مأساة في الدلنج: أم سودانية تفقد ابنتها جوعًا وأطفالها يقتاتون على ورق الشجر
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
"سرتُ مع أطفالي الستة من هبيلا إلى الدلنج، على الاقدام، لمدة أسبوع كامل، وصلتُ بحذاء ممزق وثوب وحيد، ثم فقدت ابنتي بسبب الجوع وآلة الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف ابريل قبل الماضي"
أزاهر ضحية الجوع.. الأم المفجوعة: نخشى على بقية أطفالنا
أوراق الشجر.. قوتنا الوحيد في ظل الحرب
اللحم واللبن.
بسكويتة واحدة في اليوم.. أطفال الدلنج يصارعون الجوع
الدلنج : كمبالا : 9 أغسطس 2024
منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : صحيفة التغيير
"سرتُ مع أطفالي الستة من هبيلا إلى الدلنج، على الاقدام، لمدة أسبوع كامل، وصلتُ بحذاء ممزق وثوب وحيد، ثم فقدت ابنتي بسبب الجوع وآلة الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف ابريل قبل الماضي"
نعيش على ورق الشجر
على مدى (8) أشهر، عانت أسرة عبد المنعم صالح محمود (28)عاما، بالدلنج_ على بعد( 498) كيلو متر جنوب العاصمة الخرطوم من نقص حاد في الغذاء، لم يكن لديهم سوى أوراق شجر "عرق النبي" و"دمليقة" و"خديجة كورو"،لتغذية صغارهم، كانوا يخلطون أوراق هذه النباتات مع الدكوة (الفول السوداني المطحون بعد تحميصه) والليمون في محاولة يائسة لتوفير الحد الأدنى من الغذاء.
لكن هذا الطعام لم يكن كافيًا لتلبية احتياجات الاطفال الغذائية، مما أدى إلى إصابتهم بسوء التغذية.
كانت ازاهر، الابنة ذات (10) سنوات، الأكثر تأثرًا. لم تستطع الصمود، فقد تدهورت صحتها وهزل جسدها حتى فارقت الحياة في السادس والعشرين من يوليو الماضي، بينما كان والداها في طريقهم إلى منطقة حجر جواد، جنوب الدلنج، للحصول على بسكويت التغذية.
تحكي والدتها عواطف احمد حمدان، البالغة من العمر 27 عامًا، لـ"التغيير": قائلة: "عندما عدنا إلى المنزل، فُجعنا بالخبر كنا قد تركنا ازاهر مع عمتها وزوج عمتها، ومع تدهور حالتها الصحية، كانت العمة تنوي نقلها إلى المستشفى، لكنها للأسف توفيت قبل أن يتسنى لها ذلك."
صعوبة التواصل
التواصل مع عواطف وزوجها لم يكن سهلاً إذا استغرق الأمر أكثر من أسبوع، لأن الأسرة لا تملك هاتفاً بعد أن فقدوا كل ممتلكاتهم في هبيلا. استعنت بإحدى المتطوعات في الدلنج، و التي أرسلت لي رقم هاتف صديقتها في المنطقة،" زينب أم التومات"، لكن بسبب سوء الشبكة وانقطاعها، لم تكن أم التومات متاحة على الواتساب طوال الوقت،حتى بعد التحسن النسبي للشبكة، كانت "أم التومات" تتحمل عناء الطريق ومشقته للوصول إلى منزل عواطف، ورغم استمرار مشاكل الاتصال، تمكنا من الحديث معهم على مدى عدة أيام.
تحذير أممي
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أكد، تلقيه بالفعل تقارير عن أشخاص يموتون جوعاً في السودان جراء الكارثة الإنسانية الناجمة عن الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل من العام الماضي.
وأشار البرنامج إلى أن 18 مليون شخص في أنحاء البلاد يواجهون حالياً مستويات حادة من الجوع، مطالباً الطرفين المتحاربين بتقديم ضمانات فورية لإيصال المساعدات إلى المحتاجين بشكل آمن.
ووفق دراسة حديثة أجرتها اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، صدرت في مايو الماضي، يؤثر القتال الدائر حالياً على "إمكان الحصول على الغذاء ومياه الشرب"، ما يزيد من "مخاطر الأمراض"
وحذّرت الوكالات الاممية، من "تدهور كبير" في تغذية الأطفال وأمهاتهم في السودان ، ودعت إلى "تحرك عاجل". وقالت: "حياة الأطفال السودانيين معرضة للخطر وهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية جيل كامل من سوء التغذية والمرض والموت".
نزوح على الأقدام لأيام
نزحت أسرة عبد المنعم من مدينة هبيلا في يناير الماضي إلى منطقة القردود بمحلية العباسية تقلي، شمال شرق ولاية جنوب كردفان. ومن هناك، سارت الأسرة على الأقدام لمدة أسبوع للوصول إلى مدينة الدلنج التي تقع في الجزء الشمالي من الولاية. تقول الأسرة إنهم الآن في وضع صعب منذ 8 أشهر، فقدوا ابنتهم البالغة من العمر 10 سنوات بسبب الجوع. ولديهم أطفال آخرون: أسوار (11 سنة)، مهند (5 سنوات)، تنزيل (سنتان ونصف)، ومحمد عبد المنعم رضيع يبلغ من العمر (سنة و4 أشهر)، واكدت عواطف انها بعد ان فقدت ازاهر بسبب الجوع اصبح لديها قلق كبير بشان امكانية فقدان ابنائها الاخرين بذات الطريقة
أثناء نزوحهم من هبيلا، اضطرت الأسرة إلى السير على الأقدام بعد أن رفضت السيارات نقلهم دون مقابل مادي. وصلوا إلى القردود ومن ثم إلى الدلنج، حيث وجدوا مأوى في أحد المنازل المهجورة.
قالت عواطف: "نحن الآن ننام على التراب، والأطفال حفاة ولا يملكون ملابس." وأضافت: "وصلتُ بثوب واحد فقط وحذاء ممزق." وتابعت: "ابنتي أزاهر فقدت حياتها بسبب الجوع والمعاناة، طول المسير كان الأطفال يشربون الماء ويتقيؤون، وينامون جوعى."
واكدت أن الأسرة في حاجة ماسة لمساعدات عاجلة لإنقاذ بقية أطفالها، واشارت إلى أنها لا تملك حليباً أو غذاءً كافياً لهم،
"اشعر بقلق شديد على رضيعي، فحالته الصحية تتدهور باستمرار ولا يتوفر لي حليب لاني لا اتتناول ما يكفي من الطعام" كما ذكرت عواطف.
بسكويت التغذية لايكفي
كان عبدالمنعم رب الاسرة، يقوم ببناء الكرانيك وحيشان القش، إضافة إلى القطاطي في منطقة هبيلا. أما في الدلنج، فأصبح بلا عمل، ذكر الوالد في افادته (للتغيير) "غذاؤنا هنا يعتمد على اوراق الاشجار والتي تُعد "بالدكوة" وأحياناً بدونها". وأضاف" لا أتذكر متي تناولنا لحمًا منذ اندلاع الحرب، بينما اللبن ينعدم تمامًا".
تبعد منطقة حجر جواد، التي تُوزَّع فيها المساعدات، عن منزلهم ساعتين، حيث يتم توزيع ( 14) قطعة بسكويت تغذية لكل طفل لاسبوعين، أي ما يعادل قطعة واحدة يومياً، واوضح عبدالمنعم أنه خلال زيارتهم الثانية، لم يتحسن وضع أطفاله ؛ لأن البسكويت وحده لا يفي باحتياجاتهم الغذائية، بالإضافة الى اقتصار طعامهم على تناول ورق الاشجار وبعض المديدة، حيث لا توجد أي إغاثة أو مساعدات إضافية.
ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#ساندوا_السودان
#Standwithsudan
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بسبب الجوع
إقرأ أيضاً:
سلاح الجوع يقتل الأبرياء في غزة.. إسرائيل تنفي بأدلة تدينها
في كل يوم يمر تزيد حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وينضم إلى قافلة الشهداء أعداد جديدة رحلت إما بالقصف والطلقات النارية، وإما بالسلاح الصامت الذي يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي وهو «التجويع»، ورغم اعتراف إسرائيل به ضمنيًا في عدة مناسبات، إلا أن القوى الدولية المؤيدة لها تتجاهل عن ذلك.
تجويع الفلسطينيين يغيب عن دائرة الأضواءإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أشارت إلى ما يعانيه أهالي القطاع من نقص في الإمدادات الغذائية في منتصف أكتوبر الماضي، وهددت بفرض عقوبات على الاحتلال إن لم يتخذ إجراءات تحد من الأزمة الإنسانية، وتسمح بتدفق المساعدات إلى غزة المحاصرة، إلا أنها تغاضت عن محاسبة إسرائيل على الكارثة الإنسانية التي تحل بالقطاع الفلسطيني في شهر نوفمبر، وهو الشهر ذاته الذي صرح فيه مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي، جان مارتن باور بأن: «هناك مجاعة تحدث أو إنها وشيكة في أجزاء من شمال قطاع غزة، نتيجة للنزوح على نطاق واسع وانخفاض التدفقات التجارية والإنسانية إلى القطاع».
وخلصت المحكمة الجنائية الدولية في الشهر الجاري إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، وتفرض على الفلسطينيين ظروفًا معيشية مصممة لتدميرهم بشكل ملموس، عن طريق عرقلة المساعدات الإنسانية.
إسرائيل تنفي بأدلة تُدينهامن جانبها، تستمر السلطات الإسرائيلية في النفي، وتقدم عبر صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية التابعة لها أرقامًا تروج لمزاعمها بأنها لا تعرقل دخول المساعدات، ولكن هي نفس الأرقام التي تدينها.
تعهدت دولة الاحتلال في أبريل الماضي بأن تسمح بدخول 500 شاحنة مساعدات يوميًا بعد حادثة مقتل عمل منظمة «المطبخ العالمي» لتقليل حدة الغضب الدولي، إلا أنها لم تفِ بتلك الوعود لا سيما وأن سمحت في شهر أكتوبر الماضي بدخول عدد شاحنات يوميًا بما يقرب من 58 شاحنة، وفي نوفمبر 59 شاحنة فقط، وفقًا لمجلة «Responsible statecraft» الأمريكية استناداً إلى بيانات لجيش الاحتلال.
وبينما تستمر إسرائيل في مراوغتها فإنها تستمر في إدانة نفسها، لا سيما وأنها تنشر بشكل متواتر عبر حسابات تديرها حكومتها مثل وزارة الخارجية الإسرائيلية، وحساب وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق التابعة للجيش، عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة يوميًا، وتشير في عدة مرات إلى أن عدد الشاحنات يقل عن الاحتياجات الإنسانية لأهالي القطاع.
إلى ذلك، فإن إسرائيل تبالغ بشكل مصطنع أحيانًا في إجمالي المساعدات من خلال احتساب الشاحنة نصف الممتلئة على أنها شاحنة كاملة، والجدير بالذكر أن جيش الاحتلال يحدد أن تكون عدد من شاحنات المساعدات الإنسانية مملوءة بنسبة 50% من طاقتها لأسباب أمنية مزعومة.
ويبالغ جيش الاحتلال في أرقام مساعداته من خلال إدراج الشاحنات التجارية كمساعدات إنسانية على الرغم من الأولى باهظة التكلفة بالنسبة لمعظم سكان قطاع غزة، الذين باتوا يعيشون في فقر مضجع بسبب العدوان الإسرائيلي الذي دمر كل ممتلكاتهم وثرواتهم، والثانية موجهة نحو الاحتياجات الإنسانية.
اعترافات دون قصدوزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، نداف شوشاني في الرابع من ديسمبر الجاري عبر منصة «إكس» أن نقص المساعدات الإغاثية التي تصل للفلسطينيين بسبب شح المساعدات المقدمة من المنظمات الإنسانية، وأن إسرائيل لا تقع عليها مسؤولية الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة، على الرغم من آلاف الشاحنات الإغاثية تنتظر يوميًا الدخول إلى قطاع غزة ولكن إسرائيل تحول دون ذلك.
ولكن «شوشاني» اعترف دون قصد بأن إسرائيل تنتهك التزاماتها القانونية التي فرضها القانون الدولي، لا سيما وأن تل أبيب من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على أن القوة المحتلة يجب عليها ضمان وصول المواد الغذائية والطبية إلى السكان المحتاجين، وتلزم المادة 59 من الاتفاقية على السماح بإدخال المساعدات وضمان تسليم المساعدات بالفعل وهو ما تفعل إسرائيل عكسه تماماً.
إسرائيل ترعى عصابات مسلحة لنهب المساعداتصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية حصلت على مذكرة صادرة من الأمم المتحدة خلصت إلى أن إسرائيل تمول عصابات مسلحة، تعمل على نهب قوافل المساعدات الشحيحة أصلًا، بينما يوفر الجيش الإسرائيلي الحماية لهم.
وذكرت المذكرة أن العصابات تعمل في نطاق بصر الجيش الإسرائيلي وعندما تنهب مساعدات الإغاثة، ذلك تراقب قوات جيش الاحتلال، ولا تدخل حتى لو طلب عمال الإغاثة ذلك، فضًلا عن أن قوات الاحتلال كثيرًا من الأحيان تتولى مهاجمة عمال الإغاثة على الرغم من أن المنظمات التي يتبع له العمال بإحداثيتهم.
علي جمعة: من لم يمت بالقصف مات بالجوعوعلى أرض الواقع، فإن الأسواق في قطاع غزة تكاد تكون فارغة والواقع المعيشي صعب، وللنجاة بنفس لا يكفي الهرب من مكان إلى آخر لتفادي القصف أو رصاص جنود الاحتلال الذين لا يترددون في قتل أي فلسطيني، بل يجب إيجاد أي غذاء لتفادي الهلاك.
وفي حديث مع «الوطن» قال الناشط الفلسطيني علي جمعة إن الطعام بنسبة لأهالي قطاع غزة للعيش فقط وليس للشبع، وأن اللحوم والخضروات والفواكه تكاد أن تكون نستها الأبصار في القطاع خاصة في الأجزاء الشمالية منه.
وفيما يخص المساعدات الإغاثية أوضح «جمعة» أن سعيد الحظ من يتحصل على «كرتونة مساعدات» مرة أو اثنتين في الشهر، وهي التي لا تسد الرمق لبضعة أيام ما يجعل المواطن أمام خيارين، أولهما أن يشتري من الأسواق أي غذاء وإن وجد فدائما ما يكون سعره باهظ الثمن ولا يكون سوى «معلبات»، بينما معظم الغزيين نضبت مواردهم وتقطعت أرزاقهم ما يضع الكثيرين، أما الخيار الثاني ألا وهو «الجوع» الذي يفتك بالكثيرين وأودا بالكثيرين بصمت، إذ أكد «جمعة» أن هناك حالات استشهاد عديدة بسبب الجوع خاصة بين صفوف الأطفال.
ولفت الناشط الفلسطيني إلى أن رحلات البحث الطويلة عن طعام دائما ما تكون محفوفة بالمخاطر وذكر أنه في إحدى المرات التي ذهب فيها لتسلم مساعدات وبعد السير لأميال قُصفت المنطقة المحددة لتسليم المساعدات ما دفعه للعودة خالي الوفاض.
وفيما يتعلق بأثر ذلك النقص الحاد في الغذاء، أشار «جمعة» إلى أنه خسر ما يزيد عن 10 كيلو جرامات من وزنه، بينما صديقًا له خسر 27 كيلوجراما.