك الأوساط داخل إسرائيل وخارجها أن نتنياهو قد صمم مسار الحرب على غزة من أجل إطالة أمدها للمحافظة على بقائه في السلطة وتجاوز كافة تبعات الفشل بالسابع من تشرين الأول وما قبله وما بعده، وهو ما يدفع نتنياهو إلى هذا النوع من المغامرات في تقصّد تنفيذ اغتيالات استفزازية لإيران ومحور المقاومة.
على غرار الخطأ الذي ارتكبته إسرائيل في استهدافها للقنصلية الإيرانية في دمشق، يأتي الهجوم على الضاحية الجنوبية وعملية الاغتيال بحق هنية في طهران كأحد أبرز مظاهر الخطأ في تقدير الموقف الذي
ومن الواضح أن إسرائيل أخطأت التقدير حينها ولم تكن تتوقع مثل هذا الرد غير المسبوق والواسع النطاق والمباشر الذي تضمن إطلاق مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ من الأراضي الإيرانية على إسرائيل.
وما خسرته إسرائيل في شنها مثل هذه الهجمات أنها فقدت ما اعتمدت عليه لسنوات وهو ما يعرف "بالردع بالإنكار" وذلك من خلال درء أو تقليل الضرر في حال الهجوم والتخفيف من الآثار المحتملة له.
وحاولت إسرائيل أن تمارس ذلك جزئيًا حيال الضربة التي نفذتها إيران في 14 نيسان الماضي، حيث ركزت ومعها الولايات المتحدة على قدرة التحالف الذي قادته واشنطن على التصدي للهجوم، إلا أن الحقيقة الأهم أنه ورغم ذلك فإن الهجوم عمليًا نجح ووصل إلى أهدافه ولم تستطع إسرائيل إنكار أو تجاوز ذلك.
ويشعر العديد من المحللين الأمنيين الإسرائيليين بالقلق إزاء تآكل الموقف الإقليمي، وهم يخشون أن تكتسب إيران وحلفاؤها المزيد من القوة، أو أن الأخيرة قد تجد المزيد من الحوافز لتسليح قدراتها النووية إذا اعتقدت أنها غير قادرة بالقدر الكافي على ردع إسرائيل بالوسائل التقليدية.
وقد أدخل كسر قواعد الاشتباك -الذي تسبب به نتنياهو ومعه الجيش والمؤسسة الأمنية- إسرائيل عمليًا في اشتباك مع كافة أركان محور المقاومة بالمنطقة، وهو ما يعتبره الكثير من المحللين الأمنيين والعسكريين تهديدا وجوديًا لإسرائيل لطالما عملت على تجنبه.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: محور المقاومة فی المنطقة وهو ما
إقرأ أيضاً:
تحالف الباطل
د. قاسم بن محمد الصالحي
يلخص عنوان مقالنا تجديف قارب تحالف القوى الإقليمية والدولية في مناخ الطوفان.. قارب الحق يتيم لا سند له في التجديف، يتعرض للعقاب من حلف قارب القوة والمال والنفوذ، بموازاة الفوضى التي أرادتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون في المنطقة والإقليم، لزعزعة ثوابت الموقف العربي والإسلامي من الحق في القضية الأولى فلسطين.
وما أفرزه تجديف التحالف الصهيوني دليل على اختلال مسار قارب الحق والتوازن، وانطواء تجديف قارب أصحاب المنطقة على درجة عالية من الفرقة والهشاشة، وعدم قدرة النظام الإقليمي على معالجة التحديات بالاعتماد على القدرات الذاتية.
واتساع رقعة الصراع مع الكيان اللقيط، وازدياد مجازره الدامية في غزة أبرز المرامي المباشرة في التحالفات الصهيونية الغربية، ومعالجاتها لسباق التجديف بين قارب باطلهم وقارب الحق في المنطقة، في ظل التكلفة الكبيرة التي تدفعها دول وشعوب المنطقة.. إذ عاد التحالف الصهيوني تجديفه الجديد القديم، تمثل في اتفاقات تطبيعية، برعاية عسكرية أمريكية، ودعم غربي.. وأعلنت الولايات المتحدة عن إنشاء تحالف لمواجهة تجديف قارب المقاومة في غزة، لبنان، اليمن، إيران، سوريا، لكن المقاومة "متحدة" أجبرت قارب تحالف الباطل على الملاحة في البحر الأحمر، ومنعت مركزية هيمنة الكيان اللقيط، وأفشلت مخططات التطبيع، ودفنت الاتفاق الإبراهيمي.
يمكننا رصد أنماط لتحالفات قارب الباطل في فترات بعيدة وقريبة، خصوصاً تلك الأنماط التي تتصل بمنطقة الشرق الاوسط.. حيث تكرس مفهوم هذه التحالفات في معاهدات استراتيجية امريكية اوروبية، واتفاقات تكميلية أو وظيفية مع دول المنطقة، تتضمن تدابير عسكرية وأمنية معينة، باتفاق رسمي، معلن أو غير معلن، تتعاون الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها مع كل دولة على حده في مجال التجديف المشترك للقدرات العسكرية الأمريكية من خلال قاعدتها المتقدمة "الكيان اللقيط"، والقواعد المنتشرة في المنطقة وحاملات الطائرات في اعالي البحار، بهدف تعزيز مركز قوة قارب الباطل.. ادى تجديف هذه التحالفات الى تغيير موازين القوى في المنطقة لصالح هيمنة الكيان اللقيط وغطرسته.. كاستجابة للتحدي الذي فرضه الكيان اللقيط في المنطقة، سعت دول المقاومة الى تكوين "محور"، وهو المحور الذي ضم إيران، العراق، لبنان، سوريا، اليمن، والمقاومة في الداخل الفلسطيني المحتل، بعد أن توافرت الشروط الموضوعية اللازمة.
انطلقت عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023م، في حالات الفوضى الإقليمية ظهرت قابلية كبيرة لإقامة وحدة للساحات العسكرية.. مع الصفعة التي تلقاها الكيان اللقيط يوم 7 اكتوبر، زادت حدة التدخلات الدولية والإقليمية، وتعمقت حالة عدم توازن القوى، وهي الحالة التي أغرت الصهيونية العالمية بتعظيم مصالح الكيان اللقيط للعب أدوار اوسع وأكثر تأثيرا في المنطقة.
لم يكن أمام محور المقاومة، بعد ان اختل التوازن، إلا تعزيز الساحات "وحدة تجديف قارب الحق" وإضافة قوة العديد والعتاد لاستنزاف الكيان اللقيط، وسحب قوة حلفائه من رصيده.. حققت القوة العظيمة للإرادة والتحدي موجة كبيرة من التجديف، دفعت قارب الحرية للتحرك، وذكرت الأمة الإسلامية بأن تحالفات تجديف قارب الباطل مهما عظمت لا تحد من إمكانات وحدة تجديف قارب الحق.. إذا كانت الأمة مصممة على تحقيق الاعتصام بحبل الله، فإن محور المقاومة أكد ويؤكد أنه يمكن تحويل التحديات الى فرص للاستقلال والنمو والتطور، فوحدة ساحات المقاومة- وحدة التجديف- تعكس القوة الروحية والإرادة القوية في جسد الأمة، وتلهمنا جميعا بالوحدة لمواجهة أحلاف قارب الباطل، التي تعمل ضد قارب الحق، بغض النظر عن الصعوبات التي تواجهها.. لقد كانت الحضارة الإسلامية تمزج بين العقل والروح، والحرية الفكرية مقبولة تحت ظلال الإسلام.. امتدت هذه الحضارة القائمة بعدما أصبح لها مصارفها وروافدها لتشع على بلاد الغرب وتطرق أبوابه بالعدل الذي هو منهج القرآن وأساس سيرة رسول الإسلام "صلى الله عليه وسلم"، ومسؤولية الإنسان على امتداد وجوده على هذه الأرض.
قد قيل قديما: الكفر يدوم والظلم لا يدوم.. وساحات المقاومة "تحالفت" على محاربة الظلم والطغيان، والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، في قضية تشخصها العقول النيرة، والمشاعر الإنسانية النبيلة، كما تشخصها الشرائع الدولية والأديان.. لقد سجل لنا التاريخ مواقف عملية لرسول هذه الأمة في المرحلة الجاهلية لنصرة المظلوم والمضطهد، قرأناها في موقفه من "حلف الفضول"، كما نقرأها في موقفه العملي من أبي جهل في بداية الدعوة.. يوم كان عليه الصلاة والسلام مضطهدا محاربا مستضعفا فلم يمنعه وضعه السياسي والاجتماعي المحاصر آنذاك من الانتصار للمظلوم، والمطالبة بحقه من أعتى طواغيت عصره، وأكثرهم عداوة وخصومة له.
إن علاقة الكيان اللقيط وتجديفه وحلفائه عكس اتجاه الحق والحقيقة إلى درجة انهم اخترعوا ما اسموه بالحقائق البديلة، وهي تلك التي تصدر عن "نهام" المجدفين في المنطقة "الكيان اللقيط"؛ وأعوانه مهما كنت حجة مجدفي قارب الحق- تجديفهم متفرق- لأن القول ما قاله نهام المتحالفون.. حان للأمة أن تتعامل مع "نهام" قارب المقاومة، لتتحرك في التجديف كالصاعقة، لأن أمة المقاومة تعرف قدراتها، وساحاتها عرت قدرات العدو وكشفت وهنه، وما بات رجالها في الميدان يخشون أفعاله الدالة على يأسه والانهاك، وخواء رأس كيانه اللقيط، الذي يقوده بتهور إلى الدمار، ويستأثر من جرائم الإبادة وضرب المدنيين قواعد تجديفه للباطل.. في حين ساحات المقاومة بتركيبتها مع بعضها تنتج تجديفا وحدويا لقارب الحق، به لا تبتلع طعما قدمه ويقدمه تحالف قارب الباطل.