لماذا يحيى السنوار فى هذا التوقيت؟!
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
لم يخطر بعقول قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وهم يخططون لاغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى العاصمة الإيرانية طهران، خلال تواجده لحضور مراسم حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، أن الأمور قد تنقلب عليهم رأسا على عقب، فبدلا من أن يحققوا أهدافا متعلقة فى غالبيتها بإيران، وإحداها يهدف لإثارة أزمة قيادة وإرباك داخل الحركة، فوجئوا بإعلان اختيار يحيى السنوار الذى تحمّله تل أبيب مسئولية ما حدث فى السابع من أكتوبر رئيسا للمكتب السياسى العام خلفا لهنية.
وبدلا من أن يثير اغتيال هنية حالة من الارتباك داخل قيادة حماس ارتدت تلك الحالة على غالبية الدوائر الدولية والإقليمية المعنية بتحليل ومتابعة الصراع الدائر بين إسرائيل والمقاومة فى قطاع غزة، وبدت فى حالة صدمة وعدم تصديق للخطوة، فى وقت كانت فيه بورصة الترشيحات تنحصر فى المقام الأول فى خالد مشعل رئيس إقليم الخارج بالحركة، وخليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسى فى غزة ، ويأتى خلفهما محمد إسماعيل المكنى بـ «أبو عمر حسن»، رئيس مجلس الشورى العام والذى يشغل ثانى أبرز المناصب السياسية فى الحركة بعد رئيس المكتب السياسى.
فما أن تم الإعلان عن خلافة السنوار الذى يسكن الأنفاق فى قطاع غزة منذ قرابة العشرة أشهر، لإسماعيل هنية، حتى ثارت عاصفة من التساؤلات، بشأن الأسباب التى تقف وراء تلك الخطوة فى هذا التوقيت شديد الحساسية، وكذلك طبيعة الرسائل التى ترغب حماس فى إيصالها، لكافة الأطراف سواء عدوها فى الميدان أو حلفائها وأصدقائها وداعميها.
ثمة سبب رئيسي وراء إعلان الحركة يحيى السنوار زعيما جديدا لها، بعيدا عن فكرة مواجهة التصعيد الإسرائيلي باغتيال هنية، بتصعيد مضاد باعتلاء المطلوب الأول على قائمة الاغتيالات لقمة الهرم القيادي. ربما يتمثل السبب الرئيسي فى رغبة قادتها التأكيد على شرعية «طوفان الأقصى» باختيار مهندسها الأول قائدا أعلى، خاصة وأنه بعد مرور أكثر من 300 يوم على العملية خرجت أصوات تتساءل عن جدواها فى ظل حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على القطاع وما لحق به من دمار.
بحسب مصدر فى الحركة، فإن أربع قيادات فقط هم من كانوا على علم بالموعد الدقيق لعملية طوفان الأقصى، وهم: يحيى السنوار، وشقيقه محمد عضو المجلس العسكري للحركة وقائد كتائب القسام محمد الضيف، ومروان عيسى المعروف برئيس أركان الكتائب، في حين كان بعض قيادات المكتب السياسي وعلى رأسهم الراحل إسماعيل هنية يعلمون بالتجهيز لعملية كبيرة يتم بموجبها أسر عدد كبير من جنود الاحتلال دون أن يكونوا على علم بتفاصيل العملية وموعدها.
بحسب المصدر نفسه كان هنية ومعه آخرون فى المكتب السياسى يتبنون رأيا بتأجيل العملية لعامين، وهو ما قوبل بعدم ترحيب من جانب السنوار وتبنت قيادة القسام موقف السنوار، إذ يعتبر أبو إبراهيم أن عدم تنفيذ العملية فى الوقت المحدد لها سيمثل فرصة لكشفها من جانب إسرائيل وتوجيه ضربة استباقية لها ولقادتها.
اختيار السنوار فى الوقت الراهن وبـ«الإجماع» كما كشف ممثل الحركة فى لبنان أسامة حمدان يحمل رسالة واضحة بأن الجميع خلف طوفان الأقصى وقائدها وأنه لا تشكيك فيها أو فى نتائجها.
سبب آخر فى هذا الإطار لكنه يحمل أبعادا ميدانية تخاطب مقاتلى الحركة وقادتها العسكريين الذين لا يزالون ثابتين فى مواقعهم ويخوضون المعارك على الأرض فى مواجهة جيش الاحتلال، بالتأكيد على عدم التخلى عنهم، بل ودعمهم بشكل واضح بتعزيز قيادتهم للمشهد عبر واحد منهم وهو السنوار.
ميدانيا أيضا أراد صناع القرار الحقيقيون داخل الحركة إضفاء مزيد من التعقيد على المشهد فى وجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإحراجه أمام الشارع الإسرائيلى برسالة تحد واضحة له ولجيشه الذى فشل فى الوصول للسنوار رغم مرور أكثر من 300 يوم فى ظل إمكانيات هائلة مخصصة لهذا الهدف، مفادها «أنه لولا ثقة الحركة وجناحها العسكرى بشأن استحالة أو صعوبة الوصول لأبو إبراهيم لما لجأت لهذا الخيار»، تلك الثقة ربما يكون منبعها إجراءات التأمين التى يتم اتباعها مع السنوار من جهة، ومن جهة أخرى لثقة الحركة فى عدم قدرة الجيش الإسرائيلى على خطوة استهدافه حال توصل لمكان تواجده، كونه محاطا بـ«نخبة الإسرى» الإسرائيليين المتواجدين لدى الحركة ما يضع نتنياهو فى حرج أمام أسر الأسرى وكذلك الإدارة الأمريكية.
أما على صعيد حلفاء وأصدقاء وداعمى الحركة، كان اختيار السنوار الذى يعد أحد القياديين الذين تجيز لهم اللائحة الداخلية خلافة هنية مباشرة فى الوقت الحالى بحكم رئاسة كل منهما لأحد الأقاليم الداخلية، إذ يرأس السنوار مكتب غزة، بينما يرأس مشعل مكتب الخارج تخفيفا للعبء والضغوط السياسية عن الدولة المضيفة لرئيس المكتب الجديد حال كان من قيادات الخارج ،حيث تعرضت قطر طوال الأشهر التى أعقبت عملية طوفان الأقصى لضغوط من أجل إغلاق مكتب حماس ضمن محاولات التضييق على الحركة لدفعها للقبول بالاشتراطات التى يفرضها نتنياهو من أجل الوصول لاتفاق.
فى المقابل رأت الحركة فى اختيار السنوار فى هذا التوقيت هروبا من مأزق تصنيف القيادة الجديدة وحسابها على أحد الأطراف الداعمة دون طرف آخر، فعلى سبيل المثال يوصف خالد مشعل بأنه ممثل جناح الإخوان فى الحركة، وفى الوقت نفسه لا يتمتع بعلاقات جيدة مع القيادة الإيرانية التى تعد الداعم الأبرز لحماس فى هذا التوقيت بحكم سلطتها على باقى أذرع محور المقاومة، كما هو الحال مع كل من خليل الحية، وأبو عمر حسن رئيس مجلس الشورى المتواجد فى قطر، وهما ممن يوصفون بالمحسوبين على طهران ، فى المقابل تتساقط مثل هذه التوصيفات عند عتبة السنوار، الذى يكتفى عند الحديث عنه بالمدعوم من الجناح العسكرى للحركة دون تطرق أوسع لهذا المحور أوذاك.
ثمة سبب آخر لا يمكن إغفاله، عند الحديث عن تصدر السنوار لقيادة الحركة خلفا لهنية، وهو المتعلق بكونه القيادى الوحيد فى الحركة فى الوقت الراهن القادر على اتخاذ أى قرار وتمريره مهما كانت صعوبته حتى لو كان هذا القرار متعلقا بوقف إطلاق النار فى ظل تفويض مطلق من الجناح المسلح.
أما فيما يخص الحديث عن كون اختيار السنوار بمثابة رسالة تشدد وغلق لأبواب التفاوض بشأن التوصل لتسوية سياسية للأزمة فى غزة ، فإن المروجين لذلك يغفلون تاريخ السنوار الملىء بالمفاوضات والصفقات السياسية سواء مع الاحتلال حينما كان يرأس الهيئة العليا القيادية لأسرى حماس فى السجون الإسرائيلية، أو مع معارضى الحركة وخصومها السياسيين مثل محمد دحلان بعدما أقدم على مصالحة تاريخية مع رئيس التيار الإصلاحى لحركة فتح عام 2017 رغم الدماء التى تلطخ العلاقات بينهما، حيث يتمتع ببراجماتية سياسية جعلته يقود عملية تعديل ميثاق تأسيس الحركة المعروف باسم وثيقة 1987، بعد فوزه برئاسة المكتب السياسى فى غزة بموجب هذا التعديل، جرى حذف عدد من المواد، وعلى رأسها المادة الثانية التى كانت تنص على أن حماس هى فرع جماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين، وحذف شعار الجماعة من وثيقة الحركة ضمن خطوة لاسترضاء مصر واستعادة العلاقات معها.
ختاما فيما يخص شكل إدارة الحركة خلال الفترة المقبلة في ظل استحالة مغادرة السنوار للقطاع، فإن هناك اتجاها وفقا لمصدر بالحركة لتكليف خليل الحية «أبو أسامة» بموقع ممثل رئيس المكتب السياسي في الخارج، على أن تكون قيادة المكتب تشاركية بين قيادات الخارج.
المقال نقلاً عن صحيفة الشروق
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السنوار القدس المقاومة اليمن حماس غزة فلسطين مقالات اختیار السنوار المکتب السیاسى فى هذا التوقیت یحیى السنوار طوفان الأقصى رئیس المکتب فى الحرکة الحرکة فى فى الوقت
إقرأ أيضاً:
المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات يطور قدرات فرق الاتصال
اختتم المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات "برنامج التعليم التنفيذي في الاتصال الحكومي"، الذي نظمه بالتعاون مع كلية "لي كوان يو" للسياسة العامة في جامعة سنغافورة الوطنية خلال الفترة من 18 إلى 21 نوفمبر "تشرين الثاني" الجاري، ضمن سلسلة البرامج التي ينظمها بهدف تعزيز قدرات فرق الاتصال الحكومي في مجال تطوير الخطط الاتصالية والحملات والمشاريع الإعلامية الداعمة للمبادرات الوطنية والقرارات والسياسات الحكومية بشكل فعال.
تضمن البرنامج أجندة ثرية، ضمت عدداً من المساقات التدريبية التي يقدمها الخبراء والمتخصصون من كبار الهيئة الأكاديمية في الكلية، إلى جانب مجموعة من الزيارات إلى الوزارات والهيئات المتخصصة في مجال الإعلام والاتصال الحكومي والاجتماع مع خبرائها وفرق العمل فيها للاطلاع على تجاربها وأفضل الممارسات فيها، إضافة إلى تقديم مشروع تطبيقي في نهاية البرنامج. الارتقاء بالمهارات وقالت خديجة حسين، المدير التنفيذي لقطاع الاتصال الحكومي في المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، إن "الارتقاء بمهارات فرق الاتصال الحكومي يتصدر الاهتمامات الدائمة للمكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، لإبقاء فرقنا على إطلاع ومواكبة مستمرة لتطورات الإعلام المتسارعة في المحتوى والتقنيات، ولتمكين الفرق، عبر استراتيجيات وأدوات فاعلة وخبرات جديدة، من خدمة ودعم الأهداف الوطنية بشكل ناجح ومؤثر".وأوضحت أنه تم تنظيم هذا البرنامج بالتعاون مع كلية "لي كوان يو" للسياسة العامة في جامعة سنغافورة الوطنية، لما يربط الإمارات وسنغافورة من تعاون كبير في مجالات التطوير الحكومي، إضافة إلى الخبرات المتقدمة لمختلف الهيئات في سنغافورة في السياسات الحكومية والاتصال الحكومي والرقمي.
وأضافت أن تحقيق مستهدفاتنا الوطنية المستقبلية في مجال الاتصال الحكومي يحتاج إلى تطوير مستمر لمنظومات العمل التي تعتمد على كوادرنا الوطنية من فرق الاتصال الحكومي التي يعمل المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات على تمكينها بمختلف الوسائل ودعم قدراتها على تطوير المبادرات الاتصالية لمختلف الجهات في حكومة الإمارات لتعزيز نقل رسائلها إلى الجمهور وإيصال قصص نجاحها للعالم ونوهت إلى أن هذا البرنامج استهدف الارتقاء بمنظومة الاتصال الحكومي إلى مستويات جديدة لتكون أكثر ابتكاراً وتأثيراً في خدمة الأهداف الوطنية ورسالة دولة الإمارات عالمياً. معارف ومهارات وأكدت خديجة حسين أن "الأجندة الثرية لبرنامج التعليم التنفيذي في الاتصال الحكومي وفرت معارف ومهارات جديدة لفرق الاتصال الحكومي، عبر مساقاتها المختلفة وزياراتها الميدانية ومشاريعها التطبيقية، حول صياغة الاستراتيجيات والأهداف، وتصميم المبادرات المبتكرة والمؤثرة والقادرة على إحداث تحولات إيجابية في تحقيق المستهدفات، وتطبيق تدابير ناجحة في التعامل مع التحديات الاتصالية والإعلامية، إضافة إلى المهارات التحليلية المتعلقة بالجمهور وتقييم نجاح الحملات، وجميعها من المهارات التخصصية التي باتت من متطلبات التعامل مع التحولات المتسارعة في البيئات الإعلامية والاتصالية خصوصاً في البيئات الرقمية".
واستهدف البرنامج ضمن مخرجاته، تطوير المنتسبين لمشاريع تطبيقية إعلامية تعرض أمام لجنة تحكيمية بعد انتهاء البرنامج وتضمن زيارات ميدانية وعدداً من الاجتماعات التفاعلية، شملت زيارة إلى وزارة التنمية الرقمية والمعلومات التي تشرف على سياسات الاتصالات والمعلومات الخاصة بحكومة سنغافورة وتنظيم قطاعي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام، وتم تنظيم لقاء تفاعلي مباشرة مع رئيس الاتصال الحكومي، وهو المسؤول الرئيسي عن تشكيل استراتيجيات الرسائل الوطنية. رؤى مباشرة وحصل المشاركون على رؤى مباشرة حول عمليات صنع القرار التي توجه اتصالات الحكومة، وأفضل الممارسات والتحديات وأهمية توافق الاتصال مع السياسات العامة.
وشمل البرنامج زيارة إلى هيئة التطوير الإعلامي للمعلومات والاتصالات التي تقوم بتطوير وتنظيم قطاعي المعلومات والاتصالات والإعلام لتطوير بيئة ديناميكية تحتوي على فرص للنمو من خلال المواهب والبحث والابتكار والمشاريع إلى جانب الاجتماع مع إدارة "REACH" المعنية بالتواصل مع مواطني سنغافورة والحصول على آرائهم وردود فعلهم على القضايا الرئيسية علاوة على اجتمـــاع مع المكتب المسـؤول عن قانون الحماية من الأخبار الكاذبة والتلاعـب عبـر الإنترنـت "POFMA" المعني بحمايـة الجمهور السنغـافوري من الأذى عـبر الإنترنت من خلال مكافحة انتشار الأخبار الكاذبة إضافة إلى الاجتماع مع فريق "Open Government Products" المسؤول عن بناء التكنولوجيا التجريبية من أجل الصالح العام، بما في ذلك إنشاء تطبيقـات أفضل للمواطنين وأتمتة العمليات الداخلية للوكالات العامة. مساقات تدريبية وتطبيقية وشملت أجندة البرنامج مساقات تدريبية وتطبيقية حول استراتيجيات إنشاء حملات فعالة تشجع التحولات الإيجابية لدى الجمهور وتصميم رسائل تصل إلى الجمهور وتؤدي إلى تغييرات قابلة للقياس، ومساقاً حول وضع أهداف محددة وقابلة للقياس لحملات الاتصال وكيفية توجه مسار الحملة وتقييم نجاحها، إضافة إلى مساقات حول التشريعات والاستراتيجيات المصممة لمواجهة المعلومات المضللة، ودور الحكومة في الحفاظ على نزاهة المعلومات، وتدابير تعزيز المصداقية وثقة الجمهور.
وتضمن البرنامج دراسات حالة حول كيفية تأثير المحفزات العاطفية في التكنولوجيا على السلوك، مما يساعد المشاركين على إنشاء محتوى مؤثر وجذاب، وتجربة تفاعلية لمواجهة قضايا الإعلام الحالية باستجابة آنية لمختلف التحديات الإعلامية مثل الاتصال في الأزمات، وإدارة مشاعر الجمهور، والتعامل مع المعلومات المضللة، من خلال التفكير السريع والقدرة على التكيف.