عربي21:
2024-11-24@09:13:25 GMT

حماس إذ تُودّع هنية

تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT

لا شك أن خسارة حماس باستشهاد قائدها ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية كانت كبيرة وبالغة. وقد جمع هنية من الصفات والمواصفات الإيمانية والتربوية والسلوكية والقيادية والتنظيمية، والإمكانات السياسية والتوعوية والخطابية، ما يجعله في صدارة الصف القيادي، ليس على مستوى حركته فقط، وإنما على مستوى الشعب الفلسطيني والأمة.



ونقف في هذا المقال ثماني وقفات بين يدي استشهاده رحمه الله:

الأولى: أن هنية رحمه الله تمتع بشخصية قوية الإيمان، عميقة الثقة بالمشروع الإسلامي لفلسطين، مع قدرة متميزة على تقديمه بأسلوب وحدوي حضاري معتدل وبروح متناغمة منسجمة مع الأبعاد الوطنية والإنسانية لقضية فلسطين. وتميز خطابه السياسي بلغة سياسية منفتحة، تُركّز على المشترك، وتستوعب الاختلافات، وتسعى لتوحيد الجهد واستفراغ الطاقة في مواجهة العدو الصهيوني، وليس في الصراع الداخلي.

والثانية: طبيعته الشخصية المرنة المنفتحة، المريحة والسهلة في التعامل، وتواضعه الطبيعي غير المتكلف، وحسن إنصاته للمتحدثين، وابتسامته التي لا تفارقه.

هنية سعى إلى إنجاز وحدة وطنية حقيقية، وإلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، وإلى تذليل المعوقات والعقبات التي تعترضه
والثالثة: أن طريقته في القيادة مالت إلى الطريقة "الأبوية" التي تستوعب الجميع، وتتجنب إغضاب أحد، مع التجاوز عن الزلات، وتحمّل النقد بصدر رحب. ولم يُغيّر توليه لرئاسة وزراء السلطة الفلسطينية، وقيادة قطاع غزة، وقيادة حركة حماس؛ من طبيعته الاجتماعية الشعبية التي تحب البساطة وتعيش هموم الناس، وظل ابن معسكر الشاطئ على طبيعته تلك حتى لقي ربه.

والرابعة: أن هنية سعى إلى إنجاز وحدة وطنية حقيقية، وإلى إنهاء الانقسام الفلسطيني، وإلى تذليل المعوقات والعقبات التي تعترضه، فأسهم بفعالية في اتفاق مكة سنة 2007، وترأس حكومة الوحدة الوطنية التي نتجت عنه. وكان له دوره في اتفاق المصالحة في القاهرة 2011؛ وقام بالتنازل عن رئاسة الوزراء في اتفاق الشاطئ سنة 2014 لتسهيل تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها غيره. ومن أجل تفعيل المصالحة قدّمت حماس تحت قيادته في صيف 2020 ومطلع 2021 المزيد من التنازلات، بما في ذلك عدم تفعيل المجلس التشريعي قبل الانتخابات، والسكوت عن شرط التزامن في إجراء الانتخابات؛ وترك إصدار المراسيم لعباس، والتغاضي عن عدم عقد عباس للإطار القيادي المؤقت، حتى أدرك الجميع في النهاية أن المشكلة في جوهرها تكمن في تعطيل عباس وفريقه لعملية الإصلاح وإعادة البناء.

والخامسة: أن شخصية هنية لقيت قبولا كبيرا لدى الشعب الفلسطيني وفصائله ورموزه، وخلال السنوات الماضية تصدّر الكثير من استطلاعات الرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة للفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية في مقابل محمود عباس. وكان نتيجة آخر استطلاع للرأي نشره المركز الفلسطيني للبحوث المسحية والسياسية في حزيران/ يونيو 2024 أن هنية يحصل على 76 في المئة مقابل 20 في المئة من المصوتين لعباس.

شخصية هنية لقيت قبولا كبيرا لدى الشعب الفلسطيني وفصائله ورموزه، وخلال السنوات الماضية تصدّر الكثير من استطلاعات الرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة للفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية في مقابل محمود عباس
والسادسة: أن شخصيته لقيت قبولا واسعا عربيا وإسلاميا وعالميا؛ ونجح في تطوير علاقات قوية مع القيادة السياسية في قطر وتركيا وإيران، ولقيت شخصيته الاحترام والتقدير من القيادات الرسمية في الكثير من الدول حتى تلك التي تختلف مع حماس سياسيا وأيديولوجيا. وحظي هنية بمكانة متميزة لدى الحركات الإسلامية، كما حظي باحترام وتقدير مختلف الحركات السياسية والإصلاحية الوطنية والقومية واليسارية وغيرها.

والسابعة: أن هنية قاد باقتدار حركة حماس طوال معركة طوفان الأقصى، وأدار علاقاتها السياسية ومعاركها التفاوضية، بكفاءة عكست مكانة الحركة وقوتها وقدرتها على قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، وقيادة المقاومة ومشروع التحرير. ووفر هنية الغطاء اللازم للأداء العسكري، وجمع بين صلابة المحافظة على المبادئ والثوابت، والتعبير عن تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وبين مرونة التعامل مع الجوانب التكتيكية وفقه المصلحة، بما يوقف العدوان على غزة، ويضمن انسحاب العدو، ويُحقّق صفقة مُشرّفة لتبادل الأسرى، ويفتح المجال لفك الحصار عن القطاع وإعادة الإعمار؛ وكان على تنسيقٍ وتفاهم وتواصل دائمٍ مع إخوانه الذين يقودون العمل الميداني العسكري والمدني في القطاع، وعلى رأسهم رفيق دربه يحيى السنوار.

والثامنة: أن هنية حفر مكانته في قلب وعقل الشعب الفلسطيني، حيث عاش كواحد منه، وشاركه وعائلته معاناته وتضحياته وتطلعاته. وبالرغم من وجوده الاضطراري الاستثنائي خارج قطاع غزة لظروف مرتبطة بطبيعة عمله ومهامه، ولأسباب متعلقة بحرية حركته وتنقُّله،هنية قاد باقتدار حركة حماس طوال معركة طوفان الأقصى، وأدار علاقاتها السياسية ومعاركها التفاوضية، بكفاءة عكست مكانة الحركة وقوتها وقدرتها على قيادة المشروع الوطني الفلسطيني، وقيادة المقاومة ومشروع التحرير. ووفر هنية الغطاء اللازم للأداء العسكري، وجمع بين صلابة المحافظة على المبادئ والثوابت إلا أن معظم عائلته التي بقيت في القطاع عاشت وعانت كبقية الناس، وتعرّضت للاستهدافات المتعمدة للاحتلال، حيث استشهد أكثر من 60 من أفراد عائلته، بما في ذلك ثلاثة من أبنائه وعدد من أحفاده؛ وتلقى أخبار استشهادهم باحتساب وصبر وثبات، مُصرّا على متابعة مسيرة المقاومة، حتى لحق بهم رحمه الله.

* * *

وأخيرا، فقد كانت خسارة حماس وفلسطين والأمة كبيرة بالفعل بفقد هنية، غير أن استشهاده سيكون دافعا للمزيد من العمل والتضحية والعطاء على طريق التحرير. وهو استشهاد كما أثبتت التجربة لن يُضعف حماس، بل سيزيدها قوة وشعبية ومصداقية. وحماس بما تتمتع به من بنى مؤسسية وشورية، ومن تنظيم واسع زاخر بالكفاءات في الداخل والخارج، قادرة على متابعة المسيرة ومراكمة المنجزات.

وأمثال هنية يدخلون التاريخ ليس فقط مصدر إلهام لشعوبهم، وإنما لأمتهم ولحركات التحرر وللإنسانية جمعاء.

x.com/mohsenmsaleh1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس إسماعيل هنية غزة المقاومة حماس غزة اغتيال المقاومة إسماعيل هنية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی أن هنیة

إقرأ أيضاً:

الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  

 

 

القدس المحتلة - رحبت السلطة الفلسطينية وحركة حماس بمذكرتي الاعتقال اللتين أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق فيما يتصل بالحرب على غزة.

وقالت السلطة الفلسطينية في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، إن "دولة فلسطين ترحب بالقرار" بإصدار مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية إنها وجدت "أسبابًا معقولة" للاعتقاد بأن نتنياهو وجالانت يتحملان "المسؤولية الجنائية" عن جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، فضلاً عن الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية.

وقال البيان الفلسطيني إن "قرار المحكمة الجنائية الدولية يمثل الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته"، وحث الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية على قطع "الاتصالات والاجتماعات" مع نتنياهو وغالانت - الذي أقاله رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقت سابق من هذا الشهر.

ولم يشر البيان الصادر عن السلطة الفلسطينية التي تمارس سيطرة إدارية جزئية على الضفة الغربية المحتلة إلى مذكرة الاعتقال التي صدرت الخميس أيضا بحق القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقالت إسرائيل إنها قتلت الضيف في غزة في يوليو/تموز، لكن حماس لم تؤكد وفاته.

ولم تذكر المجموعة، في بيانها الخاص بشأن قرار المحكمة الجنائية الدولية، ضيف أيضًا.

وقالت حماس إن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق القادة الإسرائيليين "خطوة مهمة نحو العدالة ويمكن أن تؤدي إلى إنصاف الضحايا بشكل عام".

لكن عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم قال إن "الخطوة ستبقى محدودة ورمزية إذا لم تدعمها كل دول العالم بكل الوسائل".

- "مجازر" -

وفي رد على سؤال لوكالة فرانس برس حول مذكرة اعتقال الضيف، قال مسؤول في حماس طلب عدم الكشف عن هويته إنه "لا مقارنة بين المحتل المجرم والضحية".

وأشار الفلسطينيون الذين هجروا من منازلهم في غزة إلى أن أوامر المحكمة الجنائية الدولية لن تحدث أي فرق في معاناتهم.

وقال يوسف أبو هويشل، من داخل ملجأ هش ذو أرضية ترابية في وسط غزة، "من المهم أن نرى شخصا يتحدث عن هذه المجازر والشعب المضطهد"، ولكن "لا تزال هناك الولايات المتحدة" التي تدعم إسرائيل.

وفي المخيم ذاته في الزوايدة، قال حسن حسن إنه متأكد من أن "القرار لن ينفذ لأنه لم يتم تنفيذ أي قرار لصالح القضية الفلسطينية على الإطلاق".

وأسفرت حرب غزة، التي اندلعت ردا على هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عن مقتل 1206 أشخاص، معظمهم من المدنيين، وفقا لإحصاءات وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتم احتجاز نحو 250 رهينة خلال الهجوم، ولا يزال 97 أسيراً في غزة، بما في ذلك 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.

وأسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية الانتقامية عن مقتل 44056 شخصا على الأقل خلال أكثر من 13 شهرا من الحرب، معظمهم من المدنيين، وفقا لأرقام وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • جلسة مرتقبة للبرلمان السويسري للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني
  • الفيتو الأمريكي يقتل أبناء الشعب الفلسطيني
  • الفلسطينيون يرحبون بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين  
  • مدير هيئة حقوق الإنسان الفلسطينية: دور مصر قوي وداعم للقضية وللشعب الفلسطيني
  • رئيس هيئة دعم الشعب الفلسطيني: إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو «قرار تاريخي»
  • سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور
  • أبو ردينة يطالب بحماية الشعب الفلسطيني بمن فيهم الإعلام
  • أمين سر «فتح»: الشعب الفلسطيني انتظر قرار «الجنائية الدولية» ضد نتنياهو
  • بوريل: “الهولوكوست” خطأ أوروبي لا يتوجب أن يدفع الشعب الفلسطيني ثمنه