حكايات إنسانية داخل مقلب القمامة
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
النباشون مطاردون من الكلاب الضالة ومغضوب عليهم من الناس.. والعمل 24 ساعة موزعة على ورديتين!«حسن وزوز»: نبدأ النبش قبل الفجر وحتى الغروب وأبنائى محرومون من كل متع الحياة «مصطفى» أصغر نباش: الناس تخاف منى.. ونفسى أبقى دكتور عمال النظافة.. رواتب هزيلة ومن لم يمت بالوباء عاش بعاهة مستديمةمواطنون: شكونا كثيرا لهيئة النظافة بسبب تراكم القمامة فى الشوارع.
«القمامة» دولة تعيش على حافة الأوبئة والمرض والخطر، عاصمتها «صناديق الزبالة»، وشعبها نباشون، وعمال نظافة، وشركات جمع قمامة، وهيئة النظافة والتجميل.. ولكل منهم حال وحكاية.
فالنباشون مطاردون دائما من شركات النظافة حينا ومن الأهالى حينا ومن الكلاب الضالة حينا. وتختلف نظرة الناس لهم بشكل كبير، فالبعض يراهم معذبين فى الأرض يستحقون الصدقة، وآخرون يرونهم مدمنين ومسجلين خطر ويستحقون السجن!
أما عمال النظافة فأشبه ما يكونون بعبيد القرون الوسطى حيث الشقاء والجوع والمهانة ورواتب لا تكفى «العيش الحاف».
النباشون يقضون يومهم فى تفريغ صناديق القمامة وفرز ما فيها، وتجنيب المواد القابلة لإعادة التدوير مثل البلاستيك، والورق، والمعادن، والزجاج، ويبيعونها لشركات إعادة التدوير للحصول على مال هو مصدر دخلهم الوحيد..
وعملهم هذا يعرضهم للإصابة بأمراض خطيرة، كما يمثل خطرا كبيرا على الناس، لأنه يؤدى إلى انتشار الأوبئة نتيجة الفرز العشوائى للقمامة وتركها ملقاة على قارعة الطريق..
ومن عملهم أيضا تتضرر شركات القمامة لأنها تفقد جزءًا من المواد القابلة لإعادة التدوير التى كان من المفترض أن تجمعها وتبيعها.
«حسن وزوز» واحد من النباشين، وسط أصوات الكلاب والقطط والروائح الكريهة يستيقظ وزوجته وأبناؤه الثلاثة الصغار فجر كل يوم ليبدأوا النبش فى صناديق القمامة، بحثا عن المواد القابلة لإعادة التدوير، ويتولى كل فرد من الأسرة فرز صندوق من القمامة، ومع دقات السادسة صباحاً، تتوجه الزوجة إلى أحد المطاعم لإحضار إفطار لجميع أفراد الأسرة..
وبعد الإفطار يعاودون جميعا النبش فى القمامة حتى غروب الشمس وعندها يبدأون فى جمع المواد التى تم فرزها من الصناديق ووضعها على ميزان سيارة الفرز التى تعمل مع النباشين وتجمع ما فرزوه طوال اليوم ليبيعوه لشركات إعادة التدوير.
وعندما يأتى المساء يتولى النبش مجموعات أخرى من الشباب ويواصلون عملهم طوال الليل، ويفترشون الأرض بجوار الصناديق حتى لا يتسلل إليها نباشون من خارج المنطقة وغالبا ما تنشب معارك بين النباشين على صناديق القمامة.
وبكلمات ممزوجة بالألم يقول «حسن وزوز»، إن أطفاله محرومون من كل متع الحياة، ولا يعلمون شيئاً عن اللهو مع الأطفال من نفس أعمارهم ولا يعلمون شيئا فى الحياة سوى فرز المواد التى يتم إعادة تدويرها من صناديق القمامة، وهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض كثيرة لصغر سنهم.
وبصوت خجول يقول «مصطفى حسن وزوز» ابن الـ7 سنوات وأحد أصغر النباشين «أنا مليش أصحاب زى اللى بشوفهم فى الشارع، والناس تخاف منى عشان بنبش فى الزبالة مع ابويا، ونفسى ابقى دكتور مشهور زى اللى بنشوفهم فى تليفزيون المقاهى».
وتؤكد «سميحة».. واحدة من النباشين حرصها على متابعة الحالة الصحية لأطفالها وإحضار الأطعمة لهم أثناء فرزهم صناديق القمامة، لافتة إلى أن عدد ساعات الفرز يعتمد على كمية النفايات والمنطقة.. وتقول: غالبًا ما يتم الفرز فى الليل أو فى الصباح الباكر، ويتم تعطيل رفع المخلفات من الشارع، ويكون هذا التعطيل لمصلحة الفرازين الذين يستفيدون من بيع المواد المفروزة القابلة للتدوير».
صرخات شارع أبوبكر الصديق
من داخل حى الوايلى تحديداً شارع أبوبكر الصديق خلف سوق الخضار، رصدت الوفد صرخات الأهالى بسبب تلال القمامة التى تغطى الشارع كله ولا يسير أحد فيه إلا وغاصت قدماه فى القمامة.
وقال سيد إبراهيم - بائع خضراوات- إن موظفى هيئة النظافة والتجميل غائبون دائما فلا نراهم داخل المنطقة وتحديداً فى الشوارع المجاورة للسوق، مما جعل الأهالى يتعاقدون مع سيارة وعمال لرفع القمامة من الشوارع مرة كل أسبوع رغم أن جميع الأهالى يسددون المصروفات المخصصة للخدمات الخاصة بالمرافق!
ويضيف «حاولت الذهاب إلى مسئول هيئة النظافة والتجميل لعرض أزمة تلال القمامة التى تحيط بأهالى المنطقة، إلا أن موظفى الأمن رفضوا السماح لى بالدخول وقالوا له: «روح دور على الأستاذ احمد صبرى مشرف النظافة وعرفه مشكلتك، وبالفعل بحثت عن مشرف النظافة ولكنى لم أجده حتى الآن».
وقال أحمد جبريل من سكان الوايلى، إن تلال القمامة غطت الشوارع ووصلت حتى أعتاب منازلنا، ولا يستمع لنا أحد، وإذا ما دخل أحد مسئولى النظافة منطقتنا، يحرص على أن يرتدى الكمامة الطبية حتى يحتمل الروائح التى تملأ الشوارع بسبب تراكم القمامة التى يبعثرها الفريزة بطول الشوارع وعرضها، مما يعرض المارة لجميع الأوبئة، إضافة إلى الروائح القاتلة التى تملأ المكان وتخنق الناس حتى وهم داخل شققهم».
مسجلون خطر
قال المهندس «ع....» مدير فرع بالهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة، إن أكثر النباشين لهم ملفات إجرامية، ويحترفون النبش فى صناديق القمامة باعتباره حرفة تحقق الثراء السريع، بعد سيطرتهم الكاملة على صناديق القمامة، وحوالى 40% منهم مواطنون كادحون، يتجولون على أقدامهم حاملين حقيبة سمراء لجمع زجاجات «الكانز» من المقاهى والشوارع دون أن يسببوا إزعاجا لأحد، وهناك نباشون آخرون أغلبهم مدمنو مخدرات بأنواعها المختلفة مثل الشادو والايس، والبودرة والعقاقير بمختلف أنواعها، ويتحول متعاطى المخدرات إلى مجرم يضع يده على صناديق القمامة ويدفعون رشاوى لبعض موظفى هيئة النظافة لكى يتركوا القمامة فى الشوارع حتى يتم الانتهاء من فرزها.
وأضاف «النباشون يفرغون صناديق القمامة فى الشوارع للحصول على محتوياتها القابلة للبيع، دون مراعاة لانتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين كل ذلك يحدث أمام مرأى ومسمع هيئة نظافة وتجميل القاهرة».
وتابع: أحيانا يحدث خلاف بين النباشين وبين سائق سيارة هيئة النظافة، بسبب عدم التزام السائقين بتوقيت رفع المخلفات المتفق عليها بين النباشين وبعض موظفى هيئة النظافة والتجميل».
أكد مسئول بهيئة نظافة وتجميل القاهرة، أن ما يفعله النباشون فى الشوارع يخالف كل قواعد النظافة، كما يخالف القانون، ومع ذلك لا يتصدى لهم أحد أو يتخذ ضدهم إجراء قانونيا خشية غضب النباشين واعتدائهم عليه لأن أغلبهم مسجلون خطر.. وقال «من المستحيل أن يقف أى مدير فرع بهيئة النظافة أمام بلطجى فى الشارع لأنه فى النهاية سيتعرض لخطر كبير.
ولهذا يفرش النباشون الشوارع بالقمامة وينامون ليلا بجوار صناديق القمامة لمنع شركات النظافة من تفريغ محتوياتها فى سيارات القمامة دون أن يستطيع أحد اعتراضهم، رغم أن كثيرا من مديرى فروع هيئة النظافة والتجميل أبلغوا رئيس الهيئة بتجاوزات النباشين، ولكن إيهاب الشرشابى رئيس هيئة النظافة والتجميل، لم يتخذ موقفا حاسما حيال كل تلك التجاوزات.
وناشد كثير من أهالى القاهرة رئيس هيئة النظافة والتجميل التصدى لتجاوزات النباشين فى شوارع القاهرة، خاصة وأن تلك التجاوزات تنشر الأوبئة فى الشوارع.
عمال النظافة
عمال النظافة هم دائما الضلع الأضعف فى منظومة النظافة رغم أهمية دورهم، فأجر عامل النظافة لا يتجاوز 70 جنيها يوميا، وهو مبلغ لا يكفى لشراء علبتين كشرى مما دفع بعضهم للعمل فى فرز القمامة بجوار عمله فى تنظيف الشوارع، ويتغاضى مشرفو هيئة النظافة عن هذا الأمر بسبب تدنى أجر عامل النظافة.
وأغلب عمال النظافة يعانون من كوارث صحية متعددة، وإصابات تصل إلى عاهات مستديمة، مثل قطع الأصابع إذا أغلقت عليه الحاوية، أو كسر اليد بالكامل أثناء استخدامه مكبس رفع المخلفات، بخلاف تمزيق الأيدى بقطع الزجاج داخل القمامة، أو بسبب الإصابة بسرنجة مدفونة فى القمامة وسط كل أنواع الفيروسات الخطيرة ولا يتم إسعافه إلا بعد فوات الأوان.
والأغرب من ذلك أن حصولهم على رواتبهم المستحقة يتأخر أحيانا لمدة 3 شهور دون مراعاة ظروفهم المعيشية!
وفى المقابل، فإن كثيرا من متعهدى جمع القمامة يحصلون على أموال من الهيئة دون أن يقوموا بعملهم ويكتفوا برفع نقلة أو اثنتين فقط من القمامة ويتركون الباقى فى الشوارع!
وكشف مصدر بهيئة النظافة أن سيارة رفع المخلفات تكلف متعهد رفع القمامة مبالغ تتراوح بين 15 و20 ألف جنيه، كل شهر، وفى المقابل يحصل من الهيئة 100 ألف جنيه عن كل السيارة الواحدة شهريا، أى أن أرباح المتعهد عن كل سيارة تبلغ 80 ألف جنيه شهريا، دون إعطاء المواطن الخدمة المكلف بها وفقاً للتعاقد، مع هيئة النظافة والتجميل بالقاهرة، مما يترك المواطن فى عذاب بحور القمامة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عمال نظافة صنادیق القمامة رفع المخلفات عمال النظافة فى الشوارع ألف جنیه
إقرأ أيضاً:
عاملة تقطع جسد عشيقها بـ«السكين» وتبرر جريمتها: هدننى بفيديوهات مخلة
كان يوما عاديا، حين دقت الساعة الرابعة عصرًا فى منطقة الوراق. الحياة تسير كالمعتاد، المحلات مفتوحة تستقبل زبائنها، والناس منشغلون بأمورهم اليومية. لا شىء ينذر بأن شيئًا غير عادى سيحدث.. لا أحد يتوقع أن المنطقة على موعد مع جريمة بشعة ستظل تتصدر حديث الرأى العام.
وسط ضجيج الحياة المعتادة، لفت انتباه بعض أصحاب المحلات امرأة ترتدى نقابًا، تخرج مسرعة من «توك توك»، تمسك بسكين فى يدها، عيناها تائهتان، خطواتها مترددة ولكنها مليئة بالخوف. توقفت لثوانٍ، ثم انطلقت تجرى فى الشارع، وكأنها تهرب من شىء لا يمكنها مواجهته.
أثار المشهد قلق المارة، اقترب منها البعض محاولين تهدئتها، وسألوها عن سبب حالتها المضطربة، بصوت متقطع، أخبرتهم أن هناك رجلًا يحاول التعدى عليها، وأنها هربت منه لحماية نفسها، حاول البعض إقناعها بالذهاب إلى قسم الشرطة، لكن فجأة، وبحركة سريعة، استغلت انشغالهم وهربت بين الأزقة، تاركة وراءها تساؤلات لم يجيب عنها أحد.
مر اليوم عاديًا. لم يُفكر أحد كثيرًا فيما حدث، ربما مجرد موقف عابر، امرأة مذعورة، أو لربما مشكلة عائلية، أو حتى سوء تفاهم، لم يخطر ببال أحد أن الدم قد سُفك فى مكان قريب جدًا منهم وأنها تهرب من جريمة بشعة لم تُمح من الذاكرة.
فى اليوم التالى تبدل الهدوء إلى فوضى.. سيارات الشرطة ملأت المكان، رجال المباحث ينتشرون فى الشوارع، يطرقون الأبواب، يسألون، يبحثون.. خوف ورعب ساد فى المنطقة، كانت المفاجأة الصادمة، بالعثور على جثة رجل فى أواخر الأربعينيات، غارقًا فى دمائه داخل «توك توك» متوقف فى زاوية مظلمة.
تجمع الأهالى، تحولت التساؤلات إلى صدمة وخوف بدأ شهود العيان فى استرجاع ذاكرتهم.. المرأة المنتقبة، السكين فى يدها، الهروب المفاجئ.. كل شىء بدأ يتضح، لكن الحقيقة كانت أكثر رعبًا مما تخيلوا.
كشفت تحريات المباحث أن الضحية يدعى «محمد. ع» والبالغ من العمر 49 عاما والذى وجد مقتولا بطعن نافذ بالصدر، وبإجراء الفحص وتتبع خيوط الجريمة، فور سماع رجال المباحث قصة السيدة الغامضة التى كانت تحمل سكينا ثم فرت هاربة ليقرر فريق البحث على الفور بتجميع كاميرات المراقبة لكشف غموض الواقعة ومن خلال التحريات وسماع شهود العيان تبين صحة كلام الشهود، وكشفت كاميرات المراقبة عن ظهور سيدة غامضة تخفت وراء النقاب حتى لا يتعرف عليها حملت سلاحها الأبيض بين طيات ملابسها وفرّت هاربة بعد طعن المجنى عليه.
تم عمل الأكمنة اللازمة وفى أقل من 24 ساعة ألقى القبض على المتهمة ووسط حراسة مشددة تم نقلها إلى ديوان القسم للكشف عن غموض الواقعة، وأقرت باعترافات تفصيلية أمام رجال المباحث، موضحة أنها تعرفت على المجنى عليه خلال استقلالها التوك توك الخاص به لتتعرف عليه وتبدأ المحادثات بينهما ليتطور الأمر سريعا وتصبح لقاءات حميمية غير مشروعة داخل شقته الخاصة.
وأكدت المتهمة أنها كانت ترتاد على بيته عقب خروج زوجته من المنزل متوجهة إلى عملها ويوم الحادث طلب منها الحضور إلى منزله فرفضت لتفاجأ به يقوم بتهديدها بصورها الخاصة ومحادثتهم الجنسية.
غلى الدم فى عروقها وخافت من افتضاح أمرها صوّر لها الشيطان خطة شيطانية للتخلص منه فقامت بتجهيز ملابس سوداء ونقاب للتخفى وسلاح الجريمة وفور مقابلتها للضحية استلت السكين وغرسته فى صدره للتخلص منه وفرت هاربة متصورة أن تمكنت من محو الفضيحة التى كانت تحوم حولها لتفاجأ برجال الشرطة يلقون القبض عليها قبل مرور 24 ساعة من وقوع الحادث، وتم إيداعها فى الكلابشات وظلت تصرخ: انتقمت لشرفى كان عايز يفضحنى.
بدأت الواقعة بتلقى مدير المباحث الجنائية اللواء هانى شعراوى بلاغا من العميد محمد ربيع رئيس قطاع الشمال، يفيد بحضور ربة منزل تدعى «كريمة. ع»، 42 سنة، بالعثور على جثمان زوجها، سائق توك توك، مصابًا بجرح نافذ فى الجسد.
وانتقل على الفور المقدم محمد طارق رئيس مباحث الوراق، وتبين أن الجثمان لـزوجها يدعى «محمد. ع» 49 سنة، وبدأت الأجهزة الأمنية بالجيزة، فى جمع المعلومات وتفريغ كاميرات المراقبة لكشف ملابسات الواقعة.
وفقًا لتحريات الأجهزة الأمنية التى أجراها ضباط وحدة مباحث القسم، تبين أن مرتكبة الواقعة «هبة. ر»، عاملة نظافة، تبلغ من العمر 42 سنة، حيث تم ضبطها، وبمواجهتها اعترفت بارتكاب الواقعة، بعد أن تعرفت على المجنى عليه أثناء استقلالها التوك توك، ونشبت بينهما علاقة غير مشروعة.
وأضافت التحريات أن المتهم أقام معها علاقة محرمة فى غياب زوجته داخل منزله، وفى يوم ارتكاب الواقعة طلب منها الحضور لمسكنه، ولكنها رفضت، فهددها بفضح أمرها ونشر المكالمات الجنسية بينهما، وخلال ذهابها إلى منزله استلت سلاحًا أبيض (سكينا)، وخلال وجودها داخل الشقة انهالت عليه بالطعنات التى أدت إلى وفاته فى الحال.