بيروت "أ ف ب": وسط خشية من اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل، بعد عشرة أشهر من تبادلهما القصف، يشعر لبنانيون بالخوف وتنتاب بعضهم نوبات هلع، وخصوصاً مع تكرار الطائرات الإسرائيلية خرق جدار الصوت على علو منخفض، ما يلقي بثقله على صحتهم النفسية ويوقظ صدمات من حروب خلت.

وتقول جنى (29 عاماً) التي تقطن في قرية جنوبية بعيدة نسبياً عن الحدود وخطّ القتال، "حين أسمع جدار الصوت مرة أو مرتين في اليوم، أتخيل أن البيت سيقع عليّ وأخاف كثيراً".

وتضيف لوكالة فرانس برس"أتجمّد حيناً في مكاني، وحينا آخر أتأثر وأجهش بالبكاء".

منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان، غداة اندلاع الحرب في غزة في السابع من اكتوبر، تروي جنى كيف بات دوي القصف، رغم أنه بعيد، يشكّل جزءاً لا يتجزأ من يومياتها، فضلاً عن خرق الطائرات الحربية الإسرائيلية يومياً لجدار الصوت، وأحياناً كثيرة على علو منخفض.

وتوضح كيف يعيدها شعور الخوف إلى حرب يوليو 2006 المدمرة التي خاضها حزب الله وإسرائيل بينما كانت في الحادية عشرة. وتقول "أحياناً بطريقة غير واعية، تتذكر، ويعكس جسدك الشعور بالخوف... وتعيدك تلك الأصوات إلى الماضي".

ورغم أن حزب الله وإسرائيل يتبادلان القصف يومياً عبر الحدود منذ عشرة أشهر، إلا أن منسوب الخوف من التصعيد ارتفع في الآونة الأخيرة في لبنان بعدما توعّدت طهران وحزب الله بالرّد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية اسماعيل هنية، ومقتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر.

وأثّر التصعيد جنوباً على مدخول جنى، بعد توقف العديد من مشاريع المنظمة التي تعمل فيها، ما جعلها غير قادرة على تحمّل تكلفة العلاج النفسي.

وتضيف "أعاني أساساً القلق والاكتئاب منذ فترة، لكن حالتي النفسية تدهورت كثيراً منذ بدأت الحرب". وكل ذلك يعزز "شعور الخوف من المستقبل"، بحسب قولها.

"شعور بالذنب"

تشرح أستاذة الصحة النفسية في الجامعة الأمريكية في بيروت الدكتورة ليلى فرهود أن كثراً من اللبنانيين يعانون "جراء الصدمات المتراكمة من القلق والضغط واضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب"، في بلد عانى لسنوات نزاعات على غرار الحرب الأهلية (1975-1990).

وتضيف لفرانس برس "ينقل الآباء قلقهم إلى أبنائهم كصدمات عابرة للأجيال"، وما يحصل الآن "يعيد صدمات سابقة إلى الأذهان وتصيب البعض نوبات هلع كرد فعل".

في السادس من أغسطس، خرقت طائرات حربية اسرائيلية جدار الصوت فوق بيروت على علو منخفض، ما أحدث دوي انفجارين اهتزت بسببهما النوافذ والأبواب، بعد يومين فقط من احياء البلاد الذكرى السنوية الرابعة لانفجار مرفأ بيروت المدمر عام 2020.

حين سمع جدار الصوت للمرة الأولى في منطقة المتن القريبة من العاصمة، باغتت نوبة هلع شربل شعيا (23 عاماً)، طالب الحقوق في باريس الذي جاء لقضاء عطلة منذ نحو شهر.

ويقول شربل إنه لم يعد لحظتها "قادراً على التنفس وشعرت بتنميل في رجليّ"، مضيفاً "للوهلة الأولى لا تفهم ماهية الصوت، على غرار ما حصل في الرابع من أغسطس" 2020.

رغم خطر الحرب، قرر شربل البقاء في لبنان، إذ "نشعر بالذنب عندما نكون في الخارج ونتابع الأخبار فقط. نقلق أن يصيب مكروه أحداً من عائلتنا أو أصدقائنا"، كما يقول.

وأسفر التصعيد عبر الحدود عن مقتل أكثر من 561 شخصاً على الأقلّ في لبنان، بينهم 366 مقاتلاً من حزب الله و116 مدنيا على الأقل، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استناداً الى السلطات اللبنانية وبيانات حزب الله.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية مقتل 22 عسكرياً و25 مدنياً.

"صدمات جماعية"

على مدار الساعة، تتلقى جمعية "إمبرايس" للصحة النفسية اتصالات ترد بغالبيتها ممن هم في العشرينات والثلاثينات، كما تشرح الاختصاصية النفسية ومديرة البرامج في الجمعية ليال حمزة، أي من جيل لم يعايش الحرب الأهلية وقد لا يتذكر جيداً حرب 2006، لكنه عاش هول انفجار المرفأ.

وتقول حمزة "قد يكون الجيل الأكبر أكثر اعتياداً" على الحرب، لكن ذلك لا ينفي أنّ حالة الترقب "تعيد إلى الأذهان الصدمات الجماعية أيضاً".

وتوضح "بات الناس حالياً أكثر حساسية تجاه أي صوت" لأنهم "في حالة تأهب". كما أن "مستويات القلق تتصاعد، والخوف من المستقبل أيضاً".

في الأسابيع القليلة الماضية، ناشد مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي الناس أن يكفوا عن إطلاق الألعاب النارية، بعد تكرار استخدامها احتفاء بنتائج الثانوية العامة او مواكبة لمهرجانات في بيروت، جراء القلق الذي أثارته. وانتشرت مقاطع مصورة تسخر من الوضع، مستخدمةً الفكاهة لتخفيف التوتر.

وتشرح حمزة أنّ لكلّ شخص طريقة مختلفة للتأقلم. فمن ناحية، هناك "من يخرجون للاحتفال"، وآخرون "يحاولون التواصل مع محيطهم بشكل أكبر" للحصول على دعم ودرء الشعور بالوحدة.

بعدما سمعت جدار الصوت في وقت سابق هذا الأسبوع، أبقت أندريا فهد (28 عاماً) التي تضررت شقتها في انفجار المرفأ، نوافذ بيتها مفتوحةً طوال اليوم خشية أن ينهار زجاجها.

وتعتبر الشابة نفسها "محظوظة" لأنها راقصة، وتحيط نفسها بزملائها في الرقص لأن الحركة اليومية تساعد في تشتيت ذهنها عن الظروف.

وتقول "نضحك معاً ونتحرك معاً، إنها لحظة حرية تجعلنا ننسى الكثير من الأمور".

لكن كلّ ذلك لا يلغي الخوف من "عدم اليقين".

وتقول "في أي لحظة، قد يحصل أي شيء"، متسائلة "إذا كانت (الحرب) بهذه الشدة في غزة، فما الذي يحول دون وصولها إلى هنا؟".

بقلم ليزا غولدن ولور الخوري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: حزب الله وإسرائیل جدار الصوت الخوف من

إقرأ أيضاً:

تدشين ثلاث عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم

المناطق_واس

دشن تجمع القصيم الصحي ثلاث عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم، وذلك ضمن جهود التجمع لتحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية النفسية وضمان تكاملها مع مختلف التخصصات الصحية الأخرى، مع دعمها بكوادر طبية وفنية متخصصة ومؤهلة، لتلبية احتياجات المستفيدين.

 

أخبار قد تهمك نائب أمير منطقة حائل يستقبل رئيس نادي أثر لاستكشاف الحضارات والآثار 17 نوفمبر 2024 - 6:46 مساءً الأمير فيصل بن مشعل يفتتح مركز عبدالله العثيم للسكري بالمدينة الطبية بجامعة القصيم 17 نوفمبر 2024 - 6:44 مساءً

وأوضح التجمع أن العيادات المدشنة تشمل عيادة النوبة الأولى للذهان، وعيادة اضطراب ثنائي القطب، وعيادة الفصام المقاوم، حيث تقدم هذه العيادات مجموعة شاملة من الخدمات العلاجية، من بينها الفحص والتشخيص الدقيق باستخدام أحدث الوسائل الطبية، والعلاج الدوائي المصمم لكل حالة لضمان أفضل النتائج، بالإضافة إلى العلاج النفسي السلوكي الذي يهدف إلى دعم الشفاء وتعزيز الصحة النفسية.

 

وأشار إلى أن العيادات توفر أيضًا خدمات الفحوصات والتحاليل المخبرية اللازمة لمتابعة حالة المرضى بدقة واستمرارية، مما يضمن تقديم رعاية صحية متكاملة وفعّالة، تحت إشراف نخبة من الأطباء المتخصصين، مدعومين بفريق إداري لتنسيق المواعيد والإجراءات.

 

يذكر أن العيادات الخارجية في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم استقبلت منذ مطلع يناير وحتى نهاية سبتمبر من العام الجاري 2024م ما يزيد على 20,227 مستفيدًا ومستفيدة، قُدمت لهم الرعاية الصحية اللازمة.

Copy URL URL Copied 17 نوفمبر 2024 - 6:49 مساءً Share Facebook X LinkedIn Messenger Messenger Read Next أبرز المواد17 نوفمبر 2024 - 6:40 مساءًمحافظ الخرج يستقبل رئيس وأعضاء جمعية التنمية الأهلية باليمامة أبرز المواد17 نوفمبر 2024 - 6:35 مساءًصدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة أبرز المواد17 نوفمبر 2024 - 5:51 مساءًأمير القصيم يشهد توقيع اتفاقية بين مجموعة العثيم وجمعية العلوم والتقنية بمحافظة عنيزة أبرز المواد17 نوفمبر 2024 - 5:46 مساءًأمير منطقة الرياض يطّلع على الخطة الإستراتيجية الشاملة للهيئة السعودية للمقاولين أبرز المواد17 نوفمبر 2024 - 5:33 مساءً“الغطاء النباتي” يعلن بدء استقبال طلبات الاستثمار الموسمي في عددٍ من المتنزهات بمنطقة المدينة المنورة17 نوفمبر 2024 - 6:40 مساءًمحافظ الخرج يستقبل رئيس وأعضاء جمعية التنمية الأهلية باليمامة17 نوفمبر 2024 - 6:35 مساءًصدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة17 نوفمبر 2024 - 5:51 مساءًأمير القصيم يشهد توقيع اتفاقية بين مجموعة العثيم وجمعية العلوم والتقنية بمحافظة عنيزة17 نوفمبر 2024 - 5:46 مساءًأمير منطقة الرياض يطّلع على الخطة الإستراتيجية الشاملة للهيئة السعودية للمقاولين17 نوفمبر 2024 - 5:33 مساءً“الغطاء النباتي” يعلن بدء استقبال طلبات الاستثمار الموسمي في عددٍ من المتنزهات بمنطقة المدينة المنورة نائب أمير منطقة حائل يستقبل رئيس نادي أثر لاستكشاف الحضارات والآثار نائب أمير منطقة حائل يستقبل رئيس نادي أثر لاستكشاف الحضارات والآثار تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك Find us on Facebookالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستFacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Facebook X Messenger Messenger WhatsApp Telegram Back to top button Close البحث عن: FacebookXYouTubeInstagramWhatsApp Close Search for Close Search for

مقالات مشابهة

  • قوات الاحتياط.. جدار الأمن الإسرائيلي الذي يريد أن ينقض
  • تدشين ثلاث عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم
  • تقرير رسمي مخيف.. نصف المغاربة يعانون من الإضطرابات النفسية
  • إيجابية تخرق جدار الحرب… هل يتحقق وقف اطلاق النار؟!
  • تقرير: الحرب تزيد المخاوف من اندلاع أزمة طائفية في لبنان
  • وكالة الأنباء اللبنانية: طيران الاحتلال الإسرائيلي يخرق جدار الصوت في أجواء بيروت
  • فوق البقاع.. هذا ما فعله الطيران الحربي
  • تقرير لـMiddle East Eye يكشف.. حزب الله أعاد بناء نفسه
  • أحمد عمر هاشم يلقي خطبة الجمعة اليوم من أبو رواش بالجيزة
  • التكنولوجيا وتأثيراتها النفسية.. بين الفوائد والمخاطر في الحياة اليومية