بقلم: إسماعيل الحلوتي

      منذ عدة عقود والمغاربة يتطلعون إلى أن تسود في بلادهم قيم الحرية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وضمان العيش الكريم، وفي ذات الوقت ظلت تراودهم عدة أحلام كبرى، ومنها حلم احتضان فعاليات كأس العالم في كرة القدم، حيث أن السلطات المغربية وانطلاقا من سنة 1994 لم تكف عن تقديم ملف الترشح، يحذوها الأمل الكبير في الوصول إلى المبتغى، مما كلفها ميزانيات ضخمة كان يمكن أن تصرف في بناء مرافق صحية وضمنها مراحيض عمومية، التي تفتقر إلى وجودها معظم المدن المغربية.

       الآن وقد تحقق حلم العرس الرياضي العالمي، بعد أن زف عاهل البلاد محمد السادس عبر بلاغ للديوان الملكي يوم الأربعاء 4 أكتوبر 2023 للشعب المغربي بشرى قرار مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم القاضي باعتماد الملف الثلاثي المشترك بين كل من المغرب، اسبانيا والبرتغال، كترشيح وحيد لاستضافة كأس العالم 2030 لكرة القدم، وهو ما يعد اعترافا صريحا بمكانة المغرب المتميزة بين الأمم الكبرى. فهل سيكون بلدنا في مستوى هذا الحدث الرياضي الكبير، وألا يتوقف اهتمامه فقط عند حدود تشييد الملاعب الرياضية وإنجاز مراكز التدريب والاستقبال والفنادق والنقل والمطارات ومضاعفة الخطوط الجوية وغيرها من الأوراش التنموية التي ستعود بالنفع على البلاد كخلق فرص الشغل والثروة والإشعاع السياحي، أم أنه سيسعى أيضا إلى توفير المرافق الصحية الضرورية (المراحيض) التي طالما نادى بها المواطنون؟

      فالمغرب اليوم أصبح محل اهتمام ليس فقط الرأي العام الرياضي في العالم وكبريات الصحف الدولية، ولاسيما بعد أن سطر منتخب أسود الأطلس تلك الملحمة الكروية الرائعة في مونديال قطر 2022، بل كذلك محل اهتمام المستثمرين نتيجة العدد الهائل من التقارير الإعلامية الدولية حول التحولات التي قادها ملك المغرب، والتي شملت جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والرياضية، وأحدثت نقلة نوعية في تعزيز وتطوير البنية التحتية، التي تعتبر أساسا لصناعة النجاح. حيث أنه دخل في سباق ضد الساعة استعدادا لأكبر تظاهرتين رياضتين في كرة القدم، وهما كأس أمم إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.

      ويشار في هذا الصدد إلى أن المغرب وحتى قبل أن يحظى بشرف احتضان البطولتين السالفتي الذكر، لم ينفك يرفع التحديات في عهد قائده المفدى الملك محمد السادس، حيث استطاع بفضل حنكته وسياسته الحكيمة تكريس نهضة اقتصادية واجتماعية وصناعية مشهود له بها من قبل كبار المسؤولين في العالم على مستوى البنية التحتية، سواء تعلق الأمر بمجالات النقل البري والجوي أو الطاقة أو التكنولوجيا الرقمية. كما أنه تمكن من تحقيق تطور ملحوظ في السكك الحديدية التي أصبحت أكثر كثافة وحداثة، بما فيها الخطوط الكهربائية والعالية السرعة مثل خط "البراق"، دون إغفال النقل البحري حيث صار ميناء طنجة المتوسط من أكثر الموانئ جاذبية في البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن تطوير عديد المشاريع الأخرى المتعلقة أساسا بالطاقات المتجددة.

      بيد أن هذا التطور السريع والمتواصل لا يمكن له إخفاء حقيقة النقص الحاصل في المراحيض العمومية بمختلف المدن المغربية، حيث لا يعقل والمغرب مقبل على استضافة المونديال 2030، أن تظل أغلب مدنه وخاصة الكبرى والسياحية تشكو من غياب دورات مياه عمومية تستجيب لحاجيات المواطنين وخاصة منهم الذين يعانون من أمراض مزمنة، وتضمن لهم شروط النظافة والسلامة الصحية، دون التفكير في فتح المجال أمام المستثمرين من أجل الارتقاء بمستوى الخدمات الاجتماعية وتوفير فرص الشغل للعاطلين. ولاسيما أن الهيئة الأممية سبق لها أن نشرت تقريرا بمناسبة تخليد اليوم العالمي لدورات المياه الذي يصادف 19 نونبر من كل سنة، أكدت فيه أنه "لا بد أن تكون لدى الجميع مرافق صحية مستدامة، إلى جانب مرافق المياه النظيفة وغسل اليدين، للمساعدة في حماية الأمن الصحي والحفاظ عليه، ووقف انتشار الأمراض المعدية الفتاكة، مثل فيروس كورونا والكوليرا والتيفويد"

      فمن غير المستساغ أن يتمادى رؤساء الجماعات والمجالس الجماعية في ترجيح مصالحهم الخاصة ونهب المال العام دون إيلاء أي أهمية للمراحيض العمومية، مما يدفع بالكثير من الأشخاص إلى المساهمة قسرا في تلويث المناخ عند اضطرارهم إلى صرف حاجاتهم الطبيعية في العراء على مرأى من الجميع. فكيف لنا أن نتخيل إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، شعور أولئك المواطنين الأجانب وهم يتجولون في مدننا بحثا عن دورات مياه دون أن يجدوا لها أثرا، خلال فعاليات كأس أمم إفريقيا 2025 أو مونديال 2030؟

      إننا أمام ما ينتظر بلادنا من تظاهرات رياضية كبرى بات لزاما على مدبري الشأن العام ببلادنا، العمل بكل جدية وحس وطني صادق على ترجمة وعودهم إلى حقائق ملموسة، من خلال تعميم توفير مراحيض عمومية نظيفة ولائقة، باعتبارها جزءا أساسيا من البنية التحتية للمدن المغربية، وضرورة صحية ملحة وحقا طبيعيا للإنسان، من شأنها الحفاظ على البيئة من التلوث وكذا على كرامة المواطنين وحماية الصحة العامة، علاوة على الإسهام في تحاشي تفشي الأوبئة والأمراض المعدية القاتلة.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

مواكبة المغاربة المقيمين بالخارج بـ 272 عضواً في بعثة دينية خلال رمضان 2025

في إطار مواكبتها الدينية للمغاربة المقيمين بالخارج خلال شهر رمضان المبارك، أعلنت مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج عن إيفاد بعثة مكونة من 272 عضواً إلى عدة دول، وذلك خلال الفترة من 27 فبراير إلى 1 أبريل 2025.

وتتكون البعثة من مجموعة من الأئمة والوعاظ الأكفاء، بينهم 38 أستاذًا جامعيًا، و39 واعظًا حاملاً لشهادة الدكتوراه، و44 واعظًا حاملاً لشهادة الماجستير، إلى جانب 60 واعظًا مكلفين بالخطبة وتقديم حصص لحفظ القرآن الكريم، و31 إمامًا سيتولون أداء صلاة التراويح. ويهدف هذا الوفد إلى تقديم الدعم الديني للجالية المغربية في مختلف البلدان خلال الشهر الفضيل.

وسيتم توزيع أعضاء البعثة بحسب احتياجات المغاربة في الخارج، حيث سيشارك 75 عضوًا في فرنسا، و40 في ألمانيا، و33 في هولندا، و38 في إسبانيا، و27 في إيطاليا، و33 في بلجيكا، بالإضافة إلى حضور بعثة صغيرة في كندا، الولايات المتحدة، السويد، إنجلترا، هنغاريا، النرويج، وأيسلندا.

منذ عام 1992، تنظم مؤسسة الحسن الثاني هذه العمليات الدينية التي تشمل تقديم الدعم للجمعيات والمساجد المغربية بالخارج، وتنظيم ندوات ومباريات لحفظ وتجويد القرآن الكريم، فضلاً عن تخصيص الجوائز التقديرية لتحفيز أبناء الجالية على الاهتمام بالجانب الديني. وتستهدف المؤسسة تلبية الحاجيات الدينية المتزايدة للجالية المغربية، مع الحرص على متابعة المستجدات والمتطلبات الميدانية وتوفير أفضل الدعم الديني خلال شهر رمضان.

وفي سياق متصل، ستنظم المؤسسة يوم الثلاثاء 25 فبراير في الرباط لقاءً لتقديم برنامجها الخاص بـرمضان 2025، بحضور 50 عضوًا من البعثة، بهدف عرض التفاصيل والخطوط العريضة لهذه العملية.

مقالات مشابهة

  • قريباً العالم الاسلامي سيصوم رمضان مرتين بنفس العام
  • ‏وفد وزارة الخارجية الليبية يمثل ليبيا في المؤتمر الوزاري العالمي بمراكش المغربية
  • مواكبة المغاربة المقيمين بالخارج بـ 272 عضواً في بعثة دينية خلال رمضان 2025
  • مفاجآت جديدة من موسم الرياض في مونديال الأندية
  • خبر سار لجماهير الهلال.. مباريات "الزعيم" في مونديال الأندية ستبث مجاناً
  • تركي آل الشيخ يعلن نقل مباريات الهلال في مونديال الأندية مجانًا
  • أساطير الكرة .. ظهور المعلم فى الملاعب بعد غياب 7 سنوات| ما القصة؟
  • الوحدات الصناعية وسط طنجة تنذر بكارثة كبرى…حرائق وفوضى عارمة تسائل المسؤولين قبيل مونديال 2030
  • مسؤولون مغاربة و إسبان يجمعون على الفرص الإستثمارية الهائلة لمونديال 2030
  • وزير الإعلام: القطاع سيوفر قرابة 150,000 وظيفة بحلول عام 2030