الكذب.. آفة من آفات السلوك الإنسانى.. عادة ما يلجأ إليه الإنسان إما للخوف.. أو ادعاء شىء غير موجود للشعور بالنقص.. لذا تأباه النفوس الكريمة.. ويترفع عنه الرجال.
لكن التاريخ الإنسانى سجل حالات شديدة الشذوذ والانحراف للكذابين.. حتى بلغ بالبعض ادعاء النبوة أو الألوهية.... فهو أول من يعلم بضعفه واحتياجة..
حالة مرضية معقدة ومستفحلة لدى هؤلاء الكذابين.. فهو لا يكتفى بأنه كذب على نفسه ومن حوله فقط.. بل هو على أتم الاستعداد لقتل وحرق جميع من حوله إن لم يؤمنوا بكذبه ويهللوا له ويبادروا بالسجود.
علم النفس يرجع ذلك المرض المعقد إلى أسباب مختلفة تتراوح ما بين الاحساس بالتفوق كالنمرود الذى قتلته بعوضة.. أو إحساس بالضعف والحاجة للسيادة كالسامرى ومسيلمة الكذاب.. ويصف هذه الحالات بالاضطراب الوجدانى ثنائى القطب أو الفصام.
وعادة ما تتميز شخصية الادعياء بالجهل الشديد وضيق الافق وقلة المعرفة.. وإن حاولوا دايما اظهار العكس.. والتأكيد فى كل مناسبة على قدراتهم الخارقة واتصالهم بالسماء..
ورغم النهايات المأساوية لهؤلاء المرضى.. إلا أن جهل كل مدعٍ يحجب عنه ما حدث لسابقه وكيف كانت نهايته.. هينة ومهينة.. وكيف حوله التاريخ إلى أعجوبة ومحط للسخرية.. وكيف صار مضربا للمثل فى الجنون والتفاهة من حيث أراد الرفعة والعظمة.. ولا يعرف التاريخ الانسانى نهاية طبيعية أو سعيدة لأى من هؤلاء المدعين.. وقد عرفت مصر القديمة ثمانية ملوك ادعوا الالوهية.. وستة ملوك ادعوا أنهم ابن الإله.. كانوا جميعا فى عصر الهكسوس.. فبادت أمتهم بأكملها ولم يترك أثر لهم حتى يومنا هذا.
دفع الحسد والبحث عن الاحترام والتقدير مسيلمة بن ثمامة الحنفى لادعاء النبوة.. وظن أنه أعد نفسه جيدا لإيهام من حوله بقدراته الخاصة.. فأمضى سنين من عمره يجوب المواسم والأسواق.. سعيا وراء تعلم الحيل وألاعيب السحرة وخفة اليد.. التى سيبهر بها اتباعه من الجهلاء.. لكن لسوء حظه أنه عاصر نبيا حقيقيا.. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ولأن الهوان مصير كل مدعٍ.. كان الشؤم والخذلان مصاحبا لمسيلمة فى كل فعل يقوم به.. سمع أن رسول الله بصق فى بئر ففاضت مياهها.. فقال لقومه سأفعلها.. فشرب من بئر لديهم.. جف ماؤها تماما.. وامتد نحسه إلى كل شىء مسته يداه.. حاول تقليد النبى الأكرم فقام وتوضأ ومسح رؤوس قومه.. فمنهم من قرع رأسه.. ومنهم من لثغ لسانه.. ودعا لرجل أصابه وجع فى عينيه فعمى الرجل.. وكان إذا دعا لمريض مات، وإذا شرب من بئر جفت.
والعجيب هنا لم يكن فى أمر ذلك المدعى المريض.. لكن فى اتباعه.. فقد صوروا خذلانه معجزات وكرامات.. فاعتبروا جفاف البئر كرامة وأمرا يستحق التقديس.. والتف حوله الاتباع حتى قتل وقتل اغلبهم فى موقعة اليمامة.. كذلك مدعية النبوة سجاح بنت الحارث التميمية.. استطاعت جمع ٤٠ ألف مقاتل خلفها.. وانتهى أمرها بواقعة أكثر خزيا وعارا مع مسليمة الكذاب.. الغريب فى أمر هؤلاء هو الاستماتة والمجاهدة فى الدفاع عن كذب وأطماع المدعى.. فإن كان اتباع المدعى يسعون لمكاسب دنيوية.. أو يحلمون بمال أو جاه من وراء ذلك الدجال.. فما الذى يدفع بمجموعة من نكرات العصر (أصحاب الكيانات المشبوهة فى الخارج).. لتقليب مزابل التاريخ لاخراج مسيلمة الكذاب من جديد.. ويقول أحدهم عنه.. إن مسيلمة ظلم.. وينفى كل ما روى عنه من مخازٍ.. بل ويصل بأحدهم الضلال إلى القول بأن مسيلمة لم يكن كاذبا وظلم لأن التاريخ يكتبه المنتصر.. وهكذا يستمر الافك ويبقى عبر العصور لا يكل ولا يمل فى التشويش على الحق ومحاربة أهله.. ليبقى الباطل والمبطلون فى مواجهة الخير إلى قيام الساعة.. فهى سنة الحياة وقانون الثنائيات.. خير وشر.. ليل ونهار.. حق وباطل.. أحرار وعبيد.. فإن تكاسل فريق علا الآخر وساد.. الأهم ألا يظن أهل الحق أن الحق وحده يضمن لهم البقاء.. طالما بقى بيننا اتباع مسيلمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لوجه الله مصر القديمة
إقرأ أيضاً:
هولندا تكتب التاريخ في كأس ديفيز
ملقة (رويترز)
حققت هولندا إنجازاً تاريخياً بالتأهل لنهائي كأس ديفيز للتنس للمرة الأولى في تاريخها بتغلبها 2- صفر على ألمانيا في قبل النهائي.
وتأهلت هولندا بفضل انتصار بوتيك فان دي زاندسخولب وتالون جريكسبور في مباراتي الفردي.
وتلعب هولندا في النهائي المقرر الأحد مع الفائز من مباراة قبل النهائي الأخرى التي تقام بين إيطاليا حاملة اللقب وأستراليا.
واحتاج فان دي زاندسخولب، الذي أنهى مسيرة الإسباني رافائيل نادال يوم الثلاثاء الماضي، عشر نقاط للمباراة للتغلب 6-4 و6-7 و6-3 على الألماني دانييل ألتماير ليضع فريقه في المقدمة.
وفاز المصنف 80 عالمياً بالمباريات الثلاث التي خاضها في البطولة بينها مباراة الزوجي الفاصلة أمام الثنائي الإسباني المؤلف من كارلوس ألكاراز ومارسيل جرانوييريس يوم الثلاثاء الماضي.
وبدا أن الألماني يان لينارد شتروف سيبقي على آمال ألمانيا في التأهل للنهائي للمرة الأولى منذ 1993، بعدما فاز بالمجموعة الأولى، وكسر إرسال جريكسبور في المجموعة الثانية.
لكن اللاعب الهولندي، المصنف الـ40 عالمياً، انتفض ليفوز 6-7 و7-5 و6-4، ليحسم الفوز بالإرسال الساحق رقم 25 الذي يلعبه في المباراة.
وقال جريكسبور (28 عاماً) في مقابلة على جانب الملعب «إنه أمر لا يصدق، كنا نتحدث بهذا الخصوص منذ عامين أو ثلاث سنوات، وكنا نشارك في البطولة دائماً ونواجه قرعة صعبة على نحو لا يصدق ونخسر أمام فرق تمضي في طريقها للنهائي أو للفوز بالبطولة، وهذا العام واجهنا إسبانيا في دور الثمانية لكننا وثقنا في قدراتنا وشعرنا أن الفوز ممكن».
وبدا فان دي زاندسخولب في طريقه لفوز مريح في المباراة الأولى من مواجهة قبل النهائي، بعدما فاز بالمجموعة الأولى، وكسر إرسال منافسه في الثانية.
لكنه أهدر خمس نقاط لحسم المباراة في شوط فاصل ماراثوني بالمجموعة الثانية استمر 26 نقطة، قبل أن يفوز به ألتماير، ليدفع بالمباراة إلى مجموعة ثالثة.
ورغم أنه تقدم في النتيجة فإن اللاعب الهولندي سمح لمنافسه بالعودة، قبل أن يكسر فان دي زاندسخلوب إرسال منافسه ليتقدم 5-3.
ويبدو أن التوتر نال من اللاعب الهولندي الذي ارتكب ثلاثة أخطاء مزدوجة على الإرسال لكنه تمكن أخيراً من إنجاز المهمة.
وكانت مباراة الفردي الأخرى أعلى في المستوى، إذ قدم اللاعبان أداءً مذهلاً على الأرضية السريعة للملعب المغطى.
وقدم شتروف أداء لا تشوبه شائبة ليحسم المجموعة الأولى، لكنه أهدر فرصتين للكسر، عندما كانت النتيجة 3-4 في المجموعة الثانية.
وكانت هذه نقطة تحول، إذ تفوق جريكسبور على منافسه، وحافظ على هدوئه ليحافظ على شوط إرساله، ويحسم المواجهة.
وأثنى بول هارهوس كابتن الفريق، الذي لعب لمصلحة فريق هولندا بكأس ديفيز بين عامي 1990 و2005، على اللاعبين.
وقال «بالنسبة لي، هذا يعني أنني وصلت إلى النهائي للمرة الأولى على الإطلاق في كأس ديفيز، وأنني جزء من هذا الفريق الذي قدم مثل هذا الأداء الجيد في آخر خمس سنوات».
وأضاف «إنه أمر فريد بالنظر لأن فريقنا لا يضم لاعبين ضمن أفضل خمسة أو عشرة لاعبين في العالم، لكنه نتاج عمل جماعي وأظهرنا أن بمقدورنا الوصول إلى النهائي، يحظى اللاعبون بثقة كبيرة بعد هذا، لكن علينا أن نخوض المباراة بقوة كبيرة يوم الأحد ونثق أن وقتنا قد حان».