الآفاق الاقتصادية للاقتصاد الأزرق فى مصر
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
تمتد السواحل المصرية على طول البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، بطول يبلغ 3200 كم، مما يمنحها إمكانات اقتصادية هائلة وفرصًا فريدة لتحقيق التنمية المستدامة. استثمرت مصر فى السنوات الأخيرة قرابة 2 مليار جنيه فى حماية شواطئ البحر الأبيض المتوسط، بهدف حماية المدن الساحلية من مياه البحر وتأثيرات التغير المناخى.
إن تطوير البنية التحتية يُعد أمرًا حيويًا لتحسين تجربة الزوار وجعل الشواطئ المصرية أكثر جاذبية. يشمل ذلك إنشاء المرافق والخدمات اللازمة للسياح، وبناء المنتجعات السياحية المتكاملة التى توفر مجموعة متنوعة من الخدمات، كتحسين المرافق السياحية وتنويع العروض، مثل الرياضات المائية والرحلات البحرية، الجاذبة للمزيد من السياح، والإيرادات الاقتصادية. تُشير التقديرات إلى أن قطاع السياحة الشاطئية يمكن أن يُسهم بما يصل إلى 11% من الناتج المحلى الإجمالى الوطنى بحلول عام 2030.
السياحة البيئية تمثل أيضًا مسارًا واعدًا للتنمية المستدامة. يرتكز هذا النوع من السياحة على حماية الشعاب المرجانية والحياة البحرية، وجذب السياح المهتمين برياضة الغطس والغوص. إنشاء المحميات الطبيعية البحرية يساهم فى تعزيز التنوع البيئى البحرى وزيادة الوعى بأهمية الحفاظ على البيئة. البحر الأحمر، بشعابه المرجانية الممتدة على مساحات شاسعة، يجذب حاليًا آلاف السياح البيئيين سنويًا. وقد شهدت جهود الاستدامة البيئية فى مصر زيادة ملحوظة، حيث تم إنشاء أكثر من 15 منطقة بحرية محمية حتى الآن.
بُعد آخر، وهو السياحة الثقافية والتى توفر فرصا غير مستغلة لتنويع الاقتصاد. تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية على الشواطئ، مثل المهرجانات والعروض، وإنشاء متاحف لعرض القطع الأثرية يمكن أن يجذب فئات جديدة من السياح. الجولات البحرية إلى المواقع الأثرية والتاريخية تزيد من إثراء تجربة السياحة الثقافية. تشير الأبحاث إلى أن السياح الثقافيين ينفقون أموالًا أكثر بكثير من السياح العاديين، مما قد يزيد من الإيرادات الاقتصادية بنسبة تصل إلى 30%.
صناعة صيد الأسماك تعد كذلك عنصرًا حيويًا فى الاقتصاد الساحلى. تحديث معدات وتقنيات الصيد يمكن أن يزيد من الإنتاجية ويخلق فرص عمل جديدة. ضمان جودة الأسماك من خلال معايير سلامة صارمة، وإنشاء مصانع لتجهيز الأسماك وتنويع المنتجات يمكن أن يفتح أسواق تصدير جديدة. قطاع مصايد الأسماك حاليًا يساهم بحوالى 3% من الناتج المحلى الإجمالي، ويمكن لجهود التحديث أن تعزز إنتاج الأسماك بنسبة 20%.
تربية الأحياء المائية تمثل مجالًا آخر للنمو. يمكن لتطوير المزارع السمكية زيادة إنتاج الأسماك، وتلبية الطلب المحلي، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتوفير الأسماك الطازجة بأسعار معقولة. يمثل هذا القطاع بالفعل أكثر من 75% من إجمالى إنتاج الأسماك فى مصر، ومع الاستثمار الاستراتيجي، يمكن أن يتوسع بنسبة 15% سنويًا، ويدعم بالتبعية النظم الغذائية المستدامة ويساهم فى الاقتصاد الوطنى.
وفى ظل الاهتمام العالمى بالطاقة النظيفة، فإن مبادرات الطاقة المتجددة على طول الساحل المصرى ستفتح مسارات جديدة للنمو الاقتصادى. إنشاء محطات الطاقة الشمسية لتوفير الطاقة النظيفة للمنتجعات السياحية والمناطق السكنية من شأنه أن يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفورى. كما أن تسخير الرياح الساحلية لمحطات طاقة الرياح يمكن أن ينتج كهرباء صديقة للبيئة ويجذب الاستثمارات الجديدة. تهدف مصر إلى توليد 42% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2035، ويمكن للمناطق الساحلية كمواقع مثالية لمشاريع طاقة الرياح أن تولد أكثر من 3000 ميجاوات؛ وهذا الطاقة كافية لتوفير الكهرباء لحوالى 2.5 مليون منزل فى السنة.
ما لا يمكن الاختلاف عليه هو أن تحسين البنية التحتية للنقل البحرى والبرى بات أمرًا ضروريًا للخطط الوطنية للتنمية الشاملة. زيادة القدرة الاستيعابية للموانئ البحرية سيدعم التجارة البحرية ويخلق فرص عمل جديدة. إنشاء طرق بحرية تربط المدن الساحلية سيسهل حركة الركاب والبضائع ويحفز السياحة الداخلية. كما أن تحديث وتطوير الموانئ من شأنه أن يزيد القدرة على مناولة البضائع بنسبة 50%، بينما تحسين روابط النقل قد يدعم السياحة المحلية بنسبة 25%.
لتحقيق الفوائد الاقتصادية المرجوة من الشواطئ المصرية، يجب على صانعى السياسات تحديث خططها الوطنية لتشمل الاستثمار فى البنية التحتية وتحسين المرافق والخدمات وتسهيل الوصول إلى المناطق الساحلية. لكن التحدى الحقيقى يكمن فى كيفية تحقيق هذا التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. هل يمكن لصانعى السياسات تبنى نهج يجمع بين النمو المستدام والحفاظ على التراث الطبيعى والثقافي؟ إن التفكير فى مستقبل الشواطئ المصرية يتطلب رؤية بعيدة المدى تضع فى اعتبارها استغلال الموارد بطريقة مسئولة ومستدامة تضمن استمرار الفوائد الاقتصادية دون المساس بجمال وسلامة البيئة الطبيعية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الاقتصاد الوطني السواحل المصرية البنیة التحتیة من السیاح یمکن أن
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط: المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري
شهدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، توقيع اتفاقية تمويل تنموي ميسر بين مؤسسة التمويل الدولية IFC، والبنك التجاري الدولي CIB، بقيمة 150 مليون دولار، بهدف دعم البنك التجاري الدولي وتمكينه من تعزيز نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر (MSMEs)، بما في ذلك المشروعات التي تقودها النساء (WMSMEs)، ووقع الاتفاقية هشام عز العرب، الرئيس التنفيذي للبنك التجاري الدولي، وسيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لشئون منطقة أفريقيا.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى الشراكة طويلة الأمد والفعالة بين الحكومة ومؤسسة التمويل الدولية، حيث لعبت هذه الشراكة دورًا أساسيًا في تعزيز جهود مصر لتحقيق التنمية المستدامة.
المشروعات الصغيرة والمتوسطة العمود الفقري للاقتصاد المصريوأكدت أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر تُمثل العمود الفقري للاقتصاد المصري، فهي توفر فرص عمل لملايين المواطنين، وتدعم الابتكار، موضحة أن هذه المشروعات، وخاصة التي تقودها النساء، تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على التمويل اللازم، ولذلك فإن اتفاقية اليوم تعد خطوة مهمة نحو سد هذه الفجوة، لضمان حصول هذه المشروعات على الدعم اللازم للنمو والازدهار والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر.
وأشارت إلى التزام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لدورها المهم كمحركات رئيسية لخلق فرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها تمثل ركائز للتنمية الاقتصادية الشاملة التي تشمل المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، وتأتي هذه الاتفاقية لتعزيز قدرة البنك التجاري الدولي على توسيع محفظته لدعم هذه المشروعات، مما يخلق فرصًا اقتصادية ويحسن من سبل العيش في جميع أنحاء البلاد.
ريادة الأعمالوأشارت إلى إطلاق رئيس الوزراء المجموعة الوزارية لريادة الأعمال برئاسة الوزارة، بهدف تحسين بيئة العمل للشركات الناشئة وريادة الأعمال، مؤكدة أنه الهدف الرئيسي هو تسريع النمو الاقتصادي عبر دعم اقتصاد تنافسي قائم على المعرفة، وقادر على توفير وظائف لائقة لشبابنا وأجيالنا المستقبلية، مضيفة أن مصر حققت خطوات كبيرة في تمكين المرأة، فقد أصبحت مصر أول دولة في المنطقة تطلق استراتيجية وطنية لتمكين المرأة تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، لافتة إلى إطلاق منصة «تسريع سد الفجوة بين الجنسين»، وهي منصة تعزز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق المساواة بين الجنسين، حيث تشير الدراسات إلى أن زيادة مشاركة المرأة، خاصة في المناصب القيادية، تعزز الاستقرار المالي والقدرة على الصمود، وتمثل هذه الاتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولية التزامًا قويًا منا بالمساواة بين الجنسين وضمان عدالة الأجور وتوسيع فرص التمويل لرائدات الأعمال.
وفي عام 2021 استثمرت مؤسسة التمويل الدولية 100 مليون دولار في أول سند أخضر للقطاع الخاص في مصر، للبنك التجاري الدولي، بهدف المساعدة في إطلاق التمويلات للمشروعات الصديقة للبيئة، والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ودعم تحول الاقتصاد المصري إلى اقتصاد أكثر خضارا.
دعم مؤسسة التمويل الدولية للقطاع الخاص في مصرومنذ بداية عملها في مصر في 1975، قامت المؤسسة باستثمار نحو 9 مليارات دولار في مشروعات استثمارية، ولديها محفظة عمليات استشارية تبلغ قيمتها 24 مليون دولار.
ويركز دعم مؤسسة التمويل الدولية للقطاع الخاص في مصر على التكنولوجيا المالية، وتمويل العمل المناخي، والصناعات التحويلية، ومشروعات البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والمساواة بين الجنسين، وغيرها من القطاعات الأخرى.