"كنت أظن أن الذي يحبّني سيحبّني حتى وأنا غارقٌ في ظلامي، حتى وأنا ممتلئٌ بالندوب النفسية، حتى وأنا عاجزٌ عن حب نفسي.. سيحبّني رغما من هذا ولكن لا!.. لا أحد يخاطر، كلهم يريدوننا بنسختنا السعيدة.. الظلام لنا وحدنا" (أحمد خالد توفيق)
لفت انتباهي أن هذه العبارة مقتبسة كثيرا مع بعض التحريف لتبدو أكثر خصوصية بمقتبسها، ولا يذكر اسم قائلها، وهذا الأمر إن أُخذ بشكل أكاديمي فهو سرقة لحقوق فكرية، وربما تنظر للناقل نظرتك إلى السارق، بيد أننا اليوم في واقع معاناة ترك بصمته بقوة على الناس ولما يسلم منه أحد وفق ظني، إلا أناس أصلا هم كانوا أو أصبحوا يعيشون على الهامش هاربين من الأيام التي تتوالى، وكل يأمل في يوم أو عهد أو حكم آخر أفضل من سابقه بيد أنه لا يرى إلا الأسوأ وإن كان من أهل العهد الجديد، لأن الإنسان إن ظُلم من غيره فهو مظلوم، بيد أنه إن ظلم من نفسه فهو شيطان فقد المروءة، درى أم لم يدر، والظلم في وصفه قليل؛ هذه العبارة سؤال أكثر من كونها تقريرا، وحيرة تحتاج جوابا ولهذا نجدها منقولة معبرة عن حيرة من تألم في أحد روافدها ليعاني الغرق في نهرها مع الاختلاط بالروافد عند تفاقم الأمور.
الإنسان إن ظُلم من غيره فهو مظلوم، بيد أنه إن ظلم من نفسه فهو شيطان فقد المروءة
الحب ليس زرعا بلا بذور
الحب نوع من فاعلية الفؤاد المتماهية مع المنظومة العقلية وإن كان حبا عاطفيا وحسب، فهو يتفاعل مع الغريزة ويسخّر المنظومة العقلية للاستجابة للغرائز، وهذا لا يعني النوع معبرا عن الجنس بل حب السلطة وهي من غريزة حب السيادة، وحب المال من غريزة حب التملك، فترى هياما فائضا عالي الموج بين جنسين، ثم يهدأ وتتلبد الغيوم بلا رياح ولا حراك وتعصف بعد ذلك لتلقي كل شخص في طرف من جزيرة الوهم الذي ظنوه حبا، فيأتيه هذا التساؤل ليتوقف عنده وكأنه حقيقة الجواب.
وقد يهتم الناس بذي المال طمعا في كرمه، ولكن تفسيره هو أن هذه المحبة لشخصه دون أن يسأل نفسه ما هو المميز فيه ليحبه الناس لذاته، ولو أنه سأل نفسه هذا السؤال فهو مميز فعلا، عند تخلي الناس عنه سيذهب إلى هذا المنطق بمعناه وإن اختلف منطوقه ليقنع نفسه بأنه مظلوم وأن الناس يتخلون عنه وقت ظلام حاله.
الله تعالى وصف الحب بين الزوجين بالمودة والرحمة، فهناك عنصر الود ثم الحياة والتفاهم والاختلاف وصيغ مواجهة الاختلاف وتعوّد البعض على الآخر، وإن غضب أحدهما فهو لا يفجر أو يفقد الحنان، أو تكون هنالك رغبة في الانتقام، ويبقى أمام الواجب تلك القاعدة للصواب ولكن شاذها لا يقل عن ملازمها عندما تُهمش القيم، أو تتدنى الإنسانية، وإلا فهي رحمة، فالمودة تسقى مع الزمن ليكون هنالك التفاهم والواجب والمسؤولية تجاه الرفيق.
صراعات
الحب لا يزول وإنما يتحول شكله، كنت حسنا فكان تشجيعك ظاهرا، تحولت إلى طريق السوء كان دعمك بمحاولة إيقافك، وبذات المنهج يفسر وعلى نحو ما فصلنا الغنى والفقر والقوة والضعف في مسيرة الحياة
الحياة دار امتحان فالراحة هدف لا يحظى به أحد لكن الأمل من يدفع للعمل، فالكل مشغول في استحصال الاستقرار النفسي والعاطفي والتوازن العقلي والبدن يجهد والفكر يعمل، فإما هو محصن بالقيم قائم بها وإما هو مستعمر من الغرائز يخدمها والطريقان بممرات متعددة وسرع متباينة. والإنسان يمكن عند أي منعطف وفي أي وقت أن يتحول من طريق إلى طريق ليكمل مسيرة العمر نحو نهايته وينزل لتستمر الحياة تحمل أو لا تحمل منه في الذاكرة، فإن تصادف أن يكون دعمك ضمن الطريق فستدعم وتحمل، أما إن شكلت ظاهرة سلبية فستترك وتهجر، فالناس يريدون أن يتقدموا. والإنسان عليه أن يدرك أن المصائب والملمات من الحياة، لكل ما في الأمر أن يضع نفسه في حجمها الصحيح في المرحلة، عندها سيجد أنه ليس مهملا وليس يعيش الظلام وهو ليس وحده، أما التخلي فهو وارد وحادث لكن صنع نظام للمجتمع كدولة ونظام اجتماعي للعلاقات سيحيط بالسلبيات ويرفعها بالتكافل.
ما الذي يمكن استنباطه؟
الحب لا يزول وإنما يتحول شكله، كنت حسنا فكان تشجيعك ظاهرا، تحولت إلى طريق السوء كان دعمك بمحاولة إيقافك، وبذات المنهج يفسر وعلى نحو ما فصلنا الغنى والفقر والقوة والضعف في مسيرة الحياة.
الحقيقة أن من يحسن إدارة هذا -وأغلبنا لا يحسنها- فهو سيعيش الحياة بمرها وحلوها وليس من ظلام، مرة هو يقوم بالواجب ومرة هو من يحظى بالواجب، فالعبارة التي في العنوان هي وصفية ومعبرة عن فشل المجتمع بالامتحان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الحب الحياة الانسان الظلم الحياة الحب مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الحلو يضحك على نفسه أم الآخرين
استمعت أمس لكلمة عبد العزيز الحلو في اجتماع الميليشيا و اتباعها في نيروبي، اعتقدت أن الرجل جاء للاجتماع و يحمل معه الجديد، و لكنه ألقي ذات الخطاب المكرر الذي درج عليه دون تغيير يذكر.. و وصف الحلو كل من حميدتي و أخوه عبد الرحيم " بالرفاق" و نسي الحلو أنه رفض الجلوس مع حميدتي في اجتماع في جوبا أثناء انعقاد مؤتمر "جوبا للسلام" في أغسطس عام 2020م و قال عنه في بيان صادر من الحركة الشعبية يوم 20 أغسطس 2020م ( أن الفريق أول محمد حمدان دقلو غير مؤهل لقيادة وفد الحكومة الانتقالية في مفاوضات جوبا. لآن قواته " الدعم السرع" معادية للمواطنين و السلام و هو شخصية غير محايدة) و أصبح الآن يتمتعا بوصف رفاق منحة من الحلو.. لا اعرف كيف يوزع المنتمين لأشباه اليسار وصف الرفيق..
قال الحلو أمام الرفاق ( أن الحرب كشفت عن جوهر الصراع في السودان، موضحا؛ أن السودان يعيش صراعا بين المركز والهامش، مركز استأثر بالسلطة والثروة والتفوق الاجتماعي، وهامش محروم من كل شيء) إذا كان بالفعل الحلو يبحث عن العدالة الاجتماعية و نهضة المجتمع.. نسأل الحلو؛ أن كاودا التي تسيطر عليها الحركة الشعبية تصدر ذهبا بملايين الدولارات، و يذهب عن طريق جوبا إلي دبي طوال سنين قبض الحلو على المنطقة لماذا لم يوزع ريع الذهب على المجتمع في جبال النوبة أو حتى كاودة فقط؟ و رغم مئات الملايين من عائد الذهب لم نرى أن الحركة قد شيدت مؤسسات خدمية " تعليم – صحة – مياه – كهرباء" و مساكن قابلة للعيش بدلا من الرواكيب و العيش في كهوف الجبال.. لكنه يسأل عن أموال المركز فقط.. هروب من الحقيقة التي لا يريد أن يقتح ملفها، و ينقال الناس لخارج حدود المنطقة التي يسيطر عليها..
يعلم الحلو يقينا أن أولاد دقلوا صدروا ذهبا إلي "دبي" بأكثر من 40 مليار دولار اليس هذا المبلغ كافي أن يجعل أقليم دارفور جنة الله على الأرض.. و الغريب أن حميدتي و أخوانه أشتروا ألاف المنازل في أغلبية أحياء الخرطوم و بحري و أمدرمان لآهلهم المقربين دون أن ينجزوا مشاريع اقتصادية تنهض بالإقليم.. و ضاعت أغلبية الثروة في أعمالهم العسكرية لإرضاء شهوة السلطة، و أيضا تنفيذا لرغبة الأمارات.. و أيضا دفعت الأمارات عشرات المليارات لشراء أسلحة و تشوين للميليشيا بهدف تدمير البنية التحية كلها في أغلبية أقاليم السودان.. لماذا لم يشير الحلو في خطابه لذلك أليس هو ضياع لثروة وطنية من حق آهل أقليم دارفور أن ينعموا بها..
من حق كل مواطن سودان يتسأل عن قضيتي الثروة و السلطة و مبدأ العدالة، و لكن الذين استطاعوا أن يجدوا لهم إقطاعيات كبيرة تدر عليهم بملايين الدولارات لماذا لا يضعوا أنفسهم تحت المسألة.. أن خطاب " المركز و الهامش" الذي جاء به الدكتور جون قرنق و فشل في ضبطه سياسيا هو أيضا أصبح وبالا على دولة جنوب السودان.. و رغم كل الإخفاقات و الفشل في أطروحات " المركز و الهامش" و شعار " الديمقراطية" الذي سقط في دولة المنشأ للشعار " جنوب السودان" و راح ضحيتها مئات الآلف من المواطنين في حروب عبثية لم تحقق الديمقراطية و لا التبادل السلمي للسلطة، و لكن عجزت كل النخب التي تحمل هذه الأطروحة في نقدها لكي تبين للشعوب لماذا فشلت؟
أن الحلو الذي ذهب مدافعا عن الرفاق، و مساعدة الحركة الشعبية بقصفه على مناطق كادوقلي و غيرها، هي محاولة لرمي المشكلة في الأخر حتى لا تستيقظ الشعوب التي تحت سلطتهم و تسأل عن حقها في الثرورة التي تحت يد الحركة الشعبة و رفاق الحلو " أبنا دلقو" و هذا بالفعل ناتج عن سوء الإدارة في المركز و عدم السيطرة على الثروة الوطنية و توزيعها التوزيع العادل عندما تغض الطرف عن مئات الأطنان من الذهب تخرج بالقنوات الرسمية و ترفع لها القبعات دون تحصيل الدولة لرسومها و دون أن تسأل عن العائد..
تعهد عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال في كلمته ( بالعمل على وضع نهاية للحروب في السودان، والانخراط مع الأطراف الداعية لبناء نظام حكم جديد في البلاد( هذا حديث للإستهلاك عبد العزيز الحلو جالس على جبل من الذهب بيقول حديث غير مؤمن به تمام.. إذا كان عبد العزيز حريصا علي هذه المقولة لماذا لم يحضر إلي الخرطوم أو حتى يبعث مناديب له بعد سقوط نظام البشير في 11 إبريل 2019م لكي يسهم مع شباب الثورة في تنزيل الشعار الذي يدده على الأرض " بناء السودان الجديد " و يجعل الآخرين الذين تجربتهم متواضعة في إدارة الأزمة يناضلوا لوحدهم استخداما للتجربة بافلوفية " الخطأ و الصواب" و هل يعتقد الحلو أن آهله في زالنجى و الجنية و كتم و كبكابية و غيرها هم أيضا من آهل المركز الذين يستحقوا التطهير العرقي؟ أم أن الحلو لم يسمع بالتصفية العرقية في دارفور من قبل الرفاق دعاة اسقاط سودان 56..
هل الدولة التي يودع في بنوكها ريع الذهب لإولاد دقلو و منطقة كاودا هي التي إجبرت الكل أن تتوافق خطاباتهم من أجل مواجهة المركز.. و لا ينكر عبد العزيز الحلو بعد سقوط النظام لم يحضر إلي الخرطوم لكي يسند الثورة و الثوار، و لكنه ذهب حاجا إلي أبوظبي مثله مثل الأخرين " ياسر عرمان و بابكر فيصل و مريم الصادق و عمر الدقير و حمدوك الذي جاء منها" إليس هي التي أجبرت الفرع الثاني من المشهد " صمود" أن يشاركوا في مؤتمرها الذي عقدته في أديس أبابا أثناء انعقاد مؤتمر الاتحاد الأفريقي.. و الذي تهدف منه تبرئة نفسها من حرب السودان.. الكل أصبح في قبضة الأمارات توجههم كما تريد.. هي تخطط و كل رفاق الحلو وجب عليه التنفيذ... نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com